الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَلَوِ ارْتَدَّا مَعًا، فَلَا مُتْعَةَ عَلَى الْأَصَحِّ. وَكُلُّ فُرْقَةٍ مِنْهَا أَوْ لِسَبَبٍ فِيهَا، لَا مُتْعَةَ فِيهَا، كَرِدَّتِهَا وَإِسْلَامِهَا، وَفَسْخِهَا بِإِعْسَارِهِ، أَوْ عِتْقِهَا، أَوْ تَغْرِيرِهِ، أَوْ عَيْبِهِ، أَوْ فَسْخِهِ بِعَيْبِهَا.
وَنَقَلَ الْمُزَنِيُّ إِثْبَاتَ الْمُتْعَةِ إِذَا فَسَخَتْ بِالتَّعْيِينِ، فَجَعَلَهُ بَعْضُهُمْ قَوْلًا آخَرَ، وَأَنْكَرَهُ الْجُمْهُورُ.
وَلَوْ كَانَتْ ذِمِّيَّةً صَغِيرَةً تَحْتَ ذِمِّيٍّ، فَأَسْلَمَ أَحَدُ أَبَوَيْهَا وَانْفَسَخَ النِّكَاحُ، فَلَا مُتْعَةَ كَمَا لَوْ أَسْلَمَتْ بِنَفْسِهَا. وَلَوِ اشْتَرَى زَوْجَتَهُ، فَلَا مُتْعَةَ عَلَى الْأَظْهَرِ.
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ: إِنِ اسْتَدْعَاهُ الزَّوْجُ، وَجَبَ، وَإِنِ اسْتَدْعَاهُ السَّيِّدُ فَلَا.
فَرْعٌ
يُسَوَّى فِي الْمُتْعَةِ، الْمُسْلِمُ، وَالذِّمِّيُّ، وَالْحُرُّ، وَالْعَبْدُ، وَالْحُرَّةُ، وَالذِّمِّيَّةُ، وَهِيَ فِي كَسْبِ الْعَبْدِ، وَلِسَيِّدِ الْأَمَةِ كَالْمَهْرِ.
فَصْلٌ
الْمُسْتَحَبُّ أَنْ يُمَتِّعَهَا ثَلَاثِينَ دِرْهَمًا، نَصَّ عَلَيْهِ فِي «الْمُخْتَصَرِ» . وَفِي الْقَدِيمِ: ثَوْبًا قِيمَتُهُ ثَلَاثُونَ دِرْهَمًا. وَفِي نَصٍّ آخَرَ: يُمَتِّعُهَا خَادِمًا، وَإِلَّا فَمِقْنَعَةً، وَإِلَّا فَبِقَدْرِ ثَلَاثِينَ دِرْهَمًا، وَلَيْسَ هُوَ اخْتِلَافًا، بَلْ نَزَّلَهَا الْأَصْحَابُ عَلَى دَرَجَاتِ الِاسْتِحْبَابِ وَقَالُوا: أَقَلُّ الْمُسْتَحَبِّ ثَلَاثُونَ دِرْهَمًا. وَفِي نَصٍّ آخَرَ: يُمَتِّعُهَا بِخَادِمٍ إِنْ كَانَ مُوسِرًا، وَبِمِقْنَعَةٍ إِنْ كَانَ مُعْسِرًا.
وَإِنْ كَانَ مُتَوَسِّطًا، فَبِقَدْرِ ثَلَاثِينَ دِرْهَمًا. وَأَمَّا الْوَاجِبُ، فَإِنْ تَرَاضَيَا بِشَيْءٍ، فَذَاكَ. وَحَكَى الْحَنَّاطِيُّ وَجْهًا: أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يُحَلِّلَ كُلٌّ مِنْهُمَا
صَاحِبَهُ. فَإِنْ لَمْ يَفْعَلَا، لَمْ يَبْرَأِ الزَّوْجُ، وَلَهَا رَفْعُ الْأَمْرِ إِلَى الْقَاضِي لِيُقَدِّرَهَا. وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ. وَإِنْ تَنَازَعَا، فَهَلْ يَكْفِي أَقَلُّ مَا يُتَمَوَّلُ، أَمْ يُقَدِّرُهُ الْحَاكِمُ بِاجْتِهَادِهِ؟ وَجْهَانِ.
الصَّحِيحُ الثَّانِي. وَهَلْ يُعْتَبَرُ بِحَالِهِ، أَمْ بِحَالِهَا، أَمْ بِحَالِهِمَا؟ فِيهِ أَوْجُهٌ. أَصَحُّهَا: الثَّالِثُ، وَهُوَ ظَاهِرُ نَصِّهِ فِي الْمُخْتَصَرِ.
وَهَلْ يَجُوزُ أَنْ تُزَادَ الْمُتْعَةُ عَلَى نِصْفِ مَهْرِهَا، أَمْ يُشْتَرَطُ أَنْ لَا تَزِيدَ، أَمْ يُشْتَرَطُ أَنْ لَا تَبْلُغَ نِصْفَهُ؟ فِيهِ أَوْجُهٌ. أَصَحُّهَا: الْأَوَّلُ، لِإِطْلَاقِ الْآيَةِ، وَبِهَذَا قَطَعَ الْبَغَوِيُّ وَغَيْرُهُ.
الْبَابُ السَّادِسُ فِي النِّزَاعِ فِي الصَّدَاقِ.
وَفِيهِ مَسَائِلُ.
الْأُولَى: إِذَا اخْتَلَفَ الزَّوْجَانِ فِي قَدْرِ الصَّدَاقِ أَوْ صِفَتِهِ، كَالصِّحَّةِ وَالتَّكَسُّرِ، وَالْأَجَلِ وَقَدْرِهِ، تَحَالَفَا كَالْبَيْعِ، سَوَاءٌ اخْتَلَفَا قَبْلَ الدُّخُولِ أَوْ بَعْدَهُ، أَوْ بَعْدَ انْقِضَاءِ الزَّوْجِيَّةِ، أَوِ اخْتَلَفَ وَارِثَاهُمَا أَوْ أَحَدُهُمَا وَوَارِثُ الْآخَرِ، وَيَحْلِفُ الزَّوْجَانِ عَلَى الْبَتِّ فِي النَّفْيِ وَالْإِثْبَاتِ، وَيَحْلِفُ الْوَارِثُ فِي الْإِثْبَاتِ عَلَى الْبَتِّ، وَفِي النَّفْيِ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ عَلَى الصَّحِيحِ الَّذِي عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ.
وَقِيلَ: يَحْلِفُ فِيهِ عَلَى الْبَتِّ؛ لِأَنَّ مَنْ قَطَعَ بِأَنَّ النِّكَاحَ جَرَى بِخَمْسِمِائَةٍ، فَهُوَ قَاطِعٌ بِأَنَّهُ مَا جَرَى بِأَلْفٍ.
فَإِذَا ثَبَتَ جَرَيَانُهُ بِخَمْسِمِائَةٍ، فَلَا مَعْنَى لِقَوْلِهِ: لَا أَعْلَمُهُ نَكَحَ بِأَلْفٍ. وَكَيْفِيَّةُ الْيَمِينِ وَمَنْ يَبْدَأُ بِهِ، كَمَا سَبَقَ فِي الْبَيْعِ.
فَإِذَا تَحَالَفَا، فُسِخَ الصَّدَاقُ وَرَجَعَتْ إِلَى مَهْرِ الْمِثْلِ، وَقَدْ سَبَقَ فِي الْبَيْعِ وَجْهٌ: أَنَّهُ يَنْفَسِخُ بِنَفْسِ التَّحَالُفِ، فَلْيَجِئْ هُنَا مِثْلُهُ، وَلْيَكُنْ
الْقَوْلُ فِيمَنْ يَتَوَلَّى الْفَسْخَ وَفِي الِانْفِسَاخِ بَاطِنًا عَلَى مَا سَبَقَ فِي الْبَيْعِ. وَقَدْ صَرَّحَ بِجَمِيعِ هَذَا الْحَنَّاطِيُّ، وَسَوَاءٌ فِي الرُّجُوعِ إِلَى مَهْرِ الْمِثْلِ، زَادَ عَلَى مَا تَدَّعِيهِ الْمَرْأَةُ أَمْ لَا.
وَقَالَ ابْنُ خَيْرَانَ وَابْنُ الْوَكِيلِ: إِنْ كَانَ مَهْرُ الْمِثْلِ زَائِدًا فَلَيْسَ لَهَا إِلَّا مَا ادَّعَتْهُ، وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ. هَذَا فِي الظَّاهِرِ، أَمَّا فِي الْبَاطِنِ، فَإِنْ قُلْنَا: لَا يَنْفَسِخُ، لَمْ يَخْفَ مَا يَحِلُّ لَهَا.
الثَّانِيَةُ: ادَّعَتْ مُسَمًّى، فَأَنْكَرَ الزَّوْجُ أَصْلَ التَّسْمِيَةِ، فَوَجْهَانِ. أَحَدُهُمَا: الْقَوْلُ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ. وَأَصَحُّهُمَا: يَتَحَالَفَانِ لِأَنْ يَقُولَ: الْوَاجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ، وَهِيَ تَدَّعِي الْمُسَمَّى، فَحَاصِلُهُ الِاخْتِلَافُ فِي قَدْرِ الْمَهْرِ، فَيَتَحَالَفَانِ.
وَإِنَّمَا يَحْسُنُ وَضْعُ الْمَسْأَلَةِ إِذَا كَانَ مَا تَدَّعِيهِ أَكْثَرَ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ. وَلَوْ أَنْكَرَتْ تَسْمِيَةَ مَهْرٍ وَادَّعَاهَا الزَّوْجُ، فَهَلِ الْقَوْلُ قَوْلُهَا، أَمْ يَتَحَالَفَانِ؟ الْقِيَاسُ مَجِيءُ الْوَجْهَيْنِ. وَلَوِ ادَّعَى أَحَدُهُمَا التَّفْوِيضَ، وَالْآخَرُ التَّسْمِيَةَ، فَإِنْ أَوْجَبْنَا الْمَهْرَ فِي التَّفْوِيضِ بِالْعَقْدِ، فَهُوَ كَمَا لَوِ ادَّعَى أَحَدُهُمَا السُّكُوتَ، وَالْآخَرُ التَّسْمِيَةَ، وَإِلَّا فَالْأَصْلُ عَدَمُ التَّسْمِيَةِ مِنْ جَانِبٍ، وَعَدَمُ التَّفْوِيضِ مِنْ جَانِبٍ.
وَلَوِ ادَّعَى أَحَدُهُمَا التَّفْوِيضَ وَالْآخَرُ أَنَّهُ لَمْ يَجْرِ لِلْمَهْرِ ذِكْرٌ، فَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ الْقَوْلُ قَوْلَ الثَّانِي.
الثَّالِثَةُ: إِذَا حَكَمْنَا بِالتَّحَالُفِ، فَحَلَفَ أَحَدُهُمَا وَنَكَلَ الْآخَرُ، حَكَمْنَا لِلْحَالِفِ. وَمَنْ أَقَامَ بَيِّنَةً، حَكَمْنَا بِهَا. وَلَوْ أَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ مُخْتَلِفَتَيْنِ فِي قَدْرِ الْمَهْرِ، فَوَجْهَانِ.
أَحَدُهُمَا: يُحْكَمُ بِبَيِّنَةِ الْمَرْأَةِ لِاشْتِمَالِهَا عَلَى الزِّيَادَةِ. وَالثَّانِي: يَتَعَارَضَانِ إِذَا قُلْنَا بِالتَّسَاقُطِ، فَكَأَنَّ لَا بَيِّنَةَ، فَيَتَحَالَفَانِ. وَإِنْ قُلْنَا بِالْقُرْعَةِ، فَهَلْ يَحْتَاجُ مَنْ خَرَجَتْ قُرْعَتُهُ إِلَى الْيَمِينِ؟ وَجْهَانِ.
الرَّابِعَةُ: ادَّعَتِ النِّكَاحَ وَمَهْرَ الْمِثْلِ، وَاعْتَرَفَ الزَّوْجُ بِالنِّكَاحِ وَأَنْكَرَ الْمَهْرَ، أَوْ سَكَتَ عَنْهُ وَلَمْ يَدَّعِ التَّفْوِيضَ وَلَا إِخْلَاءَ النِّكَاحِ عَنْ ذِكْرِ الْمَهْرِ، حَكَى
الْغَزَالِيُّ فِيهِ وَجْهَيْنِ. أَحَدُهُمَا وَيُنْسَبُ إِلَى الْقَاضِي حُسَيْنٍ: يَثْبُتُ لَهَا الْمَهْرُ إِذَا حَلَفَتْ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ مَعَهَا، فَإِنَّ النِّكَاحَ يُوجِبُ مَهْرَ الْمِثْلِ إِذَا لَمْ تَكُنْ تَسْمِيَةٌ صَحِيحَةٌ. وَأَصَحُّهُمَا عِنْدَ الْغَزَالِيِّ: أَنَّهُ لَا يَثْبُتُ مَهْرُ مِثْلِهَا بِيَمِينِهَا، بَلْ يَتَحَالَفَانِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَنْكِحُهَا بِأَقَلِّ مَا يُتَمَوَّلُ، وَهَذَا الَّذِي فَرَضَهُ لَا يَكَادُ يُتَصَوَّرُ، فَإِنَّ التَّحَالُفَ أَنْ يَحْلِفَ كُلُّ وَاحِدٍ عَلَى إِثْبَاتِ مَا يَزْعُمُهُ، وَنَفْيِ مَا زَعَمَهُ صَاحِبُهُ.
وَالْمَفْرُوضُ مِنْ جِهَةِ الزَّوْجِ إِنْكَارٌ مُطْلَقٌ، فَلَا مَعْنَى لِلتَّحَالُفِ. وَلَمْ يَذْكُرِ الرُّويَانِيُّ الْخِلَافَ هَكَذَا، بَلْ قَالَ: قَالَ مَشَايِخُ طَبَرِسْتَانَ: الْقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجِ وَعَلَيْهَا الْبَيِّنَةُ، وَالْحَقُّ أَنَّهُ لَا يُسْمَعُ إِنْكَارُهُ لِاعْتِرَافِهِ بِمَا يَقْتَضِي الْمَهْرَ، وَلَكِنْ يُكَلَّفُ الْبَيَانَ.
فَإِنْ ذَكَرَ قَدْرًا وَادَّعَتْ زِيَادَةً، تَحَالَفَا. وَإِنْ أَصَرَّ عَلَى الْإِنْكَارِ، رُدَّتِ الْيَمِينُ عَلَيْهَا وَقُضِيَ لَهَا بِهَا. قَالَ الرُّويَانِيُّ: وَرَأَيْتُ جَمَاعَةً مِنَ الْمُحَقِّقِينَ بِخُرَاسَانَ وَالْعِرَاقِ يُفْتُونَ بِهَذَا، وَهُوَ الْقَدِيمُ.
وَلَوِ ادَّعَتْ زَوْجِيَّةً وَمَهْرًا مُسَمًّى يُسَاوِي مَهْرَ الْمِثْلِ، وَقَالَ الزَّوْجُ: لَا أَدْرِي، أَوْ سَكَتَ، قَالَ الْإِمَامُ: ظَاهِرُ مَا ذَكَرَهُ الْقَاضِي، أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهَا لِمَا سَبَقَ أَنَّ النِّكَاحَ اقْتَضَى مَهْرَ الْمِثْلِ.
قَالَ: وَالَّذِي يَقْتَضِيهِ قِيَاسُ الْمَذْهَبِ، أَنَّ دَعْوَاهَا مُتَوَجِّهَةٌ بِذَلِكَ الْقَدْرِ، وَلَا يُسْمَعُ مِنْهُ التَّرَدُّدُ، بَلْ يَحْلِفُ عَلَى نَفْيِ مَا تَدَّعِيهِ. فَإِنْ نَكَلَ، رُدَّتِ الْيَمِينُ عَلَيْهَا وَقُضِيَ بِيَمِينِهَا.
ثُمَّ حُكِيَ عَنِ الْقَاضِي عَلَى قِيَاسِ الْوَجْهِ الْمَنْسُوبِ إِلَيْهِ، أَنَّهُ لَوْ قَالَ: هَذَا ابْنِي مِنْ فُلَانَةَ، اسْتَحَقَّتْ عَلَيْهِ مَهْرَ الْمِثْلِ إِذَا حَلَفَتْ؛ لِأَنَّهُ إِقْرَارٌ بِالْوَطْءِ ظَاهِرًا؛ لِأَنَّ اسْتِدْخَالَ الْمَاءِ بَعِيدٌ، وَالْوَطْءَ الْمُحَرَّمَ [هُوَ] الَّذِي يَحْصُلُ مِنْهُ الْوَلَدُ النَّسِيبُ ظَاهِرًا، وَهُوَ يَقْتَضِي الْمَهْرَ.
وَقِيَاسُ ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ، أَنَّهُ يُؤْمَرُ بِالْبَيَانِ إِذَا أَنْكَرَ مَا ادَّعَتْهُ. فَإِنْ أَصَرَّ عَلَى الْإِنْكَارِ، رُدَّتِ الْيَمِينُ عَلَيْهَا.
فَرْعٌ
قَالَ الْمُتَوَلِّي: لَوْ مَاتَ الزَّوْجُ وَادَّعَتْ عَلَى الْوَارِثِ أَنَّ الزَّوْجَ سَمَّى لَهَا أَلْفًا، فَقَالَ الْوَارِثُ: لَا أَعْلَمُ كَمْ سَمَّى، لَمْ يَتَحَالَفَا، بَلْ يَحْلِفُ الْوَارِثُ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ. فَإِذَا حَلَفَ، قُضِيَ لَهَا بِمَهْرِ الْمِثْلِ.
قُلْتُ: هَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ الْمُتَوَلِّي حَكَاهُ الْإِمَامُ عَنِ الْقَاضِي حُسَيْنٍ، ثُمَّ قَالَ: هُوَ مُشْكِلٌ عَلَى قِيَاسِ الْمَذْهَبِ، قَالَ: وَالْقِيَاسُ أَنْ يُحْكَمَ بِانْقِطَاعِ الْخُصُومَةِ، يَحْلِفُ الْوَارِثُ، وَالْقَدْرُ الثَّابِتُ عَلَى قَطْعٍ هُوَ أَقَلُّ مَا يُتَمَوَّلُ، وَالْمُخْتَارُ بَلِ الصَّوَابُ قَوْلُ الْمُتَوَلِّي وَالْقَاضِي، وَقَدْ نَصَّ عَلَيْهِ قَبْلَهُمَا الْقَفَّالُ شَيْخُ طَرِيقَةِ خُرَاسَانَ، وَقَدْ حَكَاهُ عَنْهُ الرَّافِعِيُّ فِي الْبَابِ الثَّانِي مِنْ «الدَّعْوَى وَالْبَيِّنَاتِ» ، وَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِ خِلَافًا، وَلَمْ أَرَ لِأَحَدٍ مِنَ الْأَصْحَابِ خِلَافًا، وَدَلِيلُهُ أَنَّ تَعَذُّرَ مُعَرَّفَةِ الْمُسَمَّى، كَعَدَمِهِ مِنْ أَصْلِهِ، وَلِهَذَا نُوجِبُ مَهْرَ الْمِثْلِ فِي التَّحَالُفِ وَإِنْ كَانَ هُنَاكَ مُسَمًّى زَائِدٌ أَوْ نَاقِصٌ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
الْخَامِسَةُ: اخْتَلَفَ الزَّوْجُ وَوَلِيُّ الصَّغِيرَةِ أَوِ الْمَجْنُونَةِ، فَقَالَ الْوَلِيُّ: زَوَّجْتُكَهَا بِأَلْفَيْنِ، فَقَالَ: بَلْ بِأَلْفٍ. فَوَجْهَانِ. أَصَحُّهُمَا عِنْدَ الْأَصْحَابِ: يَتَحَالَفَانِ.
وَالثَّانِي: لَا، فَعَلَى هَذَا تُوقَفُ إِلَى بُلُوغِهَا فَيَتَحَالَفَانِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَحْلِفَ الزَّوْجُ، وَيُوقَفَ يَمِينُهَا إِلَى بُلُوغِهَا.
وَإِذْ قُلْنَا: يَحْلِفُ الْوَلِيُّ، فَذَلِكَ إِذَا ادَّعَى زِيَادَةً عَلَى مَهْرِ الْمِثْلِ، وَالزَّوْجُ مُعْتَرِفٌ بِمَهْرِ الْمِثْلِ. وَأَمَّا إِذَا ادَّعَى الزَّوْجُ نِكَاحَهَا بِدُونِ مَهْرِ الْمِثْلِ، فَلَا تَحَالُفَ؛ لِأَنَّهُ يَثْبُتُ مَهْرُ الْمِثْلِ وَإِنْ نَقَصَ الْوَلِيُّ.
وَلَوْ ذَكَرَ الزَّوْجُ قَدْرًا يَزِيدُ عَلَى مَهْرِ الْمِثْلِ، وَادَّعَى الْوَلِيُّ زِيَادَةً عَلَيْهِ، لَمْ يَتَحَالَفَا كَيْلَا يَرْجِعَ الْوَاجِبُ إِلَى مَهْرِ الْمِثْلِ، بَلْ يَأْخُذُ الْوَلِيُّ مَا يَقُولُهُ الزَّوْجُ.
وَلَوِ ادَّعَى الْوَلِيُّ مَهْرَ الْمِثْلِ أَوْ
أَكْثَرَ، وَذَكَرَ الزَّوْجُ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ، فَهَلْ يَتَحَالَفَانِ، أَمْ يُؤْخَذُ بِمَا قَالَهُ الزَّوْجُ؟ وَجْهَانِ حَكَاهُمَا الْحَنَّاطِيُّ، وَهَذَا الْخِلَافُ الْمَذْكُورُ فِي اخْتِلَافِ الزَّوْجِ وَوَلِيِّ الصَّغِيرَةِ، يَجْرِي فِي اخْتِلَافِ الْمَرْأَةِ وَوَلِيِّ الزَّوْجِ الصَّغِيرِ، وَفِيمَا إِذَا اخْتَلَفَ وَلِيَّا الزَّوْجَيْنِ الصَّغِيرَيْنِ.
وَلَوْ بَلَغَتِ الصَّغِيرَةُ قَبْلَ التَّحَالُفِ، حَلَفَتْ هِيَ وَلَا يَحْلِفُ الْوَلِيُّ. وَادَّعَى الْبَغَوِيُّ الِاتِّفَاقَ عَلَيْهِ. وَلَوِ اخْتَلَفَ وَلِيُّ الْبِكْرِ الْبَالِغَةِ وَزَوْجُهَا، فَالصَّحِيحُ أَنَّهَا هِيَ الَّتِي تَحْلِفُ.
وَقِيلَ: يَحْلِفُ الْوَلِيُّ لِأَنَّهُ الْعَاقِدُ، قَالَهُ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَغَيْرُهُ. وَمَنْ قَالَ بِهَذَا لَا يُسَلِّمُ فِي الصَّغِيرَةِ إِذَا بَلَغَتْ أَنَّ الْيَمِينَ عَلَيْهَا.
وَالْخِلَافُ فِي حَلِفِ الْوَلِيِّ يَجْرِي فِي الْوَكِيلِ فِي النِّكَاحِ، وَفِي وَكِيلِ الْبَائِعِ مَعَ الْمُشْتَرِي، وَوَكِيلِ الْمُشْتَرِي مَعَ الْبَائِعِ، وَفِي وَكِيلَيْهِمَا، وَمِنْهُمْ مَنْ رَتَّبَ وَقَالَ: إِنْ لَمْ يَحْلِفِ الْوَلِيُّ، فَالْوَكِيلُ أَوْلَى، وَإِلَّا فَوَجْهَانِ لِقُوَّةِ الْوِلَايَةِ.
فَرْعٌ
إِذَا قُلْنَا: يَحْلِفُ الْوَلِيُّ فَنَكَلَ، فَهَلْ يُقْضَى بِيَمِينِ صَاحِبِهِ، أَمْ يُوقَفُ حَتَّى تَبْلُغَ الصَّبِيَّةُ وَتَفِيقَ الْمَجْنُونَةُ فَلَعَلَّهَا تَحْلِفُ؟ فِيهِ وَجْهَانِ نَقَلَهُمَا الْحَنَّاطِيُّ.
فَرْعٌ
جَمِيعُ مَا ذَكَرْنَا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، هُوَ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِإِنْشَاءِ الْوَلِيِّ، أَمَّا مَا لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ، بِأَنِ ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ أَتْلَفَ مَالَ الطِّفْلِ، فَأَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَنَكَلَ، فَهَلْ يَحْلِفُ الْيَمِينَ الْمَرْدُودَةَ إِتْمَامًا لِلْخُصُومَةِ وَاسْتِخْلَاصًا لِحَقِّ الصَّبِيِّ، أَمْ لَا لِأَنَّهُ لَا يَتَعَلَّقُ بِإِنْشَائِهِ؟ وَجْهَانِ.
أَصَحُّهُمَا: الثَّانِي. وَعَلَى هَذَا لَا يُقْضَى بِالنُّكُولِ، بَلْ يَتَوَقَّفُ حَتَّى يَبْلُغَ الصَّبِيُّ. وَفِي وَجْهٍ: لَا تُعْرَضُ الْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَيُتَوَقَّفُ فِي أَصْلِ
الْخُصُومَةِ. وَأَفْتَى الْقَفَّالُ فِيمَا إِذَا ادَّعَى الْوَلِيُّ عَلَى رَجُلٍ دَيْنًا وَرِثَهُ الصَّبِيُّ وَأَقَامَ بَيِّنَةً بِهِ، فَقَالَ الْخَصْمُ: كُنْتُ قَضَيْتُهُ، أَوْ أَبْرَأَنِي مُوَرِّثُهُ، أَنَّهُ لَا يَحْلِفُ الْوَلِيُّ، بَلْ يَحْلِفُ الصَّبِيُّ إِذَا بَلَغَ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ بِذَلِكَ. وَلَوْ أَقَرَّ الْقَيِّمُ بِمَا قَالَهُ الْخَصْمُ، انْعَزَلَ وَأَقَامَ الْقَاضِي غَيْرَهُ. وَلَوِ ادَّعَى أَنَّ هَذَا الْقَيِّمَ قَبَضَهُ وَأَنْكَرَ، حَلَفَ.
السَّادِسَةُ: ادَّعَتْ عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ نَكَحَهَا يَوْمَ الْخَمِيسِ بِأَلْفٍ، وَنَكَحَهَا يَوْمَ السَّبْتِ بِأَلْفٍ، وَطَلَبَتِ الْأَلْفَيْنِ، سُمِعَتْ دَعْوَاهَا لِإِمْكَانِ ثُبُوتِ الْأَلْفَيْنِ بِأَنْ يَطَأَهَا يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَيَخْلَعَهَا ثُمَّ يَنْكِحَهَا يَوْمَ السَّبْتِ، وَإِذَا ثَبَتَ الْعَقْدَانِ بِالْبَيِّنَةِ، أَوْ بِإِقْرَارِهِ، أَوْ بِيَمِينِهَا بَعْدَ نُكُولِهِ، لَزِمَهُ الْأَلْفَانِ، وَلَا يَحْتَاجُ إِلَى التَّعَرُّضِ لِتَخَلُّلِ الْفُرْقَةِ، وَلَا لِحُصُولِ الْأَصْلِ؛ لِأَنَّ كُلَّ عِقْدٍ مِنْهُمَا ثَبَتَ مُسَمَّاهُ وَالْأَصْلُ بَقَاؤُهُ.
فَإِنِ ادَّعَى أَنَّ الْعَقْدَ الثَّانِيَ كَانَ إِظْهَارًا لِلْأَوَّلِ لَا إِنْشَاءً، لَمْ يُقْبَلْ. وَهَلْ لَهُ تَحْلِيفُ الْمَرْأَةِ عَلَى نَفْيِ ذَلِكَ؟ وَجْهَانِ حَكَاهُمَا فِي «الْعُدَّةِ» أَصَحُّهُمَا: لَهُ.
فَإِنِ ادَّعَى عَلَى أَنَّهُ لَمْ يُصِبْهَا فِي النِّكَاحِ الْأَوَّلِ، صُدِّقَ بِيَمِينِهِ، وَلَا يُطَالَبُ مِنَ الْمَهْرِ الْأَوَّلِ إِلَّا بِالنِّصْفِ، وَتَكُونُ مَعَهُ بِطَلْقَتَيْنِ. وَلَوِ ادَّعَى فِي النِّكَاحِ الثَّانِي الطَّلَاقَ قَبْلَ الْإِصَابَةِ، صُدِّقَ بِيَمِينٍ، وَقُنِعَ مِنْهُ بِنِصْفِ الْمَهْرِ الثَّانِي أَيْضًا.
وَلَوِ ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ اشْتَرَى مِنْهُ كَذَا يَوْمَ الْخَمِيسِ بِأَلْفٍ، ثُمَّ يَوْمَ الْجُمُعَةِ بِأَلْفٍ، وَطَالَبَهُ بِالثَّمَنَيْنِ، لَزِمَهُ الثَّمَنَانِ إِذَا ثَبَتَ الْعَقْدَانِ كَمَا فِي الْمَهْرَيْنِ.
السَّابِعَةُ: رَجُلٌ يَمْلِكُ أَبَوَيْ حُرَّةٍ، فَنَكَحَهَا عَلَى أَحَدِهِمَا مُعَيِّنًا، ثُمَّ اخْتَلَفَا، فَقَالَ:
أَصْدَقْتُكِ أَبَاكِ فَقَالَتْ: بَلْ أُمِّي، فَوَجْهَانِ. أَصَحُّهُمَا: يَتَحَالَفَانِ.
وَالثَّانِي: يُصَدَّقُ الزَّوْجُ بِيَمِينِهِ فِي أَنَّهُ لَمْ يَصْدُقْهَا أُمَّهَا، وَتَحْلِفُ هِيَ أَنَّهُ لَمْ يَصْدُقْهَا الْأَبَ، وَلَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا، وَيُعْتَقُ الْأَبُ بِإِقْرَارِ الزَّوْجِ أَنَّهُ أَصْدَقَهَا الْأَبَ لِتَضَمُّنِهِ الْإِقْرَارَ؛ لِأَنَّهُ عَتَقَ عَلَيْهَا وَلَا غُرْمَ عَلَى الْمَرْأَةِ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تُفَوِّتْ عَلَيْهِ شَيْئًا، فَصَارَ كَمَا لَوْ قَالَ لِرَجُلٍ: بِعْتُكَ أَبَاكَ فَأَنْكَرَ، عَتَقَ عَلَيْهِ بِإِقْرَارِهِ.
إِنْ قُلْنَا بِالتَّحَالُفِ فَحَلَفَا، عَتَقَ الْأَبُ بِإِقْرَارِ الزَّوْجِ، وَلَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا، وَلَيْسَ عَلَيْهَا قِيمَةُ الْأَبِ، وَوَلَاؤُهُ مَوْقُوفٌ؛ لِأَنَّ الزَّوْجَ يَقُولُ: هُوَ لَهَا، وَهِيَ تُنْكِرُهُ. وَإِنْ حَلَفَتْ دُونَهُ، عَتَقَ الْأَبَوَانِ.
أَمَّا الْأَبُ، فَبِإِقْرَارِهِ، وَأَمَّا الْأُمُّ، فَلِأَنَّا حَكَمْنَا بِكَوْنِهَا صَدَاقًا، وَلَيْسَ عَلَيْهَا قِيمَةٌ وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا. وَإِنْ حَلَفَ دُونَهَا، رَقَّتِ الْأُمُّ، وَعَتَقَ الْأَبُ، وَوَلَاؤُهُ مَوْقُوفٌ.
وَإِنْ لَمْ يَحْلِفْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا، عَتَقَ الْأَبُ، وَلَا تَتَمَكَّنُ هِيَ مِنْ طَلَبِ الْمَهْرِ؛ لِأَنَّ مَنِ ادَّعَى شَيْئًا وَنَكَلَ عَنِ الْيَمِينِ بَعْدَ الرَّدِّ، كَانَ كَمَنْ لَمْ يَدَّعِ شَيْئًا.
وَلَوْ قَالَ الزَّوْجُ: أَصْدَقْتُكِ أَبَاكِ وَنِصْفَ أُمِّكِ وَقَالَتْ: بَلْ أَصْدَقْتَنِي كِلَيْهِمَا، تَحَالَفَا بِلَا خِلَافٍ؛ لِأَنَّ الِاخْتِلَافَ هُنَا فِي قَدْرِ الصَّدَاقِ. فَإِذَا حَلَفَا، فَلَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ وَتُعْتِقُ، وَعَلَيْهَا قِيمَتُهُ لِاتِّفَاقِهِمَا أَنَّهُ عَتَقَ عَلَيْهَا بِحُكْمِ الصَّدَاقِ، فَلَمَّا تَحَالَفَا بَطَلَ الصَّدَاقُ، وَلَا سَبِيلَ إِلَى رَدِّ الْعِتْقِ فَوَجَبَتِ الْقِيمَةُ، كَمَا لَوِ اشْتَرَى عَبْدًا فَأَعْتَقَهُ، ثُمَّ اخْتَلَفَا فِي الثَّمَنِ وَتَحَالَفَا.
وَأَمَّا الْأُمُّ، فَيُعْتَقُ عَلَيْهَا نِصْفُهَا. فَإِنْ كَانَتْ مُوسِرَةً، عَتَقَ الْبَاقِي بِالسِّرَايَةِ وَعَلَيْهَا قِيمَةُ مَا يُعْتَقُ مِنْهَا، وَيَجِيءُ التَّقَاصُّ.
وَلَوْ حَلَفَ الزَّوْجُ دُونَهَا، عَتَقَ الْأَبُ وَنِصْفُ الْأُمِّ، وَلَا سِرَايَةَ إِنْ كَانَتْ مُعْسِرَةً، وَلَا شَيْءَ لَهَا وَلَا عَلَيْهَا؛ لِأَنَّا حَكَمْنَا بِيَمِينِهِ أَنَّ الصَّدَاقَ هُوَ الْأَبُ وَنِصْفُ الْأُمِّ.
وَلَوْ حَلَفَتْ دُونَهُ، حُكِمَ بِكَوْنِهِمَا صَدَاقًا وَعِتْقًا، وَلَا شَيْءَ عَلَيْهَا. وَلَوْ قَالَتْ: أَصْدَقْتَنِي الْأُمَّ وَنِصْفَ الْأَبِ، فَقَالَ: لَا بَلِ الْأَبَ وَنِصْفَ الْأُمِّ، تَحَالَفَا. فَإِذَا حَلَفَا،
فَلَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ، وَيُعْتَقُ مِنَ الْأَبِ نِصْفُهُ لِاتِّفَاقِهِمَا، وَنِصْفُهُ بِإِقْرَارِ الزَّوْجِ وَعَلَيْهَا قِيمَةُ مَا اتَّفَقَا عَلَيْهِ. وَأَمَّا الْأُمُّ، فَيُعْتَقُ نِصْفُهَا بِاتِّفَاقِهِمَا، وَيَسْرِي إِلَى الْبَاقِي إِنْ كَانَتْ مُوسِرَةً، وَعَلَيْهَا قِيمَةُ مَا عَتَقَ مِنْهَا.
الثَّامِنَةُ: اخْتَلَفَا فِي أَدَاءِ الْمَهْرِ، فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا بِيَمِينِهَا، سَوَاءٌ اخْتَلَفَا قَبْلَ الدُّخُولِ أَوْ بَعْدَهُ. فَلَوِ اتَّفَقَا عَلَى قَبْضِ مَالٍ، فَقَالَ: دَفَعْتُهُ صَدَاقًا وَقَالَتْ: بَلْ هَدِيَّةٌ.
فَإِنِ اتَّفَقَا عَلَى أَنَّهُ تَلَفَّظَ وَاخْتَلَفَا، هَلْ قَالَ: خُذِي هَذَا صَدَاقًا أَمْ قَالَ: هَدِيَّةٌ؟ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ. وَإِنِ اتَّفَقَا أَنَّهُ لَمْ يَجْرِ لَفْظٌ، وَاخْتَلَفَا فِيمَا نَوَى، فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ أَيْضًا.
وَقِيلَ: بِلَا يَمِينٍ، وَسَوَاءٌ كَانَ الْمَقْبُوضُ مِنْ جِنْسِ الصَّدَاقِ أَمْ غَيْرِهِ، طَعَامًا أَمْ غَيْرَهُ. فَإِذَا حَلَفَ الزَّوْجُ، فَإِنْ كَانَ الْمَقْبُوضُ مِنْ جِنْسِ الصَّدَاقِ، وَقَعَ عَنْهُ، وَإِلَّا فَإِنْ رَضِيَا بِبَيْعِهِ بِالصَّدَاقِ، فَذَاكَ، وَإِلَّا اسْتَرَدْهُ وَأَدَّى الصَّدَاقَ. فَإِنْ كَانَ تَالِفًا، فَلَهُ الْبَدَلُ عَلَيْهَا وَقَدْ يَقَعُ فِي التَّقَاصِّ.
[وَلَوْ] بَعَثَ إِلَى بَيْتِ مَنْ لَا دَيْنَ لَهُ عَلَيْهِ شَيْئًا ثُمَّ قَالَ: بَعَثْتُهُ بِعِوَضٍ، وَأَنْكَرَ الْمَبْعُوثُ إِلَيْهِ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمَبْعُوثِ إِلَيْهِ.
التَّاسِعَةُ: ادَّعَى دَفْعَ الصَّدَاقِ إِلَى وَلِيِّ الصَّغِيرَةِ وَالْمَجْنُونَةِ، أَوِ السَّفِيهَةِ، سُمِعَتْ دَعْوَاهُ. وَإِنِ ادَّعَى دَفْعَهُ إِلَى وَلِيِّ الْبَالِغَةِ الرَّاشِدَةِ، لَمْ يُسْمَعِ الدَّعْوَى عَلَيْهَا، إِلَّا أَنْ يَدَّعِيَ إِذْنَهَا، وَسَوَاءٌ الْبِكْرُ وَالثَّيِّبُ. وَفِي الْبِكْرِ وَجْهٌ،
[وَ] الْخِلَافُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْوَلِيَّ، هَلْ يَمْلِكُ قَبْضَ مَهْرِ الْبِكْرِ الرَّشِيدَةِ؟ وَالْمَذْهَبُ مَنْعُهُ. وَفِيهِ قَوْلٌ أَوْ وَجْهٌ.
وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ يُثْبِتْهُ وَقَطَعَ بِالْأَوَّلِ. وَإِذَا قُلْنَا بِالْمَذْهَبِ، فَاسْتَأْذَنَهَا