الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَرْعٌ
نَكَحَهَا مُفَوَّضَةً، وَيَعْتَقِدُونَ أَنْ لَا مَهْرَ لِلْمُفَوَّضَةِ بِحَالٍ، ثُمَّ أَسْلَمَ، فَلَا مَهْرَ وَإِنْ كَانَ إِسْلَامُهُمَا قَبْلَ الدُّخُولِ، لِأَنَّهُ اسْتَحَقَّ وَطْئًا بِلَا مَهْرٍ.
فَصْلٌ
إِذَا تَرَافَعَ إِلَيْنَا ذِمِّيَّانِ فِي نِكَاحٍ أَوْ غَيْرِهِ، إِنْ كَانَا مُتَّفِقَيِ الْمِلَّةِ، وَجَبَ الْحُكْمُ بَيْنَهُمَا عَلَى الْأَظْهَرِ عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ، لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى:(وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ)[الْمَائِدَةِ: 49] وَلِأَنَّهُ يَجِبُ الذَّبُّ عَنْهُمْ كَالْمُسْلِمِينَ. وَالثَّانِي: لَا يَجِبُ، لَكِنْ لَا نَتْرُكُهُمْ عَلَى النِّزَاعِ، بَلْ نَحْكُمُ أَوْ نَرُدُّهُمْ إِلَى حَاكِمِ مِلَّتِهِمْ، وَرَجَّحَهُ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَابْنُ الصَّبَّاغِ. وَقِيلَ: يَجِبُ الْحُكْمُ بَيْنَهُمْ فِي حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى، وَالْقَوْلَانِ فِي غَيْرِهَا لِئَلَّا تَضِيعَ، وَقِيلَ: عَكْسُهُ، وَالْأَصَحُّ طَرْدُهُمَا فِي الْجَمِيعِ. وَإِنْ كَانَا مُخْتَلِفَيِ الْمِلَّةِ، كَيَهُودِيٍّ وَنَصْرَانِيٍّ، وَجَبَ الْحُكْمُ عَلَى الْمَذْهَبِ، لِأَنَّ كُلًّا لَا يَرْضَى بِمِلَّةِ صَاحِبِهِ. وَقِيلَ بِالْقَوْلَيْنِ. وَلَوْ تَرَافَعَ مُعَاهَدَانِ، لَمْ يَجِبِ الْحُكْمُ قَطْعًا، وَإِنِ اخْتَلَفَ مِلَّتُهُمَا، لِأَنَّهُمْ لَمْ يَلْتَزِمُوا حُكْمَنَا، وَلَمْ نَلْتَزِمْ دَفْعَ بَعْضِهِمْ عَنْ بَعْضٍ. وَقِيلَ: هُمَا كَالذِّمِّيِّينَ. وَقِيلَ: إِنِ اخْتَلَفَ مِلَّتُهُمَا، وَجَبَ، وَالْمَذْهَبُ الْأَوَّلُ. وَلَوْ تَرَافَعَ ذِمِّيٌّ وَمُعَاهَدٌ، فَكَالذِّمِّيِّينَ. وَقِيلَ: يَجِبُ قَطْعًا. وَإِنْ تَرَافَعَ مُسْلِمٌ وَذِمِّيٌّ أَوْ مُعَاهَدٌ، وَجَبَ قَطْعًا.
فَرْعٌ
قَالَ الْأَصْحَابُ عَلَى اخْتِلَافِ طَبَقَاتِهِمْ: إِنْ قُلْنَا: وَجَبَ الْحُكْمُ بَيْنَ الْكَافِرِينَ،
فَاسْتَعْدَى خَصْمٌ عَلَى خَصْمٍ، وَجَبَ إِعْدَاؤُهُ وَإِحْضَارُ خَصْمِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمَا، وَلَزِمَ الْمُسْتَعْدَى عَلَيْهِ الْحُضُورُ. وَإِنْ قُلْنَا: لَا يَجِبُ الْحُكْمُ، لَمْ يَجِبِ الْإِعْدَاءُ، وَلَا يَلْزَمُهُ الْحُضُورُ، وَلَا يَحْضُرُ قَهْرًا. قَالَ الْبَغَوِيُّ وَغَيْرُهُ: وَلَوْ أَقَرَّ ذِمِّيٌّ بِالزِّنَا، أَوْ سَرِقَةِ مَالِ مُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ، حُدَّ قَهْرًا إِنْ أَوْجَبْنَا الْحُكْمَ بَيْنَهُمْ، وَإِلَّا، فَلَا يُحَدُّ إِلَّا بِرِضَاهُ، فَاعْتَبَرَ الْأَصْحَابُ الرِّضَى عَلَى قَوْلِ عَدَمِ الْوُجُوبِ، وَلَمْ يَعْتَبِرُوهُ عَلَى قَوْلِ الْوُجُوبِ. وَأَمَّا قَوْلُ الْغَزَالِيِّ: لَا يَجِبُ الْحُكْمُ إِلَّا إِذَا رَضِيَا جَمِيعًا، فَمَرْدُودٌ مُخَالِفٌ لِمَا عَلَيْهِ الْأَصْحَابُ.
فَرْعٌ
سَوَاءٌ أَوْجَبْنَا الْحُكْمَ بَيْنَهُمْ، أَمْ لَا، إِنَّمَا نَحْكُمُ بِحُكْمِ الْإِسْلَامِ. وَإِذَا تَحَاكَمُوا فِي أَنْكِحَتِهِمْ، فَنُقِرُّ مَا نُقِرُّهُ لَوْ أَسْلَمُوا، وَنُبْطِلُ مَا لَا نُقِرُّهُ لَوْ أَسْلَمُوا.
فَإِذَا نَكَحَ بِلَا وَلِيٍّ وَشُهُودٍ، أَوْ ثَيِّبًا بِلَا إِذْنِهَا أَوْ مُعْتَدَّةً مُنْقَضِيَةَ الْعِدَّةِ عِنْدَ التَّرَافُعِ وَتَرَافَعَا، حَكَمْنَا بِالتَّقْرِيرِ وَالنَّفَقَةِ. فَلَوْ كَانَتْ بَعْدُ فِي الْعِدَّةِ، أَبْطَلْنَاهُ وَلَمْ نُوجِبْ نَفَقَةً. وَلَوْ نَكَحَ مَجُوسِيٌّ مَحْرَمًا، وَتَرَافَعَا فِي النَّفَقَةِ، أَبْطَلْنَاهُ وَلَا نَفَقَةَ. وَلَوْ طَلَبَتْ مَجُوسِيَّةٌ النَّفَقَةَ مِنَ الزَّوْجِ الْمَجُوسِيِّ أَوِ الْيَهُودِيِّ، فَوَجْهَانِ، وَكَذَا فِي تَقْرِيرِهِمَا عَلَى النِّكَاحِ. أَصَحُّهُمَا: التَّقْرِيرُ وَالْحُكْمُ بِالنَّفَقَةِ، كَمَا لَوْ أَسْلَمَا وَالْتَزَمَا الْأَحْكَامَ. وَوَجْهُ الْمَنْعِ، أَنَّهُ لَا يَجُوزُ نِكَاحُهَا فِي الْإِسْلَامِ. وَلَوْ جَاءَ كَافِرٌ تَحْتَهُ أُخْتَانِ، وَطَلَبُوا فَرْضَ النَّفَقَةِ، قَالَ الْإِمَامُ: فِيهِ تَرَدُّدٌ، لِأَنَّا نَحْكُمُ بِصِحَّةِ نِكَاحِهِمَا، وَإِنَّمَا تَنْدَفِعُ إِحْدَاهُمَا بِالْإِسْلَامِ. قَالَ: وَالَّذِي أَدَّى الْقَطْعَ بِهِ الْمَنْعُ، لِقِيَامِ الْمَانِعِ، وَحَيْثُ لَا نُقَرِّرُ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ، فَهَلْ يُعْرِضُ الْقَاضِي الْمَرْفُوعُ إِلَيْهِ عَنْهُمَا، أَمْ يُفَرِّقُ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ؟ فِيهِ وَجْهَانِ. أَصَحُّهُمَا عِنْدَ الْإِمَامِ: الْإِعْرَاضُ، وَإِنَّمَا يُفَرِّقُ إِذَا رَضُوا بِحُكْمِنَا. وَوَجْهُ التَّفْرِيقِ، أَنَّهُمْ بِالتَّرَافُعِ أَظْهَرُوا مَا يُخَالِفُ الْإِسْلَامَ، كَمَا لَوْ أَظْهَرُوا الْخَمْرَ.
فَرْعٌ
إِذَا الْتَمَسُوا مِنْ حَاكِمِ الْمُسْلِمِينَ ابْتِدَاءَ نِكَاحٍ، أَجَابَ إِنْ كَانَتِ الْمَرْأَةُ كِتَابِيَّةً وَلَمْ يَكُنْ لَهَا وَلِيٌّ كَافِرٌ، وَلَا يُزَوِّجُ إِلَّا بِشُهُودٍ مُسْلِمِينَ.
فَرْعٌ
قَالَ الْمُتَوَلِّي: لَوْ لَمْ يَتَرَافَعْ إِلَيْنَا الْمَجُوسُ، لَكِنْ عَلِمْنَا فِيهِمْ مَنْ نَكَحَ مَحْرَمًا، فَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ لَا يُتَعَرَّضُ لَهُمْ. وَحَكَى الزُّبَيْرِيُّ قَوْلًا، أَنَّ الْإِمَامَ إِذَا عَرَفَ ذَلِكَ، فَرَّقَ بَيْنَهُمَا كَمَا لَوْ عَرَفَ أَنَّ الْمَجُوسِيَّ نَكَحَ مُسْلِمَةً أَوْ مُرْتَدَّةً.
الطَّرَفُ الثَّانِي: فِيمَا إِذَا أَسْلَمَ وَتَحْتَهُ عَدَدٌ مِنَ النِّسْوَةِ، لَا يُجْمَعُ بَيْنَهُنَّ فِي الْإِسْلَامِ، وَفِيهِ صُوَرٌ.
الصُّورَةُ الْأُولَى: أَسْلَمَ وَتَحْتَهُ أَكْثَرُ مِنْ أَرْبَعِ نِسْوَةٍ، وَأَسْلَمْنَ مَعَهُ أَوْ تَخَلَّفْنَ وَهُنَّ كِتَابِيَّاتٌ، اخْتَارَ أَرْبَعًا مِنْهُنَّ، وَانْدَفَعَ فِي نِكَاحِ الْبَاقِيَاتِ. وَإِنْ كُنَّ مَجُوسِيَّاتٍ أَوْ وَثَنِيَّاتٍ وَهُنَّ مَدْخُولٌ بِهِنَّ، فَتَخَلَّفْنَ ثُمَّ أَسْلَمْنَ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ مِنْ وَقْتِ إِسْلَامِ الزَّوْجِ، فَكَذَلِكَ الْحُكْمُ، وَسَوَاءٌ فِي هَذَا كُلِّهِ نَكَحَهُنَّ مَعًا أَوْ مُرَتَّبًا. وَإِذَا نَكَحَهُنَّ مُرَتَّبًا، فَلَهُ إِمْسَاكُ الْأُخْرَيَاتِ وَمُفَارَقَةُ الْأُولَيَاتِ. وَإِذَا أَسْلَمَ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعٍ وَهُنَّ غَيْرُ مَدْخُولٍ بِهِنَّ، وَأَسْلَمْنَ مَعَهُ أَرْبَعٌ، تَقَرَّرَ نِكَاحُهُنَّ، وَارْتَفَعَ نِكَاحُ الْبَاقِيَاتِ. وَلَوْ كَانَ دَخَلَ بِهِنَّ، فَاجْتَمَعَ إِسْلَامُهُ وَإِسْلَامُ أَرْبَعٍ فَقَطْ فِي الْعِدَّةِ، تَعَيَّنَّ لِلنِّكَاحِ، حَتَّى لَوْ أَسْلَمَ أَرْبَعٌ مِنْ ثَمَانٍ وَانْقَضَتْ عِدَّتُهُنَّ، أَوْ مِتْنَ فِي الْإِسْلَامِ ثُمَّ أَسْلَمَ الزَّوْجُ وَأَسْلَمَتِ الْبَاقِيَاتُ فِي عِدَّتِهِنَّ، تَعَيَّنَتِ الْأُخْرَيَاتُ. وَلَوْ أَسْلَمَ أَرْبَعٌ، ثُمَّ أَسْلَمَ الزَّوْجُ قَبْلَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهِنَّ، وَتَخَلَّفَتِ الْبَاقِيَاتُ حَتَّى انْقَضَتْ عِدَّتُهُنَّ مِنْ وَقْتِ إِسْلَامِ الزَّوْجِ،
أَوْ مِتْنَ عَلَى الشِّرْكِ، تَعَيَّنَتِ الْأُولَيَاتُ. وَلَوْ أَسْلَمَ أَرْبَعٌ، ثُمَّ أَسْلَمَ الزَّوْجُ قَبْلَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهِنَّ، ثُمَّ أَسْلَمَ الْبَاقِيَاتُ قَبْلَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهِنَّ مِنْ وَقْتِ إِسْلَامِ الزَّوْجِ، اخْتَارَ أَرْبَعًا مِنَ الْأُولَيَاتِ وَالْأُخْرَيَاتِ كَيْفَ شَاءَ. فَإِنْ مَاتَتِ الْأُولَيَاتُ أَوْ بَعْضُهُنَّ، جَازَ لَهُ اخْتِيَارُ الْمَيِّتَاتِ، وَيَرِثُ مِنْهُمْ.
فَرْعٌ
قَبِلَ كَافِرٌ لِابْنِهِ الصَّغِيرِ نِكَاحَ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِ نِسْوَةٍ، ثُمَّ أَسْلَمَ وَأَسْلَمْنَ، انْدَفَعَ نِكَاحُ الزِّيَادَةِ عَلَى أَرْبَعٍ، لَكِنْ لَا يَخْتَارُ الصَّبِيُّ وَلَا الْوَلِيُّ، لِأَنَّهُ خِيَارُ شَهْوَةٍ، فَيُوقَفُ حَتَّى يَبْلُغَ، وَنَفَقَتُهُنَّ فِي مَالِ الصَّبِيِّ لِحَبْسِهِنَّ عَلَيْهِ، وَكَذَا لَوْ أَسْلَمَ رَجُلٌ وَجُنَّ قَبْلَ الِاخْتِيَارِ.
الصُّورَةُ الثَّانِيَةُ: أَسْلَمَ وَتَحْتَهُ أُمٌّ وَبِنْتُهَا، نَكَحَهُمَا مَعًا أَوْ مُرَتَّبًا وَأَسْلَمَتَا، أَوْ لَمْ تُسْلِمَا وَهُمَا كِتَابِيَّتَانِ، فَإِنْ كَانَ دَخَلَ بِهِمَا، حَرُمَتَا أَبَدًا. وَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ مُسَمَّاهَا إِنْ جَرَتْ تَسْمِيَةٌ صَحِيحَةٌ، وَإِلَّا، فَمَهْرُ الْمِثْلِ. وَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ بِوَاحِدَةٍ مِنْهُمَا، فَهَلْ تَتَعَيَّنُ الْبِنْتُ لِلنِّكَاحِ وَيَنْدَفِعُ نِكَاحُ الْأُمِّ، أَمْ يَتَخَيَّرُ إِحْدَاهُمَا؟ قَوْلَانِ.
أَظْهَرُهُمَا عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ: الْأَوَّلُ، وَهُمَا مَبْنِيَّانِ عِنْدَ الْجُمْهُورِ عَلَى صِحَّةِ أَنْكِحَتِهِمْ. إِنْ صَحَّحْنَاهَا، تَعَيَّنَتِ الْبِنْتُ، وَحَرُمَتِ الْأُمُّ أَبَدًا، وَإِلَّا، تَخَيَّرَ. فَإِنِ اخْتَارَ الْبِنْتَ، حَرُمَتِ الْأُمُّ أَبَدًا. وَإِنِ اخْتَارَ الْأُمَّ، انْدَفَعَتِ الْبِنْتُ، لَكِنْ لَا تَحْرُمُ مُؤَبَّدًا إِلَّا بِالدُّخُولِ بِأُمِّهَا. وَأَمَّا الْمَهْرُ، فَقَالَ ابْنُ الْحَدَّادِ: إِنْ خَيَّرْنَاهُ، فَلِلْمُفَارَقَةِ نِصْفُ الْمَهْرِ، لِأَنَّهُ دَفَعَ نِكَاحَهَا بِإِمْسَاكِ الْأُخْرَى. وَإِنْ قُلْنَا: تَتَعَيَّنُ الْبِنْتُ، فَلَا مَهْرَ لِلْأُمِّ، لِانْدِفَاعِ نِكَاحِهَا بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ. وَقَالَ الْقَفَّالُ وَغَيْرُهُ: الْحُكْمُ بِالْعَكْسِ، إِنْ خَيَّرْنَاهُ، فَلَا مَهْرَ لِلْمُفَارَقَةِ، لِأَنَّ التَّخْيِيرَ يُبْنَى عَلَى فَسَادِ نِكَاحِهِمْ، فَالْمُفَارَقَةُ كَأَنَّهُ لَمْ يَنْكِحْهَا، حَتَّى جَوَّزَ الْأَصْحَابُ
لِابْنِهِ وَأَبِيهِ نِكَاحَهَا تَفْرِيعًا عَلَى هَذَا الْقَوْلِ. وَإِذَا لَمْ يَكُنْ نِكَاحٌ، فَلَا مَهْرَ. وَإِنْ عَيَّنَّا الْبِنْتَ، فَلِلْأُمِّ نِصْفُ الْمَهْرِ، لِصِحَّةِ نِكَاحِهَا وَانْدِفَاعِهِ بِالْإِسْلَامِ. وَمَالَ الْإِمَامُ إِلَى أَنَّهُ لَا مَهْرَ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ أَيْضًا، لِأَنَّهُ صَحَّ نِكَاحُ الْبِنْتِ، فَتَصِيرُ الْأُمُّ مَحْرَمًا، وَإِيجَابُ الْمَهْرِ لِلْمَحْرَمِ بَعِيدٌ، وَقَدْ سَبَقَ نَظِيرُ هَذَا. وَإِنْ دَخَلَ بِالْبِنْتِ فَقَطْ، ثَبَتَ نِكَاحُهَا، وَحَرُمَتِ الْأُمُّ أَبَدًا، وَلَا مَهْرَ لَهَا عِنْدَ ابْنِ الْحَدَّادِ، وَلَهَا نِصْفُهُ عِنْدَ الْقَفَّالِ إِنْ صَحَّحْنَا أَنْكِحَتَهُمْ. وَإِنْ دَخَلَ بِالْأُمِّ فَقَطْ، حَرُمَتِ الْبِنْتُ أَبَدًا. وَهَلْ لَهُ إِمْسَاكُ الْأُمِّ؟ يُبْنَى عَلَى الْقَوْلَيْنِ إِذَا لَمْ يَدْخُلْ بِوَاحِدَةٍ. إِنْ خَيَّرْنَاهُ، أَمْسَكَهَا، وَإِلَّا، فَلَا، وَلَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ بِالدُّخُولِ.
(الصُّورَةُ) الثَّالِثَةُ: سَبَقَ أَنَّهُ لَوْ أَسْلَمَ وَتَحْتَهُ أَمَةٌ، وَأَسْلَمَتْ مَعَهُ، فَلَهُ إِمْسَاكُهَا إِنْ كَانَ يَحِلُّ لَهُ نِكَاحُ الْأَمَةِ، وَإِلَّا، فَلَا. فَلَوْ تَخَلَّفَتْ، نُظِرَ، إِنْ كَانَ قَبْلَ الدُّخُولِ، تَنَجَّزَتِ الْفُرْقَةُ كِتَابِيَّةً كَانَتْ أَوْ غَيْرَهَا، لِأَنَّ الْمُسْلِمَ لَا يَنْكِحُ الْأَمَةَ الْكِتَابِيَّةَ. وَإِنْ كَانَ بَعْدَ الدُّخُولِ، وَجَمَعَتِ الْعِدَّةُ إِسْلَامَهُمَا، فَهُوَ كَمَا لَوْ أَسْلَمَتْ مَعَهُ. وَإِنْ كَانَتْ كِتَابِيَّةً، وَعَتَقَتْ فِي الْعِدَّةِ، فَلَهُ إِمْسَاكُهَا. وَإِنْ لَمْ تُسْلِمْ، وَلَا عَتَقَتْ، أَوْ كَانَتْ وَثَنِيَّةً وَلَمْ تُسْلِمْ إِلَى انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ، تَبَيَّنَّا انْدِفَاعَ النِّكَاحِ مِنْ وَقْتِ إِسْلَامِهِ. وَإِنْ كَانَ تَحْتَهُ إِمَاءٌ، فَأَسْلَمَ وَأَسْلَمْنَ مَعَهُ، اخْتَارَ وَاحِدَةً مِنْهُنَّ إِنْ كَانَ مِمَّنْ تَحِلُّ لَهُ الْأَمَةُ عِنْدَ اجْتِمَاعِ إِسْلَامِهِ وَإِسْلَامِهِنَّ، وَإِلَّا، فَيَنْدَفِعُ نِكَاحُهُنَّ، سَوَاءٌ سَبَقَ إِسْلَامُهُ أَوْ سَبَقْنَهُ. وَلَوْ أَسْلَمَ وَتَحْتَهُ ثَلَاثٌ، فَأَسْلَمَتْ مَعَهُ وَاحِدَةٌ وَهُوَ مُعْسِرٌ خَائِفٌ مِنَ الْعَنَتِ، ثُمَّ أَسْلَمَتِ الثَّانِيَةُ فِي عِدَّتِهَا وَهُوَ مُوسِرٌ، ثُمَّ أَسْلَمَتِ الثَّالِثَةُ وَهُوَ مُعْسِرٌ خَائِفٌ مِنَ الْعَنَتِ، فَإِنْ قُلْنَا بِالْأَصَحِّ: إِنَّ الْيَسَارَ إِنَّمَا يُؤَثِّرُ فِي انْدِفَاعِ النِّكَاحِ إِذَا اقْتَرَنَ بِإِسْلَامِهِمَا، انْدَفَعَ نِكَاحُ الثَّانِيَةِ، لِفَقْدِ الشَّرْطِ عِنْدَ اجْتِمَاعِ إِسْلَامِهِ وَإِسْلَامِهَا، وَيُخَيَّرُ بَيْنَ الْأُولَى وَالثَّالِثَةِ. وَإِنْ قُلْنَا: يُؤَثِّرُ عِنْدَ إِسْلَامِهِ فَقَطْ، لَمْ تَنْدَفِعِ الثَّانِيَةُ، بَلْ تَدْخُلُ فِي التَّخْيِيرِ.
فَرْعٌ
أَسْلَمَ وَتَحْتَهُ إِمَاءٌ، وَأَسْلَمَتْ مَعَهُ إِحْدَاهُنَّ، فَلَهُ أَنْ يَخْتَارَهَا، وَلَهُ أَنْ يَنْتَظِرَ الْبَاقِيَاتِ. فَإِنْ أَصْرَرْنَ عَلَى الشِّرْكِ، تَبَيَّنَّا أَنَّهُنَّ بِنَّ وَقْتَ إِسْلَامِهِ، وَأَنَّ عِدَّتَهُنَّ انْقَضَتْ. وَإِنْ أَسْلَمْنَ فِي الْعِدَّةِ، نُظِرَ، إِنْ كَانَ اخْتَارَ الْمُسْلِمَةَ أَوَّلًا، كَانَتْ بَيْنُونَتُهُنَّ بِاخْتِيَارِهِ إِيَّاهَا. وَإِنْ لَمْ يَكُنِ اخْتَارَهَا، اخْتَارَ إِحْدَاهُنَّ، وَانْدَفَعَ الْبَاقِيَاتُ. وَإِنْ طَلَّقَ الْمُسْلِمَةَ أَوَّلًا، كَانَ الطَّلَاقُ مُتَضَمِّنًا اخْتِيَارَهَا. ثُمَّ إِنْ أَصَرَّ الْبَاقِيَاتُ حَتَّى انْقَضَتْ عِدَّتُهُنَّ، بَانَ أَنَّهُنَّ بِنَّ بِاخْتِلَافِ الدِّينِ. وَإِنْ أَسْلَمْنَ فِي الْعِدَّةِ، بَانَ أَنَّهُنَّ بِنَّ مِنْ وَقْتِ الطَّلَاقِ فَإِنَّهُ وَقْتُ الِاخْتِيَارِ. وَإِنْ فَسَخَ نِكَاحَ الْمُسْلِمَةِ أَوَّلًا، لَمْ يَنْفُذْ، لِأَنَّهُ إِنَّمَا يُفْسَخُ الزَّائِدُ، وَلَيْسَ فِي الْحَالِ زِيَادَةٌ، ثُمَّ إِنْ أَصْرَرْنَ، انْدَفَعْنَ بِاخْتِلَافِ الدِّينِ، وَلَزِمَ نِكَاحُ الْأُولَى. وَإِنْ أَسْلَمْنَ فِي الْعِدَّةِ، اخْتَارَ مَنْ شَاءَ مِنَ الْجَمِيعِ. وَقِيلَ: لَا يَجُوزُ اخْتِيَارُ الْأُولَى، بَلْ نَتَبَيَّنُ نُفُوذَ فَسْخِهِ فِيهَا، وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ.
الرَّابِعَةُ: أَسْلَمَ وَفِي نِكَاحِهِ حُرَّةٌ وَأَرْبَعُ إِمَاءٍ مَثَلًا، وَأَسْلَمْنَ، نُظِرَ، إِنْ أَسْلَمَتِ الْحُرَّةُ مَعَهُ، أَوْ كَانَتْ مَدْخُولًا بِهَا وَأَسْلَمَتْ قَبْلَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا، تَعَيَّنَتْ، وَانْدَفَعَ الْإِمَاءُ، سَوَاءٌ أَسْلَمْنَ قَبْلَهُ وَقَبْلَ الْحُرَّةِ أَوْ بَعْدَهُمَا فِي الْعِدَّةِ أَوْ بَيْنَهُمَا. وَإِذَا تَأَخَّرَ إِسْلَامُهُنَّ، فَإِنْ أَسْلَمْنَ فِي الْعِدَّةِ، بِنَّ مِنْ وَقْتِ اجْتِمَاعِ إِسْلَامِ الزَّوْجِ وَالْحُرَّةِ، وَعِدَّتُهُنَّ مِنْ ذَلِكَ الْوَقْتِ. وَإِنْ لَمْ يُسْلِمْنَ حَتَّى انْقَضَتِ الْعِدَّةُ، فَبَيْنُونَتُهُنَّ بِاخْتِلَافِ الدِّينِ. وَإِنْ لَمْ يَجْتَمِعْ إِسْلَامُ الْحُرَّةِ وَإِسْلَامُهُ فِي الْعِدَّةِ، بِأَنْ أَسْلَمَ الزَّوْجُ، وَأَصَرَّتْ هِيَ إِلَى انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ، أَوْ مَاتَتْ فِي الْعِدَّةِ، أَوْ أَسْلَمْنَ أَوَّلًا وَتَخَلَّفَ الزَّوْجُ حَتَّى انْقَضَتْ عِدَّتُهَا أَوْ مَاتَتْ، فَالْحُكْمُ كَمَا لَوْ لَمْ يَكُنْ تَحْتَهُ حُرَّةٌ، فَيَخْتَارُ وَاحِدَةً مِنَ الْإِمَاءِ عَلَى التَّفْصِيلِ السَّابِقِ،
وَفِي مُدَّةِ تَخَلُّفِ الْحُرَّةِ الْمَدْخُولِ بِهَا، لَا يَخْتَارُ وَاحِدَةً مِنَ الْإِمَاءِ، سَوَاءٌ أَسْلَمْنَ مَعَهُ أَوْ بَعْدَهُ فِي الْعِدَّةِ حَتَّى يَئِسَ مِنْهَا بِالْمَوْتِ أَوِ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ. فَإِنِ اخْتَارَ وَاحِدَةً قَبْلَ الْيَأْسِ، ثُمَّ مَاتَتِ الْحُرَّةُ، أَوِ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا وَهِيَ مُصِرَّةٌ، فَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ يَجِبُ اخْتِيَارٌ جَدِيدٌ، وَلَا يَتَبَيَّنُ صِحَّةُ ذَلِكَ الِاخْتِيَارِ. هَذَا كُلُّهُ إِذَا لَمْ يَطْرَأْ عِتْقُ الْإِمَاءِ، فَإِنْ طَرَأَ قَبْلَ اجْتِمَاعِ إِسْلَامِهِ وَإِسْلَامِهِنَّ بِأَنْ عَتَقْنَ ثُمَّ أَسْلَمَ وَأَسْلَمْنَ، أَوْ أَسْلَمْنَ ثُمَّ عَتَقْنَ ثُمَّ أَسْلَمَ، أَوْ أَسْلَمَ وَعَتَقْنَ ثُمَّ أَسْلَمْنَ، الْتَحَقْنَ بِالْحَرَائِرِ الْأَصْلِيَّاتِ، حَتَّى لَوْ أَسْلَمَتِ الْحُرَّةُ ثُمَّ أَسْلَمَتِ الْإِمَاءُ الْمُتَخَلِّفَاتُ بَعْدَ عِتْقِهِنَّ، فَهُوَ كَمَا لَوْ أَسْلَمَ عَلَى حَرَائِرَ، فَيَخْتَارُ مِنَ الْجَمِيعِ أَرْبَعًا كَيْفَ شَاءَ. وَحَكَى ابْنُ الْقَطَّانِ وَجْهًا فِيمَا إِذَا أَسْلَمَ وَتَحْتَهُ حَرَائِرُ وَإِمَاءٌ، فَعَتَقَ الْإِمَاءُ ثُمَّ أَسْلَمْنَ، أَنَّهُ لَا يَجُوزُ إِلَّا اخْتِيَارُ الْحَرَائِرِ الْأَصْلِيَّاتِ، وَهَذَا ضَعِيفٌ.
وَلَوْ تَخَلَّفَتِ الْحُرَّةُ، وَاجْتَمَعَ إِسْلَامُهُ وَإِسْلَامُهُنَّ وَهُنَّ عَتِيقَاتٌ، فَلَهُ أَنْ يَخْتَارَهُنَّ. ثُمَّ إِنْ أَسْلَمَتِ الْحُرَّةُ الْمُتَخَلِّفَةُ فِي الْعِدَّةِ، بَانَتْ بِاخْتِيَارِهِ الْأَرْبَعُ. وَإِنْ لَمْ تُسْلِمْ، بَانَتْ بِاخْتِلَافِ الدِّينِ.
وَإِنْ أَخَّرَ الِاخْتِيَارَ انْتِظَارًا لِإِسْلَامِ الْحُرَّةِ الْأَصْلِيَّةِ الْمُتَخَلِّفَةِ، فَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ: هُوَ جَائِزٌ. قَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ: عِنْدِي أَنَّهُ لَا مَعْنَى لِتَأْخِيرِ اخْتِيَارِ الْجَمِيعِ، لِأَنَّهُ يَلْزَمُهُ نِكَاحُ ثَلَاثٍ مِنْهُنَّ لَا مَحَالَةَ، فَيَخْتَارُ ثَلَاثًا. ثُمَّ إِنْ أَسْلَمَتِ الْمُتَخَلِّفَةُ فِي الْعِدَّةِ، اخْتَارَهَا أَوِ الرَّابِعَةَ مِنَ الْعَتِيقَاتِ. وَإِنْ لَمْ تُسْلِمْ، لَزِمَهُ نِكَاحُ الرَّابِعَةِ مِنَ الْعَتِيقَاتِ. وَلَوْ أَسْلَمَ وَلَيْسَ فِي نِكَاحِهِ إِلَّا إِمَاءٌ، وَتَخَلَّفْنَ وَعَتَقْنَ ثُمَّ أَسْلَمْنَ فِي الْعِدَّةِ، اخْتَارَ مِنْهُنَّ أَرْبَعًا كَالْحَرَائِرِ الْأَصْلِيَّاتِ. وَلَوْ أَسْلَمْنَ مَعَهُ إِلَّا وَاحِدَةً، ثُمَّ أَسْلَمَتِ الْمُتَخَلِّفَةُ فِي الْعِدَّةِ بَعْدَمَا عَتَقَتْ، تَعَيَّنَتْ لِلنِّكَاحِ كَالْحُرَّةِ الْأَصْلِيَّةِ. وَلَوْ كَانَ تَحْتَهُ أَرْبَعُ إِمَاءٍ، فَأَسْلَمَ مَعَهُ ثِنْتَانِ، وَتَخَلَّفَ ثِنْتَانِ، فَعَتَقَتْ وَاحِدَةٌ مِنَ الْمُتَقَدِّمَتَيْنِ وَأَسْلَمَتِ الْمُتَخَلِّفَتَانِ عَلَى الرِّقِّ، انْدَفَعَتَا