الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تَرُدُّ أَحَدَ النِّصْفَيْنِ وَحْدَهُ، جَازَ عَلَى الْأَصَحِّ لِتَعَدُّدِ الْعَقْدِ. وَالثَّانِي: الْمَنْعُ لِتَضَرُّرِ التَّبْعِيضِ. وَلَوْ قَالَ: زَوَّجْتُكَ بِنْتِي أَوْ جَارِيَتِي، وَبِعْتُكَ عَبْدَهَا أَوْ عَبْدِي بِكَذَا، فَفِي صِحَّةِ الْبَيْعِ وَالصَّدَاقِ قَوْلَانِ ذَكَرْنَاهُمَا فِي تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ. فَإِنْ صَحَّحْنَاهُمَا، وُزِّعَ الْعِوَضُ الْمَذْكُورُ عَلَى مَهْرِ الْمِثْلِ وَقِيمَةِ الْعَبْدِ، فَمَا خَصَّ مَهْرُ الْمِثْلِ فَهُوَ صَدَاقٌ. وَإِذَا وَجَدَ الزَّوْجُ بِالْعَبْدِ عَيْبًا، اسْتَرَدَّ الثَّمَنَ وَلَيْسَ لِلْمَرْأَةِ رَدُّ الْبَاقِي وَالرُّجُوعُ إِلَى مَهْرِ الْمِثْلِ ; لِأَنَّ الْمُسَمَّى صَحِيحٌ. وَإِنْ رَدَّ الْعَبْدَ بِعَيْبٍ، أَوْ فَسَخَ النِّكَاحَ قَبْلَ الدُّخُولِ بِعَيْبٍ، رَجَعَ إِلَيْهِ جَمِيعُ الْعِوَضِ الْمَذْكُورِ.
وَإِنْ خَرَجَ الْعِوَضُ الْمُعَيَّنُ مُسْتَحَقًّا، رَدَّ الْعَبْدَ وَرَجَعَتْ لِلصَّدَاقِ إِلَى مَهْرِ الْمِثْلِ عَلَى الْأَظْهَرِ. وَعَلَى الثَّانِي: إِلَى حِصَّةِ الصَّدَاقِ مِنْهُ.
فَرْعٌ
لِبِنْتِهِ مِائَةُ دِرْهَمٍ، فَقَالَ لِرَجُلٍ: زَوَّجْتُكَ بِنْتِي وَمَلَّكْتُكَ هَذِهِ الدَّرَاهِمَ بِهَاتَيْنِ الْمِائَتَيْنِ لَكَ، فَالْبَيْعُ وَالصَّدَاقُ بَاطِلَانِ، نَصَّ عَلَيْهِ فِي «الْأُمِّ» لِأَنَّهُ رِبًا، فَإِنَّهُ مَسْأَلَةُ مَدِّ عَجْوَةٍ. فَلَوْ كَانَ مِنْ أَحَدِ الطَّرَفَيْنِ دَنَانِيرُ، كَانَ جَمْعًا بَيْنَ صَدَاقٍ وَصَرْفٍ، وَفِيهِ الْقَوْلَانِ.
فَصْلٌ
جَمَعَ نِسْوَةً فِي عَقْدٍ بِصَدَاقٍ وَاحِدٍ، وَهَذَا يُتَصَوَّرُ عِنْدَ اتِّحَادِ الْوَلِيِّ، بِأَنْ يَكُونَ
لَهُ بَنَاتٌ بَنِينَ، أَوْ إِخْوَةٌ، أَوْ أَعْمَامٌ، أَوْ مُعَتَقَاتٌ. وَيُتَصَوَّرُ مَعَ تَعَدُّدِ الْوَلِيِّ، بِأَنْ وَكَلَّ أَوْلِيَاءُ نِسْوَةٍ رَجُلًا، فَالنِّكَاحُ صَحِيحٌ. وَفِي الصَّدَاقِ طَرِيقَانِ. أَحَدُهُمَا: الْقَطْعُ بِفَسَادِهِ. وَأَصَحُّهُمَا: عَلَى قَوْلَيْنِ. أَظْهَرُهُمَا: فَسَادُهُ. وَيَجْرِي الطَّرِيقَانِ فِيمَا لَوْ خَالَعَ نِسْوَةً عَلَى عِوَضٍ وَاحِدٍ، هَلْ يَفْسُدُ الْعِوَضُ؟ وَأَمَّا الْبَيْنُونَةُ، فَتَحْصُلُ قَطْعًا.
وَنَصَّ الشَّافِعِيُّ، رضي الله عنه، أَنَّهُ لَوِ اشْتَرَى عَبِيدًا لِمُلَّاكِ صَفْقَةٍ مِنَ الْمَالِكَيْنِ، أَوْ وَكِيلِهِمْ، بَطَلَ الْبَيْعُ. وَلَوْ كَانَتْ عَبِيدًا بِعِوَضٍ وَاحِدٍ، صَحَّتِ الْكِتَابَةُ. وَاخْتَلَفُوا فِي الْبَيْعِ وَالْكِتَابَةِ، الَّذِينَ قَالُوا فِي النِّكَاحِ وَالْخُلْعِ قَوْلَانِ، عَلَى أَرْبَعِ طُرُقٍ. أَحَدُهَا: طَرْدُ الْقَوْلَيْنِ فِيهِمَا. وَالثَّانِي: يَفْسُدُ الْبَيْعُ. وَفِي الْكِتَابَةِ قَوْلَانِ. وَالثَّالِثُ: تَصِحُّ الْكِتَابَةُ. وَفِي الْبَيْعِ قَوْلَانِ. وَالرَّابِعُ: تَصِحُّ الْكِتَابَةُ وَيَفْسُدُ الْبَيْعُ وَإِنْ أَفْرَدَتْ.
قُلْتُ: فِي الْبَيْعِ طَرِيقَانِ. أَصَحُّهُمَا: طَرْدُ الْقَوْلَيْنِ، وَالثَّانِي: الْقَطْعُ بِالْفَسَادِ، وَبِهِ قَالَ الْإِصْطَخْرِيُّ. وَفِي الْكِتَابَةِ، طَرِيقَانِ. أَصَحُّهُمَا: قَوْلَانِ.
وَالثَّانِي: الْقَطْعُ بِالصِّحَّةِ. وَإِذَا قُلْنَا بِصِحَّةِ الصَّدَاقِ الْمُسَمَّى، وُزِّعَ الْمُسَمَّى عَلَى نِسْبَةِ مُهُورِ أَمْثَالِهِنَّ عَلَى الْمَذْهَبِ. وَفِي وَجْهٍ أَوْ قَوْلٍ ضَعِيفٍ: يُوَزَّعُ الْمُسَمَّى عَلَى عَدَدِ رُءُوسِهِنَّ. وَإِذَا قُلْنَا بِفَسَادِ الصَّدَاقِ، فَفِيمَ يَجِبُ لَهُنَّ قَوْلَانِ كَمَا لَوْ أَصْدَقَهَا خَمْرًا. أَظْهَرُهُمَا: يَجِبُ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ مَهْرُ مِثْلِهَا. وَالثَّانِي: يُوَزَّعُ الْمُسَمَّى عَلَى مُهُورِ أَمْثَالِهِنَّ، وَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ مَا يَقْتَضِيهِ التَّوْزِيعُ، وَيَكُونُ الْحَاصِلُ لَهُنَّ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ كَالْمُسَمَّى إِذَا قُلْنَا بِصِحَّتِهِ. وَلَوْ زَوَّجَ أَمَتَيْهِ بِعَبْدٍ عَلَى صَدَاقٍ وَاحِدٍ، صَحَّ الصَّدَاقُ ; لِأَنَّ الْمُسْتَحَقَّ وَاحِدٌ كَبَيْعِ عَبْدَيْنِ بِثَمَنٍ. وَلَوْ كَانَ لَهُ أَرْبَعُ بَنَاتٍ، وَلِآخَرَ أَرْبَعُ بَنِينَ، فَزَوَّجَهُنَّ بِهِمْ صَفْقَةً بِمَهْرٍ وَاحِدٍ بِأَنْ قَالَ: زَوَّجْتُ بِنْتِيِ فُلَانَةً ابْنَكَ فَلَانًا،
وَفُلَانَةً فَلَانًا بِأَلْفٍ، فَفِيهِ طَرِيقَانِ حَكَاهُمَا الْمُتَوَلِّي. أَحَدُهُمَا: فِي صِحَّةِ الصَّدَاقِ الْقَوْلَانِ. وَالثَّانِي: الْقَطْعُ بِبُطْلَانِهِ لِتَعَدُّدِ الْمَعْقُودِ لَهُ مِنَ الْجَانِبَيْنِ.
السَّبَبُ الرَّابِعُ: أَنْ يَتَضَمَّنَ إِثْبَاتُ الصَّدَاقِ رَفْعُهُ.
نُقَدِّمُ عَلَيْهِ أَنَّ الْأَبَ إِذَا زَوَّجَ ابْنَهُ الصَّغِيرَ أَوِ الْمَجْنُونَ، فَإِمَّا أَنْ يُصْدِقَ مِنْ مَالِ الِابْنِ، وَإِمَّا مِنْ مَالِ نَفْسِهِ. فَإِنْ أَصْدَقَ مِنْ مَالِ الِابْنِ، فَالْكَلَامُ فِي أَنَّهُ [هَلْ] يَصِيرُ ضَامِنًا لِلصَّدَاقِ إِذَا كَانَ دَيْنًا؟ وَهَلْ يَرْجِعُ إِذَا غُرِّمَ عَلَى مَا سَبَقَ فِي الطَّرَفِ السَّادِسِ مِنْ بَابِ بَيَانِ الْأَوْلِيَاءِ؟ فَإِنْ تَطَوَّعَ وَأَدَّاهُ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ ثُمَّ بَلَغَ الِابْنُ وَطَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ، فَهَلْ يُرْجَعُ النِّصْفُ إِلَى الْأَبِ أَمْ إِلَى الِابْنِ؟ فِيهِ طَرِيقَانِ. أَحَدُهُمَا وَبِهِ قَالَ الدَّارَكِيُّ: إِنَّهُ عَلَى الْوَجْهَيْنِ فِيمَا لَوْ تَبَرَّعَ أَجْنَبِيٌّ عَلَى الزَّوْجِ بِأَدَاءِ الصَّدَاقِ ثُمَّ طَلَّقَ قَبْلَ الدُّخُولِ، هَلْ يَعُودُ النِّصْفُ إِلَى الزَّوْجِ لِأَنَّ الطَّلَاقَ مِنْهُ، أَمْ إِلَى الْأَجْنَبِيِّ الْمُتَبَرِّعِ؟ وَالطَّرِيقُ الثَّانِي وَهُوَ الْمَذْهَبُ وَبِهِ قَطَعَ الْجُمْهُورُ: أَنَّهُ يَعُودُ إِلَى الِابْنِ، وَفَرَّقُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأَجْنَبِيِّ، بِأَنَّ الْأَبَ يَتَمَكَّنُ مِنْ تَمْلِيكِ الِابْنِ فَيَكُونُ مُوجِبًا قَابِلًا قَابِضًا مُقْبِضًا، فَإِذَا حَصَلَ الْمِلْكُ، ثُمَّ صَارَ لِلْمَرْأَةِ عَادَ إِلَيْهِ بِالطَّلَاقِ، وَالْأَجْنَبِيُّ بِخِلَافِهِ. فَإِنْ كَانَ الِابْنُ بَالِغًا، وَأَدَّى الْأَبُ عَنْهُ، فَكَالْأَجْنَبِيِّ.
وَالْأَصَحُّ فِي صُورَةِ الْأَجْنَبِيِّ، عَوْدُ النِّصْفُ إِلَى الْأَجْنَبِيِّ، قَالَهُ الْإِمَامُ: فَإِذَا قُلْنَا: يَعُودُ إِلَى الِابْنِ الَّذِي طَلَّقَ، فَإِنْ كَانَ مَا أَخَذَهُ بِالطَّلَاقِ بَدَلَ مَا أَخَذَتْهُ، فَلَا رُجُوعَ لِلْأَبِ، وَإِنْ كَانَ عَيْنَ الْمَأْخُوذِ، فَقِيلَ: لَا رُجُوعَ قَطْعًا. وَقِيلَ: عَلَى الْوَجْهَيْنِ فِيمَنْ وَهَبَ لِابْنِهِ عَيْنًا فَزَالَ مِلْكُهُ عَنْهَا ثُمَّ عَادَ، وَالْمَذْهَبُ الْمَنْعُ. فَإِنْ كَانَ الِابْنُ بَالِغًا، فَقِيلَ: كَالصَّغِيرِ. وَقِيلَ بِالْمَنْعِ قَطْعًا ; لِأَنَّهُ [لَيْسَ] لِلْأَبِ تَمْلِيكُهُ،
فَالْأَدَاءُ عَنْهُ مَحْضُ إِسْقَاطٍ. أَمَّا إِذَا أَصْدَقَهَا الْأَبُ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ، فَيَجُوزُ وَيَكُونُ تَبَرُّعًا مِنْهُ عَلَى الِابْنِ. قَالَ الْبَغَوِيُّ: سَوَاءٌ كَانَ عَيْنًا أَوْ دَيْنًا. ثُمَّ لَوْ بَلَغَ الصَّبِيُّ وَطَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ، عَادَ الْخِلَافُ فِيمَنْ يَرْجِعُ إِلَيْهِ النِّصْفُ. فَإِنْ قُلْنَا بِالْمَذْهَبِ وَهُوَ الْعَوْدُ إِلَى الِابْنِ، فَإِنْ كَانَ أَصْدَقَهَا عَيْنًا وَبَقِيتْ بِحَالِهَا فَرَجَعَ النِّصْفُ إِلَيْهِ، فَهَلْ لِلْأَبِ الرُّجُوعُ؟ فِيهِ الْخِلَافُ الْمَذْكُورُ فِيمَا إِذَا زَالَ مِلْكُ الِابْنِ عَنِ الْمَوْهُوبِ ثُمَّ عَادَ. وَإِنْ أَصْدَقَهَا دَيْنًا، قَالَ الْبَغَوِيُّ: فَلَا رُجُوعَ فِيمَا حَصَلَ، كَمَا لَوِ اشْتَرَى لِابْنِهِ الصَّغِيرِ شَيْئًا فِي الذِّمَّةِ ثُمَّ أَدَّاهُ مِنْ مَالِهِ، ثُمَّ وَجَدَ الِابْنُ بِالْمَبِيعِ عَيْبًا فَرَدَّهُ، يَسْتَرِدُّ الثَّمَنَ وَلَا يَرْجِعُ الْأَبُ فِيهِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ خَرَجَ الْمَبِيعُ مُسْتَحَقًّا يَعُودُ الثَّمَنُ إِلَى الْأَبِ ; لِأَنَّهُ بَانَ أَنَّهُ لَمْ يَصِحَّ الْأَدَاءُ. وَلَوِ ارْتَدَّتِ الْمَرْأَةُ قَبْلَ الدُّخُولِ، فَالْقَوْلُ فِيمَنْ يَعُودُ إِلَيْهِ كُلُّ الصَّدَاقِ وَفِي رُجُوعِ الْأَبِ فِيهِ إِذَا عَادَ إِلَى الِابْنِ، كَالْقَوْلِ فِي النِّصْفِ عِنْدِ الطَّلَاقِ.
إِذَا عَرَفْتَ هَذِهِ الْمُقَدِّمَةَ، فَمِنْ مُفْسِدَاتِ الصَّدَاقِ أَنْ يَلْزَمَ مِنْ إِثْبَاتِهِ رَفْعُهُ، وَذَلِكَ إِمَّا أَنْ يَكُونَ بِتَوَسُّطِ تَأْثِيرِهِ فِي رَفْعِ النِّكَاحِ، وَإِمَّا بِغَيْرِ هَذَا التَّوَسُّطِ. مِثَالُ الْقِسْمِ الْأَوَّلِ، أَذِنَ لِعَبْدِهِ أَنْ يَنْكِحَ حُرَّةً وَيَجْعَلَ رَقَبَتَهُ صَدَاقًا لَهَا فَفَعَلَ، لَا يَصِحُّ الصَّدَاقُ ; لِأَنَّهُ لَوْ صَحَّ لَمَلَكَتْ زَوْجَهَا وَانْفَسَخَ النِّكَاحُ، وَارْتَفَعَ الصَّدَاقُ، وَلَا يَصِحُّ أَيْضًا النِّكَاحُ ; لِأَنَّهُ قَارَنَهُ مَا يُضَادُّهُ، وَفِي صِحَّتِهِ احْتِمَالٌ لِبَعْضِ الْأَئِمَّةِ.
قُلْتُ: هَذَا الِاحْتِمَالُ، ذَكَرَهُ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ قَالَا: وَلَكِنْ لَا صَائِرَ إِلَيْهِ مِنَ الْأَصْحَابِ، وَقَدْ جَزَمَ بِهِ صَاحِبُ «الشَّامِلِ» ذَكَرَهُ فِي آخِرِ «بَابِ الشِّغَارِ» ، وَلَكِنَّ الَّذِي عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ، الْجَزْمُ بِبُطْلَانِ النِّكَاحِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَلَوْ أَذِنَ لَهُ فِي نِكَاحِ أَمَةٍ، وَيَجْعَلُ رَقَبَتَهُ صَدَاقَهَا، فَفَعَلَ، صَحَّ النِّكَاحُ وَالصَّدَاقُ ; لِأَنَّ الْمَهْرَ لِلسَّيِّدِ لَا لَهَا. فَلَوْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ، بُنِيَ عَلَى مَا إِذَا بَاعَ السَّيِّدُ عَبْدَهُ
بَعْدَمَا نَكَحَ بِإِذْنِهِ ثُمَّ طَلَّقَ الْعَبْدُ الْمَنْكُوحَةَ بَعْدَ أَدَاءِ الْمَهْرِ وَقَبْلَ الدُّخُولِ، إِلَى مَنْ يَعُودُ النِّصْفُ؟ وَفِيهِ أَوْجُهٌ. أَصَحُّهَا: إِلَى الْمُشْتَرِي، سَوَاءٌ أَدَّاهُ الْبَائِعُ مِنْ مَالَ نَفْسِهِ أَوْ مِنْ كَسْبِ الْعَبْدِ، قَبْلَ الْبَيْعِ أَوْ بَعْدَهُ ; لِأَنَّ الْمِلْكَ فِي النِّصْفِ إِنَّمَا حَصَلَ بِالطَّلَاقِ، وَالطَّلَاقُ فِي مِلْكِ الْمُشْتَرِي، فَأَشْبَهَ سَائِرَ الْإِكْسَابِ.
وَالثَّانِي: يَعُودُ إِلَى الْبَائِعِ بِكُلِّ حَالٍ. وَالثَّالِثُ: إِنْ أَدَّاهُ الْبَائِعُ مِنْ عِنْدِهِ أَوْ أَدَّى مِنْ كَسْبِ الْعَبْدِ قَبْلَ الْبَيْعِ، عَادَ إِلَى الْبَائِعِ، وَإِنْ أَدَّى مِنْ كَسْبِهِ بَعْدَ الْبَيْعِ، عَادَ إِلَى الْمُشْتَرِي، وَلَوْ فَسَخَ أَحَدُهُمَا النِّكَاحَ بِعَيْبٍ، أَوِ ارْتَدَّتْ، أَوْ عَتَقَتْ وَفَسَخَتْ، جَرَتْ الْأَوْجُهُ فِي أَنَّ كُلَّ الصَّدَاقِ إِلَى مَنْ يَعُودُ؟ وَلَوْ أُعْتِقَ الْعَبْدُ ثُمَّ طَلَّقَ قَبْلَ الدُّخُولِ، أَوْ حَدَثَ شَيْءٌ مِنَ الْأَسْبَابِ الْمَذْكُورَةِ، فَحَيْثُ نَقُولُ بِالْعَوْدِ إِلَى الْبَائِعِ، يَعُودُ هُنَا إِلَى الْمُعْتِقِ، وَحَيْثُ جَعَلْنَاهُ لِلْمُشْتَرِي، يَكُونُ هُنَا لِلْعَتِيقِ. فَإِنْ قُلْنَا بِالْأَصَحِّ وَهُوَ الْعَوْدُ إِلَى الْمُشْتَرِي، فَفِي الْمَسْأَلَةِ الَّتِي كُنَّا فِيهَا تَبْقَى رَقَبَةُ الْعَبْدِ كُلُّهَا لِمَالِكِ الْأَمَةِ. وَإِنْ قُلْنَا بِالْعَوْدِ إِلَى الْبَائِعِ، فَكَذَا هُنَا يَعُودُ النِّصْفُ إِلَى السَّيِّدِ الْمُصْدِقِ فِي صُورَةِ الطَّلَاقِ، وَلَوِ ارْتَدَّتْ أَوْ فَسَخَتْ بِعَيْبٍ، عَادَ الْكُلُّ إِلَيْهِ. وَلَوْ أَعْتَقَ مَالِكُ الْأَمَةِ الْعَبْدَ ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ، أَوْ فَسَخَتْ أَوِ ارْتَدَّتْ، فَعَلَى الْمُعَتِقِ نِصْفُ قِيمَةِ الْعَبْدِ فِي صُورَةِ الطَّلَاقِ، وَجَمِيعُهَا فِي الْفَسْخِ [وَ] الرِّدَّةِ، وَيَكُونُ ذَلِكَ لِلزَّوْجِ الْعَتِيقِ عَلَى الْأَصَحِّ، وَلِسَيِّدِهِ الْأَوَّلِ عَلَى الْوَجْهِ الْآخَرِ. وَلَوْ قَبِلَ نِكَاحَ أَمَةٍ لِعَبْدِهِ الرَّضِيعِ عَلَى قَوْلِنَا: يَجُوزُ إِجْبَارُ الْعَبْدِ الصَّغِيرِ عَلَى النِّكَاحِ وَجَعْلِهِ صَدَاقَهَا، فَأَرْضَعَتِ الْأَمَةُ زَوْجَهَا وَانْفَسَخَ النِّكَاحُ، فَالْعَبْدُ يَبْقَى لِمَالِكِ الْأَمَةِ عَلَى الْأَصَحِّ. وَعَلَى الْوَجْهِ الْآخَرِ: يَعُودُ إِلَى سَيِّدِهِ الْأَوَّلِ. وَلَوِ ارْتَضَعَ الصَّغِيرُ بِنَفْسِهِ، فَهُوَ كَالطَّلَاقِ قَبْلَ
الدُّخُولِ. وَلَوْ بَاعَ مَالِكُ الْأَمَةِ الْعَبْدَ ثُمَّ طَلَّقَ الْعَبْدُ قَبْلَ الدُّخُولِ، وَحَصَلَتْ رِدَّةٌ، أَوْ فَسَخَتْ، فَعَلَى الْوَجْهِ الْمُقَابِلِ لِلْأَصَحِّ: يَجِبُ عَلَيْهِ لِسَيِّدِ الْعَبْدِ الْأَوَّلِ نِصْفُ قِيمَةِ الْعَبْدِ فِي صُورَةِ الطَّلَاقِ، وَجَمِيعُ قِيمَتِهِ فِي سَائِرِ الصُّوَرِ. وَأَمَّا عَلَى الْوَجْهِ الْأَصَحِّ، فَقَدْ أَطْلَقَ فِي «التَّهْذِيبِ» أَنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ. وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ: يَرْجِعُ مُشْتَرِي الْعَبْدِ عَلَيْهِ بِنِصْفِ الْقِيمَةِ أَوْ بِجَمِيعِهَا ; لِأَنَّ الصَّدَاقَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ يَكُونُ أَبَدًا لِمَنْ لَهُ الْعَبْدُ يَوْمَ الطَّلَاقِ أَوِ الْفَسْخِ، وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ، وَلِيُتَأَوَّلَ مَا فِي «التَّهْذِيبِ» عَلَى أَنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِلسَّيِّدِ الْأَوَّلِ. وَلَوْ بَاعَ الْأَمَةَ ثُمَّ طَلَّقَ، أَوْ فَسَخَتْ، فَعَلَى الْأَصَحِّ يَبْقَى الْعَبْدُ لَهُ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَعَلَى الْآخَرِ يَعُودُ نِصْفُهُ أَوْ كُلُّهُ إِلَى السَّيِّدِ الْأَوَّلِ.
مِثَالُ الْقِسْمِ الثَّانِي: كَانَتْ أُمَّ ابْنِهِ الصَّغِيرِ فِي مِلْكِهِ، بِأَنِ اسْتَوْلَدَ أَمَةَ غَيْرِهِ بِنِكَاحٍ، ثُمَّ مَلَكَهَا هِيَ وَوَلَدَهَا، فَيُعْتَقُ عَلَيْهِ الْوَلَدُ دُونَهَا. فَلَوْ قَبِلَ لِابْنِهِ نِكَاحَ امْرَأَةٍ وَأَصْدَقَهَا أَمَةً، لَمْ يَصِحَّ الصَّدَاقُ ; لِأَنَّ مَا يَجْعَلُهُ صَدَاقًا يَدْخُلُ فِي مِلْكِ الِابْنِ أَوَّلًا، ثُمَّ يَنْتَقِلُ إِلَى الْمَرْأَةِ، وَلَوْ دَخَلَتْ فِي مِلْكِهِ، لَعَتَقَتْ عَلَيْهِ وَامْتَنَعَ انْتِقَالُهَا إِلَى الزَّوْجَةِ، فَيَصِحُّ النِّكَاحُ وَيَفْسُدُ الصَّدَاقُ، وَيَجِيءُ الْخِلَافُ فِي أَنَّ الْوَاجِبَ مَهْرُ الْمِثْلِ أَمْ قِيمَتُهَا؟ هَذَا مَا ذَكَرَهُ الْأَصْحَابُ. وَقَدْ ذَكَرْنَا خِلَافًا فِيمَا إِذَا أَصْدَقَ الْأَبُ مِنْ مَالِهِ عَنِ الصَّغِيرِ، ثُمَّ بَلَغَ وَطَلَّقَ قَبْلَ الدُّخُولِ ; لِأَنَّ النِّصْفَ يَرْجِعُ إِلَى الْأَبِ أَوْ إِلَى الِابْنِ. فَمَنْ قَالَ: إِلَى الْأَبِ، فَقَدْ يُنَازِعُ فِي قَوْلِهِمْ: لَا يَدْخُلُ فِي مِلْكِهَا حَتَّى يَدْخُلَ فِي مِلْكِ الِابْنِ.
السَّبَبُ الْخَامِسُ: تَفْرِيطُ الْوَلِيِّ فِي قَدْرِ الْمَهْرِ. فَإِذَا قَبِلَ لِابْنِهِ الصَّغِيرِ أَوْ