الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قُلْتُ: هَذَا الِاعْتِرَاضُ الثَّانِي فَاسِدٌ، كَمَا لَوِ اشْتَرَى الْوَكِيلُ مَعِيبًا، بِخِلَافِ قُوَّةِ وَلَايَةِ الْأَبِ. وَفِي الِاعْتِرَاضِ الْأَوَّلِ أَيْضًا نَظَرٌ، وَالرَّاجِحُ الْمُخْتَارُ مَا ذَكَرَهُ الْبَغَوِيُّ. - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.
فَرْعٌ
قَالَ: اقْبَلْ لِي نِكَاحَ فُلَانَةٍ عَلَى عَبْدِكَ هَذَا، فَفَعَلَ، صَحَّ النِّكَاحُ. وَفِي الْعَبْدِ وَجْهَانِ. أَحَدُهُمَا: لَا تَمْلِكُهُ الْمَرْأَةُ، بَلْ عَلَى الْعَبْدِ مَهْرُ الْمِثْلِ. وَالثَّانِي: تَمْلِكُهُ. وَهَلْ هُوَ قَرْضٌ، أَمْ هِبَةٌ؟ وَجْهَانِ.
الطَّرَفُ السَّادِسُ: فِيمَا يَلْزَمُ الْوَلِيَّ. فَإِنْ كَانَ مُجْبَرًا، فَقَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ عَلَيْهِ الْإِجَابَةَ إِلَى التَّزْوِيجِ إِذَا طُلِبَتْ. وَيَلْزَمُهُ تَزْوِيجُ الْمَجْنُونَةِ وَالْمَجْنُونِ عِنْدَ الْحَاجَةِ بِظُهُورِ أَمَارَاتِ التَّوَقَانِ، أَوْ بِتَوَقُّعِ الشِّفَاءِ عِنْدَ إِشَارَةِ الْأَطِبَّاءِ، وَلَا يَلْزَمُهُ تَزْوِيجُ وَلَدَيْهِ الصَّغِيرِ وَالصَّغِيرَةِ لِعَدَمِ الْحَاجَةِ. فَلَوْ ظَهَرَتِ الْغِبْطَةُ فِي تَزْوِيجِهِمَا، فَفِي الْوُجُوبِ احْتِمَالٌ لِلْإِمَامِ، كَمَا إِذَا طَلَبَ مَالَهُ بِزِيَادَةٍ، يَجِبُ الْبَيْعُ. وَالْوُجُوبُ فِي الصَّغِيرِ أَبْعَدُ، لِلُزُومِ الْمُؤَنِ. أَمَّا غَيْرُ الْمُجْبَرِ، فَإِنْ تَعَيَّنَ، كَأَخٍ وَاحِدٍ، لَزِمَهُ الْإِجَابَةُ إِذَا طُلِبَتْ كَالْمُجْبَرِ، وَيَجِيءُ فِيهِ الْخِلَافُ الْمَذْكُورُ هُنَاكَ. وَإِنْ لَمْ يَتَعَيَّنْ كَإِخْوَةٍ، فَطُلِبَتْ مِنْ بَعْضِهِمْ، وَجَبَتْ عَلَى الْأَصَحِّ. وَلَوْ عَضَلَ الْوَاحِدُ أَوِ الْجَمْعُ، زَوَّجَ السُّلْطَانُ كَمَا سَبَقَ.
فَصْلٌ
إِذَا قَبِلَ الْأَبُ لِلصَّغِيرِ أَوِ الْمَجْنُونِ نِكَاحًا بِصَدَاقٍ مِنْ مَالِ الِابْنِ، فَإِنْ كَانَ عَيْنًا، فَذَاكَ، وَلَا تَعَلُّقَ لَهُ بِالْأَبِ. وَإِنْ كَانَ دَيْنًا، فَقَوْلَانِ. الْقَدِيمُ: أَنَّ الْأَبَ يَكُونُ ضَامِنًا
لِلْمَهْرِ بِالْعَقْدِ. وَالْجَدِيدُ: لَا يَكُونُ ضَامِنًا، إِلَّا أَنْ يَضْمَنَ صَرِيحًا، كَمَا لَوِ اشْتَرَى لِطِفْلِهِ شَيْئًا. فَإِنْ كَانَ الثَّمَنُ عَلَيْهِ، لَا عَلَى الْأَبِ، قَالَ ابْنُ كَجٍّ: الْقَوْلَانِ فِيمَا إِذَا أَطْلَقَ. فَإِنْ شَرَطَهُ عَلَى الِابْنِ، فَعَلَى الِابْنِ قَطْعًا.
ثُمَّ قَالَ الْعِرَاقِيُّونَ وَعَامَّةُ الْأَصْحَابِ: الْقَوْلَانِ إِذَا لَمْ يَكُنْ لِلِابْنِ مَالٌ. فَإِنْ كَانَ، فَالْأَبُ غَيْرُ ضَامِنٍ قَطْعًا. وَقِيلَ بِطَرْدِ الْقَوْلَيْنِ. فَإِنْ قُلْنَا بِالْجَدِيدِ، فَتَبَرَّعَ بِالْأَدَاءِ، لَمْ يَرْجِعْ، وَكَذَا الْأَجْنَبِيُّ. وَإِنْ ضَمِنَ صَرِيحًا، وَغَرِمَ، فَقَصْدُ الرُّجُوعِ هُنَا بِمَنْزِلَةِ إِذْنِ الْمَضْمُونِ عَنْهُ. فَإِنْ ضَمِنَ بِقَصْدِ الرُّجُوعِ، وَغَرِمَ بِقَصْدِ الرُّجُوعِ، رَجَعَ، وَإِلَّا، فَعَلَى الْخِلَافِ الْمَذْكُورِ فِي الضَّمَانِ بِغَيْرِ الْإِذْنِ. وَإِنْ ضَمِنَ بِشَرْطِ بَرَاءَةِ الْأَصِيلِ، قَالَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ: إِنْ لَمْ نُصَحِّحِ الضَّمَانَ بِشَرْطِ بَرَاءَةِ الْأَصِيلِ، فَهَذَا ضَمَانٌ فَاسِدٌ شُرِطَ فِي الصَّدَاقِ. وَقَدْ سَبَقَ ذِكْرُ قَوْلَيْنِ فِي أَنَّ شَرْطَ الضَّمَانِ الْفَاسِدِ أَوِ الرَّهْنِ الْفَاسِدِ فِي عَقْدٍ هَلْ يُفْسِدُ الْعَقْدَ؟ وَإِنْ صَحَّحْنَا الضَّمَانَ بِشَرْطِ بَرَاءَةِ الْأَصِيلِ، فَالشَّرْطُ هُنَا فَاسِدٌ، لِأَنَّهُ لَا دَيْنَ فِي ذِمَّةِ الْمَعْقُودِ لَهُ. وَإِذَا فَسَدَ الشَّرْطُ، فَفِي فَسَادِ الضَّمَانِ وَجْهَانِ سَبَقَا فِي «الضَّمَانِ» . فَإِنْ قُلْنَا بِالْقَدِيمِ، فَغَرِمَ، قَالَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ وَالشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ: لَا يَرْجِعُ عَلَى الِابْنِ، لِأَنَّهُ غَرِمَ بِالشَّرْعِ، كَمَا لَا تَرْجِعُ الْعَاقِلَةُ عَلَى الْجَانِي. وَاعْتَرَضَ الْإِمَامُ فَقَالَ: الْمُطَالَبَةُ مُتَوَجِّهَةٌ عَلَى الِابْنِ، بِخِلَافِ الْجَانِي. فَعَلَى هَذَا، يَرْجِعُ إِنْ قَصَدَ الرُّجُوعَ عِنْدَ الْأَدَاءِ، وَبِهَذَا قَطَعَ الْبَغَوِيُّ. وَلَوْ شَرَطَ الْأَبُ أَنْ لَا يَكُونَ ضَامِنًا، فَعَنِ الْقَاضِي: أَنَّهُ يَبْطُلُ الْعَقْدُ عَلَى الْقَدِيمِ. قَالَ الْإِمَامُ: وَهَذَا وَهْمٌ مِنَ النَّاقِلِينَ عَنْهُ، فَإِنَّ النِّكَاحَ لَا يَفْسُدُ بِمِثْلِ ذَلِكَ، وَلَعَلَّهُ قَالَ: يَبْطُلُ الشَّرْطُ وَيَلْزَمُ الضَّمَانُ.