الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَرْعٌ
ارْتَدَّتْ بَعْدَ الدُّخُولِ، فَلَا نَفَقَةَ لِزَمَنِ الرِّدَّةِ لِنُشُوزِهَا، سَوَاءٌ عَادَتْ إِلَى الْإِسْلَامِ فِي الْعِدَّةِ، أَمْ لَا، وَلَا يَجِيءُ الْقَوْلُ الْقَدِيمُ.
قُلْتُ: ذَكَرَ صَاحِبُ (الْمُهَذَّبِ) وَآخَرُونَ طَرِيقَيْنِ، أَحَدُهُمَا: طَرْدُ الْقَوْلَيْنِ الْقَدِيمِ وَالْجَدِيدِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَإِنِ ارْتَدَّ، فَعَلَيْهِ نَفَقَةُ مُدَّةِ الْعِدَّةِ، وَإِنِ ارْتَدَّا مَعًا، قَالَ الْبَغَوِيُّ: لَا نَفَقَةَ، وَيُشْبِهُ أَنْ يَجِيءَ فِيهِ خِلَافٌ، كَتَشَطُّرِ الْمَهْرِ.
فَصْلٌ
أَمَّا الْمَهْرُ، إِذَا أَسْلَمَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ الدُّخُولِ أَوْ بَعْدَهُ، فَسَبَقَ بَيَانُهُ عِنْدَ ذِكْرِ الْخِلَافِ فِي صِحَّةِ أَنْكِحَتِهِمْ. فَلَوْ قَالَتْ: سَبَقْتَنِي بِالْإِسْلَامِ قَبْلَ الدُّخُولِ، فَعَلَيْكَ نِصْفُ الْمَهْرِ، فَادَّعَى الْعَكْسَ، صُدِّقَتْ بِيَمِينِهَا ; لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ نِصْفِ الصَّدَاقِ. وَلَوِ ادَّعَى سَبْقَهَا، فَقَالَتْ: لَا أَدْرِي أَيُّنَا سَبَقَ، لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ طَلَبِ الْمَهْرِ. فَإِنْ عَادَتْ وَقَالَتْ: عَلِمْتُ أَنَّهُ سَبَقَ، صُدِّقَتْ بِيَمِينِهَا وَأَخَذَتِ النِّصْفَ. وَلَوِ اعْتَرَفَا بِالْجَهْلِ بِالسَّابِقِ، فَلَا نِكَاحَ، لِاتِّفَاقِهِمَا عَلَى تَعَاقُبِ الْإِسْلَامِ قَبْلَ الدُّخُولِ. ثُمَّ إِنْ كَانَ ذَلِكَ قَبْلَ قَبْضِ الْمَهْرِ، لَمْ تَتَمَكَّنْ مِنْ طَلَبِهِ، لِاحْتِمَالِ سَبْقِهَا، وَإِنْ كَانَ بَعْدَهُ، لَمْ يَتَمَكَّنْ هُوَ مِنَ اسْتِرْدَادِ النِّصْفِ، لِاحْتِمَالِ سَبْقِهِ فَيُقَرُّ النِّصْفُ فِي يَدِهَا، حَتَّى يَتَبَيَّنَ الْحَالُ. وَلَوِ اخْتَلَفَا فِي بَقَاءِ النِّكَاحِ، فَقَالَ: أَسْلَمْنَا مَعًا، فَالنِّكَاحُ بَاقٍ، وَقَالَتْ: بَلْ مُتَعَاقِبَيْنِ وَلَا نِكَاحَ، فَقَوْلَانِ. أَظْهَرُهُمَا: الْقَوْلُ قَوْلُهُ، وَالثَّانِي: قَوْلُهَا، لِتَعَارُضِ الْأَصْلِ وَالظَّاهِرِ. فَإِنْ
قُلْنَا: الْقَوْلُ قَوْلُهَا، نُظِرَ، إِنْ قَالَتْ: أَسْلَمْتَ قَبْلِي، حَلَفَتْ عَلَى الْبَتِّ أَنَّهَا مَا أَسْلَمَتْ وَقْتَ إِسْلَامِهِ، وَإِنْ قَالَتْ: أَسْلَمْتُ قَبْلَكَ، حَلَفَتْ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ بِإِسْلَامِهِ يَوْمَ إِسْلَامِهَا.
وَلَوِ اخْتَلَفَا عَلَى الْعَكْسِ، فَقَالَتْ: أَسْلَمْنَا مَعًا، فَقَالَ: بَلْ مُتَعَاقِبَيْنِ، فَلَا نِكَاحَ، لِاعْتِرَافِهِ، وَهِيَ تَدَّعِي نِصْفَ الْمَهْرِ. وَفِي الْمُصَدَّقِ مِنْهُمَا الْقَوْلَانِ. وَلَوْ قَالَ: لَا نَدْرِي أَسْلَمْنَا مَعًا أَوْ مُتَعَاقِبَيْنِ، اسْتَمَرَّ النِّكَاحُ.
فَرْعٌ
أَسْلَمَتْ بَعْدَ الدُّخُولِ، ثُمَّ أَسْلَمَ هُوَ وَادَّعَى أَنَّ إِسْلَامَهُ سَبَقَ انْقِضَاءَ الْعِدَّةِ، وَادَّعَتِ الْعَكْسَ، فَهَذَا يُتَصَوَّرُ عَلَى أَوْجُهٍ.
أَحَدُهَا: أَنْ يَتَّفِقَا عَلَى وَقْتِ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ، كَغُرَّةِ رَمَضَانَ، فَادَّعَى إِسْلَامَهُ فِي شَعْبَانَ، وَقَالَتْ: بَلْ فِي خَامِسِ رَمَضَانَ، فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا ; لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ كُفْرِهِ.
وَالثَّانِي: أَنْ يَتَّفِقَا عَلَى وَقْتِ إِسْلَامِهِ، كَغُرَّةِ رَمَضَانَ، وَقَالَ: انْقَضَتْ عِدَّتُكِ فِي خَامِسِ رَمَضَانَ، وَقَالَتْ: بَلْ فِي شَعْبَانَ، فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ.
الثَّالِثُ: أَنْ لَا يَتَّفِقَا عَلَى شَيْءٍ، وَاقْتَصَرَ عَلَى أَنَّ إِسْلَامِي سَبَقَ، وَاقْتَصَرَتْ عَلَى أَنَّ عِدَّتِي سَبَقَتْ، فَالنَّصُّ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهُ، وَنَصٌّ فِيمَا إِذَا ارْتَدَّ، ثُمَّ أَسْلَمَ، وَادَّعَى أَنَّهُ أَسْلَمَ فِي الْعِدَّةِ، وَادَّعَتِ انْقِضَاءَهَا قَبْلَ إِسْلَامِهِ، وَفِيمَا إِذَا قَالَ: رَاجَعْتُكِ فِي الْعِدَّةِ، فَقَالَتْ: بَلْ بَعْدَهَا، أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهَا. وَلِلْأَصْحَابِ طُرُقٌ.
أَحَدُهَا: طَرْدُ قَوْلَيْنِ فِي الْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ، هَلِ الْقَوْلُ قَوْلُهُ، أَمْ قَوْلُهَا؟ وَالثَّانِي: أَنَّ النَّصَّيْنِ عَلَى حَالَيْنِ. فَإِنِ اتَّفَقَا عَلَى وَقْتِ إِسْلَامِهِ أَوْ رَجْعَتِهِ، وَاخْتَلَفَا فِي انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ، فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ. وَإِنِ اتَّفَقَا عَلَى وَقْتِ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ، وَاخْتَلَفَا فِي أَنَّهُ أَسْلَمَ أَوْ رَاجَعَ قَبْلَهُ، فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا. وَالطَّرِيقُ الثَّالِثُ وَهُوَ الْأَصَحُّ وَبِهِ قَالَ ابْنُ سُرَيْجٍ وَأَبُو إِسْحَاقَ، وَرَجَّحَهُ
الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَالْبَغَوِيُّ وَغَيْرُهُمَا: أَنَّ مَنْ سَبَقَ بِالدَّعْوَى، فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ، وَعَلَيْهِ يَنْزِلُ النَّصُّ فِي الْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ ; لِأَنَّ الْمُدَّعِي أَوَّلًا مَقْبُولٌ، فَلَا يُرَدُّ بِمُجَرَّدِ قَوْلٍ آخَرَ. وَزَادَ الْبَغَوِيُّ فِيمَا إِذَا سَبَقَ دَعْوَاهُ فَقَالَ: إِنِ ادَّعَتْ بَعْدَ أَنْ مَضَى بَعْدَ دَعْوَاهُ زَمَنٌ، فَهُوَ الْمُصَدَّقُ. فَإِنِ اتَّصَلَ كَلَامُهَا بِكَلَامِهِ، فَهِيَ الْمُصَدَّقَةُ.
فَرْعٌ
نَصَّ الشَّافِعِيُّ، رضي الله عنه، أَنَّ الزَّوْجَ لَوْ أَقَامَ شَاهِدَيْنِ عَلَى أَنَّهُمَا جَمِيعًا أَسْلَمَا حِينَ طَلَعَتِ الشَّمْسُ يَوْمَ كَذَا، أَوْ حِينَ غَرَبَتْ، قُبِلَتْ شَهَادَتُهُمَا وَاسْتَمَرَّ النِّكَاحُ. وَإِنْ شَهِدَا أَنَّهُمَا أَسْلَمَا مَعَ طُلُوعِ الشَّمْسِ، أَوْ مَعَ غُرُوبِهَا، لَمْ يُحْكُمْ بِهَذِهِ الشَّهَادَةِ ; لِأَنَّ حِينَ طُلُوعِهَا وَغُرُوبِهَا يَتَنَاوَلُ حَالَةَ تَمَامِ الطُّلُوعِ أَوِ الْغُرُوبِ، وَهِيَ حَالَةٌ وَاحِدَةٌ. وَقَوْلُهُ: مَعَ الطُّلُوعِ يُصَدَّقُ مِنْ حِينِ يَأْخُذُ فِي الطُّلُوعِ، فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ إِسْلَامُ أَحَدِهِمَا مُقَارِنًا لِطُلُوعِ أَوَّلِ الْقُرْصِ، وَإِسْلَامُ الْآخَرِ مُقَارِنًا بِطُلُوعِ آخِرِهِ.
فَرْعٌ
نَكَحَتْ فِي الْكُفْرِ زَوْجَيْنِ، ثُمَّ أَسْلَمُوا، فَإِنْ تَرَتَّبَ النِّكَاحَانِ، فَهِيَ زَوْجَةُ الْأَوَّلِ، فَإِنْ مَاتَ الْأَوَّلُ ثُمَّ أَسْلَمَتْ مَعَ الثَّانِي وَهُمْ يَعْتَقِدُونَ جَوَازَ التَّزْوِيجِ بِزَوْجَيْنِ، فَفِي جَوَازِ التَّقْرِيرِ وَجْهَانِ.
قُلْتُ: يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ أَصَحُّهُمَا التَّقْرِيرُ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَإِنْ وَقَعَ النِّكَاحَانِ مَعًا، لَمْ تَقَرَّ مَعَ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، سَوَاءٌ اعْتَقَدُوا جَوَازَهُ، أَمْ لَا. وَفِيمَا إِذَا اعْتَقَدُوهُ وَجْهٌ: أَنَّ الْمَرْأَةَ تَخْتَارُ أَحَدَهُمَا، كَمَا لَوْ أَسْلَمَ عَلَى أُخْتَيْنِ، وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ.
الْبَابُ الثَّامِنُ فِي مُثْبِتَاتِ الْخِيَارِ فِي النِّكَاحِ
أَسْبَابُهُ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهَا أَرْبَعَةٌ: الْعَيْبُ، وَالْغُرُورُ، وَالْعِتْقُ، وَالتَّعْنِينُ. وَقَوْلُنَا:«الْمُتَّفَقِ عَلَيْهَا» احْتِرَازٌ مِمَّا إِذَا زَوَّجَ الْأَبُ أَوِ الْجَدُّ بِكْرًا بِغَيْرِ كُفْءٍ وَصَحَّحْنَا النِّكَاحَ، فَلَهَا الْخِيَارُ. وَلَوْ زُوِّجَ الصَّغِيرُ مَنْ لَا تُكَافِئُهُ، وَصَحَّحْنَاهُ، فَلَهُ الْخِيَارُ إِذَا بَلَغَ. وَلَوْ ظَنَّهَا مُسْلِمَةً، فَكَانَتْ كِتَابِيَّةً، فَلَهُ الْخِيَارُ عَلَى رَأْيٍ.
وَالتَّعْنِينُ أَحَدُ الْعُيُوبِ، إِلَّا أَنَّهُ يَخْتَصُّ بِأَحْكَامٍ، كَضَرْبِ الْمُدَّةِ وَغَيْرِهِ، فَبَيَّنَ الْأَصْحَابُ فِي «فَصْلِ الْعُيُوبِ» أَنَّهُ أَحَدُهَا، وَأَفْرَدُوهُ بِالذِّكْرِ لِاخْتِصَاصِهِ بِأَحْكَامٍ.
السَّبَبُ الْأَوَّلُ: الْعَيْبُ، الْعُيُوبُ الْمُثْبِتَةُ لِلْخِيَارِ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ.
أَحَدُهَا: يَشْتَرِكُ فِيهِ الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ، وَهُوَ ثَلَاثَةٌ: الْبَرَصُ، وَلَا يَلْتَحِقُ بِهِ الْبَهَقُ. وَالثَّانِي: الْجُذَامُ، وَهُوَ عِلَّةٌ صَعْبَةٌ يَحْمَرُّ مِنْهَا الْعُضْوُ ثُمَّ يَسْوَدُّ ثُمَّ يَنْقَطِعُ وَيَتَنَاثَرُ، نَسْأَلُ اللَّهَ الْكَرِيمَ الْعَافِيَةَ، وَيُتَصَوَّرُ ذَلِكَ فِي كُلِّ عُضْوٍ، لَكِنَّهُ فِي الْوَجْهِ أَغْلَبُ. ثُمَّ حَكَى الْإِمَامُ عَنْ شَيْخِهِ، أَنَّ أَوَائِلَ الْبَرَصِ وَالْجُذَامِ لَا يُثْبِتُ الْخِيَارَ، وَإِنَّمَا يُثْبِتُ إِذَا اسْتَحْكَمَا. وَإِنَّ اسْتِحْكَامَ الْجُذَامِ إِنَّمَا يَحْصُلُ بِالتَّقَطُّعِ. وَتَرَدَّدَ الْإِمَامُ فِي هَذَا وَقَالَ: يَجُوزُ أَنْ يُكْتَفَى بِاسْوِدَادِ الْعُضْوِ، وَحُكْمِ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ بِاسْتِحْكَامِ الْعِلَّةِ.
الثَّالِثُ: الْجُنُونُ مُنْقَطِعًا كَانَ أَوْ مُطْبِقًا، وَلَا يُلْحَقُ بِهِ الْإِغْمَاءُ بِالْمَرَضِ إِلَّا أَنْ يَزُولَ الْمَرَضُ وَيَبْقَى زَوَالُ الْعَقْلِ. قَالَ الْإِمَامُ: وَلَمْ يَتَعَرَّضُوا فِي الْجُنُونِ لِاسْتِحْكَامِهِ، وَلَمْ يُرَاجِعُوا أَهْلَ الْمَعْرِفَةِ أَهْوَ مَرْجُوُّ الزَّوَالِ، أَمْ لَا؟ وَلَوْ قِيلَ بِهِ لَكَانَ قَرِيبًا. وَمَتَى وَجَدَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ بِالْآخَرِ هَذِهِ الْعُيُوبَ، فَلَهُ فَسْخُ النِّكَاحِ قَلَّ ذَلِكَ الْعَيْبُ أَمْ كَثُرَ. وَلَوْ تَنَازَعَا فِي قُرْحَةٍ، هَلْ هِيَ جُذَامٌ؟ أَوْ فِي بَيَاضٍ هَلْ هُوَ بَرَصٌ؟
فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُنْكَرِ، وَعَلَى الْمُدَّعِي الْبَيِّنَةُ، وَيُشْتَرَطُ كَوْنُ الشَّاهِدَيْنِ عَالِمَيْنِ بِالطِّبِّ.
الْقِسْمُ الثَّانِي: مُخْتَصٌّ بِهِ وَهُوَ الْجَبُّ وَالتَّعْنِينُ.
الثَّالِثُ: مُخْتَصٌّ بِهَا وَهُوَ الرَّتْقُ وَالْقَرَنُ، فَالرَّتْقُ: انْسِدَادُ مَحَلِّ الْجِمَاعِ بِاللَّحْمِ، وَالْقَرَنُ: عَظْمٌ فِي الْفَرَجِ يَمْنَعُ الْجِمَاعَ، وَقِيلَ: لَحْمٌ يَنْبُتُ فِيهِ، وَيَقُولُ الْفُقَهَاءُ «الْقَرَنُ» بِفَتْحِ الرَّاءِ وَهُوَ فِي كُتُبِ اللُّغَةِ بِإِسْكَانِهَا.
قُلْتُ: يَجُوزُ الْفَتْحُ وَالْإِسْكَانُ، فَالْفَتْحُ عَلَى الْمَصْدَرِ وَهُوَ هُنَا أَحْسَنُ لِأَنَّهُ أَنْسَبُ لِكَوْنِ قَرَائِنِهِ مَصَادِرَ وَهِيَ الرَّتْقُ وَالْبَرَصُ وَنَحْوُهُمَا، وَقَدْ أَوْضَحْتُ هَذِهِ اللَّفْظَةَ أَكْمَلَ إِيضَاحٍ فِي (تَهْذِيبِ الْأَسْمَاءِ وَاللُّغَاتِ) وَنَقَلْتُ أَقْوَالَ أَهْلِ اللُّغَةِ فِيهَا وَحَاصِلُهُ، جَوَازُ الْأَمْرَيْنِ وَتَرْجِيحُ الْفَتْحِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَلَيْسَ لِلزَّوْجِ إِجْبَارُ الرَّتْقَاءِ عَلَى شَقِّ الْمَوْضِعِ، فَلَوْ فَعَلَتْ وَأَمْكَنَ الْوَطْءُ، فَلَا خِيَارَ كَذَا أَطْلَقُوهُ، وَيُمْكِنُ أَنْ يَجِيءَ فِيهِ الْخِلَافُ الْمَذْكُورُ فِيمَا إِذَا عُلِمَ عَيْبُ الْمَبِيعِ بَعْدَ زَوَالِهِ.
فَجُمْلَةُ هَذِهِ الْعُيُوبِ سَبْعَةٌ، يُمْكِنُ فِي حَقِّ كُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الزَّوْجَيْنِ خَمْسَةٌ، وَمَا سِوَاهَا مِنَ الْعُيُوبِ لَا خِيَارَ فِيهِ عَلَى الصَّحِيحِ الَّذِي قَطَعَ بِهِ الْجُمْهُورُ. وَقَالَ زَاهِرٌ السَّرَخْسِيُّ: الصُّنَانُ وَالْبَخْرُ إِذَا لَمْ يَقْبَلَا الْعِلَاجَ يُثْبِتَانِ الْخِيَارَ، وَقَالَ: كَذَا الْعِذْيَوْطُ وَالْعِذْيَوْطَةُ، يَثْبُتُ بِهِ الْخِيَارُ. وَالْعِذْيَوْطُ، مَنْ يَخْرُجُ عَنْهُ الْغَائِطُ عِنْدَ الْجِمَاعِ. وَزَادَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ وَغَيْرُهُ فَأَثْبَتُوا الْخِيَارَ بِالِاسْتِحَاضَةِ، وَبِالْعُيُوبِ الَّتِي تَجْتَمِعُ فَتُنَفِّرُ تَنْفِيرَ الْبَرَصِ، وَتَكْسِرُ سَوْرَةُ التَّائِقِ، كَالْقُرُوحِ السَّيَّالَةِ وَمَا فِي مَعْنَاهُ وَيُقَالُ: إِنَّ الشَّيْخَ أَبَا عَاصِمٍ حَكَاهُ قَوْلًا لِلشَّافِعِيِّ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ.