الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إِذَا مَلَّكْنَاهُ بِنِصْفِ الطَّلَاقِ، فَأَمَّا إِذَا قُلْنَا: لَهُ خِيَارُ التَّمَلُّكِ، فَيُعْتَبَرُ لَفْظُ الْعَفْوِ فِي إِسْقَاطِ الْخِيَارِ وَيَبْقَى الْجَمِيعُ لَهَا.
الْقَاعِدَةُ الثَّانِيَةُ: هَلْ لِلْوَلِيِّ الْعَفُوُّ عَنْ صَدَاقِهَا؟ قَوْلَانِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ مَنْ هُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ؟ الْجَدِيدُ: الْمَنْعُ، وَالْقَدِيمُ: الْجَوَازُ بِخَمْسَةِ شُرُوطٍ. أَنْ يَكُونَ أَبًا أَوْ جَدًّا، وَأَنْ تَكُونَ بِكْرًا عَاقِلَةً صَغِيرَةً، وَأَنْ يَكُونَ بَعْدَ الطَّلَاقِ، وَأَنْ يَكُونَ قَبْلَ الدُّخُولِ، وَأَنْ يَكُونَ الصَّدَاقُ دَيْنًا، هَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ تَفْرِيعًا عَلَى الْقَدِيمِ. وَفِي وَجْهٍ: لَهُ الْعَفْوُ فِي الثَّيِّبِ وَالْمَجْنُونَةِ وَالْبَالِغَةِ وَالْمَحْجُورِ عَلَيْهَا وَالرَّشِيدَةِ، وَقَبْلَ الطَّلَاقِ إِذَا رَآهُ مَصْلَحَةً، وَعَنِ الْعَيْنِ أَيْضًا. وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ. وَلَوْ زَوَّجَهَا الْأَبُ وَمَاتَ، فَفِي صِحَّةِ عَفْوِ الْجَدِّ وَجْهَانِ ; لِأَنَّ الصَّدَاقَ لَمْ يَثْبُتْ بِهِ لَكِنَّهُ وَلِيٌّ. وَلَوْ خَلَعَهَا الْوَلِيُّ عَلَى نِصْفِ الصَّدَاقِ وَجَوَّزْنَا الْعَفْوَ، صَحَّتِ الْمُخَالَعَةُ، قَالَهُ الْمُتَوَلِّي وَغَيْرُهُ. وَفِي الْوَسِيطِ فِي صِحَّةِ الْخُلْعِ مَعَ صِحَّةِ الْعَفْوِ وَجْهَانِ. وَالْأَوَّلُ أَشْبَهُ.
فَصْلٌ
وَهَبَتْ لِزَوْجِهَا الصَّدَاقَ الْمُعَيَّنَ، فَطَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ، فَقَوْلَانِ. أَحَدُهُمَا وَهُوَ الْقَدِيمُ وَأَحَدُ قَوْلَيِ الْجَدِيدِ وَالرَّاجِحُ [عِنْدَ الْبَغَوِيِّ] أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ عَلَيْهَا بِشَيْءٍ.
وَالثَّانِي: وَهُوَ الْأَظْهَرُ عِنْدَ الْجُمْهُورِ، مِنْهُمُ الْعِرَاقِيُّونَ، وَالْإِمَامُ، وَالرُّويَانِيُّ: يَرْجِعُ بِنِصْفِ بَدَلِهِ الْمِثْلِ [أَ] وَالْقِيمَةِ. وَقِيلَ: إِنْ وَهَبَتْهُ قَبْلَ الْقَبْضِ، لَمْ
يَرْجِعْ قَطْعًا. وَالْمَذْهَبُ طَرْدُ الْقَوْلَيْنِ، سَوَاءٌ قَبَضَتْهُ أَمْ لَا. وَلَوْ كَانَ الصَّدَاقُ دَيْنًا فَأَبْرَأَتْهُ مِنْهُ، لَمْ يَرْجِعْ عَلَى الْمَذْهَبِ. وَلَوْ وَهَبَتْ لَهُ الدَّيْنَ، فَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ كَالْإِبْرَاءِ. وَقِيلَ: كَهِبَةِ الْعَيْنِ. وَلَوْ قَبَضَتْ مِنْهُ الدَّيْنَ ثُمَّ وَهَبَتْهُ لَهُ، ثُمَّ طَلَّقَهَا، فَكَهِبَةِ الْعَيْنِ. وَقِيلَ: لَهُ الرُّجُوعُ قَطْعًا بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ فِيمَا دُفِعَ عَنِ الدَّيْنِ لَوْ طَلَّقَهَا وَهُوَ بَاقٍ عِنْدَهَا. وَلَوْ وَهَبَتِ الصَّدَاقَ، ثُمَّ ارْتَدَّتْ قَبْلَ الدُّخُولِ، أَوْ فَسَخَ أَحَدُهُمَا بِعَيْبٍ، فَفِي الرُّجُوعِ بِالْجَمِيعِ مِثْلُ الْخِلَافِ فِي النِّصْفِ إِذَا طَلَّقَ. وَلَوْ بَاعَ عَبْدًا بِجَارِيَةٍ، وَوَهَبَ الْجَارِيَةَ لِبَائِعِهَا، ثُمَّ وَجَدَ بَائِعُهَا بِالْعَبْدِ [عَيْبًا] فَأَرَادَ رَدَّهُ بِالْعَيْبِ، فَفِي تَمَكُّنِهِ مِنْهُ وَمِنَ الْمُطَالَبَةِ بِقِيمَةِ الْجَارِيَةِ وَجْهَانِ مَأْخُوذَانِ مِنْ هِبَةِ الصَّدَاقِ، وَيَجْرِيَانِ فِي تَمَكُّنِهِ [مِنْ] طَلَبِ الْأَرْشِ لَوْ رَأَى عَيْبًا بَعْدَ هَلَاكِ الْعَبْدِ، أَوْ حَدَثَ بِهِ عَيْبٌ يَمْنَعُ الرَّدَّ.
وَفِيمَا لَوْ أَبْرَأَ الْمَكَاتَبُ عَنِ النُّجُومِ وَعَتَقَ، هَلْ [لَهُ] مُطَالَبَةُ السَّيِّدِ بِالْإِيتَاءِ؟ وَلَوْ وَهَبَ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ لِلْبَائِعِ، ثُمَّ أَفْلَسَ بِالثَّمَنِ، فَلِلْبَائِعِ الْمُضَارَبَةُ مَعَ الْغُرَمَاءِ بِلَا خِلَافٍ ; لِأَنَّ الْمَوْهُوبَ غَيْرُ الْمُسْتَحِقِّ وَهُوَ الثَّمَنُ. وَفِي الصُّورَةِ السَّابِقَةِ، الْمَوْهُوبُ هُوَ الْمُسْتَحِقُّ، فَالْهِبَةُ تَعْجِيلٌ عَلَى قَوْلٍ. وَطَرَدَ الْحَنَّاطِيُّ الْخِلَافَ فِي مَسْأَلَةِ الْفَلَسِ. وَلَوِ ادَّعَى عَيْنًا وَأَخَذَهَا بِبَيِّنَةٍ ثُمَّ وَهَبَهَا لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ، ثُمَّ رَجَعَ الشُّهُودُ وَقُلْنَا بِتَغْرِيمِ شُهُودِ الْمَالِ، فَهَلْ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ تَغْرِيمُ الشُّهُودِ؟ فِيهِ طَرِيقَانِ. أَحَدُهُمَا: عَلَى وَجْهَيْنِ أَخْذًا مِنْ هِبَةِ الصَّدَاقِ. وَالثَّانِي:
الْقَطْعُ بِالْمَنْعِ ; لِأَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لَا يَقُولُ بِحُصُولِ الْمِلْكِ بِالْهِبَةِ، بَلْ يَزْعُمُ دَوَامَ الْمِلْكِ السَّابِقِ، وَفِي الصَّدَاقِ زَالَ الْمِلْكُ حَقِيقَةً وَعَادَ بِالْهِبَةِ.
قُلْتُ: هَذَا الثَّانِي هُوَ الصَّحِيحُ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
فَرْعٌ
وَهَبَتِ الصَّدَاقَ لِلزَّوْجِ، عَلَى أَنَّهُ إِنْ طَلَّقَهَا كَانَ ذَلِكَ عَنْ مُسْتَحَقِّهِ بِالطَّلَاقِ، فَوَجْهَانِ. أَحَدُهُمَا: فَسَادُ الْهِبَةِ وَيَبْقَى الصَّدَاقُ مِلْكًا لَهَا. فَإِنْ طَلَّقَ، تَشَطَّرَ. وَالثَّانِي: يَصِحُّ وَلَا رُجُوعَ بِالطَّلَاقِ، كَمَا لَوْ عَجَّلَ الزَّكَاةَ، وَلْيَكُنِ الْوَجْهَانِ مَبْنِيَيْنِ عَلَى أَنَّ الْهِبَةَ الْمُطْلَقَةَ هَلْ تَمْنَعُ الرُّجُوعَ؟ إِنْ قُلْنَا: تَمْنَعُ، فَهَذَا تَصْرِيحٌ بِمُقْتَضَاهَا، فَيَصِحُّ وَلَا رُجُوعَ، وَإِلَّا فَتَفْسَدُ بِالشَّرْطِ الْفَاسِدِ.
فَرْعٌ
وَهَبَتْهُ نِصْفَ الصَّدَاقِ، فَطَلَّقَ قَبْلَ الدُّخُولِ. فَإِنْ قُلْنَا: هِبَةُ الْكُلِّ لَا تَمْنَعُ الرُّجُوعَ، فَهُنَا أَوْلَى وَإِلَى مَاذَا يَرْجِعُ؟ فِيهِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ. أَظْهَرُهَا: إِلَى نِصْفِ الْبَاقِي وَرُبْعِ بَدَلِ الْجُمْلَةِ. وَالثَّانِي: إِلَى نِصْفِ الْبَاقِي. وَالثَّالِثُ: يَتَخَيَّرُ، إِنْ شَاءَ أَخَذَ بَدَلَ نِصْفِ الْجُمْلَةِ، وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ نِصْفَ الْبَاقِي وَرُبْعَ بَدَلِ الْجُمْلَةِ. وَإِنْ قُلْنَا: