الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَقَدْ تَقْتَضِيهِ مَصْلَحَةٌ. وَلَوْ طَلَبَ عَبْدُهُمُ التَّزْوِيجَ، فَإِنْ لَمْ نُجْبِرِ السَّيِّدَ الرَّشِيدَ، لَمْ يَجُزْ لِوَلِيِّهِمُ الْإِجَابَةُ. وَإِنْ أَجْبَرْنَاهُ، فَعَلَى وَلِيِّهِمُ الْإِجَابَةُ. وَأَمَّا أَمَةُ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ وَالسَّفِيهِ، فَيَجُوزُ لِوَلِيِّهِمْ تَزْوِيجُهَا عَلَى الْأَصَحِّ إِذَا ظَهَرَتِ الْغِبْطَةُ. وَقِيلَ: لَا. وَقِيلَ: تُزَوَّجُ أَمَةُ الصَّبِيَّةِ دُونَ الصَّبِيِّ، فَقَدْ يَحْتَاجُ إِلَيْهَا إِذَا بَلَغَ. فَإِنْ جَوَّزْنَا، قَالَ الْإِمَامُ: يَجُوزُ تَزْوِيجُ أَمَةِ الثَّيِّبِ الصَّغِيرَةِ وَإِنْ لَمْ يَجُزْ تَزْوِيجُهَا، وَلَا يَجُوزُ لِلْأَبِ تَزْوِيجُ أَمَةِ الْبِكْرِ الْبَالِغَةِ وَإِنْ كَانَ يَقْهَرُهَا. وَفِيمَنْ يُزَوِّجُ أَمَةَ الصَّغِيرِ وَالْمَجْنُونِ وَجْهَانِ. أَحَدُهُمَا: وَلِيُّ مَالِهِ نَسِيبًا كَانَ أَوْ وَصِيًّا أَوْ قَيِّمًا كَسَائِرِ التَّصَرُّفَاتِ. وَأَصَحُّهُمَا: أَنَّهُ وَلِيُّ النِّكَاحِ الَّذِي يَلِي الْمَالَ. وَعَلَى هَذَا، غَيْرُ الْأَبِ وَالْجَدِّ لَا يُزَوِّجُ أَمَةَ الصَّغِيرِ وَالصَّغِيرَةِ، وَالْأَبُ لَا يُزَوِّجُ أَمَةَ الثَّيِّبِ الصَّغِيرَةَ، فَإِنْ كَانَتْ مَجْنُونَةً، زَوَّجَ. وَإِنْ كَانَتْ لِسَفِيهٍ، فَلَا بُدَّ مِنْ إِذْنِهِ.
فَرْعٌ
أَمَةُ الْمَرْأَةِ، إِنْ كَانَتْ مَالِكَتُهَا مَحْجُورًا عَلَيْهَا، فَقَدْ سَبَقَ بَيَانُهَا، وَإِلَّا، فَيُزَوِّجُهَا وَلِيُّ الْمَرْأَةِ تَبَعًا لِوِلَايَتِهِ عَلَيْهَا، وَسَوَاءٌ الْوَلِيُّ بِالنَّسَبِ وَغَيْرِهِ، وَالْأَمَةُ الْعَاقِلَةُ وَالْمَجْنُونَةُ، الصَّغِيرَةُ وَالْكَبِيرَةُ، وَلَا حَاجَةَ إِلَى إِذْنِ الْأَمَةِ، وَيُشْتَرَطُ إِذْنُ مَالِكَتِهَا نُطْقًا وَإِنْ كَانَتْ بِكْرًا، إِذْ لَا تَسْتَحِي.
فَصْلٌ
أَعْتَقَ فِي مَرَضِهِ أَمَةً، قَالَ ابْنُ الْحَدَّادِ: لَا يَجُوزُ لِوَلِيِّهَا الْحُرِّ كَالْأَبِ وَالْأَخِ تَزْوِيجُهَا حَتَّى يَبْرَأَ أَوْ يَمُوتَ، وَتَخْرُجَ مِنْ ثُلُثِهِ، لِأَنَّهَا إِنَّمَا تُعْتَقُ كُلُّهَا عَلَى هَذَيْنِ
التَّقْدِيرَيْنِ، وَوَافَقَهُ عَلَى هَذَا جَمَاعَةٌ، مِنْهُمُ ابْنُ كَجٍّ وَقَالَ ابْنُ سُرَيْجٍ وَأَبُو زَيْدٍ وَالْأَكْثَرُونَ: يَجُوزُ لِوَلِيِّهَا تَزْوِيجُهَا، لِأَنَّهَا حُرَّةٌ فِي الظَّاهِرِ، فَعَلَى هَذَا النِّكَاحُ صَحِيحٌ ظَاهِرًا. فَإِنْ تَحَقَّقْنَا بَعْدَ ذَلِكَ نُفُوذَ الْعِتْقِ، تَحَقَّقْنَا مُضِيَّ النِّكَاحِ عَلَى الصِّحَّةِ، وَإِلَّا، فَإِنْ رَدَّ الْوَرَثَةُ أَوْ أَجَازُوا، وَقُلْنَا: الْإِجَازَةُ عَطِيَّةٌ مِنْهُمْ، بَانَ فَسَادُ النِّكَاحِ، وَإِلَّا، بَانَ صِحَّتُهُ.
ثُمَّ إِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمُعْتِقِ مَالٌ سِوَاهَا، فَالْمَسْأَلَةُ عَلَى مَا ذَكَرْنَا. وَإِنْ كَانَ لَهُ (مَالٌ) يَفِي ثُلُثُهُ بِقِيمَتِهَا، فَمُقْتَضَى كَلَامِ ابْنِ الْحَدَّادِ وَجَمَاهِيرِ النَّاقِلِينَ، أَنَّهُ كَذَلِكَ. قَالَ الْإِمَامُ: وَيَجُوزُ أَنْ يُقَالَ عَلَى مُقْتَضَى قَوْلِ ابْنِ الْحَدَّادِ: النِّكَاحُ هَاهُنَا مَحْمُولٌ عَلَى الصِّحَّةِ، وَيَجُوزُ خِلَافُهُ، لِضَعْفِ مِلْكِ الْمَرِيضِ. قَالَ الشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ: وَمَفْهُومُ كَلَامِ ابْنِ الْحَدَّادِ أَنَّهُ إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلِيٌّ غَيْرُ السَّيِّدِ، فَزَوَّجَهَا، صَحَّ، لِأَنَّهَا إِنْ لَمْ تَخْرُجْ مِنَ الثُّلُثِ، فَهُوَ وَلِيٌّ مَا عَتَقَ بِالْوَلَاءِ، وَمَالُكٌ مَا لَمْ يَعْتِقْ. فَإِنْ زَوَّجَهَا السَّيِّدُ، وَلَهَا وَلِيٌّ مُنَاسِبٌ، إِنْ كَانَ بِإِذْنِهِ، صَحَّ قَطْعًا، وَإِلَّا، فَلَا قَطْعًا.
الْبَابُ السَّادِسُ فِي مَوَانِعِ نِكَاحِهَا
قَدْ سَبَقَ فِي الرُّكْنِ الثَّانِي مِنَ الْبَابِ الثَّالِثِ، الْإِشَارَةُ إِلَى بَيَانِ الْمَوَانِعِ. وَمِنْهَا مَا نَتَكَلَّمُ فِي إِيضَاحِهِ فِي غَيْرِ الْبَابِ، كَكَوْنِهَا مُلَاعَنَةً، وَمُعْظَمُهَا نَبْسُطُ الْكَلَامَ فِيهِ هُنَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، وَيَجْمَعُهَا أَرْبَعَةُ أَجْنَاسٍ.
(الْجِنْسُ) الْأَوَّلُ: الْمَحْرَمِيَّةُ، وَهِيَ الْوُصْلَةُ الْمُحَرِّمَةُ لِلنِّكَاحِ أَبَدًا، وَلَهَا ثَلَاثَةُ أَسْبَابٍ: الْقَرَابَةُ، وَالرَّضَاعُ، وَالْمُصَاهَرَةُ.
السَّبَبُ الْأَوَّلُ: الْقَرَابَةُ، وَيَحْرُمُ مِنْهَا سَبْعٌ: الْأُمَّهَاتُ، وَالْبَنَاتُ، وَالْأَخَوَاتُ،
وَالْعَمَّاتُ، وَالْخَالَاتُ، وَبَنَاتُ الْأَخِ، وَبَنَاتُ الْأُخْتِ، وَلَا تَحْرُمُ بَنَاتُ الْأَعْمَامِ وَالْعَمَّاتِ وَالْأَخْوَالِ وَالْخَالَاتِ، قَرُبْنَ أَمْ بَعُدْنَ، وَالْمُرَادُ بِالْأُمِّ: كُلُّ أُنْثَى وَلَدَتْكَ، أَوْ وَلَدَتْ مَنْ وَلَدَكَ، ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى، بِوَاسِطَةٍ أَمْ بِغَيْرِهَا. وَإِنْ شِئْتَ قُلْتَ: كُلُّ أُنْثَى يَنْتَهِي إِلَيْهَا نَسَبُكَ بِالْوِلَادَةِ بِوَاسِطَةٍ أَمْ بِغَيْرِهَا. وَبِنْتُكَ: كُلُّ أُنْثَى وَلَدْتَهَا، أَوْ وَلَدْتَ مَنْ وَلَدَهَا، ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى، بِوَاسِطَةٍ أَمْ بِغَيْرِهَا. وَإِنْ شِئْتَ قُلْتَ: كُلُّ أُنْثَى يَنْتَهِي إِلَيْكَ نَسَبُهَا بِالْوِلَادَةِ، بِوَاسِطَةٍ أَمْ بِغَيْرِهَا. وَأُخْتُكَ: كُلُّ أُنْثَى وَلَدَهَا أَبَوَاكَ أَوْ أَحَدُهُمَا. وَبِنْتُ أَخِيكَ وَبِنْتُ أُخْتِكَ مِنْهُمَا، كَبِنْتِكَ مِنْكَ. وَعَمَّتُكَ: كُلُّ أُنْثَى هِيَ أُخْتُ ذَكَرٍ وَلَدَكَ، بِوَاسِطَةٍ أَوْ بِغَيْرِهَا، وَقَدْ تَكُونُ مِنْ جِهَةِ الْأُمِّ، كَأُخْتِ أَبِ الْأُمِّ. وَخَالَتُكَ: كُلُّ أُنْثَى هِيَ أُخْتُ أُنْثَى وَلَدَتْكَ بِوَاسِطَةٍ أَوْ بِغَيْرِهَا، وَقَدْ تَكُونُ مِنْ جِهَةِ الْأَبِ، كَأُخْتِ أُمِّ الْأَبِ، وَعَبَّرَ الْأَصْحَابُ عَنْهُنَّ بِعِبَارَتَيْنِ.
إِحْدَاهُمَا: قَالَ الْأُسْتَاذُ أَبُو إِسْحَاقَ: يَحْرُمُ عَلَيْهِ أُصُولُهُ، وَفُصُولُهُ، وَفُصُولُ أَوَّلِ أُصُولِهِ، وَأَوَّلُ فَصْلٍ مِنْ كُلِّ أَصْلٍ بَعْدَهُ، أَيْ بَعْدَ أَوَّلِ الْأُصُولِ.
فَالْأُصُولُ: الْأُمَّهَاتُ. وَالْفُصُولُ: الْبَنَاتُ. وَفُصُولُ أَوَّلِ الْأُصُولِ: الْأَخَوَاتُ وَبَنَاتُ الْأَخِ وَالْأُخْتِ. وَأَوَّلُ فَصْلٍ مِنْ كُلِّ أَصْلٍ بَعْدَ الْأَصْلِ الْأَوَّلِ: الْعَمَّاتُ وَالْخَالَاتُ.
الثَّانِيَةُ: قَالَ الْأُسْتَاذُ أَبُو مَنْصُورٍ الْبَغْدَاذِيُّ: تَحْرُمُ نِسَاءُ الْقَرَابَةِ، إِلَّا مَنْ دَخَلَتْ فِي اسْمِ وَلَدِ الْعُمُومَةِ أَوْ وَلَدِ الْخُؤُولَةِ. وَهَذِهِ الْعِبَارَةُ أَرْجَحُ لِإِيجَازِهَا، وَلِأَنَّ الْأُولَى لَا تَنُصُّ عَلَى الْإِنَاثِ، لِأَنَّ لَفْظَ الْأُصُولِ وَالْفُصُولِ يَتَنَاوَلُ الذُّكُورَ وَالْإِنَاثَ، وَلِأَنَّ اللَّائِقَ بِالضَّابِطِ أَنْ يَكُونَ أَقْصَرَ مِنَ الْمَضْبُوطِ، وَالْأُولَى بِخِلَافِهِ.
فَرْعٌ زَنَا بِامْرَأَةٍ، فَوَلَدَتْ بِنْتًا، يَجُوزُ لِلزَّانِي نِكَاحُ الْبِنْتِ، لَكِنْ يُكْرَهُ. وَقِيلَ: إِنْ تَيَقَّنَ أَنَّهَا مِنْ مَائِهِ، إِنْ تَصَوَّرَ تَيَقُّنَهُ، حَرُمَتْ عَلَيْهِ. وَقِيلَ: تَحْرُمُ مُطْلَقًا. وَالصَّحِيحُ: الْحِلُّ مُطْلَقًا. وَالْبِنْتُ الَّتِي نَفَاهَا بِاللِّعَانِ، تَحْرُمُ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ دَخَلَ بِأُمِّهَا، وَكَذَا إِنْ لَمْ يَدْخُلْ (بِهَا) عَلَى الْأَصَحِّ. قَالَ الْمُتَوَلِّي: وَعَلَى هَذَا، فَفِي وُجُوبِ الْقِصَاصِ بِقَتْلِهَا، وَالْحَدِّ بِقَذْفِهَا، وَالْقَطْعِ بِسَرِقَةِ مَالِهَا، وَقَبُولِ شَهَادَتِهِ لَهَا الْوَجْهَانِ.
قُلْتُ: وَسَوَاءٌ طَاوَعَتْهُ عَلَى الزِّنَا أَوْ أَكْرَهَهَا. - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.
السَّبَبُ الثَّانِي: الرَّضَاعُ، فَيَحْرُمُ مِنَ الرَّضَاعِ مَا يَحْرُمُ مِنَ النَّسَبِ، فَكُلُّ مَنْ أَرْضَعَتْكَ، أَوْ أَرْضَعَتْ مَنْ أَرْضَعَتْكَ، أَوْ أَرْضَعَتْ مَنْ وَلَدَكَ بِوَاسِطَةٍ أَوْ غَيْرِهَا، فَهِيَ أُمُّكَ. وَكَذَلِكَ كُلُّ امْرَأَةٍ وَلَدَتِ الْمُرْضِعَةَ أَوِ الْفَحْلَ، وَكُلُّ امْرَأَةٍ ارْتَضَعَتْ بِلَبَنِكَ أَوْ بِلَبَنِ مَنْ وَلَدْتَهُ، أَوْ أَرْضَعَتْهَا امْرَأَةٌ وَلَدْتَهَا أَنْتَ، فَهِيَ بِنْتُكَ. وَكَذَلِكَ بَنَاتُهَا مِنَ النَّسَبِ وَالرَّضَاعِ. وَكُلُّ امْرَأَةٍ أَرْضَعَتْهَا أُمُّكَ، أَوِ ارْتَضَعَتْ بِلَبَنِ أَبِيكَ، فَهِيَ أُخْتُكَ. وَكَذَلِكَ كُلُّ امْرَأَةٍ وَلَدَتْهَا الْمُرْضِعَةُ أَوِ الْفَحْلُ وَأَخَوَاتُ الْفَحْلِ وَالْمُرْضِعَةِ وَأَخَوَاتُ مَنْ وَلَدَهُمَا مِنَ النَّسَبِ وَالرَّضَاعِ، عَمَّاتُكَ وَخَالَاتُكَ. وَكَذَلِكَ كُلُّ امْرَأَةٍ أَرْضَعَتْهَا وَاحِدَةٌ مِنْ جَدَّاتِكَ، أَوِ ارْتَضَعَتْ بِلَبَنِ جَدٍّ لَكَ مِنَ النَّسَبِ وَالرَّضَاعِ، وَبَنَاتُ أَوْلَادِ الْمُرْضِعَةِ وَالْفَحْلِ مِنَ النَّسَبِ وَالرَّضَاعِ، بَنَاتُ أَخِيكَ وَأُخْتِكَ. وَكَذَلِكَ كُلُّ أُنْثَى أَرْضَعَتْهَا أُخْتُكَ، أَوِ ارْتَضَعَتْ بِلَبَنِ أَخِيكَ، وَبَنَاتُهَا وَبَنَاتُ أَوْلَادِهَا مِنَ النَّسَبِ وَالرَّضَاعِ، بَنَاتُ أَخِيكَ وَأُخْتِكَ. وَبَنَاتُ كُلِّ ذَكَرٍ أَرْضَعَتْهُ أُمُّكَ، أَوِ ارْتَضَعَ لَبَنَ أَبِيكَ، وَبَنَاتُ أَوْلَادِهِ مِنَ النَّسَبِ وَالرَّضَاعِ، بَنَاتُ أَخِيكَ. وَبَنَاتُ كُلِّ امْرَأَةٍ
أَرْضَعَتْهَا أُمُّكَ، أَوِ ارْتَضَعَتْ لَبَنَ أَبِيكَ، وَبَنَاتُ أَوْلَادِهَا مِنَ النَّسَبِ وَالرَّضَاعِ، بَنَاتُ أُخْتِكَ.
فَرْعٌ
أَرْبَعُ نِسْوَةٍ يَحْرُمْنَ فِي النَّسَبِ، وَفِي الرَّضَاعِ قَدْ يَحْرُمْنَ، وَقَدْ لَا يَحْرُمْنَ. إِحْدَاهُنَّ: أُمُّ الْأَخِ وَالْأُخْتِ فِي النَّسَبِ حَرَامٌ، لِأَنَّهَا أُمٌّ، أَوْ زَوْجَةُ أَبٍ، وَفِي الرَّضَاعِ إِنْ كَانَتْ كَذَلِكَ حَرُمَتْ، وَإِلَّا، فَلَا، بِأَنْ أَرْضَعَتْ أَجْنَبِيَّةٌ أَخَاكَ أَوْ أُخْتَكَ.
الثَّانِيَةُ: أُمُّ نَافِلَتِكَ فِي النَّسَبِ، حَرَامٌ لِأَنَّهَا بِنْتُكَ، أَوْ زَوْجَةُ ابْنِكَ، وَفِي الرَّضَاعِ قَدْ لَا تَكُونُ بِنْتًا وَلَا زَوْجَةَ ابْنٍ، بِأَنْ أَرْضَعَتْ أَجْنَبِيَّةٌ نَافِلَتَكَ.
الثَّالِثَةُ: جَدَّةُ وَلَدِكَ فِي النَّسَبِ، حَرَامٌ، لِأَنَّهَا أُمُّكَ، أَوْ أُمُّ زَوْجَتِكَ، وَفِي الرَّضَاعِ قَدْ لَا تَكُونُ كَذَلِكَ، بِأَنْ أَرْضَعَتْ أَجْنَبِيَّةٌ وَلَدَكَ، فَإِنَّ أُمَّهَا جَدَّتُهُ، وَلَيْسَتْ بِأُمِّكَ، وَلَا بِأُمِّ زَوْجَتِكَ. الرَّابِعَةُ: أُخْتُ وَلَدِكَ حَرَامٌ، لِأَنَّهَا بِنْتُكَ أَوْ رَبِيبَتُكَ. وَإِذَا أَرْضَعَتْ أَجْنَبِيَّةٌ وَلَدَكَ، فَبِنْتُهَا أُخْتُهُ، وَلَيْسَتْ بِنْتَكَ وَلَا رَبِيبَتَكَ، وَلَا تَحْرُمُ أُخْتُ الْأَخِ فِي النَّسَبِ، وَلَا فِي الرَّضَاعِ. وَصُورَتُهُ فِي النَّسَبِ: أَنْ يَكُونَ لَكَ أُخْتٌ لِأُمٍّ، وَأَخٌ لِأَبٍ، فَيَجُوزُ لَهُ نِكَاحُهَا. وَفِي الرَّضَاعِ: امْرَأَةٌ أَرْضَعَتْكَ وَأَرْضَعَتْ صَغِيرَةً أَجْنَبِيَّةٌ مِنْكَ، يَجُوزُ لِأَخِيكَ نِكَاحُهَا. وَهَذِهِ الصُّوَرُ الْأَرْبَعُ مُسْتَثْنَاةٌ مِنْ قَوْلِنَا: يَحْرُمُ مِنَ الرَّضَاعِ مَا يَحْرُمُ مِنَ النَّسَبِ.
قُلْتُ: كَذَا قَالَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا: تُسْتَثْنَى الصُّوَرُ الْأَرْبَعُ. وَقَالَ الْمُحَقِّقُونَ: لَا حَاجَةَ إِلَى اسْتِثْنَائِهَا، لِأَنَّهَا لَيْسَتْ دَاخِلَةً فِي الضَّابِطِ، وَلِهَذَا لَمْ يَسْتَثْنِهَا الشَّافِعِيُّ وَجُمْهُورُ الْأَصْحَابِ رضي الله عنهم، وَلَا اسْتُثْنِيَتْ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ: «يَحْرُمُ مِنَ الرَّضَاعِ مَا يَحْرُمُ مِنَ
النَّسَبِ» لِأَنَّ أُمَّ الْأَخِ لَمْ تَحْرُمْ لِكَوْنِهَا أُمَّ أَخٍ، وَإِنَّمَا حَرُمَتْ لِكَوْنِهَا أُمًّا أَوْ حَلِيلَةَ أَبٍ، وَلَمْ يُوجَدْ ذَلِكَ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى، وَكَذَا الْقَوْلُ فِي بَاقِيهِنَّ. - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.
السَّبَبُ الثَّالِثُ: الْمُصَاهَرَةُ، فَيَحْرُمُ بِهَا عَلَى التَّأْبِيدِ أَرْبَعٌ.
إِحْدَاهُنَّ: أُمُّ زَوْجَتِكَ،
[وَأُمُّ] زَوْجَتِكَ مِنْهَا كَأُمِّكَ مِنْكَ، وَسَوَاءٌ أُمَّهَاتُ النَّسَبِ وَالرَّضَاعِ.
الثَّانِيَةُ: زَوْجَةُ ابْنِكَ وَابْنِ ابْنِكَ وَإِنْ سَفَلَ بِالنَّسَبِ وَالرَّضَاعِ، وَقَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى:(وَحَلَائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلَابِكُمْ)
[النِّسَاءِ: 23] الْمُرَادُ بِهِ أَنَّهُ لَا تَحْرُمُ زَوْجَةُ مَنْ تَبَنَّاهُ.
الثَّالِثَةُ: زَوْجَةُ الْأَبِ وَالْأَجْدَادِ وَإِنْ عَلَوْا مِنْ قِبَلِ الْأَبِ وَالْأُمِّ جَمِيعًا، وَتَحْرُمُ زَوْجَةُ الْأَبِ مِنَ الرَّضَاعِ.
الرَّابِعَةُ: بِنْتُ الزَّوْجَةِ، وَبِنْتُ زَوْجَتِكَ مِنْهَا كَبِنْتِكَ مِنْكَ، سَوَاءٌ بِنْتُ النَّسَبِ وَالرَّضَاعِ، وَتَحْرُمُ الثَّلَاثُ الْأُولَيَاتُ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ، بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ صَحِيحًا. فَأَمَّا النِّكَاحُ الْفَاسِدُ، فَلَا يَتَعَلَّقُ بِهِ حُرْمَةُ الْمُصَاهَرَةِ، لِأَنَّهُ لَا يُفِيدُ حِلَّ الْمَنْكُوحَةِ، وَحُرْمَةُ غَيْرِهَا فَرْعٌ لِحِلِّهَا. وَأَمَّا الرَّابِعَةُ، وَهِيَ بِنْتُ الزَّوْجَةِ، فَلَا تَحْرُمُ إِلَّا بِالدُّخُولِ بِالزَّوْجَةِ. وَحَكَى الشَّيْخُ أَبُو عَاصِمٍ الْعَبَّادِيُّ وَابْنُهُ أَبُو الْحَسَنِ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ الصَّابُونِيِّ