الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
جواب عن سؤال مقدر تقديره لو صح ما ذكرتم للزم تكرير وقوع الطلاق المعلق على دخول الدار بتكرر الدخول وليس كذلك والملازمة بينة أجاب قولكم رتب الطلاق على الدخول قلنا مسلم يكون علة قلنا مسلم قولكم فيتكرر قلنا إنما يتكرر التعليل المعتبر وهو تعليل الشارع لا تعليل آحاد الناس فإنما لم يتكرر الوقوع لعدم اعتبار تعليله حتى لو صرح بالتعليل بأن قال طلقتك لأجل دخولك الدار وكانت له امرأة أخرى لا تطلق وان وجدت منها هذه الصفة.
المسألة السادسة: الأمر الطلق هل يفيد الفور
؟
…
قال: السادسة الأمر لا يفيد الفور خلافا للحنفية ولا التراخي خلافا لقوم وقيل مشترك لنا ما تقدم.
الأمر المطلق هل يفيد الفور بمعنى ان تجب المبادرة عقيبه إلى الإتيان بالمأمور به أما القائل بأنه يفيد التكرار فلا يحتاج إلى قوله أنه يفيد الفور لأنه من ضرورياته وإنما الكلام الآن بين القائلين بأنه لا يفيد التكرار وقد اختلف المسلمون لذلك على مذاهب.
أحدها: أنه لا يفيد الفور ولا يدفعه وهو قول معظم الشافعية ينسب الى الشافعية نفسه قال إمام الحرمين وهو اللائق بتصريحاته في الفقه وإن لم يصرح به في مجموعاته في الأصول وعليه أبو علي وابنه وأبو الحسين واختاره الغزالي والامام واتباعه منهم المصنف والآمدي وابن الحاجب وهو المنقول عن القاضي قال امام الحرمين في البرهان وهذا بديع من قياس مذهبه مع استمساكه بالوقف وتجهيله من لا يراه وهذا الذي قال أنه بديع من مذهب القاضي قال في التلخيص أنه الأصح وقال قطع القاضي رحمه الله بإبطال المصير إلى الوقف في هذا الباب وهو الأصح إذ المصير إلى الوقف في هذا الباب يعود إلى خرق الاجماع أو يلزم ضربا من التناقض.
المذهب الثاني: أنه يفيد الفور وبه قالت الحنفية وقد عزى كما ذكر في البرهان إلى أبي حنيفة نفسه وقال ابن برهان في الوجيز لم ينقل عن الشافعي ولا أبي حنيفة في نقل المسالة وانما فروعها تدل على ما نقل عنهما قال وهذا خطأ في نقل المذاهب إذ الفروع تبنى على الأصول لا العكس.
قلت وفي هذا الكلام نظر فان المطلع على مذهب إمام إذا استقرأ من كلامه في فروع شيء المصير إلى ما ليس له مأخذ إلا القول بأصل من أصول جزم الاعتقاد بأن ذلك الأصل مختاره ونسبه إليه وهذا صنيع أصحابنا على طبقاتهم يقولون مذهب الشافعي كذا وإنما استنبطوا ذلك من قواعده من غير اطلاع على نصه.
ومنهم: من ينسب إليه القول المخرج مع كونه نص على خلافه وقد أختار هذا المذهب من أصحابنا القاضي أبو حامد المروزي وأبو بكر الصيرفي وهو مذهب داود ومعظم الحنابلة.
والمذهب الثالث: انه يفيد التراخي كذا أطلقه جماعة منهم المصنف وقال الشيخ أبو اسحاق في شرح اللمع وإمام الحرمين في التلخيص والبرهان ان هذا الاطلاق مدخول إذ مقتضاه ان الصيغة المطلقة تقتضي التراخي حتى لو فرض الامتثال على البدار لم يعتبر به وليس هذا معتقد أحد هذا كلامهما ورأيت ابن الصباغ في عدة العالم قال أن من الواقفية في هذه المسالة من قال لا يجوز فعله على الفور لكن قال إن القائل بهذا خالف الاجماع قبله وعلى الجملة هو مذهب ثابت منسوب إلى خرق الإجماع ونقل ابن السمعاني في القواطع القول بأنه على التراخي عن ابن أبي هريرة وأبي بكر القفال وابن خيران وأبي على الطبري صاحب الإفصاح وصححه ثم قال إن معنى قولنا أنه على التراخي أنه ليس على التعجيل قال والجملة أن قوله افعل ليس فيه عندنا دليل إلا على طلب الفعل فحسب من غير تعرض الوقت.
قلت: وعلى هذا التفسير فهذا المذهب هو المذهب الأول بعينه.
والمذهب الرابع: الوقف إما لعدم العلم بمدلوله أو لأنه مشترك بينهما وهو الذي عبر عنه المصنف بقوله وقيل مشترك وكان الأحسن أن يقول وقيل بالوقف ليشمل هذين الاحتمالين على أن صفي الدين الهندي نقل أن منهم من توقف فيه توقف الاشتراك ثم افترقت الواقفية فمن قائل إذا أتى بالمأمور به في أول الوقت كان ممتثلا قطعا وإن أخر عن الوقت الأول لا يقطع بخروجه عن
العهدة واختاره إمام الحرمين في البرهان ومن قائل إنه وإن بادر إلى فعله في أول الوقت لا يقطع بكونه ممتثلا وخروجه عن العهدة لجواز إرادة التراخي نقله الآمدي وابن الحاجب وغيرهما.
قوله لنا: أي الدليل على أن الأمر لا يقتضي الفور ما تقدم في الكلام على أنه لا يقتضي التكرار وأشار إلى دليلين.
أحدهما: صحة تقييده بالفور والتراخي من غير تكرير ولا نقض كصحة تقييده بالمرة والمرات من غيرهما.
والثاني: وروده مع الفور وعدمه فيجعل حقيقة في القدر المشترك وهر طلب الإتيان به دفعا للاشتراك والمجاز كما ورد بالتكرار والمرة وعدمهما وجعل حقيقة في القدر المشترك وقد تقدم الكلام في هذين الدليلين مبسوطا وتقدم دليل ثالث لا يأتي هنا.
قال: قيل: أنه تعالى ذم إبليس على الترك ولولم يقتض الفور لما استحق الذم.
قلنا: لعل هناك قرينة عينت الفورية قيل سارعوا يوجب الفورية.
قلنا: فمنه لا من الأمر قيل لو جاز التأخير فإما مع بدل فيسقط أولا معه فلا يكون واجبا وأيضا إما أن يكون للتأخير أمد وهو إذا ظن فواته وهو غير شامل لأن كثيرا من الشباب يموتون فجأة أولا فلا يكون واجبا.
قلنا: منقوض بما إذا صرح به قيل النهي يفيد الفور فكذا الأمر. قلنا: يفيد التكرار.
احتج القائلون بالفور بأوجه:
أحدها: قوله تعالى لإبليس: {مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ} 1 عابه على كونه لم يأت في الحال بالمأمور به وهو يدل على أنه واجب الإتيان بالفعل حين أمر به إذ لو لم يجب لكان لإبليس أن يقول ما أوجبت على في الحال فكيف استحق الذم بتركه في الحال أجاب تبعا للإمام بأنه يحتمل ان يكون ذلك الأمر مقرونا بما يدل على أنه على الفور.
1 سورة الأعراف آية 12.
قال الهندي وهو ضعيف لأن ظاهره يدل على ترتيب الذم بمجرد ترك المأمور به فتخصيصه بأمر آخر غير خلاف للظاهر.
قال: وهذا وإن كان لازما على كل من يجب بهذا الجواب إلا أن الملام فيه على الإمام اشد لأنه أجاب عن هذا الجواب لما اعترض به على استدلاله بهذا النص على ان الآمر للوجوب والمصنف تبعه في الموضعين قال الهندي ثم.
والأولى: أن يقال في جوابه أن هذا الامر كان مقرونا بما يدل على أنه للفور بدليل قوله تعالى: {فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ} 1 فانه جعل الامر بالسجود جزاء لشرط التسوية والنفخ والجزاء يحصل عقيب الشرط وإنما أفاد الأمر هنا الفور بهذه القرينة وهذا الجواب إن صح فلك أن تقول هذه القرينة هي التي أوجبت للإمام أن يقول هنا لعل قرينة أوجبت وأما في مسالة الأمر هل يقتضي الوجوب فلا قرينة فكان ما ادعاه الإمام من القرينة موجودا دون ما ادعاه الخصم ثم والحاصل أن كلا منهما ادعى قرينة والاصل عدمها وتأيدت دعوى الإمام والمصنف بهذه الآية فصح ما قالاه وفي صحة الجواب نظر من جهة أنه قد يمنع أن الجزاء يحصل عقيب الشرط وليس هنا ما يتخيل دلالته عليه إلا الفاء في قوله: {فَقَعُوا} وهي لا تدل عليه إلا إن كانت للتعقيب وقد نص النجاة أو على أنها إذا وقعت جوابا للشرط لا تقتضي تعقيدا.
وقال بعضهم: إن في الآية قرينة أخرى وهي فعل الأمر في قوله: {فَقَعُوا} إذ هو العامل في إذا لأنها ظرف والعامل فيها جوابها فصار التقدير: {فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ} وقت تسويتي إياه وهذا صحيح على رأي الجمهور القائلين بأن العامل في إذا جوابهما ولكن قال بعض البصريين أن العامل فيها ما يليها حكاه شيخنا أبو حيان في البحر المحيط عند قوله: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لا تُفْسِدُوا} وهو متجه في هذه الآية لأن ما بعد الفاء لا يجوز أن يعمل فيما قبلها
1 سورة ص آية 72.
فكيف يتجه في مثل: {فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ} أن يقال العامل في إذا جوابها بل هذا وأمثاله تصلح اعتراضا على الجمهور القائلين بهذه المقالة.
الوجه الثاني قوله: {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ} 1 فانه يوجب أن الأمر للفور لأنه بالمسارعة وهي التعجيل بالمأمور به والأمر للوجوب والمسارعة واجبة ولا معنى لان الأمر يقتضي الفور الا ذلك وحمل المغفرة على حقيقتها في الآية ممتنع لان المغفرة من فعل الله تعالى والعبد لا يسارع إلى فعله محمول على المجاز وهو المأمور به وفي معنى هذه الآية قوله: {فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ} وأجاب بأن الفورية لم تستفد من الأمر بل من قوله سارعوا يعني من جوهر اللفظ لأن لفظ المسارعة دال عليه كيف ما تصرف بل لمباحث أن يقلب هذا الدليل ويستدل به على عدم الفور لأن المسارعة مباشرة الفعل في وقت مع جواز الإتيان به في غيره ولقائل أن يقول لا نسلم تفسير المصارعة بما ذكرتم بل المسارعة عبارة عن التعجيل بالفعل المطلوب كما تقول سارعت إلى إنقاذ الغريق وإن كانت المبادرة إلي ذلك واجبة وذلك أعم من أن يجوز مع ذلك فعله في وقت آخر أم لا ثم قولكم الفورية لم تستفد من الأمر بل من مادة سارعوا فيه تسليم لوجوب فعل المأمورات الشرعية على الفور بما دل على ذلك من قوله سارعوا فحاصل ما أجبتم به أنكم سلمتم ثبوت الفور في المأمورات ولكن قلتم ان ذلك ليس من مدلول الامر بل من دليل منفصل وهذا يحصل به معظم مقصود الخصم أن الفرض الأعظم إنما هو الأوامر الشرعية.
وقد يقال: دلالته على وجوب المسارعة إلى أسباب المغفرة بطريق الاقتضاء فلا يلزم منه وجوب المسارعة إلى جميع أسباب المغفرة بناء على المقتضى وهو ما اضمر ضرورة صدق المتكلم لا عموم له فيختص ذلك بما اتفق على وجوب تعجيله ولا يعم كل مأمور.
الثالث: لو لم يكن الأمر للفور لكان التأخير جائزا وجوازه إما مع بدل أو لا معه والضمان باطلان:
1 سورة آل عمران آية 123.
أما الأول فلأن البدل هو الذي يقوم مقام المبدل من كل الوجوه فإذا أتى بهذا البدل وجب أن يسقط عنه هذا التكليف ليس كذلك بالاتفاق.
وأما الثاني فلأن ذلك يمنع من كونه واجبا لأنه لا يفهم من قولنا ليس بواجب إلا أنه يجوز تركه من غير بدل.
الرابع: أنه لم يكن الفور وجاز التأخير لكان إما إلى أمد أي غاية معينة بحيث إذا وصل المكلف إليها لا يجوز له التأخر عنها أو لا يكون له أمد أي بأن يجوز له التأخير أبدا والقسمان باطلان فالقول بجواز التأخير باطل.
أما الأول: فلأن ذلك الأمد لا بد له من أمارة يعرفه المكلف بها لئلا يلزم وقوع التكليف بما لا يطاق ولذلك لم يكن للخصم أن يقول يجوز أن يكون الأمد غاية مجهولة عند المكلف لأنه يصير مكلفا بأن لا يؤخر الفعل عن وقت معين مع عدم معرفته به وهو تكليف بما لا يطاق وإذا كان لا بد له من أمارة يعرفها المكلف فتلك الأمارة هي بالاتفاق ظن الفوات على تقرير الترك إما لكبر السن أو الفرض الشديد وذلك الأمر غير شامل للمكلفين لأن كثيرا من الناس يموتون فجأة ويقتلون بغتة من غير حصول إمارات للموت فيلزم أن لا يشملهم الأمر وليس كذلك.
وأما الثاني: فلأن التأخير أبدا يجوز الترك أبدا وتجويز أبدا ينافي الوجوب وأجاب عن هذين الوجهين بالنقض بما إذا صرح للمكلف بجواز التأخير مثل أن يقال له أوجبت عليك أن تفعل كذا في أي وقت شئت أو ولك التأخير فإن هذين الوجهين يطردان فيه مع جواز التأخير بالإتفاق.
قال الإمام: فكل ما جعلوه عذرا في هذه الصورة فهو عندنا عما ذكروه وسنذكر ما تحصل به المناقشة في هذا الجواب إن شاء الله تعالى وأجيب عنه أيضا بالتزام أن الأمد غير معين ولا يلزم التكليف بما لا يطاق لأنه إنما يلزم إذ لو لم يجز الإتيان به على الفور أما إذا جاز فعله على الفور فلا يلزم تمكن المكلف من الامتثال في الحال والتكليف بالمحال هو التكليف بالمتعذر امتثاله من كل وجه.
الخامس: أن النهي يفيد الفور فكذا الأمر بالقياس عليه بجامع الطلب فيهما وأجاب بأن النهي يفيد التكرار ويلزم من ذلك وقت الحال فأفاد النهي الفور بضرورة دخول وقت الحال في الأوقات لا لذاته وهذا الجواب قد تقدم مثله وقد ناقضه بعد هنا حيث يقول النهي كالأمر في التكرار والفور فكان الأولى ان يجيب أما بأن النهي لا يفيد الفور أو بأن هذا قياس في اللغة فلا تقبل وقد استدل القائلون بالفور أيضا بوجه سادس لم يذكره في الكتاب وهو طريقة الاحتياط فانا اجمعنا على أنه لو فعل عقيبه وقع الموقع ولا عبرة بالمذهب الضعيف المتقدم إن ثبت لمصادمته للإجماع.
واختلفا في أنه فعل بعد ذلك هل يخرج عن العهدة فطريقة الإحتياط تقضي وجوب الإتيان به على الفور ليحصل الخروج عن العهدة بيقين.
وأجاب الإمام: بأنه ينتقض بقوله افعل في أي وقت شئت واعترض صاحب التحصيل على هذا الجواب بأن طريقة الاحتياط غير منقوضة إذ لا خوف ثمة قال الشيخ شمس الدين بن الجزري في شرح أسئلة التحصيل1 إنما قال ذلك لوجهين:
أحدهما: أن الكلام فيما إذا كان الأمر مطلقا واحتمل أن يكون المراد الفور.
ثانيهما: أن الفعل على تقدير قوله: افعل في أي وقت شئت لا خرق في قول على الفور ولا على التراخي حتى تنتقض طريقة الاحتياط قال واعلم أن الوجه الأول من وجهي الاعتراض على جواب الإمام في طريقة الاحتياط لم يذكره صاحب التحصيل فعلى هذا ينقدح مناقشة ترد كلامه فيقول إما أن
1 الإمام الجزري تقدمت ترجمته في الجزء الأول ومن كتبه أجوبة على أسئلة التحصيل في أصول الفقه – مفقود- والتحصيل كتاب ملخص لكتاب المحصول للإمام فخر الدين الرازي – ألفه سراج الدين محمود بن أبي بكر الأرموي المتوفى سنة 682هـ. ووضع فيه أسئلة واعتراضات على الإمام الرازي وجاء شمس الدين الجزري المتوفى 711هـ فشرح هذه الأسئلة وأجاب عنها.
البدر السافرص176.الدرر الكامنة 5/67 ،بغية الوعاء 1/278، معجم المؤلفين 12/138.
يريد أن طريقة الإحتياط غير منقوضة على تقدير اعتبار قوله في أي وقت شئت أو لا فإن أراد الأول لم يبق احتياط ضرورة استواء الفعل على الفور والتأخير فلا يقال طريقة الاحتياط باقية وإن أراد الثاني فليس الجواب أن طريقة الاحتياط غير منقوضة إذ لا خوف ثمنه ضرورة قيام الخوف على تقدير عدم اعتبار ذلك الفور بل الجواب أن ذلك بقوله افعل في أي وقت شئت والكلام في الأمر بمجرده قال والإشارة بقوله ثمة إلى الصورة التي أوردها الإمام وهي الصورة الأخيرة خارج عن وضع اللغة فالأولى به أن يقول: ألا خوف هنا.
واعلم أن المنتصر لكلام الإمام أن يقول: مراد الإمام بقوله افعل في أي وقت شئت ان هذا القول لا يعد منافيا لقوله افعل بل يكون موافقا لمقتضاه فلا يتصور طريقة الإحتياط إلا إذا كان الفور راجحا أو مساويا أما إذا كان الراجح التوسعة فلا تأتي طريقة الاحتياط وإلا فالإمام ما يجهل أن قوله افعل في أي وقت شئت غير قوله افعل من غير ضميمة هذا كله كلام ابن الجزري وفيه نظر يحتاج إلى تطويل وقال الترمذي التمسك على الفور بطريقة الاحتياط ضعيف لأن الاحتياط ليس من أمارات الوضع ولا مقتضيات الوجوب بل هو من باب الأصلح ثم قوله افعل الآن يعد تأكيدا وفي أي وقت شئت يعد تخفيفا ومسامحة قال القرافي ويرد عليه أن ههنا قاعدة خفية عادة الفضلاء يوردون بسبب إهمالها سؤالا فيقولون في كلما يقول المستدل فيه هذا ارجح فيجب المصير إليه ان الرجحان يقتضي أنه أحسن أما أنه المتعين فلا الندب هو اللازم في هذه المواطن التي فيها الرجحان بالاحتياط ونحو ذلك أن فعل الأحسن مستحب ولا يصل إلى الوجوب قال وأهملت قاعدة وهي إن الرجحان إن كان في أفعال المكلفين فكما قالوه وإن كان في مدارك المجتهدين وأدلة المناظرين اقتضى ذلك الوجوب والتحتم والروم بل العقد الاجماع على أن المجتهد عليه اتباع الراجح من غير رخصة في تركه بخلاف الراجح في حق المكلف إنما هو مندوب وكذلك الراجح في الاجتهاد في طلب القبلة وطهورة الماء من باب الوجوب إجماعا ومنه قيد المتعلقات وأروش الجنايات قال فتأمل هذه القاعدة فهي ظاهرة وهي خفية وبها يظهر بطلان