الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الإمام أن النهي لا يقتضي التكرار مع قوله في مسألة الفور أن النهي يقتضه وإبهامه عدم الخلاف فيه ولذلك وقع للمصنف كما نبهنا عليه واستدل الإمام على أن النهي لا يقتضي التكرار بأنه يرد للمرة كقول الطبيب للمريض الذي يشرب الدواء لا تشرب الماء ولا تأكل اللحم أي في هذه الساعة ويرد للتكرار مثل: {وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى} فوجب جعله حقيقة في القدر المشترك وأما الآمدي فإنه قال اتفق العقلاء على أن النهي يقتضي الانتهاء عن المنهى عنه وإنما خلافا لبعض الشاذين وزعم ابن برهان كما نقله عنه الاصفهاني انعقاد الاجماع عليه وهذا ما جزم به الشيخ أبو اسحاق في شرح اللمع وهو المختار عند ابن الحاجب ونحن نوافق القائلين بأنه التكرار في المعنى دون العبارة فتقول إذا قلت مثلا لا تضرب فلا ريب أنك منعت المكلف من إدخال ماهية الضرب في الوجود ولا يحصل ذلك إلا بالإمتناع عن إدخال كل الأفراد ولا يتحقق الإمتثال إلا بالإمتناع فكان التكرار من لوازم الإمتثال لا من مدلول اللفظ وينبغي أن يرد كلام القائل أنه يقتضي التكرار إلى ما قررناه وما استدل به الإمام مردود لأن قول الطبيب للمريض لا تأكل اللحم ولا تشرب الماء إنما جاء فيه التكرار لقرينة المرض والكلام في النهي المجرد وكان يمكننا أن نحمل كلام الإمام على ما قررناه لولا الإستدلال بهذا ثم إن المصنف اختار ان النهي لا يقتضي الفور جريا على قاعدته ونحن لا نختار ذلك إذ من ضرورات ما قررناه وجوب الترك على الفور.
المسألة الثانية: النهي يدل على الفساد
…
قال: الثانية النهي شرعا يدل على الفساد في العبارات
لأن المنهي بعينه لا يكون مأمورا به وفي المعاملات إذا رجح إلى نفس العقد أو أمر داخل فيه أو لازم له كبيع الحصاة والملاقيح والربا لأن الأولين تمسكوا على فساد الربا بمجرد النهي من غير نكير وإن رجع إلى أمر مقارن كالبيع وقت النداء فلا.
هذه المسألة في النهي عن الشيء هل يدل على فساده وقد اختلفوا فيه على مذاهب.
أحدها: أنه يدل عليه مطلقا قال الأصفهاني ونقله أبو بكر بن فورك الأصبهاني عن أكثر أصحاب الشافعي وأبي حنيفة.
قلت: ونقله القاضي في التخليص لإمام الحرمين عن الجمهور من أصحاب الشافعي ومالك وأبى حنيفة وأهل الظاهر وطائفة من المتكلمين وقال ابن السمعاني أنه الظاهر من مذهب الشافعي وأن عليه اكثر الأصحاب.
والثاني: أنه لا يدل عليه ونقله في مختصر التقريب عن جمهور المتكلمين والامام عن اكثر الفقهاء قال الشيخ أبو اسحاق وللشافعي كلام يدل عليه.
والثالث: أنه يدل على الفساد في العبادات دون المعاملات وهو مذهب أبي الحسين واختاره الإمام وبعض اتباعه.
والرابع: أن النهي إن كان يختص بالمنهي عنه كالصلاة في السترة النجسة دل على فساده وإن كان لا يختص بالمنهي عنه كالصلاة في الدار المغصوبة والثوب الحرير والبيع وقت النداء فلا يدل على الفساد حكاه الشيخ أبو اسحاق في شرح اللمع عن بعض أصحابنا.
والخامس: وهو اختيار المصنف واليه يرجع س م جمع من المحققين أنه يدل على فساده في العبادات سواء نهى عنها لعينها أم لأمر قارئها لأن الشيء الواحد يمتنع أن يكون مأمورا به منهيا عنه كالصلاة المنهي عنها مثلا فإنها لو صحت لوقعت مأمورا بها أمر ندب لعموم الدلائل الطالبة للعبادات والآمر بها يقتضي طلب فعلها والنهي عنها يقتضي طلب تركها والجمع بينهما غير ممكن وأما المعاملات فالنهي أما أن يرجع إلى نفس العقد أو إلى أمر داخل فيه أو خارج عنه لازم له أو إلى أمر مقارن غير لازم له هذه أقسام.
أولها: بأن يرجع إلى العقد فيبطل أيضا وذلك كبيع الحصاة وهو أن قول: بعتك من هذه الأثواب مما وقعت عليه الحصاة التي أرميها أو بعتك هذه الأرض من هنا ما انتهت إليه هذه الحصاة وقيل بيع الحصاة أن يقول بيعك على أنك بالخيار إلى أن ارمي الحصاة وقيل أن يجعلا نفس الرمي بيعا فتقول إذا رميت هذه الحصاة فهذا التوكل مبيع بنك بكذا وعلى الصور كلها البيع باطل.
وثانيها: أن يرجع إلى أمر داخل فيه فيبطل أيضا وذلك كبيع الملاقيح وهي ما في بطون الأمهات من الأجنة فإن النهي راجع إلى نفس المبيع الذي