الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْحُكْمُ الثَّالِثُ: التَّقْرِيرُ، فَالْمَهْرُ الْوَاجِبُ بِالنِّكَاحِ أَوْ بِالْفَرْضِ، يَسْتَقِرُّ بِطَرِيقَيْنِ.
أَحَدُهُمَا: الْوَطْءُ وَإِنْ كَانَ حَرَامًا لِوُقُوعِهِ فِي الْحَيْضِ أَوِ الْإِحْرَامِ ; لِأَنَّ وَطْءَ الشُّبْهَةِ يُوجِبُ الْمَهْرَ ابْتِدَاءً، فَذَا أَوْلَى بِالتَّقْرِيرِ، وَيَسْتَقِرُّ بِوَطْأَةٍ وَاحِدَةٍ.
الطَّرِيقُ الثَّانِي: مَوْتُ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ، وَالْمَوْتُ وَإِنْ أَطْلَقُوا أَنَّهُ مُقَرَّرٌ، فَيُسْتَثْنَى مِنْهُ إِذَا قَتَلَ السَّيِّدُ أَمَتَهُ الْمُزَوَّجَةَ، فَإِنَّهُ يَسْقُطُ مَهْرُهَا عَلَى الْمَذْهَبِ. وَمِنْهُمْ مَنْ أَلْحَقَ بِهَذِهِ الصُّورَةِ غَيْرَهَا كَمَا ذَكَرْنَاهُ فِي أَوَّلِ الْبَابِ الْحَادِي عَشَرَ.
فَصْلٌ
الْخَلْوَةُ لَا تُقَرِّرُ الْمَهْرَ، وَلَا تُؤَثِّرُ فِيهِ عَلَى الْجَدِيدِ وَهُوَ الْأَظْهَرُ. وَعَلَى هَذَا، لَوِ اتَّفَقَا عَلَى الْخَلْوَةِ وَادَّعَتِ الْإِصَابَةَ، لَمْ يَتَرَجَّحْ جَانِبُهَا، بَلِ الْقَوْلُ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ. وَفِي الْقَدِيمِ، الْخَلْوَةُ مُؤَثِّرَةٌ، وَفِي أَثَرِهَا قَوْلَانِ. أَحَدُهُمَا: أَثَرُهَا تَصْدِيقُ الْمَرْأَةِ إِذَا ادَّعَتِ الْإِصَابَةَ، وَلَا يَتَقَرَّرُ الْمَهْرُ بِمُجَرَّدِهَا، سَوَاءٌ طَالَ زَمَنُهَا أَمْ قَصُرَ. وَأَظْهَرُهُمَا: أَنَّهَا كَالْوَطْءِ فِي تَقْرِيرِ الْمَهْرِ وَوُجُوبِ الْعِدَّةِ. وَعَلَى هَذَا، تَثْبُتُ الرَّجْعَةُ عَلَى الْأَصَحِّ. وَهَلْ يُشْتَرَطُ عَلَى الْقَدِيمِ فِي تَقَرُّرِ الْمَهْرِ بِالْخَلْوَةِ أَنْ لَا يَكُونَ مَانِعٌ شَرْعِيٌّ كَحَيْضٍ وَإِحْرَامٍ وَصَوْمٍ؟ فِيهِ وَجْهَانِ. وَيُشْتَرَطُ أَنْ لَا يَكُونَ مَانِعٌ حِسِّيٌّ، كَرَتْقٍ أَوْ قَرَنٍ فِيهَا، أَوْ جَبٍّ أَوْ عُنَّةٍ فِيهِ قَطْعًا. وَإِذَا قُلْنَا: مُجَرَّدُ الْخَلْوَةِ لَا تُقَرِّرُ، فَفِي الْوَطْءِ فِيمَا دُونَ الْفَرْجِ وَجْهَانِ، كَثُبُوتِ الْمُصَاهَرَةِ.
السَّبَبُ الْأَوَّلُ أَنْ لَا يَكُونَ الْمَذْكُورُ مَالًا
الْبَابُ الثَّانِي فِي الصَّدَاقِ الْفَاسِدِ
لِفَسَادِهِ سِتَّةُ أَسْبَابٍ.
[السَّبَبُ] الْأَوَّلُ: أَنْ لَا يَكُونَ الْمَذْكُورُ مَالًا، بِأَنْ سَمَّيَا خَمْرًا، وَقَدِ انْدَرَجَ هَذَا فِي الْحُكْمِ الْأَوَّلِ مِنَ الْبَابِ الْأَوَّلِ. وَلَوْ أَصْدَقَهَا شَيْئًا فَخَرَجَ مَغْصُوبًا، فَهَلْ يَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ، أَمْ قِيمَةُ الْمَغْصُوبِ؟ قَوْلَانِ. أَظْهَرُهُمَا الْأَوَّلُ. وَلَوْ أَصْدَقَهَا عَبْدَيْنِ، فَخَرَجَ أَحَدُهُمَا حُرًّا أَوْ مَغْصُوبًا، بَطَلَ الصَّدَاقُ فِيهِ. وَفِي آخَرَ قَوْلُ تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ. فَإِنْ أَبْطَلْنَا فِيهِ أَيْضًا، فَهَلْ لَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ أَمْ قِيمَتُهُمَا؟ فِيهِ الْقَوْلَانِ وَإِنْ صَحَّحْنَا، فَلَهَا الْخِيَارُ. فَإِنْ فَسَخَتْ، فَعَلَى الْقَوْلَيْنِ، وَإِنْ أَجَازَتْ، فَقَوْلَانِ. أَحَدُهُمَا: تَأْخُذُ الْبَاقِيَ وَلَا شَيْءَ لَهَا غَيْرُهُ، وَأَظْهَرُهُمَا: تَأْخُذُ مَعَهُ حِصَّةَ الْمَغْصُوبِ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ إِذَا وَزَّعْنَاهُ عَلَى الْقِيمَتَيْنِ عَلَى الْأَظْهَرِ، وَعَلَى الثَّانِي: تَأْخُذُ قِيمَتَهُ.
فَرْعٌ
أَصْدَقَهَا عَبْدًا أَوْ ثَوْبًا غَيْرَ مَوْصُوفٍ، فَالتَّسْمِيَةُ فَاسِدَةٌ، وَيَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ قَطْعًا. وَإِنْ وَصَفَ الْعَبْدَ وَالثَّوْبَ، وَجَبَ الْمُسَمَّى، وَحَيْثُ جَرَتْ تَسْمِيَةٌ فَاسِدَةٌ، وَجَبَ مَهْرُ الْمِثْلِ بَالِغًا مَا بَلَغَ.
السَّبَبُ الثَّانِي: الشَّرْطُ فِي النِّكَاحِ، إِنْ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ غَرَضٌ، فَهُوَ لَغْوٌ كَمَا سَبَقَ فِي الْبَيْعِ، وَإِنْ تَعَلَّقَ بِهِ لَكِنْ لَا يُخَالِفُ مُقْتَضَى النِّكَاحِ بِأَنْ شَرَطَ أَنْ يُنْفَقَ عَلَيْهَا أَوْ يَقْسِمَ لَهَا، أَوْ يَتَسَرَّى، أَوْ يَتَزَوَّجَ عَلَيْهَا إِنْ شَاءَ، أَوْ يُسَافِرَ بِهَا، أَوْ لَا تَخْرُجَ إِلَّا بِإِذْنِهِ، فَهَذَا لَا يُؤَثِّرُ فِي النِّكَاحِ وَلَا فِي الصَّدَاقِ.
وَإِنْ شَرَطَ مَا يُخَالِفُ مُقْتَضَاهُ، فَهُوَ ضَرْبَانِ. أَحَدُهُمَا: مَا لَا يُخِلُّ بِالْمَقْصُودِ الْأَصْلِيِّ مِنَ النِّكَاحِ، فَيَفْسُدُ الشَّرْطُ، سَوَاءٌ كَانَ لَهَا، بِأَنْ شَرَطَ أَنْ لَا يَتَزَوَّجَ عَلَيْهَا أَوْ لَا يَتَسَرَّى، أَوْ يُطَلِّقَهَا، أَوْ لَا يُسَافِرَ بِهَا، أَوْ أَنْ تَخْرُجَ مَتَى شَاءَتْ، أَوْ يُطَلِّقَ ضَرَّتَهَا.
أَوْ كَانَ عَلَيْهَا، بِأَنْ شَرَطَ أَنْ لَا يَقْسِمَ لَهَا، أَوْ يَجْمَعَ بَيْنَ ضَرَّاتِهَا وَبَيْنَهَا فِي مَسْكَنٍ، أَوْ لَا يُنْفِقَ عَلَيْهَا. ثُمَّ فَسَادُ الشَّرْطِ لَا يُفْسِدُ النِّكَاحَ عَلَى الْمَشْهُورِ. وَفِي وَجْهٍ أَوْ قَوْلٍ حَكَاهُ الْحَنَّاطِيُّ: يَبْطُلُ النِّكَاحُ. وَأَمَّا الصَّدَاقُ فَيَفْسُدُ، وَيَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ سَوَاءٌ زَادَ عَلَى الْمُسَمَّى أَمْ نَقَصَ أَمْ سَاوَاهُ، هَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ. وَعَنِ ابْنِ خَيْرَانِ: إِنْ زَادَ وَالشَّرْطُ لَهَا، فَالْوَاجِبُ الْمُسَمَّى، وَكَذَا إِنْ نَقَصَ وَالشَّرْطُ عَلَيْهَا، وَمِنْهُمْ مَنْ جَعَلَ هَذَا قَوْلًا مُخَرَّجًا. وَحَكَى الْحَنَّاطِيُّ وَجْهًا: أَنَّ الْوَاجِبَ فِي الشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ أَقَلُّ الْأَمْرَيْنِ مِنَ الْمُسَمَّى وَمَهْرِ الْمِثْلِ. وَوَجْهًا: أَنَّ الشَّرْطَ لَا يُؤَثِّرُ فِي الصَّدَاقِ، كَمَا لَا يُؤَثِّرُ فِي النِّكَاحِ.
الضَّرْبُ الثَّانِي: مَا يُخِلُّ بِمَقْصُودِ النِّكَاحِ كَشَرْطِهِ أَنْ يُطَلِّقَهَا، أَوْ لَا يَطَأَهَا، وَقَدْ سَبَقَ الْكَلَامُ فِي الصُّورَتَيْنِ فِي فَصْلِ التَّحْلِيلِ. فَإِنْ صَحَّحْنَا النِّكَاحَ، أَثَّرَ الشَّرْطُ فِي الصَّدَاقِ كَسَائِرِ الشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ.
فَرْعٌ
نَكَحَهَا عَلَى أَلْفٍ إِنْ لَمْ يُخْرِجْهَا مِنَ الْبَلَدِ، وَعَلَى أَلْفَيْنِ إِنْ أَخْرَجَهَا، وَجَبَ مَهْرُ الْمِثْلِ، وَذَكَرَ الْحَنَّاطِيُّ أَنَّهُ لَوْ نَكَحَهَا عَلَى أَنْ لَا يَرِثَهَا أَوْ لَا تَرِثَهُ، أَوْ لَا يَتَوَارَثَا،