المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

فَهَلْ يَتَعَلَّقُ الْمَهْرُ بِذِمَّتِهِ، أَمْ بِرَقَبَتِهِ، أَمْ بِكَسْبِهِ؟ أَقْوَالٌ. أَظْهَرُهَا - روضة الطالبين وعمدة المفتين - جـ ٧

[النووي]

فهرس الكتاب

- ‌كِتَابُ النِّكَاحِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌كِتَابُ الصَّدَاقِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌بَابُ الْوَلِيمَةِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌كِتَابُ عِشْرَةِ النِّسَاءِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌كِتَابُ الْخُلْعِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

الفصل: فَهَلْ يَتَعَلَّقُ الْمَهْرُ بِذِمَّتِهِ، أَمْ بِرَقَبَتِهِ، أَمْ بِكَسْبِهِ؟ أَقْوَالٌ. أَظْهَرُهَا

فَهَلْ يَتَعَلَّقُ الْمَهْرُ بِذِمَّتِهِ، أَمْ بِرَقَبَتِهِ، أَمْ بِكَسْبِهِ؟ أَقْوَالٌ. أَظْهَرُهَا الْأَوَّلُ. وَلَوْ نَكَحَ بِالْإِذْنِ صَحِيحًا، لَكِنْ فَسَدَ الْمَهْرُ، قَالَ الصَّيْدَلَانِيُّ: تَعَلَّقَ مَهْرُ الْمِثْلِ بِالْكَسْبِ قَطْعًا. وَلَوْ صَرَّحَ بِالْإِذْنِ فِي نِكَاحٍ فَاسِدٍ وَوَجَبَ مَهْرُ الْمِثْلِ، فَقِيَاسُ هَذِهِ الصُّوَرِ تَعَلُّقُهُ بِالْكَسْبِ.

فَرْعٌ

فِي فَتَاوَى الْقَاضِي حُسَيْنٍ أَنَّهُ لَوِ اخْتَلَفَ السَّيِّدُ وَالْعَبْدُ فِي الْإِذْنِ فِي النِّكَاحِ، فَقَالَ السَّيِّدُ: مَا أَذِنْتُ، فَالْوَجْهُ أَنْ تَدَّعِيَ الْمَرْأَةُ عَلَى السَّيِّدِ أَنَّ كَسْبَ هَذَا الْعَبْدِ مُسْتَحِقٌّ لِي لِمَهْرِي وَنَفَقَتِي لِيَسْمَعَ الْقَاضِي الْبَيِّنَةَ.

‌فَصْلٌ

سَبَقَ فِي «بَابِ مَوَانِعِ النِّكَاحِ» أَنَّهُ مَتَى مَلَكَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ جُزْءًا مِنَ الْآخَرِ، انْفَسَخَ النِّكَاحُ. فَلَوْ كَانَ لِرَجُلٍ عَبْدٌ فِي نِكَاحِهِ أَمَةً، فَأَعْطَاهُ مَالًا وَقَالَ: اشْتَرِهَا لِي، فَفَعَلَ، صَحَّ وَاسْتَمَرَّ النِّكَاحُ، كَمَا يَجُوزُ أَنْ يُزَوِّجَ عَبْدَهُ بِأَمَتِهِ. وَلَوْ مَلَّكَهُ الْمَالَ فَقَالَ: اشْتَرِهَا لِنَفْسِكَ، فَفَعَلَ، فَإِنْ قُلْنَا: يَمْلِكُ [الْعَبْدُ] بِتَمْلِيكِ السَّيِّدِ، انْفَسَخَ النِّكَاحُ، وَإِلَّا، فَالْمِلْكُ لِلسَّيِّدِ، وَالنِّكَاحُ مُسْتَمِرٌّ. وَلَوِ اشْتَرَى مَنْ بَعْضُهُ حُرٌّ زَوْجَتَهُ، نُظِرَ، إِنِ اشْتَرَاهَا بِالْكَسْبِ الْمُشْتَرَكِ بَيْنَهُمَا وَبِإِذْنِ سَيِّدِهِ، مَلَكَ جُزْءًا مِنْهَا وَانْفَسَخَ النِّكَاحُ. وَإِنْ لَمْ يَأْذَنِ السَّيِّدُ، لَمْ يَصِحَّ فِي نَصِيبِهِ، وَفِي نَصِيبِ الْعَبْدِ قَوْلًا تَفْرِيقُ الصَّفْقَةِ. إِنْ صَحَّ فِيهِ، انْفَسَخَ النِّكَاحُ.

[وَإِنِ اشْتَرَاهَا بِخَالِصِ

ص: 228

مَالِهِ، انْفَسَخَ النِّكَاحُ] وَإِنِ اشْتَرَاهَا بِخَالِصِ مَالِ سَيِّدِهِ مِنْ كَسْبِهِ بِإِذْنِهِ، لَمْ يَنْفَسِخْ، وَهَكَذَا الْحُكْمُ لَوِ اشْتَرَتْ مَنْ بَعْضُهَا حُرٌّ زَوْجَهَا.

فَرْعٌ

مَتَّى مَلَكَتْ زَوْجَهَا بِشِرَاءٍ أَوْ هِبَةٍ وَغَيْرِهِمَا، نُظِرَ، إِنْ كَانَ قَبْلَ الدُّخُولِ، فَهَلْ يَسْقُطُ كُلُّ الْمَهْرِ، أَمْ نِصْفُهُ؟ وَجْهَانِ. وَقِيلَ: قَوْلَانِ. أَصَحُّهُمَا: كُلُّهُ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَطَعَ بِهِ. وَإِنْ كَانَ بَعْدَ الدُّخُولِ، لَمْ يُسْقِطْ شَيْءٌ مِنَ الْمَهْرِ بِالِانْفِسَاخِ. فَإِنْ كَانَتْ قَبَضَتْهُ، لَمْ تَرُدَّ شَيْئًا مِنْهُ، وَإِلَّا فَقَدْ مَلَكَتْ عَبْدًا لَهَا فِي ذِمَّتِهِ دَيْنٌ، وَفِيهِ وَجْهَانِ سَبَقَا فِي «كِتَابِ الرَّهْنِ» وَغَيْرِهِ. أَحَدُهُمَا: يَسْقُطُ كَمَا لَا يَثْبُتُ لَهُ عَلَى عَبْدِهِ دَيْنٌ ابْتِدَاءً. وَأَصَحُّهُمَا: يَبْقَى ; لِأَنَّ الدَّوَامَ أَقْوَى مِنْ الِابْتِدَاءِ. فَإِنْ قُلْنَا: يَسْقُطُ، بَرِئَتْ ذِمَّةُ الْعَبْدِ مِنَ الْمَهْرِ، وَلِلْبَائِعِ الثَّمَنُ عَلَيْهَا، وَإِنْ قُلْنَا: يَبْقَى، فَلَهَا مُطَالَبَةُ الْعَبْدِ إِذَا عُتِقَ، وَلِلْبَائِعِ الثَّمَنُ عَلَيْهَا فِي الْحَالِ. فَإِنْ كَانَ السَّيِّدُ الْبَائِعُ وَضَمِنَ الْمَهْرَ، فَلَهَا عَلَيْهِ الْمَهْرُ بِالضَّمَانِ، وَلَهُ عَلَيْهَا الثَّمَنُ وَقَدْ يَقَعُ التَّقَاصِّ. أَمَّا إِذَا مَلَكَ زَوْجَتَهُ بِالشِّرَاءِ، فَيُنْظَرُ، إِنْ مَلَكَهَا بَعْدَ الْمَسِيسِ، فَعَلَيْهِ الْمَهْرُ لِلْبَائِعِ مَعَ الثَّمَنِ. وَإِنْ مَلَكَهَا قَبْلَهُ، فَالْمَذْهَبُ وَهُوَ نَصُّهُ: أَنَّهُ يَجِبُ نِصْفُ الْمَهْرِ. وَقِيلَ: لَا يَجِبُ شَيْءٌ.

وَلَوْ نَكَحَ جَارِيَةَ مُوَرِّثِهِ كَأَبِيهِ، ثُمَّ مَلَكَ بِالْإِرْثِ كُلَّهَا أَوْ بَعْضَهَا، فَإِنْ كَانَ بَعْدَ الدُّخُولِ، لَمْ يَسْقُطِ الْمَهْرُ بِالِانْفِسَاخِ لِاسْتِقْرَارِهِ وَهُوَ تَرْكُهُ لِلْمَيِّتِ. فَإِنِ احْتِيجَ إِلَيْهِ لِقَضَاءِ دَيْنٍ وَتَنْفِيذِ وَصِيَّةٍ، فُعِلَ، وَإِلَّا سَقَطَ إِنْ كَانَ النَّاكِحُ حَائِزًا، وَإِلَّا فَلِغَيْرِهِ مِنَ الْوَرَثَةِ اسْتِيفَاءُ نَصِيبِهِ. وَإِنْ كَانَ قَبْلَ الدُّخُولِ، فَوَجْهَانِ. أَحَدُهُمَا

ص: 229

قَالَهُ ابْنُ الْحَدَّادِ: يَسْقُطُ جَمِيعُ الْمَهْرِ فَيَسْتَرِدُّهُ، مِنَ التَّرِكَةِ إِنْ كَانَ قَبَضَ. وَأَصَحُّهُمَا: لَا يَسْقُطُ إِلَّا النِّصْفُ. فَعَلَى هَذَا: إِنْ كَانَ حَائِزًا، سَقَطَ النِّصْفُ الْآخَرُ لِأَنَّهُ مُسْتَحِقُّهُ، وَإِلَّا سَقَطَ نَصِيبُهُ وَلِلْآخَرِ نَصِيبُهُ. وَلَوْ زَوَّجَ رَجُلٌ بِنْتَهُ بِعَبْدٍ بِإِذْنِهَا، ثُمَّ مَاتَ فَوَرِثَتْ بَعْضَ زَوْجِهَا، فَإِنْ كَانَ بَعْدَ الدُّخُولِ، فَقِسْطُ مَا وَرِثَتْهُ مِنَ الْمَهْرِ دَيْنٌ لَهَا عَلَى مَمْلُوكِهَا، وَلَهَا الْمُطَالَبَةُ بِالْبَاقِي مِنْ كَسْبِ مَا تَرِثُ مِنْهُ. وَإِنْ كَانَ قَبْلَ الدُّخُولِ، فَعَلَى قَوْلِ ابْنِ الْحَدَّادِ: يَسْقُطُ جَمِيعُ الْمَهْرِ. وَعَلَى الْأَصَحِّ: لَا يَسْقُطُ إِلَّا النِّصْفُ، وَحُكْمُ النِّصْفِ الْبَاقِي حُكْمُ الْجَمِيعِ بَعْدَ الدُّخُولِ، وَجَمِيعُ مَا ذَكَرْنَاهُ إِذَا اشْتَرَتْ زَوْجَهَا بِغَيْرِ الصَّدَاقِ.

فَلَوِ اشْتَرَتْهُ بِعَيْنِ الصَّدَاقِ، فَيُقَدَّمُ عَلَيْهِ مُقَدِّمَتَيْنِ. إِحْدَاهُمَا: إِذَا نَكَحَ الْعَبْدُ نِكَاحًا صَحِيحًا وَقُلْنَا: لَا يَصِيرُ السَّيِّدُ ضَامِنًا لِلْمَهْرِ بِالْعَقْدِ. فَلَوْ ضَمِنَ عَنْهُ، جَازَ ; لِأَنَّهُ ضَمَانُ دَيْنٍ لَازِمٍ. ثُمَّ إِنْ كَانَ الْعَبْدُ كَسُوبًا، فَلِلزَّوْجَةِ مُطَالَبَةُ الْعَبْدِ وَالسَّيِّدِ جَمِيعًا، وَإِلَّا، فَلَا يُطَالِبُ السَّيِّدُ، وَكَذَا الْحُكْمُ لَوْ طَلَّقَهَا بَعْدَ الدُّخُولِ وَالْمَهْرُ [غَيْرُ] مَقْبُوضٍ. وَإِنْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ، سَقَطَ نِصْفُ الْمَهْرِ عَنْهَا، وَمُطَالَبَتُهَا بِالنِّصْفِ الْآخَرِ عَلَى التَّفْصِيلِ الْمَذْكُورِ. فَإِنْ كَانَتْ قَبَضَتِ الْمَهْرَ، رَدَّتْ نِصْفَهُ عَلَى السَّيِّدِ إِنْ بَقِيَ الزَّوْجُ عَلَى الرِّقِّ عِنْدَ الطَّلَاقِ. فَإِنْ كَانَ أَعْتَقَهُ، فَعَلَى الزَّوْجِ.

الثَّانِيَةُ: صُورَةُ الْبَيْعِ بِعَيْنِ الصَّدَاقِ، أَنْ يَلْتَزِمَ السَّيِّدُ الصَّدَاقَ، إِمَّا بِأَصْلِ الْعَقْدِ عَلَى الْقَدِيمِ، وَإِمَّا بِالضَّمَانِ اللَّاحِقِ عَلَى الْجَدِيدِ، وَيُصَرِّحُ الْمُتَبَايِعَانِ بِالْإِضَافَةِ إِلَيْهِ، بِأَنْ يَقُولَ سَيِّدُ الْعَبْدِ لِزَوْجَتِهِ الْحُرَّةِ: بِعْتُكِ زَوْجَكِ بِصَدَاقِكِ الَّذِي يَلْزَمُنِي وَهُوَ كَذَا، فَتَشْتَرِي. أَمَّا إِذَا صَرَّحَا بِالْمُغَايِرَةِ أَوْ طُلِّقَا، فَهُوَ بَيْعٌ بِغَيْرِ الصَّدَاقِ.

ص: 230

مِثَالُهُ: كَانَ الصَّدَاقُ أَلْفًا، فَقَالَ: بِعْتُكِ بِأَلْفٍ غَيْرَ الصَّدَاقِ، أَوْ بِأَلْفَيْنِ، أَوْ أَطْلَقَ فَقَالَ: بِعْتُكِ بِأَلْفٍ. وَلَوِ اخْتَلَفَ جِنْسُ الصَّدَاقِ، فَلَا شَكَّ فِي الْمُغَايَرَةِ. وَلَوْ دَفَعَ عَيْنًا إِلَى عَبْدِهِ لِيَجْعَلَهَا صَدَاقَ مَنْ يَنْكِحُهَا، فَفَعَلَ، ثُمَّ بَاعَهَا الْعَبْدُ بِتِلْكَ الْعَيْنِ، فَهُوَ بَيْعٌ بِالْعَيْنِ.

إِذًا عَرَفْتَ الْمُقَدِّمَتَيْنِ، فَالْبَيْعُ بِعَيْنِ الصَّدَاقِ، إِمَّا أَنْ يَجْرِيَ قَبْلَ الدُّخُولِ، وَإِمَّا بَعْدَهُ.

الْحَالَةُ الْأُولَى: أَنْ يَجْرِيَ قَبْلَهُ. فَإِنْ قُلْنَا بِالْأَصَحِّ: إِنَّهُ يَسْقُطُ كُلُّ الْمَهْرِ، لَمْ يَصِحَّ الْبَيْعُ، بَلْ يَسْتَمِرُّ النِّكَاحُ ; لِأَنَّهُ لَوْ صَحَّ الْبَيْعُ لَمَلَكَتْ زَوْجَهَا وَانْفَسَخَ النِّكَاحُ وَسَقَطَ الْمَهْرُ، وَعُرِّيَ الْبَيْعُ عَنِ الْعِوَضِ وَبَطَلَ، فَتَصْحِيحُهُ يُؤَدِّي إِلَى بُطْلَانِهِ، هَذَا مَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ وَالْأَصْحَابُ، رَحِمَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى.

وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ: يَجِبُ عِنْدِي أَنْ يَصِحَّ الْبَيْعُ وَيَبْطُلَ النِّكَاحُ ; لِأَنَّ الْبَيْعَ وَارْتِفَاعَ النِّكَاحِ لَا يَقَعَانِ مَعًا، بَلْ يَكُونُ الْفَسْخُ بَعْدَ الْبَيْعِ وَحُصُولِ الْمِلْكِ حَتَّى لَا يَحْكُمَ بِانْفِسَاخِ النِّكَاحِ مَا دَامَا فِي الْمَجْلِسِ، إِنْ قُلْنَا: إِنَّ الْخِيَارَ يَمْنَعُ حُصُولَ الْمِلْكِ لِلْمُشْتَرِي. وَإِذَا كَانَ الِانْفِسَاخُ عَقِيبَ الْبَيْعِ وَالْمِلْكِ، كَانَ فِي زَوَالِ مِلْكِهَا عَنِ الصَّدَاقِ مَعَ حُصُولِ مِلْكِهَا فِي الرَّقَبَةِ، فَلَا يَبْطُلُ الثَّمَنُ بِالِانْفِسَاخِ، بَلْ أَثَّرَ الِانْفِسَاخُ الرُّجُوعَ إِلَى بَدَلِ الصَّدَاقِ، وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ أَبُو عَلِيٍّ، نَقَلَهُ الْمُتَوَلِّي وَجْهًا. وَإِنْ قُلْنَا: إِنْ تَمَلَّكَهَا الزَّوْجُ قَبْلَ الدُّخُولِ، يَقْتَضِي تَنْصِيفَ الْمَهْرِ، بُنِيَ عَلَى خِلَافٍ سَنَذْكُرُهُ فِي الْحَالَةِ الثَّانِيَةِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، وَهِيَ إِذَا جَرَى بَعْدَ الدُّخُولِ. فَإِنْ لَمْ نُصَحِّحِ الْبَيْعَ هُنَاكَ، فَكَذَا هُنَا، وَإِلَّا بَطَلَ الْبَيْعُ هُنَا فِي نِصْفِ الْعَبْدِ، وَيَخْرُجُ فِي الْبَاقِي عَلَى تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ. فَإِنْ فَرَّقْنَا، انْفَسَخَ النِّكَاحُ. هَذَا قَوْلُ الْجُمْهُورِ، وَعَلَى قَوْلِ الشَّيْخِ أَبِي عَلِيٍّ: يَصِحُّ الْبَيْعُ فِي جَمِيعِهِ لَا مَحَالَةَ.

ص: 231

الْحَالَةُ الثَّانِيَةُ: أَنْ يَجْرِيَ الْبَيْعُ بِعَيْنِ الصَّدَاقِ بَعْدَ الدُّخُولِ، فَيُبْنَى عَلَى الْخِلَافِ فِي أَنَّ مَنْ مَلَكَ عَبْدًا لَهُ عَلَيْهِ دَيْنٌ، هَلْ يَسْقُطُ ذَلِكَ الدَّيْنُ؟ إِنْ قُلْنَا بِالْأَصَحِّ: إِنَّهُ لَا يَسْقُطُ، صَحَّ الْبَيْعُ، وَتَصِيرُ مُسْتَوْفِيَةً لِلْمَهْرِ الْمُسْتَقِرِّ بِالدُّخُولِ، وَلَا شَيْءَ لِوَاحِدٍ مِنَ الْمُتَبَايِعَيْنِ عَلَى الْآخَرِ. وَإِنْ قُلْنَا: يَسْقُطُ وَتَبْرَأُ ذِمَّةُ الْعَبْدِ، فَهَلْ يَصِحُّ الْبَيْعُ أَمْ لَا؟ وَجْهَانِ. أَصَحُّهُمَا: الصِّحَّةُ، وَبِهِ قَطَعَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ، وَنَقَلَهُ الْقَفَّالُ عَنْ شُيُوخِ الْأَصْحَابِ، إِذْ لَيْسَ هُوَ كَمَا قَبْلَ الدُّخُولِ، فَإِنَّ سُقُوطَ الْمَهْرِ هُنَاكَ بِانْفِسَاخِ النِّكَاحِ، بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ مَقْبُوضًا، وَجَبَ رَدُّهُ فَلَا يُمْكِنُ جَعْلُهُ ثَمَنًا، وَهُنَا السُّقُوطُ بِحُدُوثِ الْمِلْكِ. وَإِذَا جُعِلَ ثَمَنًا، فَكَأَنَّهَا اسْتَوْفَتِ الصَّدَاقَ قَبْلَ لُزُومِ الْبَيْعِ، فَلَيْسَ لَهَا بَعْدَمَا مَلَكَتِ الزَّوْجَ صَدَاقٌ فِي رَقَبَتِهِ حَتَّى يَسْقُطَ، وَجَمِيعُ مَا ذَكَرْنَاهُ فِيمَا إِذَا اشْتَرَتْ زَوْجَهَا وَهِيَ حُرَّةٌ. فَأَمَّا إِذَا كَانَتْ أَمَةً فَاشْتَرَتْهُ بِإِذْنِ سَيِّدِهَا، أَوْ كَانَتْ مَأْذُونًا لَهَا فِي التِّجَارَةِ فَاشْتَرَتْهُ لِلتِّجَارَةِ، فَيَصِحُّ الْبَيْعُ وَيَسْتَمِرُّ النِّكَاحُ، سَوَاءٌ كَانَ قَبْلَ الدُّخُولِ أَوْ بَعْدَهُ، وَسَوَاءٌ اشْتَرَتْ بِعَيْنِ الصَّدَاقِ أَمْ بِغَيْرِهِ ; لِأَنَّ الْمِلْكَ لِلسَّيِّدِ، لَكِنْ إِذَا اشْتَرَتْهُ بِعَيْنِ الصَّدَاقِ، بَرِئَ السَّيِّدُ وَالْعَبْدُ ; لِأَنَّ الْكَفِيلَ إِذَا أَدَّى بَرِئَ الْأَصِيلُ، وَلَا رُجُوعَ لِلسَّيِّدِ عَلَى الْعَبْدِ كَمَا لَوْ ضَمِنَ عَنْهُ دِينًا آخَرَ أَدَّاهُ فِي رِقِّهِ [وَإِنِ] اشْتَرَتْهُ بِغَيْرِ الصَّدَاقِ، فَفِي سُقُوطِ الصَّدَاقِ عَلَى الْعَبْدِ لِكَوْنِ سَيِّدِهَا مَلَكَهُ وَلَهُ عَلَيْهِ دَيْنٌ الْوَجْهَانِ الْمُتَكَرِّرَانِ، فَإِنْ سَقَطَ، بَرِئَ سَيِّدُهُ الْبَائِعُ عَنِ الضَّمَانِ لِبَرَاءَةِ الْأَصِيلِ، وَيَبْقَى الثَّمَنُ بِحُكْمِ الشِّرَاءِ، وَإِلَّا، فَلِسَيِّدِ الْأَمَةِ عَلَى بَائِعِ الْعَبْدِ الصَّدَاقُ، وَلِلْبَائِعِ عَلَيْهِ الثَّمَنُ، وَقَدْ يَقَعُ التَّقَاصِّ، فَإِذَا تَقَاصَّا، بَرِئَتْ ذِمَّةُ الْعَبْدِ عَنْ حَقِّ الْمُشْتَرِي لِأَنَّهُ بِالتَّقَاصِّ اسْتَوْفَى حَقَّهُ مِنَ الْبَائِعِ.

ص: 232