الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المسألة الثانية: العطف على الشرط أو على المشروط
.
…
المسألة الثانية: في تعدد الشرط والمشروط أما الشرط فاعلم ان الشرطين إن دخلا على جزء واحد فإما ان يكونا على الجميع او على البدل فإن كانا على الجمع مثل إن كان زانيا ومحصنا فارجم فلا يوجد المشروط الذي هو الرجم الا عند وجودهما معا وإن كان على البدل كفى أيهما وجد في ترتب الحكم نحو إن كان سارقا او نباشا فاقطع وأما المشروط فاعلم أن الجزائين ان دخلا على شرط واحد فإن كانا على الجميع وجد عند وجوده مثل ان شفيت فسالم وغانم حر فأيهما يعتقان عند شفائه أحدهما والخيرة في التعيين إليه هذا ما ذكره في هذه المسألة ولم يذكر اتحاد الشرط والمشروط مثل ان دخلت الدار فأنت طالق بل وضع المسألة في التعدد فقط.
فائدة: اتفقوا على وجوب اتصال الشرط بالكلام لا نعلم في ذلك نزاعا وعلى أنه يجوز تقييد الكلام بشرط يكون الخارج به أكثر من الباقي قال الشيخ صفي الدين الهندي وهذا ما يجب تنزيله على ما علم أنه كذلك وأما ما يجهل الحال فيه فإنه يجوز ان يقيد ولو بشرط لا يبقى من مدلولاته شيئا كقولك اكرم من يدخل الدار إن أكرمك وان اتفق أن أحدا منهم لم يكرمه.
قال
الثالث الصفة
مثل فتحرير رقبة مؤمنة وهي الاستثناء.
القسم الثاني من المخصصات المتصلة للصفة نحو أكرم بني تميم الطوال ومثل له المصنف تبعا للإمام بقوله فتحرير رقبة لأن رقبة عام والتقييد بالمؤمنة يخرج الكافرة وفيه تجوز لأن رقبة مطلق وعمومه يدل والكلام في العموم الشمولي قوله وهي الاستثناء أي الصفة كالاستثناء في وجوب الإيصال وعودها إلى الجمل فقط لا في جميع أحكام الاستثناء حتى يجيء فيها الخلاف في جواز إخراج الأكثر والمساوي ويحتمل أن يجري الخلاف في هذا أيضا وإطلاق الكتاب يقتضيه وقال الإمام إذا تعقبت الصفة شيئين فإما أن يتعلق أحدهما بالأخرى مثل اكرم العرب والعجم المؤمنين فتكون عائدة إليهما وإما ان لا يكون كذلك مثل اكرم العلماء وجالس الفقهاء الزهاد فهاهنا الصفة عائدة الى الجملة الأخيرة قال وللبحث فيه مجال كما في الاستثناء.
قال
الرابع الغاية
وهي طرفه وحكم ما بعدها خلاف ما قبلها مثل: {ثُمَّ
أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} .
غاية الشيء طرفه ومنتهاه وإنما أعاد المصنف الضمير في طرفه على الشيء وهو غير مذكور للعلم به وألفاظ الغاية حتى وإلى كقوله تعالى: {حَتَّى يَطْهُرْنَ} {حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ} {وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ} {ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} وحكم ما بعد الغاية مخالف ما قبلها وإلا لم تكن الغاية غاية بل وسطا هذا خلف وأما الغاية نفسها هل تدخل كقولك أكلت حتى قمت هل يكون القيام محلا للأكل فيه مذاهب.
أحدها: أن حكمه يخالف حكم ما قبله.
والثاني: أنه لا يدل على شيء واختاره الآمدي.
والثالث: إن كان من جنسه دخل وإلا فلو نحو بعتك التفاح إلي هذه الشجرة أهي من التفاح فتدخل أم لا فلا تدخل.
والرابع: إن كان معه لفظ من دخل نحو من هذه النخلة أو هذه وإلا لم يدخل.
والخامس: قال الإمام وهو الأول أن يميز عما قبله بالحسن مثل: {ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} كان حكم ما بعدها خلاف ما قبلها وان لم يتميز حسا استمر ذلك الحكم على ما بعده مثل: {وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ} فإن المرفق غير منفصل عن اليد بمفصل محسوس قال العراقي وقول الإمام يكون ما بعدها مخالفا لما قبلها من مدخول من جهة أنا لا نعلم خلافا فيما بعد الغاية وهذا يقتضي أنه محل خلاف والخلاف ليس هو في الغاية نفسها.
والسادس: إن اقترن بمن دخل وإلا فاحتمل ان يدخل وألا يدخل ويكون بمعنى مع كقوله: {وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ} أي مع أموالكم وهذا كله في غاية الانتهاء أما غاية الابتداء ففيها مذهبان وهنا فوائد.
أحدها: قول الاصوليين ان الغاية من جملة المخصصات قال والدي أيده الله إنما هو فيما تقدمها عموم يشملها لولم يؤت بها وقوله تعالى: {حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ} 1 ولم يقله لقاتلنا المشركين أعطوا الجزية أولم يعطوها ولا يأتي ذلك
1 سورة التوبة آية 29.
في مثل قوله صلى الله عليه وسلم: "رفع القلم عن الصبي حتى يبلغ وعن النائم حتى يستيقظ وعن المجنون حتى يفيق" 1 لأن حالة النائم خارجة عن الصبي وحالة الإفاقة خارجة عن الجنون والاستيقاظ خارج عن منوم فلو قال عن الصبي والمجنون والنائم ولم يذكر الغايات المذكورة لم يشملها فإن قلت فما يقصد بالغاية في مثل هذا قلت تارة يقصد بها تأكيد العموم فيما قبلها وهذا المعنى هو المقصود في الحديث فان عدم التكليف في جميع أزمنة الصبي تعمها بحيث لا يستثني منها شيء وهكذا أزمنه الجنون والنوم فالمقصود بهذه الغاية من هذا الوجه تحقيق التعميم لا التخصيص ومن ذلك قوله تعالى: {حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ} 2 وطلوعه وزمن طلوعه ليسا من الليل حتى يشملها قوله سلام وتارة يقصد بها ارتفاع ذلك الحكم عند الغاية فإن اللفظ لو اقتصر على قوله رفع القلم عن الصبي شمل حالة الصبي ولم يتعرض لحالة البلوغ إثبات التكليف فيها ولا نفيه عنها بل كان ساكتا عن حكمها فلما قال حتى يبلغ وقد علم مخالفة ما بعد الغاية لما قبلها فهم إثبات التكليف في حالة البلوغ فقصد بالغاية المذكورة هذا الحكم أيضا وهذا يقوله من يقول بالمفهوم وقال والدي أعزه الله تعالى وهو إن قيل به في نحو قوله حتى يعطوا الجزية فهو أقوى من القول به هنا لأن هناك لو لم يقل به لم يكن للغاية فائدة وهنا فائدتها المقصد الأول كما بيناه فلم يكن دليل على الثاني الثانية قوله تعالى: {ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} 3 يحتمل ان يكون مثل قوله حتى يعطوا الجزية فإن الصيام لغة تشمل الليل والنهار فخص هذا العموم بقوله إلى الليل ويصح تمثيل المصنف حينئذ بهذه الآية للتخصيص بالغاية ويحتمل ان يكون مثل قوله حتى مطلع الفجر وهو الظاهر فإن الصيام شرعا لا يكون إلا نهارا وأيضا عموم قوله وأتموا الصيام إنما هو في أفراد الصيام أي أتموا كل صيام ولا
1 حديث صحيح أخرجه ابن ماجه والترمذي والحاكم من حديث علي رضي الله عنه بلفظ: رفع القلم عن ثلاث عن النائم حتى يستيقظ وعن الصبي حتى يشب وعن المعتوه حتى يعقل، الفتح الكبير 2512. كما رواه الإمام أحمد وأبو داود والنسائي من حديث علي وعمر وعائشة رضي الله عنه.
2 سورة القدر آية 4.
3 سورة البقرة آية 187.
تعرض فيه للوقت نعم لو قال قائل أتموا الصوم في الزمان الى الليل كان تخصيصا راجعا إلى العموم في الأوقات المستفاد من قوله الزمان.
الثالثة: قد عرفت الخلاف في انتهاء الغاية هل يدخل قال والدي أحسن الله إليه ولا بد ان يستثنى من هذا الطلاق شيئان:
أحدهما: ما تقدم وهي الغاية التي لو سكت عنها لم يدل عليها اللفظ كالغايات المذكورة في الحديث وكطلوع الفجر وكقوله: {فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ} . وإن حالة الطهر لا يشملها اسم المحيض.
الثاني: ما يكون اللفظ الأول شاملا لها مثل قولنا قطعت أصابعه كلها من الخنصر إلى الإبهام لأنه لو اقتصر على قوله قطعت أصابعه كلها لأفاد الاستغراق فكان قوله من الخنصر إلى الإبهام تأكيدا وكذلك قوله قرأت القرآن من فاتحته إلى خاتمته وهو في الحقيقة راجع إلى الأول لأن المقصود فيهما تحقيق العموم واستغراقه لا تخصيصه وان افترقا في ان الذي جعل غاية في الثاني طرف المغيا وفي الأول ما بعده ففي هذين الموضعين الغاية لا خلا ف فيها بل هي في الأول خارجة قطعا وفي الثاني داخلة قطعا وكذا بعتك هذه الأشجار من هذه إلى هذه وانما اختلف الأصحاب فيما إذا قال بعتك من هذه النخلة إلى هذه النخلة هل يدخل الابتداء أو الإنتهاء ولا يدخل واحد منهما ومحل القطع بدخول الغاية في قولنا قطعت أصابعه كلها من الخنصر إلى الإبهام فإن اللفظ الأول صريح في الدخول فلو كان ظاهرا غير صريح كقولنا ضربت القوم حتى زيدا فالحكم كذلك ظاهر مع احتمال أن يكون انتهاء الضرب إليه ولم يضر به.
الرابعة: من شرط المغيا أن يثبت قبل الغاية ويتكرر حتى يصل إليها كقولك سرت من البصرة إلى الكوفة فإن السير الذي هو المغيا ثابت قبل الكوفة ومتكرر في طريقها وعلى هذا يمتنع أن يكون قوله إلى المرافق غاية لغسل اليد لأن غسل اليد إنما يحصل بعد الوصول إلى الإبط فليس ثابتا قبل المرفق الذي هو الغاية فلا ينتظم غاية له نعم لو قيل اغسلوا إلى المرافق ولم يقل أيديكم انتظم لأن مطلق الغسل ثابت إلى المرافق ومتكرر قال بعض الحنفية فيتعين
أن يكون المغيا غير الغسل ويكون التقدير اتركوا من اباطكم إلى المرفق فيكون مطلق الترك ثابتا قبل المرفق ومتكررا إليه ويكون الغسل نفسه لم يغيا وفي هذا المقام يتعارض المجاز واضمر فإن لنا ان نتجوز بلفظ اليد إلى جزئها حتى يثبت المغيا قبل الغاية ولا يضمر لنا ان المضمر كم قال هذا الحنفي ومن هذا قوله: {ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} يقتضي ثبوت الصيام بوصف التمام قبل غروب الشمس ويتحرر إلى غروبها وليس كذلك فيشكل كون الليل غاية للصوم التام نعم لو قيل صوموا إلى الليل انتظم لأن الصوم الشرعي ثابت قبل الليل ومتكرر إليه بخلاف الصوم بوصف التمام قال القرافي وهذا السؤال أورده الشيخ عز الدين بن عبد السلام وأجاب عنه بأن المراد أتموا كل جزء من أجزاء الصوم سنته وفضائله وكرروا ذلك إلى الليل والكمال في الصوم قد يحصل في جزء من أجزاء الليل دون جزء من جهة اجتناب الكذب والغيبة والنميمة وغير ذلك مما يأباه الصوم وكذلك آدابه الخاصة كترك السواك والتفكر في أمور النساء وغير ذلك فامرنا بتكرير هذا إلى غروب الشمس.
الخامسة: إذا قال له من درهم إلى عشرة وقال ضمنت مالك على فلان من درهم إلى عشرة صححناه كما هو الصحيح لزمه تسعة على الأصح عند العراقيين والغزالي والنووي وقضيته القول بأن غاية الانتهاء لا تدخل دون غاية الابتداء وقيل عشرة وصححه.
الثاني: كتخصيص قوله: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً} فإنا نخصص الطفل والمجنون لعدم فهمهما الخطاب واعلم أن منهم من خالف في التخصيص بالعقل ونقله إمام الحرمين عن بعض الناشئة أي الذين نشأوا أبوا أن يسموا هذا الفيء تخصيصا ونحن نقول أولا هذا هو ظاهر نص الشافعي رضي الله عنه فإنه قال في الرسالة باب ما نزل من الكتاب عاما يراد به العام ويدخله الخصوص توطئة لما ذكره بعدها مما يدخله الخصوص وكذلك كانت ترجمة الباب في بعض نسخ الرسالة كما ذكر شرحها أبو بكر الصيرفي ما ترك عاما يراد به العام وعاما يدخله الخصوص قال الشافعي رضي الله عنه قال الله عز وجل: {اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ} وذكر قوله تعالى: {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي
الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا} 1 ثم قال وهذا عام لا خاص فيه كل شيء من سماء وأرض وذي روح وشجر وغير ذلك فالله خالقه وكل دابة فعلى الله رزقها ويعلم مستقرها ومستودعها انتهى.
ثانيا: كما قال إمام الحرمين في هذه المسألة قليلة الفائدة نزرة الخدوي والفائدة فإن تلقى الخصوص من مأخذ العقل غير منكر لو كون اللفظ موضوعا للعموم على اصل اللسان لا خلاف فيه مع من يعترف ببطلان مذهب الواقفية وإن امتنع ممتنع من تسمية ذلك تخصيصا فليس في إطلاقه مخالفة عقل أو شرع والخلاف في المسألة عند التحقيق لفظي فان مقتضى اللفظ العام غير ثابت فيما دل العقل على امتناعه فيه ثم نقول يمكن ان يقال ان الآيتين اللتين أوردهما الشافعي رضي الله عنه على عمومها ودعوى تخصيص العقل فيها باطلة أما قوله: {اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ} فهو عز وجل غير داخل وهذا الخطاب لوجهين:
أحدهما: أن المخاطب لا يدخل في عموم خطابه عند جماعة الأصوليين ولعله البغوي والرافعي في المحرر في الضمان ووالدي وقيل ثمانية ولو قال بيتك من هذا الجدار إلى هذا الجدار لم يدخل الجداران في البيع ولو قال له من هذه النخلة إلى هذه النخلة قال للشيخ أبو حامد تدخل الأولى في الإقرار دون الأخيرة وقال الرافعي ينبغي أن لا تدخل الأولى أيضا كقوله بعتك من هذا الجدار إلى هذا الجدار ولو شرط في البيع الخيار إلى الليل انقطع الخيار بغروب الشمس خلافا لأبي حنيفة حيث قال يثبت والخيار إلى طلوع الفجر وكذا إذا باعه بثمن إلى شهر لم يدخله الشهر الثاني في الأجل.
قال ووجوب غسل المرافق للاحتياط.
وهذا جواب عن سؤال مقدر تقديره لو صح ما ذكرتم من مخالفة حكم ما بعد الغاية لما قبلها لم يجب غسل المرافق وجوابه إنما وجب للاحتياط فان النبي صلى الله عليه وسلم توضأ فأدار الماء على مرفقه فاحتمل أن يكون غسله واجبا فاخذ بالاحتياط وقد تم القول في المخصصات المتصلة.
1 سورة هود آية 6.