الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إِنْ كَانَتْ بِنْتًا، فَالثَّانِيَةُ أُمُّ امْرَأَتِهِ مُحَرَّمَةٌ أَبَدًا. وَإِنْ كَانَتْ أُمًّا، فَلَيْسَ لَهُ نِكَاحُ الْبِنْتِ وَأُمُّهَا تَحْتَهُ. وَإِنِ ارْتَفَعَ نِكَاحُ الْأُمِّ بِطَلَاقٍ أَوْ غَيْرِهِ، لَمْ يَحِلَّ لَهُ وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا، لِأَنَّ إِحْدَاهُمَا مُحَرَّمَةٌ أَبَدًا، فَصَارَ كَاشْتِبَاهِ أُخْتِهِ بِأَجْنَبِيَّةٍ. وَإِنِ اشْتَبَهَ السَّابِقُ مِنَ النِّكَاحَيْنِ، وَعُرِفَتِ الْمَوْطُوءَةُ، فَغَيْرُ الْمَوْطُوءَةِ مُحَرَّمَةٌ أَبَدًا، وَالْمَوْطُوءَةُ يُوقَفُ نِكَاحُهَا، وَتُمْنَعُ مِنْ نِكَاحِ غَيْرِهِ. وَإِنْ طَلَبَتِ الْفَسْخَ لِلِاشْتِبَاهِ، فُسِخَ كَمَا فِي اشْتِبَاهِ الْأُولَيَيْنِ. وَإِنِ اشْتَبَهَ السَّابِقُ مِنَ النِّكَاحَيْنِ وَالْمَوْطُوءَةِ، وُقِفَ عَنْهُمَا، لِاحْتِمَالِ سَبْقِ الْبِنْتِ وَالدُّخُولِ بِالْأُمِّ، وَلَيْسَ لَهُ نِكَاحُ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا، لِأَنَّ إِحْدَاهُمَا مُحَرَّمَةٌ أَبَدًا. وَلَوْ كَانَتِ الْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا، لَكِنْ وَطِئَهُمَا جَمِيعًا، بَطَلَ النِّكَاحَانِ، وَحَرُمَتَا أَبَدًا. ثُمَّ إِنْ وَطِئَ أَوَّلًا الَّتِي نَكَحَهَا أَوَّلًا، فَلِلْأُولَى مَهْرُهَا الْمُسَمَّى، وَلِلثَّانِيَةِ مَهْرُ الْمِثْلِ. وَإِنْ وَطِئَ أَوَّلًا الَّتِي نَكَحَهَا آخِرًا، فَلَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ، لِأَنَّهُ لَمْ يَنْعَقِدْ نِكَاحُهَا، وَلِلْمَنْكُوحَةِ أَوَّلًا جَمِيعُ مَهْرِ) الْمِثْلِ وَنِصْفُ الْمُسَمَّى.
أَمَّا نِصْفُ الْمُسَمَّى، فَلِارْتِفَاعِ نِكَاحِهَا بِسَبَبٍ مِنَ الزَّوْجِ. وَأَمَّا جَمِيعُ مَهْرِ الْمِثْلِ، فَلِأَنَّهُ وَطِئَهَا بِشُبْهَةٍ بَعْدَ ارْتِفَاعِ النِّكَاحِ.
فَصْلٌ
إِذَا اخْتَلَطَتْ مُحَرَّمٌ بِنَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ أَوْ مُصَاهَرَةٍ بِأَجْنَبِيَّاتٍ، قَالَ الْأَصْحَابُ: إِنْ كَانَ الِاخْتِلَاطُ بِعَدَدٍ لَا يَنْحَصِرُ، كَنِسْوَةِ بَلْدَةٍ أَوْ قَرْيَةٍ كَبِيرَةٍ، فَلَهُ نِكَاحُ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ. قَالَ الْإِمَامُ: هَذَا ظَاهِرٌ إِنْ عَمَّ الِالْتِبَاسُ. فَأَمَّا إِذَا أَمْكَنَهُ نِكَاحُ مَنْ لَا يَشُكُّ فِيهَا، فَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ: لَا يُنْكَحُ مِنَ الْمَشْكُوكِ فِيهِنَّ. وَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ لَا حَجْرَ. فَإِنْ كَانَ الِاخْتِلَاطُ بِعَدَدٍ مَحْصُورٍ، فَلْيَجْتَنِبْهُنَّ. فَلَوْ خَالَفَ وَنَكَحَ وَاحِدَةً مِنْهُنَّ، لَمْ يَصِحَّ عَلَى الْأَصَحِّ. قَالَ الْإِمَامُ: الْمَحْصُورُ: مَا عُسِرَ عَدُّهُ عَلَى آحَادِ النَّاسِ. وَقَالَ الْغَزَالِيُّ: كُلُّ عَدَدٍ لَوِ اجْتَمَعُوا فِي صَعِيدٍ لَعَسُرَ عَلَى النَّاظِرِ عَدَدُهُمْ بِمُجَرَّدِ النَّظَرِ
كَالْأَلْفِ، فَهُوَ غَيْرُ مَحْصُورٍ، وَإِنْ سَهُلَ كَالْعَشَرَةِ، وَالْعِشْرِينَ، فَمَحْصُورٌ، وَبَيْنَ الطَّرَفَيْنِ أَوْسَاطٌ يُلْحَقُ بِأَحَدِهِمَا بِالظَّنِّ، وَمَا وَقَعَ فِيهِ الشَّكُّ، اسْتُفْتِيَ فِيهِ الْقَلْبُ.
الْجِنْسُ الثَّانِي: مَا يَقْتَضِي حُرْمَةً غَيْرَ مُؤَبَّدَةٍ، وَيَتَعَلَّقُ بِعَدَدٍ، وَهُوَ ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ. الْأَوَّلُ: الْجَمْعُ بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ مِنَ النَّسَبِ أَوِ الرَّضَاعِ، سَوَاءٌ الْأُخْتَانِ مِنَ الْأَبَوَيْنِ أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا. فَلَوْ نَكَحَهُمَا، بَطَلَ نِكَاحُهُمَا. وَإِنْ نَكَحَهَا مُرَتَّبًا، بَطَلَتِ الثَّانِيَةُ. فَإِنْ وَطِئَهَا جَاهِلًا بِالْحُكْمِ، فَعَلَيْهَا الْعِدَّةُ وَلَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ، وَلَهُ وَطْءُ الْأُولَى وَإِنْ كَانَتِ الثَّانِيَةُ فِي الْعِدَّةِ، لَكِنَّ الْمُسْتَحَبَّ أَنْ لَا يَفْعَلَ. وَلَوْ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ طَلَاقًا بَائِنًا، فَلَهُ نِكَاحُ أُخْتِهَا فِي عِدَّتِهَا، وَإِنْ كَانَ رَجْعِيًّا، لَمْ تَحِلَّ أُخْتُهَا حَتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا. فَلَوِ ادَّعَى أَنَّهَا أَخْبَرَتْهُ بِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ، وَالْوَقْتُ مُحْتَمَلٌ، وَقَالَتْ: لَمْ تَنْقَضِ، فَوَجْهَانِ. أَصَحُّهُمَا وَهُوَ نَصُّهُ فِي «الْإِمْلَاءِ» : أَنَّ لَهُ نِكَاحَ أُخْتِهَا. وَلَوْ طَلَّقَ الْأُولَى، لَمْ يَقَعْ. وَلَوْ وَطِئَهَا، لَزِمَهُ الْحَدُّ، لِزَعْمِهِ انْقِضَاءَ عِدَّتِهَا. وَقَالَ الْحَلِيمِيُّ وَالْقَفَّالُ: لَيْسَ لَهُ نِكَاحُ أُخْتِهَا، لِأَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهَا فِي الْعِدَّةِ. وَعَلَى هَذَا، لَوْ طَلَّقَهَا وَقَعَ. وَلَوْ وَطِئَهَا، فَلَا حَدَّ، وَتَجِبُ النَّفَقَةُ عَلَى الْوَجْهَيْنِ، لِأَنَّهُ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي إِسْقَاطِ حَقِّهَا. وَلَوْ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ الْأَمَةَ طَلَاقًا رَجْعِيًّا، ثُمَّ اشْتَرَاهَا، فَلَهُ نِكَاحُ أُخْتِهَا فِي الْحَالِ، وَكَذَا لَوِ اشْتَرَاهَا قَبْلَ الطَّلَاقِ، لِأَنَّ ذَلِكَ الْفِرَاشَ انْقَطَعَ.
فَرْعٌ
يَحْرُمُ الْجَمْعُ بَيْنَ الْمَرْأَةِ وَبِنْتِ أَخِيهَا وَبَنَاتِ أَوْلَادِ أَخِيهَا، وَكَذَا بَيْنَ الْمَرْأَةِ وَبِنْتِ أُخْتِهَا وَبَنَاتِ أَوْلَادِ أُخْتِهَا، سَوَاءٌ كَانَتِ الْعُمُومَةُ وَالْخُؤُولَةُ مِنَ النَّسَبِ
أَوِ الرَّضَاعِ. وَضُبِطَ تَحْرِيمُ الْجَمْعِ بِعِبَارَاتٍ. إِحْدَاهُنَّ: يَحْرُمُ الْجَمْعُ بَيْنَ كُلِّ امْرَأَتَيْنِ بَيْنَهُمَا قَرَابَةٌ أَوْ رَضَاعٌ وَلَوْ كَانَتْ إِحْدَاهُمَا ذَكَرًا لَحَرُمَتِ الْمُنَاكَحَةُ بَيْنَهُمَا. الثَّانِيَةُ: يَحْرُمُ بَيْنَ كُلِّ امْرَأَتَيْنِ بَيْنَهُمَا قَرَابَةٌ أَوْ رَضَاعٌ يَقْتَضِي الْمَحْرَمِيَّةَ.
الثَّالِثَةُ: يَحْرُمُ بَيْنَ كُلِّ امْرَأَتَيْنِ بَيْنَهُمَا وُصْلَةُ قَرَابَةٍ أَوْ رَضَاعٍ لَوْ كَانَتْ تِلْكَ الْوُصْلَةُ بَيْنَكَ وَبَيْنَ امْرَأَةٍ لَحَرُمَتْ عَلَيْكَ. وَقَصَدُوا بِقَيْدِ الْقَرَابَةِ وَالرَّضَاعِ الِاحْتِرَازَ عَنِ الْجَمْعِ بَيْنَ الْمَرْأَةِ وَأُمِّ زَوْجِهَا وَبِنْتِ زَوْجِهَا، فَإِنَّ هَذَا الْجَمْعَ غَيْرُ مُحَرَّمٍ وَإِنْ كَانَ يَحْرُمُ النِّكَاحُ بَيْنَهُمَا لَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا ذَكَرًا، لَكِنَّهُ لَيْسَ بِقَرَابَةٍ وَلَا رَضَاعٍ، بَلْ مُصَاهَرَةٍ، وَلَيْسَ فِيهَا رَحِمٌ يُحْذَرُ قَطْعُهَا، بِخِلَافِ الرَّضَاعِ وَالْقَرَابَةِ.
فَرْعٌ
يَحْرُمُ الْجَمْعُ بَيْنَ الْمَرْأَةِ وَبِنْتِهَا، لِدُخُولِهِمَا فِي الضَّابِطِ. فَلَوْ نَكَحَهُمَا مَعًا، بَطَلَ نِكَاحُهُمَا. وَلَوْ نَكَحَهُمَا فِي عَقْدَيْنِ، فَالثَّانِيَةُ بَاطِلَةٌ. فَإِنْ كَانَتِ الثَّانِيَةُ الْبِنْتَ، جَازَ أَنْ يَنْكِحَهَا إِنْ فَارَقَ الْأُمَّ قَبْلَ الدُّخُولِ.
فَرْعٌ
يَجُوزُ الْجَمْعُ بَيْنَ بِنْتِ الرَّجُلِ وَرَبِيبَتِهِ، وَبَيْنَ الْمَرْأَةِ وَرَبِيبَةِ زَوْجِهَا مِنَ امْرَأَةٍ أُخْرَى، وَبَيْنَ أُخْتِ الرَّجُلِ مِنْ أُمِّهِ وَأُخْتِهِ مِنْ أَبِيهِ، لِأَنَّهُ لَا تَحْرُمُ الْمُنَاكَحَةُ بِتَقْدِيرِ ذُكُورَةِ أَحَدِهِمَا.