المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

فَرْعٌ قَالَ الْأَصْحَابُ: التَّغْرِيرُ الْمُؤَثِّرُ هُوَ الَّذِي يَكُونُ مَقْرُونًا بِالْعَقْدِ عَلَى - روضة الطالبين وعمدة المفتين - جـ ٧

[النووي]

فهرس الكتاب

- ‌كِتَابُ النِّكَاحِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌كِتَابُ الصَّدَاقِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌بَابُ الْوَلِيمَةِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌كِتَابُ عِشْرَةِ النِّسَاءِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌كِتَابُ الْخُلْعِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

الفصل: فَرْعٌ قَالَ الْأَصْحَابُ: التَّغْرِيرُ الْمُؤَثِّرُ هُوَ الَّذِي يَكُونُ مَقْرُونًا بِالْعَقْدِ عَلَى

فَرْعٌ

قَالَ الْأَصْحَابُ: التَّغْرِيرُ الْمُؤَثِّرُ هُوَ الَّذِي يَكُونُ مَقْرُونًا بِالْعَقْدِ عَلَى سَبِيلِ الشَّرْطِ فَلَوْ سَبَقَ الْعَقْدُ، فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يُؤَثِّرُ فِي صِحَّةِ الْعَقْدِ وَلَا فِي الْخِيَارِ. وَقِيلَ: يُؤَثِّرُ فِيهِمَا.

وَأَمَّا الرُّجُوعُ بِالْمَهْرِ، إِذَا قَضَيْنَا بِالرُّجُوعِ عَلَى الْغَارِّ، فَقَالَ الْغَزَالِيُّ: التَّغْرِيرُ السَّابِقُ كَالْمُقَارِنِ، وَحَقَّقَهُ الْإِمَامُ فَقَالَ: لَا يُشْتَرَطُ فِي حُصُولِ التَّغْرِيرِ دُخُولُ الشَّرْطِ بَيْنَ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ، وَلَا صُدُورُهُ مِنَ الْعَاقِدِ لَكِنْ يُشْتَرَطُ اتِّصَالُهُ بِالْعَقْدِ. فَلَوْ قَالَ: فُلَانَةٌ حُرَّةٌ فِي مَعْرِضِ التَّرْغِيبِ فِي النِّكَاحِ، ثُمَّ زَوَّجَهَا عَلَى الِاتِّصَالِ بِوَكَالَةٍ أَوْ وَلَايَةٍ، فَهُوَ تَغْرِيرٌ، وَلَوْ لَمْ يَقْصِدْ بِقَوْلِهِ تَحْرِيضَ سَامِعٍ، وَاتَّفَقَ بَعْدَ أَيَّامٍ أَنَّهُ زَوَّجَهَا لِمَنْ سَمِعَ كَلَامَهُ، فَلَيْسَ مَا جَرَى تَغْرِيرًا، وَإِنْ ذَكَرَهُ لَا فِي مَعْرِضِ التَّحْرِيضِ، وَجَرَى الْعَقْدُ عَلَى الِاتِّصَالِ أَوْ ذَكَرَهُ فِي مَعْرِضِ التَّحْرِيضِ، وَجَرَى الْعَقْدُ بَعْدَ زَمَانٍ فَاصِلٍ، فَفِي كَوْنِهِ تَغْرِيرًا تَرَدُّدٌ، وَيُشْبِهُ أَنْ لَا يُعْتَبَرُ الِاتِّصَالُ بِالْعَقْدِ عَلَى مَا أَطْلَقَهُ الْغَزَالِيُّ ; لِأَنَّ تَعَلُّقَ الضَّمَانِ أَوْسَعُ بَابًا.

‌فَصْلٌ

إِذَا غَرَّ بِحُرِّيَّةِ أَمَةٍ وَصَحَّحْنَا النِّكَاحَ، فَأَوْلَادُهُ الْحَاصِلُونَ مِنْهَا قَبْلَ الْعِلْمِ بِرِقِّهَا أَحْرَارٌ لِظَنِّهِ الْحُرِّيَّةَ، سَوَاءٌ أَجَازَ الْعَقْدَ أَوْ فَسَخَهُ، إِذَا خَيَّرْنَاهُ، وَسَوَاءٌ كَانَ الْمَغْرُورُ حُرًّا أَوْ عَبْدًا، لِاسْتِوَائِهِمَا فِي الظَّنِّ، ثُمَّ عَلَى الْمَغْرُورِ قِيمَةُ الْأَوْلَادِ لِسَيِّدِ الْأَمَةِ عَلَى

ص: 187

الْمَشْهُورِ ; لِأَنَّهُ فَوَّتَ رِقَّهُمْ بِظَنِّهِ. وَفِي قَوْلٍ حَكَاهُ الْحَنَّاطِيُّ: لَا شَيْءَ عَلَيْهِ ; لِأَنَّهُ مَعْذُورٌ. فَعَلَى الْمَشْهُورِ إِنْ كَانَ الْمَغْرُورُ حُرًّا، فَالْقِيمَةُ مُسْتَقِرَّةٌ فِي ذِمَّتِهِ، وَإِنْ كَانَ عَبْدًا، فَهَلْ تَتَعَلَّقُ بِذِمَّتِهِ أَمْ بِرَقَبَتِهِ أَمْ بِكَسْبِهِ؟ فِيهِ أَقْوَالٌ، أَظْهَرُهَا الْأَوَّلُ، وَتُعْتَبَرُ قِيمَةُ الْأَوْلَادِ يَوْمَ الْوِلَادَةِ. وَأَمَّا الْأَوْلَادُ الْحَاصِلُونَ بَعْدَ عِلْمِهِ بِرِقِّهَا، فَهُمْ أَرِقَّاءُ، سَوَاءٌ كَانَ الْمَغْرُورُ عَرَبِيًّا أَوْ غَيْرَهُ. وَلِلشَّافِعِيِّ قَوْلٌ: أَنَّ الْعَرَبَ لَا يَجْرِي عَلَيْهِمُ الرِّقَّ، وَالْمَشْهُورُ أَنْ لَا فَرْقَ.

ثُمَّ فِي الْفَصْلِ مَسَائِلُ.

إِحْدَاهَا: فِي الرُّجُوعِ بِالْمَهْرِ الْمَغْرُومِ عَلَى الْغَارِّ قَوْلَانِ كَمَا سَبَقَ فِي الْعَيْبِ، وَأَمَّا قِيمَةُ الْأَوْلَادِ، فَيُرْجَعُ بِهَا عَلَى الْغَارِّ عَلَى الْمَذْهَبِ. وَقِيلَ: فِيهِ الْقَوْلَانِ. وَإِذَا قُلْنَا بِالرُّجُوعِ، فَإِنَّمَا يَرْجِعُ إِذَا غُرِّمَ كَالضَّامِنِ. فَقَدْ سَبَقَ فِي الضَّامِنِ وَجْهٌ ضَعِيفٌ أَنَّهُ يَرْجِعُ قَبْلَ غَرَمِهِ، فَيَجِيءُ مِثْلُهُ هُنَا. وَالصَّحِيحُ، الْمَنْعُ. فَعَلَى هَذَا لَوْ كَانَ الْمَغْرُورُ عَبْدًا وَعَلَّقْنَا الْقَيِّمَةَ بِذِمَّتِهِ، فَإِنَّمَا يَرْجِعُ عَلَى الْغَارِّ بَعْدَ عِتْقِهِ ; لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يُغَرَّمُ. أَمَّا إِذَا عَلَّقْنَاهَا بِكَسْبِهِ أَوْ بِرَقَبَتِهِ، وَغُرِّمَ سَيِّدُهُ مِنْ كَسْبِهِ، أَوْ مِنْ رَقَبَتِهِ، فَيَرْجِعُ فِي الْحَالِ، وَلِلْمَغْرُورِ مُطَالَبَةُ الْغَارِّ بِتَحْصِيلِهِ، كَمَا ذَكَرْنَا فِي «بَابِ الضَّمَانِ» .

الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: إِذَا كَانَ الْمَغْرُورُ عَبْدًا وَقَدْ دَخَلَ بِالْمَنْكُوحَةِ، فَحَيْثُ يَجِبُ الْمُسَمَّى يَتَعَلَّقُ كَسْبُهُ، وَحَيْثُ يَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ، فَهَلْ يَتَعَلَّقُ بِذِمَّتِهِ، أَمْ بِرَقَبَتِهِ، أَمْ بِكَسْبِهِ؟ فِيهِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ. أَظْهَرُهَا: الْأَوَّلُ.

الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: لَا يُتَصَوَّرُ الْغُرُورُ بِحُرِّيَّةِ الْأُمَّةِ مِنَ السَّيِّدِ ; لِأَنَّهُ مَتَى قَالَ: زَوَّجْتُكَ هَذِهِ الْحُرَّةَ، أَوْ عَلَى أَنَّهَا حُرَّةٌ، عَتَقَتْ. وَإِنَّمَا يُتَصَوَّرُ مِنْ وَكِيلِ السَّيِّدِ فِي تَزْوِيجِهَا، أَوْ مِنْهَا، أَوْ مِنْهُمَا، وَلَا اعْتِبَارَ بِقَوْلِ مَنْ لَيْسَ بِعَاقِدٍ وَلَا مَعْقُودٍ عَلَيْهِ، فَإِنْ كَانَ الْغُرُورُ مِنَ الْوَكِيلِ، رَجَعَ الْمَغْرُورُ عَلَيْهِ بِالْقِيمَةِ إِذَا غُرِّمَهَا، وَبِالْمَهْرِ إِنْ أَثْبَتْنَا الرُّجُوعَ بِهِ. وَإِنْ كَانَ الْغُرُورُ مِنَ الْأَمَةِ الْمَنْكُوحَةِ، كَانَ الرُّجُوعُ عَلَيْهَا،

ص: 188

لَكِنْ لَا يَرْجِعُ فِي الْحَالِ، بَلْ يَتَعَلَّقُ الْغُرْمُ بِذِمَّتِهَا، تُطَالِبُ بِهِ إِذَا عَتَقَتْ، وَلَا يَتَعَلَّقُ بِكَسْبِهَا قَطْعًا وَلَا بِرَقَبَتِهَا عَلَى الصَّحِيحِ، وَسَوَاءٌ كَانَ الرُّجُوعُ عَلَيْهَا أَوْ عَلَى الْوَكِيلِ، يَرْجِعُ بِكُلِّ الْمَهْرِ ; لِأَنَّ الْمَهْرَ لِلسَّيِّدِ وَقَدْ أَخَذَهُ. وَإِنْ كَانَ الْغُرُورُ مِنْهَا وَمِنَ الْوَكِيلِ، فَالرُّجُوعُ عَلَيْهِمَا.

وَفِي كَيْفِيَّتِهِ وَجْهَانِ. أَصَحُّهُمَا: يَرْجِعُ بِالنِّصْفِ عَلَى الْوَكِيلِ فِي الْحَالِ، وَبِالنِّصْفِ عَلَيْهَا إِذَا عَتَقَتْ. وَالثَّانِي: أَنَّهُ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ بِالْجَمِيعِ عَلَى مَنْ شَاءَ مِنْهُمَا، عَلَى الْوَكِيلِ فِي الْحَالِ وَعَلَيْهَا بَعْدَ الْعِتْقِ، فَإِنْ رَجَعَ - هَكَذَا قَالَ الْبَغَوِيُّ -: يَرْجِعُ الْمَأْخُوذُ مِنْهُ بِالنِّصْفِ عَلَى الْآخَرِ. وَقَالَ الْحَنَّاطِيُّ وَغَيْرُهُ: لَا يَرْجِعُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا عَلَى الْآخَرِ ; لِأَنَّ التَّغْرِيرَ كَامِلٌ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا. وَلَوْ ذَكَرَتْ لِلْوَكِيلِ حُرِّيَّتَهَا، ثُمَّ ذَكَرَهَا الْوَكِيلُ لِلزَّوْجِ، رَجَعَ الْمَغْرُورُ عَلَى الْوَكِيلِ وَالْوَكِيلُ عَلَيْهَا بَعْدَ الْعِتْقِ. وَإِنْ ذَكَرَتْ لِلْوَكِيلِ ثُمَّ ذَكَرَتْ لِلزَّوْجِ، فَالرُّجُوعُ عَلَيْهَا وَإِنْ ذَكَرَ الْوَكِيلُ لِلزَّوْجِ أَيْضًا ; لِأَنَّهَا لَمَّا شَافَهَتِ الزَّوْجَ خَرَجَ الْوَكِيلُ مِنَ الْوَسَطِ، هَكَذَا ذَكَرَهُ الْبَغَوِيُّ. وَعَلَى هَذَا، فَصُورَةُ تَغْرِيرِهِمَا أَنْ يَذْكُرَا مَعًا.

الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: لَوْ خَرَجَتِ الَّتِي غُرَّ بِحُرِّيَّتِهَا مُدَبَّرَةً أَوْ مُكَاتَبَةً، أَوْ أُمَّ وَلَدٍ أَوْ مُعَلَّقَةً بِصِفَةٍ، فَالْكَلَامُ فِي صِحَّةِ النِّكَاحِ، ثُمَّ فِي إِثْبَاتِ الْخِيَارِ كَمَا سَبَقَ، إِذَا كَانَتْ قِنَّةً، لَكِنْ إِذَا خَرَجَتْ مُكَاتَبَةً وَفُسِخَ النِّكَاحُ، فَلَا مَهْرَ لَهَا إِذَا كَانَ الْغُرُورُ مِنْهَا ; لِأَنَّ الْمَهْرَ لِلْمُكَاتَبَةِ فَلَا مَعْنَى لِلْغُرْمِ لَهَا وَالِاسْتِرْدَادِ مِنْهَا. وَهَلْ يَجِبُ أَقَلُّ مَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَهْرًا؟ فِيهِ الْخِلَافُ السَّابِقُ فِي الْعَيْبِ. وَالْأَوْلَادُ الْحَاصِلُونَ قَبْلَ عِلْمِهِ بِالْحَالِ أَحْرَارٌ، وَعَلَى الْمَغْرُورِ قِيمَتُهُمْ. وَلِمَنْ تَكُونُ الْقِيمَةُ؟ يُبْنَى عَلَى أَنَّ وَلَدَ الْمُكَاتَبَةِ قِنٌّ لِلسَّيِّدِ أَمْ مَكَاتَبٌ كَالْأُمِّ؟ وَفِيهِ قَوْلَانِ. وَإِذَا قُلْنَا: إِنَّهُ مَكَاتَبٌ فَقَتَلَهُ قَاتِلٌ، فَهَلْ قِيمَتُهُ لِلسَّيِّدِ أَمْ لِلْمُكَاتَبَةِ تَسْتَعِينُ بِهِ فِي الْأَدَاءِ؟ فِيهِ قَوْلَانِ فَإِذَا قُلْنَا: الْوَلَدُ لِلسَّيِّدِ، أَوْ قُلْنَا: هُوَ مَكَاتَبٌ، وَإِذَا قُتِلَ، فَالْقِيمَةُ لِلسَّيِّدِ، غُرِّمَ الْمَغْرُورُ قِيمَةَ الْأَوْلَادِ

ص: 189

لِلسَّيِّدِ، وَيُرْجَعُ بِهَا عَلَى الْوَكِيلِ، وَعَلَيْهَا إِنْ غَرَّتْ، وَيُأْخَذُ مِنْ كَسْبِهَا. فَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَسْبٌ، فَفِي ذِمَّتِهَا إِلَى أَنْ تُعْتَقَ. وَإِنْ قُلْنَا: إِنَّ الْقِيمَةَ لَهَا، فَإِنْ كَانَ الْغُرُورُ مِنْهَا، لَمْ يُغَرِّمِ الْقِيمَةَ لَهَا كَالْمَهْرِ، وَإِنْ كَانَ مِنَ الْوَكِيلِ، غُرِّمَ لَهَا وَرَجَعَ عَلَى الْوَكِيلِ.

فَرْعٌ

إِذَا حَكَمْنَا بِبُطْلَانِ النِّكَاحِ بِخُلْفِ الشَّرْطِ، فَالرُّجُوعُ بِمَهْرِ الْمِثْلِ إِذَا غَرِمَهُ الزَّوْجُ بِالْوَطْءِ وَالرُّجُوعُ بِقِيمَةِ الْأَوْلَادِ إِذَا غَرِمَهَا عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ تَفْرِيعًا عَلَى صِحَّةِ النِّكَاحِ.

فَرْعٌ

مَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ وُجُوبِ قِيمَةِ الْوَلَدِ، هُوَ فِيمَا إِذَا انْفَصَلَ الْجَنِينُ حَيًّا. فَلَوِ انْفَصَلَ مَيِّتًا، نُظِرَ إِنِ انْفَصَلَ بِغَيْرِ جِنَايَةٍ، فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَيَجِيءُ فِيهِ وَجْهٌ سَبَقَ نَظِيرُهُ فِي وَطْءِ الْغَاصِبِ جَاهِلًا بِالتَّحْرِيمِ.

وَإِنِ انْفَصَلَ بِجِنَايَةٍ، بِأَنْ ضَرَبَ بَطْنَهَا فَأُجْهِضَتْ، فَلَهُ أَحْوَالٌ.

أَحَدُهَا: أَنْ يَكُونَ الْجَانِي أَجْنَبِيًّا، فَيَجِبُ عَلَى عَاقِلَتِهِ الْغُرَّةُ وَيُغَرَّمُهُ الْمَغْرُورُ ; لِأَنَّهُ يُغَرَّمُ لَهُ فَيُغَرَّمُهُ. وَقِيلَ: لَا يُغَرَّمُهُ إِذْ لَا قِيمَةَ لِلْمَيِّتِ، وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ، وَضَمَانُهُ عُشْرُ قِيمَةِ الْأُمِّ ; لِأَنَّ الْجَنِينَ الرَّقِيقَ يُغَرَّمُ بِهَذَا الْقَدْرِ.

فَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ الْغُرَّةِ مِثْلَ عُشْرِ قِيمَةِ الْأُمِّ، أَوْ أَكْثَرَ، فَالْمُسْتَحَقُّ لِلسَّيِّدِ عُشْرُ الْقِيمَةِ، وَإِنْ كَانَ الْعُشْرُ أَكْثَرَ، فَوَجْهَانِ. أَصَحُّهُمَا: يَسْتَحِقُّ الْعُشْرَ وَهُوَ اخْتِيَارُ الْقَاضِي حُسَيْنٍ وَالْإِمَامِ وَغَيْرِهِمَا، وَنَسَبَهُ الْبَغَوِيُّ إِلَى الْعِرَاقِيِّينَ ; لِأَنَّهُ قَدْرُ مَا فَوَّتَهُ. وَالثَّانِي: لَيْسَ لَهُ إِلَّا قَدْرُ الْغُرَّةِ، وَيُعَبَّرُ عَنْ هَذَا بِأَنَّ الْوَاجِبَ أَقَلُّ

ص: 190

الْأَمْرَيْنِ. فَعَلَى الْأَوَّلِ لَا يُتَوَقَّفُ تَغْرِيمُهُ عَلَى حُصُولِ الْغُرَّةِ لَهُ. وَعَلَى الثَّانِي، يُتَوَقَّفُ وَيُنْظَرُ إِلَى مَا يَحْصُلُ لَهُ مِنَ الْغُرَّةِ، فَإِنْ كَانَ يَجُوزُ مِيرَاثُ الْجَنِينِ، فَذَاكَ، وَإِلَّا، فَيُغَرَّمُ أَقَلُّ الْأَمْرَيْنِ مِنْ حِصَّتِهِ مِنَ الْغُرَّةِ وَالْعُشْرِ، وَلَا يُتَصَوَّرُ أَنْ يَرِثَ مَعَ الْأَبِ الْمَغْرُورِ إِلَّا الْجَدَّةَ أُمَّ الْأُمِّ، وَلَا تَسْقُطُ بِالْأُمِّ لِأَنَّهَا رَقِيقَةٌ.

الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ الْجَانِي هُوَ الْمَغْرُورُ، فَعَلَى عَاقِلَتِهِ الْغُرَّةُ، وَيَلْزَمُ الْمَغْرُورَ عُشْرُ قِيمَةِ الْأُمِّ إِنْ قُلْنَا فِي الْحَالِ الْأَوَّلِ بِالْأَصَحِّ: أَنَّهُ يَسْتَحِقُّ الْعُشْرَ وَتُسَلَّمُ الْغُرَّةُ لِلْوَرَثَةِ، وَإِنْ قُلْنَا بِأَقَلِّ الْأَمْرَيْنِ، تَعَلَّقَ حَقُّ السَّيِّدِ بِالْغُرَّةِ فَيُؤَدِّي مِنْهَا، وَمَا فَضَلَ يَكُونُ لِلْوَرَثَةِ. وَعَلَى التَّقْدِيرَيْنِ، لَا يَرِثُ الْمَغْرُورُ مِنْهَا شَيْئًا ; لِأَنَّهُ قَاتِلٌ وَلَا يَحْجِبُ مَنْ بَعْدَهُ مِنَ الْعَصَبَاتِ.

فَإِنْ كَانَ الْمَغْرُورُ عَبْدًا، تَعَلَّقَتِ الْغُرَّةُ بِرَقَبَتِهِ. ثُمَّ إِنِ اعْتَبَرْنَا الْغُرَّةَ وَلَمْ نُوجِبْ زِيَادَةً عَلَيْهَا، فَإِذَا حَصَلَتِ الْغُرَّةُ، صُرِفَ إِلَى السَّيِّدِ مِنْهَا عُشْرُ قِيمَةِ الْأُمِّ، فَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ، فَهُوَ لِلْوَرَثَةِ، وَإِنِ اعْتَبَرَنَا التَّفْوِيتَ، سُلِّمَتِ الْغُرَّةُ لِلْوَرَثَةِ، وَتَعَلَّقَ حَقُّ السَّيِّدِ بِذِمَّةِ الْمَغْرُورِ.

الثَّالِثُ: أَنْ يَكُونَ الْجَانِي عَبْدَ الْمَغْرُورِ، فَإِنِ اعْتَبَرْنَا التَّفْوِيتَ، فَحَقُّ سَيِّدِ الْأَمَةِ عَلَى الْمَغْرُورِ، وَلَا تَتَعَلَّقُ الْغُرَّةُ بِرَقَبَتِهِ إِنْ كَانَ الْمَغْرُورُ حَائِزَ مِيرَاثِ الْجَنِينِ ; لِأَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ عَلَى عَبْدِهِ شَيْئًا، وَإِنْ كَانَ مَعَهُ جَدَّةُ الْجَنِينِ، تَعَلَّقَ نَصِيبُهَا بِرَقَبَتِهِ، وَإِنِ اعْتَبَرْنَا أَقَلَّ الْأَمْرَيْنِ، تَعَلَّقَتِ الْغُرَّةُ بِرَقَبَتِهِ لِيُؤَدِّيَ مِنْهَا حَقَّ السَّيِّدِ. فَإِنْ فَضَلَ مِنْهَا شَيْءٌ، فَعَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ.

الرَّابِعُ: أَنْ يَكُونَ الْجَانِي سَيِّدَ الْأَمَةِ، فَعَلَى عَاقِلَتِهِ الْغُرَّةُ. ثُمَّ إِنِ اعْتَبَرْنَا التَّفْوِيتَ، سُلِّمَتِ الْغُرَّةُ لِلْوَرَثَةِ وَغُرِّمَ الْمَغْرُورُ لِلسَّيِّدِ عُشْرَ قِيمَةِ الْأُمِّ. قَالَ الْإِمَامُ: وَيَجُوزُ أَنْ يُقَالَ: انْفِصَالُهُ بِجِنَايَةِ السَّيِّدِ، كَانْفِصَالِهِ بِلَا جِنَايَةٍ، فَلَا يُغَرَّمُ الْمَغْرُورُ شَيْئًا،

ص: 191

وَإِنِ اعْتَبَرْنَا أَقَلَّ الْأَمْرَيْنِ، فَإِذَا حَصَلَتِ الْغُرَّةُ، صُرِفَ مِنْهَا الْعُشْرُ إِلَى السَّيِّدِ. فَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ فَهُوَ لِلْوَرَثَةِ. قَالَ الْإِمَامُ: إِذَا كَانَتِ الْغُرَّةُ قَدْرَ الْعُشْرِ أَوْ أَقَلَّ، وَصَرَفْنَاهَا إِلَى السَّيِّدِ، كَانَ الْحَاصِلُ إِيجَابَ الْمَالِ عَلَى عَاقِلَةِ الْجَانِي لِلْجَانِي وَهُوَ مُسْتَبْعَدٌ.

فَرْعٌ

خِيَارُ الْخُلْفِ هَلْ هُوَ عَلَى الْفَوْرِ؟ فِيهِ طَرِيقَانِ حَكَاهُمَا ابْنُ كَجٍّ وَغَيْرُهُ، الْمَذْهَبُ: نَعَمْ كَخِيَارِ الْعَيْبِ، وَالثَّانِي: عَلَى أَقْوَالِ خِيَارِ الْعِتْقِ. قَالَ الْبَغَوِيُّ: وَإِذَا أَثْبَتْنَا الْفَسْخَ، انْفَرَدَ بِهِ مَنْ لَهُ الْخِيَارُ، وَلَا يَفْتَقِرُ إِلَى الْحَاكِمِ كَخِيَارِ عَيْبِ الْمَبِيعِ، وَلَكِنَّ هَذَا مُخْتَلَفٌ فِيهِ، فَلْيَكُنْ كَخِيَارِ عَيْبِ النِّكَاحِ.

السَّبَبُ الثَّالِثُ: الْعِتْقُ، فَإِذَا عَتَقَتْ أَمَةٌ تَحْتَ حُرٍّ، فَلَا خِيَارَ لَهَا، وَإِنْ عَتَقَتْ تَحْتَ عَبْدٍ، فَلَهَا الْخِيَارُ إِنْ عَتَقَتْ كُلُّهَا، فَإِنْ أُعْتِقَ بَعْضُهَا، فَلَا خِيَارَ. وَقَالَ الْمُزَنِيُّ: لَهَا الْخِيَارُ. وَلَوْ دُبِّرَتْ أَوْ كُوتِبَتْ أَوْ عُلِّقَ عِتْقُهَا بِصِفَةٍ، فَلَا خِيَارَ. وَلَوْ عَتَقَتْ تَحْتَ مَكَاتَبٍ أَوْ مُدَبَّرٍ أَوْ مَنْ بَعْضُهُ رَقِيقٌ، فَلَهَا الْخِيَارُ. وَلَوْ عَتَقَ الزَّوْجُ وَتَحْتَهُ أَمَةٌ، فَلَا خِيَارَ لَهُ عَلَى الصَّحِيحِ أَوِ الْمَشْهُورِ. وَلَوْ عَتَقَا مَعًا، فَلَا خِيَارَ، وَيَثْبُتُ خِيَارُ الْعِتْقِ لِلصَّبِيَّةِ وَالْمَجْنُونَةِ عِنْدَ الْبُلُوغِ وَالْإِفَاقَةِ، وَلَا يَقُومُ الْوَلِيُّ مَقَامَهُمَا فِي الْفَسْخِ وَالْإِجَازَةِ. وَلَوْ عَتَقَ الزَّوْجُ قَبْلَ أَنْ تَفْسَخَ الْعَتِيقَةُ، بَطَلَ خِيَارُهَا عَلَى الْأَظْهَرِ الْمَنْصُوصِ فِي الْمُخْتَصَرِ.

فُرُوعٌ

الْفَرْعُ الْأَوَّلُ: طَلَّقَهَا رَجْعِيًّا فَعَتَقَتْ فِي الْعِدَّةِ، فَلَهَا الْفَسْخُ لِيَقْطَعَ سَلْطَنَةَ الرَّجْعَةِ.

ص: 192

وَقِيلَ: الْفَسْخُ مَوْقُوفٌ، إِنْ رَاجَعَهَا، نَفَذَ، وَإِلَّا فَلَا. وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ. وَإِذَا فَسَخَتْ هَلْ تَسْتَأْنِفُ عِدَّةً، أَمْ تَكْفِي بَقِيَّةَ الْعِدَّةِ؟ قَوْلَانِ كَمَا لَوْ طَلَّقَ الرَّجْعِيَّةَ. وَإِذَا قُلْنَا بِالْبِنَاءِ، فَتُكْمِلُ عِدَّةَ حُرٍّ أَوْ أَمَةٍ؟ فِيهِ خِلَافٌ مَوْضِعُهُ «كِتَابُ الْعُدَدِ» . وَلَوْ أَخَّرَتِ الْفَسْخَ، فَلَهَا ذَلِكَ، وَلَا يَبْطُلُ لَهَا. وَلَوْ أَجَازَتْ، لَمْ تَنْفُذِ الْإِجَازَةُ ; لِأَنَّهَا مُحَرَّمَةً جَارِيَةٌ إِلَى بَيْنُونَةٍ، فَالْإِجَازَةُ لَا تُلَائِمُ حَالَهَا. قَالَ الْإِمَامُ: وَلَمْ يُخْرِجُوهُ عَلَى وَقْفِ الْعُقُودِ ; لِأَنَّ شَرْطَ الْوَقْفِ أَنْ يَكُونَ مَوْرِدُ الْعَقْدِ [قَابِلًا لِمَقْصُودِ الْعَقْدِ] وَحُكِيَ عَنِ الشَّيْخِ أَبِي مُحَمَّدٍ حِكَايَةُ وَجْهٍ فِي نُفُوذِ إِجَازَتِهَا. وَنَقَلَ الْغَزَالِيُّ عَنْ بَعْضِهِمْ تَخْرِيجًا عَلَى وَقْفِ الْعُقُودِ، فَإِنْ رَاجَعَهَا، نَفَذَتْ، وَإِلَّا فَلَا. وَلَوْ ثَبَتَ لَهَا خِيَارُ الْعِتْقِ، فَطَلَّقَهَا قَبْلَ أَنْ تَفْسَخَ، فَإِنْ كَانَ طَلَاقًا رَجْعِيًّا، بَقِيَ حَقُّهَا فِي الْفَسْخِ وَالْحُكْمُ كَمَا لَوْ أُعْتِقَتْ فِي الْعِدَّةِ. وَإِنْ كَانَ بَائِنًا، فَقَوْلَانِ. أَحَدُهُمَا: أَنَّ الطَّلَاقَ مَوْقُوفٌ، وَإِنْ فَسَخَتْ، بَانَ أَنَّهُ لَمْ يَقَعْ، وَإِلَّا بَانَ وُقُوعُهُ وَهَذَا نَصُّهُ فِي «الْأُمِّ» . وَأَظْهَرُهُمَا يَقَعُ وَهُوَ نَصُّهُ فِي «الْإِمْلَاءِ» لِمُصَادَفَتِهِ النِّكَاحَ، وَيَبْطُلُ الْخِيَارُ، وَمِنْهُمْ مَنْ أَنْكَرَ الْقَوْلَ الْأَوَّلَ. وَلَوْ طَلَّقَ الزَّوْجُ الْمَعِيبَ قَبْلَ فَسْخِهَا، فَفِي وُقُوعِ الطَّلَاقِ وَوَقْفِهِ هَذَا الْخِلَافُ.

الْفَرْعُ الثَّانِي: إِذَا فَسَخَتِ الْعَتِيقَةُ قَبْلَ الدُّخُولِ، فَلَا مَهْرَ، وَلَيْسَ لِلسَّيِّدِ مَنْعُهَا مِنَ الْفَسْخِ. وَإِنْ فَسَخَتْ بَعْدَ الدُّخُولِ، نُظِرَ، إِنْ تَقَدَّمَ الدُّخُولُ عَلَى الْعِتْقِ، وَجَبَ الْمُسَمَّى، وَإِنْ تَأَخَّرَ عَنْهُ وَكَانَتْ جَاهِلَةً بِالْحَالِ، وَجَبَ مَهْرُ الْمِثْلِ عَلَى الْمَذْهَبِ. وَقِيلَ: الْمُسَمَّى، وَقِيلَ: خِلَافٌ فِيهِمَا. وَأَيُّهُمَا أَوْجَبْنَاهُ، فَهُوَ لِلسَّيِّدِ، وَكَذَا لَوِ اخْتَارَتِ الْمَقَامَ مَعَهُ، وَجَرَى فِي الْعَقْدِ تَسْمِيَةٌ صَحِيحَةٌ أَوْ فَاسِدَةٌ، فَالْمَهْرُ لِلسَّيِّدِ ; لِأَنَّهُ وَجَبَ بِالْعَقْدِ.

ص: 193

وَإِنْ زُوِّجَهَا مُفَوَّضَةً، فَإِنْ دَخَلَ بِهَا الزَّوْجُ أَوْ فَرَضَ لَهَا قَبْلَ الْعِتْقِ فَهُوَ لِلسَّيِّدِ أَيْضًا. وَإِنْ عَتَقَتْ ثُمَّ دَخَلَ بِهَا، أَوْ فَرَضَ لَهَا، فَهَلِ الْمَهْرُ لِلسَّيِّدِ أَمْ لَهَا؟ قَوْلَانِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ مَهْرَ الْمُفَوَّضَةِ يَجِبُ بِالْعَقْدِ أَمْ بِالْفَرْضِ أَوِ الدُّخُولِ.

الْفَرْعُ الثَّالِثُ: خِيَارُ الْعِتْقِ عَلَى الْفَوْرِ عَلَى الْأَظْهَرِ، وَفِي قَوْلٍ: يَمْتَدُّ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، وَفِي قَوْلٍ: إِلَى أَنْ يُصَرِّحَ بِإِسْقَاطِهِ، أَوْ تَمَكَّنَ مِنَ الْوَطْءِ طَائِعَةً. وَفِي وَجْهٍ: تَتَقَدَّرُ بِالْمَجْلِسِ. فَإِنْ قُلْنَا بِالْفَوْرِ، فَهُوَ كَمَا ذَكَرْنَا فِي الرَّدِّ بِالْعَيْبِ فِي الْبَيْعِ وَفِي الشُّفْعَةِ. قَالَ الْإِمَامُ تَفْرِيعًا عَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي: ابْتِدَاءُ الْأَيَّامِ الثَّلَاثَةِ مِنْ وَقْتِ تَخْيِيرِهَا، وَذَلِكَ إِذَا عَلِمَتْ بِالْعِتْقِ وَثُبُوتِ الْخِيَارِ، وَلَا يُحْسَبُ مِنْ وَقْتِ الْعِتْقِ. وَذَكَرَ تَفْرِيعًا عَلَى الْقَوْلِ الثَّالِثِ، أَنَّهَا لَوْ مَكَّنَتْ وَلَمْ يُصِبْهَا الزَّوْجُ، لَمْ يَبْطُلْ حَقُّهَا ; لِأَنَّ التَّمْكِينَ مِنَ الْوَطْءِ لَا يَتَحَقَّقُ إِلَّا عِنْدَ حُصُولِ الْوَطْءِ، وَأَنَّهُ لَوْ أَصَابَهَا الزَّوْجُ قَهْرًا، فَفِي سُقُوطِ الْخِيَارِ تَرَدُّدٌ لِتَمَكُّنِهَا مِنَ الْفَسْخِ عِنْدَ الْوَطْءِ، فَإِنْ كَانَ قُبِضَ عَلَى فَمِهَا، بَقِيَ حَقُّهَا قَطْعًا. وَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ لَوْ قَالَ: أَصَبْتُهَا فَأَنْكَرَتْ، فَأَيُّهُمَا يُصَدَّقُ؟ وَجْهَانِ حَكَاهُمَا ابْنُ كَجٍّ ; لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ النِّكَاحِ وَعَدَمُ الْإِصَابَةِ. وَإِذَا اعْتَبَرْنَا الْفَوْرَ، فَتَمَكَّنَتْ وَلَمْ تَفْسَخْ، أَوْ مَضَتِ الْأَيَّامُ الثَّلَاثَةُ، أَوْ مَكَّنَتْ مِنَ الْوَطْءِ، إِذَا اعْتَبَرْنَا ذَلِكَ، ثُمَّ ادَّعَتِ الْجَهْلَ بِالْعِتْقِ، صُدِّقَتْ بِيَمِينِهَا إِنْ لَمْ يُكَذِّبْهَا ظَاهِرُ الْحَالِ. فَإِنْ كَذَّبَهَا، بِأَنْ كَانَتْ مَعَهُ فِي بَيْتِهِ وَيَبْعُدُ خَفَاءُ الْعِتْقِ عَلَيْهَا، فَالْمُصَدَّقُ الزَّوْجُ، هَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ. وَقِيلَ: فِي الْمُصَدَّقِ قَوْلَانِ مُطْلَقًا. فَإِنِ ادَّعَتِ الْجَهْلَ بِأَنَّ الْعِتْقَ يُثْبِتُ الْخِيَارَ، صُدِّقَتْ عَلَى الْأَظْهَرِ. وَلَوِ ادَّعَتِ الْجَهْلَ بِأَنَّ الْخِيَارَ عَلَى الْفَوْرِ، قَالَ الْغَزَالِيُّ: لَا تُعْذَرُ، وَلَمْ أَرَ الْمَسْأَلَةَ لِغَيْرِهِ مِنَ الْأَصْحَابِ، وَلَكِنْ ذَكَرَهَا الْعَبَّادِيُّ فِي «الرَّقْمِ» .

ص: 194

وَقَالَ: إِنْ كَانَتْ قَدِيمَةَ الْعَهْدِ بِالْإِسْلَامِ وَخَالَطَتْ أَهْلَهُ، لَمْ تُعْذَرْ، وَإِنْ كَانَتْ حَدِيثَةَ الْعَهْدِ بِهِ أَوْ لَمْ تُخَالِطْ أَهْلَهُ، فَقَوْلَانِ.

فَرْعٌ

هَذَا الْفَسْخُ لَا يَحْتَاجُ إِلَى مُرَاجَعَةِ الْحَاكِمِ، وَلَا إِلَى الْمُرَافَعَةِ إِلَيْهِ ; لِأَنَّهُ ثَابِتٌ بِالنَّصِّ وَالْإِجْمَاعِ، كَالرَّدِّ بِالْعَيْبِ وَالشُّفْعَةِ.

قُلْتُ: وَلِلزَّوْجِ وَطْءُ الْعَتِيقَةِ مَا لَمْ تَفْسَخْ، وَكَذَا لِزَوْجِ الصَّغِيرَةِ وَالْمَجْنُونَةِ، الْعَتِيقَيْنِ وَطْؤُهُمَا مَا لَمْ تَفْسَخَا بَعْدَ الْبُلُوغِ وَالْإِفَاقَةِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

السَّبَبُ الرَّابِعُ: التَّعْنِينُ، فَالتَّعْنِينُ مُثْبِتٌ لِلْخِيَارِ، وَكَذَا الْجَبُّ إِنْ لَمْ يَبْقَ مَا يُمْكِنُ الْجِمَاعُ بِهِ، كَأَنْ لَا يَبْقَى قَدْرُ الْحَشَفَةِ، فَإِنْ بَقِيَ دُونَ قَدْرِ الْحَشَفَةِ، أَوْ بَقِيَ قَدْرُهَا فَأَكْثَرُ، فَلَا خِيَارَ بِسَبَبِ الْجَبِّ عَلَى الْمَذْهَبِ. وَعَنِ ابْنِ سَلَمَةَ، أَنَّهُ خَرَّجَهُ عَلَى قَوْلَيْنِ كَالْخَصْيِ. فَعَلَى الْمَذْهَبِ: لَوْ عَجَزَ عَنِ الْجِمَاعِ بِهِ، فَهُوَ كَالسَّلِيمِ الْعَاجِزِ، فَتُضْرَبُ لَهُ الْمُدَّةُ. وَعَنِ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ، ثُبُوتُ الْخِيَارِ فِي الْحَالِ ; لِأَنَّ الْعَيْبَ مُتَحَقِّقٌ، وَالظَّاهِرُ دَوَامُ الْعَجْزِ، وَفِي مَعْنَاهُ الْمَرَضُ الْمُزْمِنُ الَّذِي لَا يُتَوَقَّعُ زَوَالُهُ، وَلَا يُمْكِنُ الْجِمَاعُ مَعَهُ، كَذَا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ وَغَيْرُهُ. وَلَوْ وَجَدَتْ زَوْجَهَا خَصِيًّا مَوْجُوءَ الْخُصْيَتَيْنِ أَوْ مَسْلُولَهُمَا، فَلَا خِيَارَ عَلَى الْأَظْهَرِ الْجَدِيدِ. وَقِيلَ: لَا خِيَارَ قَطْعًا.

فَرْعٌ

الْعُنَّةُ الطَّارِئَةُ لَا تُؤَثِّرُ ; لِأَنَّ الْقُدْرَةَ تَحَقَّقَتْ بِالْوَطْءِ، فَالْعَجْزُ بِعَارِضٍ. وَلَوْ كَانَ لَهُ امْرَأَتَانِ، فَعَنَّ عَنْ إِحْدَاهُمَا دُونَ الْأُخْرَى، ثَبَتَ الْخِيَارُ لِلَّتِي عَنَّ عَنْهَا، لِفَوَاتِ

ص: 195