الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لِلْوَكِيلِ. فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ وَزَوَّجَ الْوَكِيلُ غَيْرَهُ، لَمْ يَصِحَّ. وَكَذَا لَوْ زَوَّجَهُ، لَمْ يَصِحَّ عَلَى الظَّاهِرِ، لِأَنَّ التَّفْوِيضَ الْمُطْلَقَ - مَعَ أَنَّ الْمَطْلُوبَ مُعَيَّنٌ - فَاسِدٌ. وَهَذَا كَمَا لَوْ قَالَ الْوَلِيُّ لِلْوَكِيلِ: بِعْ مَالَ الطِّفْلِ بِالْعَيْنِ، فَبَاعَ بِالْغُبْطَةِ، لَمْ يَصِحَّ.
فَرْعٌ
قَالَتْ: أَذِنْتُ لَكَ فِي تَزْوِيجِي، وَلَا تُزَوِّجْنِي بِنَفْسِكَ، قَالَ الْإِمَامُ: قَالَ الْأَصْحَابُ: لَا يَصِحُّ هَذَا الْإِذْنُ، لِأَنَّهَا مَنَعَتِ الْوَلِيَّ، وَجَعَلَتِ التَّفْوِيضَ لِلْأَجْنَبِيِّ، فَأَشْبَهَ الْإِذْنَ لِلْأَجْنَبِيِّ ابْتِدَاءً.
فَرْعٌ
فِي «فَتَاوَى» الْبَغَوِيِّ: أَنَّهُ إِذَا لَمْ يَكُنْ وَلِيٌّ سِوَى الْحَاكِمِ، فَأَمَرَ قَبْلَ أَنْ يَسْتَأْذِنَهَا رَجُلًا بِتَزْوِيجِهَا، فَزَوَّجَهَا الرَّجُلُ بِإِذْنِهَا، هَلْ يَصِحُّ النِّكَاحُ؟ يُبْنَى عَلَى أَنَّ اسْتِنَابَةَ الْقَاضِي فِي شُغْلٍ مُعَيَّنٍ - كَتَحْلِيفٍ وَسَمَاعِ شَهَادَةٍ - يَجْرِي مَجْرَى الِاسْتِخْلَافِ، أَمْ لَا؟ إِنْ قُلْنَا: نَعَمْ، جَازَ قَبْلَ اسْتِئْذَانِهَا، وَصَحَّ النِّكَاحُ، وَإِلَّا، فَلَا يَصِحُّ عَلَى الْأَصَحِّ، كَتَوْكِيلِ الْوَلِيِّ قَبْلَ الْإِذْنِ.
فَصْلٌ
فِي بَيَانِ لَفْظِ الْوَكِيلِ فِي عَقْدِ النِّكَاحِ
فَيَقُولُ وَكَيْلُ الْوَلِيِّ لِلزَّوْجِ: زَوَّجْتُكَ بِنْتَ فُلَانٍ. فَإِنْ كَانَ الْوَكِيلُ لِلزَّوْجِ، قَالَ الْوَلِيُّ: زَوَّجْتُ بِنْتِي فُلَانًا، فَيَقُولُ وَكِيلُهُ: قَبِلْتُ نِكَاحَهَا لَهُ. فَلَوْ لَمْ يَقُلْ:
«لَهُ» ، فَعَلَى الْخِلَافِ السَّابِقِ إِذَا قَالَ الزَّوْجُ:«قَبِلْتُ» وَلَمْ يَقُلْ: نِكَاحَهَا. وَلَوْ قَالَ الْوَلِيُّ لِوَكِيلِ الزَّوْجِ: زَوَّجْتُ بِنْتِي لَكَ، فَقَالَ: قَبِلْتُ نِكَاحَهَا لِفُلَانٍ، لَمْ يَنْعَقِدْ. وَإِنْ قَالَ: قَبِلْتُ نِكَاحَهَا، وَقَعَ الْعَقْدُ لِلْوَكِيلِ، وَلَمْ يَنْصَرِفْ إِلَى الْمُوَكِّلِ بِالنِّيَّةِ. وَلَوْ جَرَى النِّكَاحُ بَيْنَ وَكِيلَيْنِ، فَقَالَ وَكِيلُ الْوَلِيِّ: زَوَّجْتُ فُلَانَةً فُلَانًا، فَقَالَ وَكِيلُ الزَّوْجِ: قَبِلْتُ نِكَاحَهَا لِفُلَانٍ، صَحَّ. وَفِي الْبَيْعِ يَجُوزُ أَنْ يَقُولَ الْبَائِعُ لِوَكِيلِ الْمُشْتَرِي: بِعْتُكَ، وَيَقُولَ الْوَكِيلُ: اشْتَرَيْتُ وَيَنْوِيَ مُوَكِّلَهُ، فَيَقَعُ الْعَقْدُ لِلْمُوَكِّلِ وَإِنْ لَمْ يُسَمِّهِ. وَفَرَّقُوا بَيْنَهُمَا بِوَجْهَيْنِ. أَحَدُهُمَا: أَنَّ الزَّوْجَيْنِ كَالثَّمَنِ وَالْمُثَمَّنِ، وَلَا بُدَّ مِنْ تَسْمِيَتِهِمَا. الثَّانِي: أَنَّ الْبَيْعَ يُرَدُّ عَلَى الْمَالِ، وَهُوَ قَابِلٌ لِلنَّقْلِ مِنْ شَخْصٍ إِلَى شَخْصٍ، وَالنِّكَاحُ يُرَدُّ عَلَى الْبُضْعِ، وَهُوَ لَا يَقْبَلُ النَّقْلَ، وَلِهَذَا لَوْ قَبِلَ النِّكَاحَ لِزَيْدٍ بِوِكَالَةٍ، فَأَنْكَرَهَا زَيْدٌ، لَمْ يَصِحَّ الْعَقْدُ. وَلَوِ اشْتَرَى لِزَيْدٍ، فَأَنْكَرَهَا، صَحَّ الشِّرَاءُ لِلْوَكِيلِ. وَلَوْ قَالَ وَكِيلُ الزَّوْجِ أَوَّلًا: قَبِلْتُ نِكَاحَ فُلَانَةٍ مِنْكَ لِفُلَانٍ، فَقَالَ وَكِيلُ الْوَلِيِّ: زَوَّجْتُهَا فُلَانًا، جَازَ. وَلَوِ اقْتَصَرَ عَلَى قَوْلِهِ: زَوَّجْتُهَا، وَلَمْ يَقُلْ: فُلَانًا، فَعَلَى الْخِلَافِ السَّابِقِ.
فَرْعٌ
إِذَا قَبِلَ الْأَبُ النِّكَاحَ لِابْنِهِ بِالْوِلَايَةِ، فَلْيَقُلِ الْوَلِيُّ: زُوَّجْتُ فُلَانَةً بِابْنِكَ، فَيَقُولُ الْأَبُ: قَبِلْتُ نِكَاحَهَا لِابْنِي.
فَرْعٌ
كَانَتْ بِنْتُهُ مُزَوَّجَةً أَوْ مُعْتَدَّةً، فَقَالَ: إِذَا طُلِّقَتْ أَوِ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا، فَقَدْ
وَكَّلْتُكَ بِتَزْوِيجِهَا، فَقَوْلَانِ، كَمَا لَوْ قَالَ: إِذَا مَضَتْ سَنَةٌ، فَقَدْ وَكَّلْتُكَ بِتَزْوِيجِهَا. وَهَذَا تَفْرِيعٌ عَلَى أَنَّهُ لَوْ قَالَ: وَكَّلْتُكَ بِتَزْوِيجِهَا إِذَا طَلَّقَهَا، يَصِحُّ، كَقَوْلِهِ: زَوِّجْهَا إِذَا مَضَتْ سَنَةٌ. وَفِي وَجْهٍ: لَا يَصِحُّ هَذَا التَّوْكِيلُ، وَقَدْ سَبَقَ بَيَانُهُمَا فِي الْوَكَالَةِ.
فَرْعٌ
لَا يُشْتَرَطُ فِي التَّوْكِيلِ بِالتَّزْوِيجِ ذِكْرُ الْمَهْرِ، لَكِنْ لَوْ سَمَّى قَدْرًا، لَمْ يَصِحَّ التَّزْوِيجُ بِدُونِهِ، كَمَا لَوْ قَالَ: زَوِّجْهَا فِي يَوْمِ كَذَا، أَوْ مَكَانٍ، فَخَالَفَ الْوَكِيلُ، لَا يَصِحُّ. وَلَوْ أَطْلَقَ التَّوْكِيلَ، فَزَوَّجَ الْوَكِيلُ بِدُونِ مَهْرِ الْمِثْلِ، أَوْ لَمْ يَتَعَرَّضْ لِلْمَهْرِ، أَوْ نَفَاهُ، فَفِيهِ خِلَافٌ نَذْكُرُهُ فِي آخِرِ الْبَابِ الثَّانِي مِنْ «كِتَابِ الصَّدَاقِ» إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. وَلَوْ وَكَّلَهُ بِقَبُولِ نِكَاحِ امْرَأَةٍ، وَسَمَّى مَهْرًا، لَمْ يَصِحَّ الْقَبُولُ بِمَا زَادَ عَلَيْهِ. وَإِنْ لَمْ يُسَمِّ، فَلْيَقْبَلْ نِكَاحَ امْرَأَةٍ تُكَافِئُهُ، مَهْرَ الْمِثْلِ أَوْ أَقَلَّ. فَإِنْ تَزَوُّجَ لَهُ مَنْ لَا تُكَافِئُهُ، لَمْ يَصِحَّ. وَقِيلَ: إِنْ قَبِلَ بِأَكْثَرَ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ، أَوْ بِغَيْرِ نَقْدِ الْبَلَدِ، أَوْ بِعَيْنٍ مِنْ أَعْيَانِ مَالِ الْمُوَكِّلِ، أَوْ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ، فَوَجْهَانِ. أَحَدُهُمَا: يَصِحُّ النِّكَاحُ، وَعَلَى الْمُوَكِّلِ مَهْرُ الْمِثْلِ مِنْ نَقْدِ الْبَلَدِ. وَالثَّانِي: لَا يَصِحُّ، كَالْبَيْعِ. هَكَذَا فَصَّلَ الْمَسْأَلَةَ الْبَغَوِيُّ.
وَلَكَ أَنْ تَتَوَقَّفَ فِي مَوْضِعَيْنِ. أَحَدُهُمَا: تَصْحِيحُ إِطْلَاقِ التَّوْكِيلِ فِي قَبُولِ نِكَاحِ امْرَأَةٍ، لِأَنَّهُ لَوْ وَكَّلَهُ فِي شِرَاءِ عَبْدٍ، اشْتُرِطَ بَيَانُ نَوْعِهِ وَتَفْصِيلُهُ، فَالِاشْتِرَاطُ هُنَا أَوْلَى. الثَّانِي: حُكْمُهُ بِبُطْلَانِ قَبُولِ مَنْ لَا تُكَافِئُهُ، لِأَنَّا سَنَذْكُرُ أَنَّ لِلْوَلِيِّ أَنْ يُزَوِّجَ الصَّغِيرَ مَنْ لَا تُكَافِئُهُ. وَإِذَا جَازَ لِلْوَلِيِّ، فَكَذَا لِلْوَكِيلِ عِنْدَ إِطْلَاقِ التَّوْكِيلِ.