الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
واما التخصيص فلا يجوز تأخيره عن وقت العمل بالتخصيص وفاقا.
السادس: انه يجوز نسخ شريعه بشريعة أخرى ولا يجوز التخصيص قال القرافي وفي هذا الاطلاق وقع في كتب العلماء كثيرا والمراد ان الشريعة المتأخرة قد تنسخ بعض أحكام الشريعة المتقدمة أما كلها فلا لان قواعد العقائد لم تنسخ وكذلك حفظ الكليات الخمسة فحينئذ النسخ إنما يقع في بعض الأحكام الفرعية وإن جاز نسخ شريعة بشريعة عقلا.
السابع: ان النسخ رفع الحكم بعد ثبوته والتخصيص ليس كذلك وهو على رأي القاضي واما غيره فينبغي ان يقول هو انتهاء حكم كان أما ثابتا والتخصيص ليس كذلك.
الثامن: ان الناسخ يجب ان يكون متراخيا والمخصص لا يجب فيه ذلك بل يجوز كونه مقارنا ومتقدما.
العاشر: أن التخصيص للمقطوع بالمظنون دافع ونسخه لا يقع به.
الحادي عشر: أنه يجوز تخصيص الخير والخلاف فيه ضعيف ولا يجوز نسخه وهذا على رأي طائفة وهذه الفروق يحتمل أكثرها المناقشة والتطويل في ذلك مما لا يتعلق به كبير غرض قوله والمخصص هو بكسر الصاد والمخرج بعده بكسر الراء قوله وهو إرادة اللافظ أي انه حقيقة إرادة المتكلم لأنه لما جاز ان يرد الخطاب خاصا وعاما لم يترجح أحدهما على الآخر لا بالإرادة ويطلق المخصص أيضا على الدال على الإرادة مجازا والدال على الإرادة يحتمل ان يكون من صفات المتكلم وهو المريد بنفسه تسمية للمحل باسم الحال أو المجتهد لأنه يدل على الإرادة دليل التخصيص لفظيا كان أو عقليا أو حسيا كل ذلك يحتمل ان يكون هو المراد بقوله ويقال الدال عليه مجازا.
المسألة الثانية: الذي يقبل التخصيص
…
قال الثانية: القابل للتخصيص حكم ثبت لمتعدد لفظا مثل اقتلوا المشركين أو معنى وهو ثلاثة.
الأول: العلة وجواز تخصيصها كما في العرايا.
والثاني: مفهوم الموافقة فيخصص بشرط بقاء الملفوظ مثل جواز حبس الوالد بحق الولد.
والثالث: مفهوم المخالفة فيخصص بدليل ارجح كتخصيص مفهوم إذا بلغ الماء بالراكد.
هذه المسألة فيما يجوز تخصيصه فالقابل التخصيص حكم ثبت لمتعدد فالواحد لا يجوز تخصيصه لان التخصيص إخراج بعض من كل ولا يعقل ذلك في الواحد واعترض القرافي بأن الواحد بالشخص وهو يصح إخراج بعض أجزائه لصحة قولك رأيت زيدا وتريد بعضه وان تعذر إخراج الجزئيات فينبغي التفضيل والذي يقبل التخصيص إما أن يكون عمومه من جهة اللفظ أو من المعنى أي الاستنباط.
فالأول: مثل اقتلوا المشركين فان الحكم يشمل كل مشرك وخص عنه الذمي والمستأمن والمعاهد والمهادن.
والثاني: ثلاثة أشياء:
الأولى: العلة واختلف في تخصيصها كما سيأتي بيانه ان شاء الله تعالى في كتاب القياس فإن هذه المسألة المسماة هناك بالنقض مثل نهي الشارع عن بيع الرطب بالثمر وتعليله إياه بالنقصان عند الجفاف ووجدنا هذه العلة في العرايا أعني بيع الرطب على رؤوس النخل بالثمر على وجه الأرض مع أن الشارع جوزه فيها.
والثاني: مفهوم الموافقة كدلالة حرمة التأفيف على حرمة الضرب وغيره من أنواع الأذى فالتخصيص فيه جائز بشرط بقاء الملفوظ وهو التأفيف في مثالنا هذا ومنع الشيخ أبو إسحاق الشيرازي من جواز تخصيص مفهوم الموافقة محتجا بأن التخصيص من عوارض الألفاظ وعلى الأول يجوز تخصيص حبس الوالد في دين الولد فإنه مبق للملفوظ وقد صحح الغزالي جواز حبس الوالد في دين الولد سواء كان دين نفقة أو غيرها صغيرا كان أو كبيرا وتبعه عليه المنصف في الغاية قصوى ويصحح صاحب التهذيب وغيره خلافه.
الثالث: مفهوم المخالفة وقد قال الشيخ ابو إسحاق يحتمل أن يجوز تخصيصه وان لا يجوز وجزم المتأخرون منهم المصنف بجواز فيجوز أن تقدم
الدلالة على ثبوت مثل حكم المذكور لبعض المسكوت عنه الذي ثبت فيه بالمفهوم خلاف ما ثبت للمنطوق ويعمل بذلك جمعا بين الدليل وقد شرط المصنف تبعا لصاحب الحاصل في هذا القسم ان يكون المخصص راجحا وهو شرط لم يذكره الإمام والظاهر عدم إشتراطه أن لا يشترط في المخصص الرجحان مثاله:
روي الشافعي واحمد وابن جزيمة وابن حيان في صحيحهما والحاكم في المستدرك وقال على شرط الشيخين من حديث ابن عمر أنه صلى الله عليه وسلم قال: "إذا بلغ الماء قلتين لم يحمل الخبث" 1 ومفهوم هذا قاض انه إذا لم يبلغهما يحمل الخبث.
وروى الدارقطني أنه صلى الله عليه وسلم قال: "إن الماء لا ينجسه شيء إلا ما غير ريحه أو طعمه" 2 فيجتمع بينهما ويقصر مفهوم إذا بلغ الماء على الراكد وهذا على الجاري فنقول:
إذا لم يبلغ الماء قلتين وكان جاريا لم ينجس إلا بالتغير وهذا هو القول القديم قال الرافعي واختاره طائفة من الأصحاب.
قال: قيل: يوهم البداء والكذب قلنا يندفع بالمخصص.
ذهبت شرذمة قليلون إلى امتناع التخصيص معتلين بأنه إن كان في الأمر اوهم البداء أي ظهور المصلحة بعد خفائها وهو بالدال المهملة والمد وان كان في الاخبار وهم الكذب وهما ممتنعان على الله عز وجل أجاب بأنه يندفع بالمخصص أي بالإرادة أو بالدليل الدال لانا إذا علمنا أن الكلام في الأصل
1 رواه ابن ماجة من حديث ابن عكر- رضي الله عنهما.
2 رواه أبو داود والترمذي والنسائي.
ولا تعارض بين الحيثين قال ابن قتيبة: وإنما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "الماء لاينجسه شيء" على الأغلب والأكثر لأن الأغلب على الآبار والغدران- الأنهار- أن يكثر ماؤها فأخرج الكلام مخرج الخصوص.
ثم قال: ثم بين لنا بعد هذا القلتين. مقدار ماتقوى عليه النجاسة من الماء الكثير لاينجسه شيء.
أنظر: تأويل مختلف الحديث ص 336-337.