المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

وَكَلَامُ الْغَزَالِيِّ يَقْتَضِي النَّظَرَ إِلَى حَالِ الْآبَاءِ فِي الْإِسْرَائِيلِيَّاتِ أَيْضًا، - روضة الطالبين وعمدة المفتين - جـ ٧

[النووي]

فهرس الكتاب

- ‌كِتَابُ النِّكَاحِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌كِتَابُ الصَّدَاقِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌بَابُ الْوَلِيمَةِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌كِتَابُ عِشْرَةِ النِّسَاءِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌كِتَابُ الْخُلْعِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

الفصل: وَكَلَامُ الْغَزَالِيِّ يَقْتَضِي النَّظَرَ إِلَى حَالِ الْآبَاءِ فِي الْإِسْرَائِيلِيَّاتِ أَيْضًا،

وَكَلَامُ الْغَزَالِيِّ يَقْتَضِي النَّظَرَ إِلَى حَالِ الْآبَاءِ فِي الْإِسْرَائِيلِيَّاتِ أَيْضًا، حَتَّى يَكُونَ نِكَاحُ الْإِسْرَائِيلِيَّةِ الَّتِي دَخَلَ أَوَّلُ آبَائِهَا فِي ذَلِكَ الدِّينِ بَعْدَ التَّحْرِيفِ عَلَى قَوْلَيْنِ، كَغَيْرِ الْإِسْرَائِيلِيَّةِ الَّتِي دَخَلَ آبَاؤُهَا فِيهِ قَبْلَ التَّحْرِيفِ، لَكِنَّ كَلَامَ الْأَصْحَابِ يُخَالِفُهُ، فَاعْرِفْهُ وَانْظُرْ كَيْفَ يُمْكِنُكَ تَنْزِيلُ كَلَامِهِ عَلَى مَنْقُولِ الْأَصْحَابِ.

فَرْعٌ

الصَّابِئُونَ طَائِفَةٌ تُعَدُّ مِنَ النَّصَارَى، وَالسَّامِرَةُ طَائِفَةٌ تُعَدُّ مِنَ الْيَهُودِ. فَإِنْ كَانُوا يُخَالِفُونَ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى فِي أَصْلِ دِينِهِمْ وَلَا يَتَأَوَّلُونَ نَصَّ كِتَابِهِمْ، لَمْ يُنَاكَحُوا كَالْمَجُوسِ. وَإِنْ خَالَفُوهُمْ فِي الْفُرُوعِ دُونَ الْأُصُولِ وَتَأَوَّلُوا نُصُوصَ كِتَابِهِمْ، جَازَتْ مُنَاكَحَتُهُمْ. هَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ، وَهُوَ نَصُّهُ فِي الْمُخْتَصَرِ وَقَطَعَ بِهِ الْجُمْهُورُ. قَالَ الشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ: وَأَطْلَقَ بَعْضُ الْأَصْحَابِ قَوْلَيْنِ فِي مُنَاكَحَتِهِمْ. قَالَ الْإِمَامُ: لَا مَجَالَ لِلْخِلَافِ فِيمَنْ تُكَفِّرُهُمُ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى، وَيُخْرِجُونَهُمْ عَنْهُمْ، لَكِنْ يُمْكِنُ الْخِلَافُ فِيمَنْ جَعَلُوهُ كَالْمُبْتَدِعِ فِينَا.

وَإِذَا شَكَكْنَا فِي جَمَاعَةٍ أَيُخَالِفُونَهُمْ فِي الْأُصُولِ أَمِ الْفُرُوعِ؟ لَمْ نُنَاكِحْهُمْ. وَالصَّابِئُونَ - فِيمَا نُقِلَ - فِرْقَتَانِ، فِرْقَةٌ تُوَافِقُ النَّصَارَى فِي أُصُولِ الدِّينِ، وَفِرْقَةٌ تُخَالِفُهُمْ، وَهُمُ الَّذِينَ أَفْتَى الْإِصْطَخْرِيُّ بِقَتْلِهِمْ.

‌فَصْلٌ

فِي الِانْتِقَالِ مِنْ دِينٍ إِلَى دِينٍ

هُوَ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ.

[الْقِسْمُ] الْأَوَّلُ: مِنْ دِينٍ بَاطِلٍ إِلَى دِينٍ بَاطِلٍ، وَهُوَ ثَلَاثَةُ أَضْرُبٍ.

ص: 139

أَحَدُهَا: الِانْتِقَالُ مِنْ دِينٍ يُقَرُّ أَهْلُهُ عَلَيْهِ إِلَى مَا يُقَرُّ أَهْلُهُ عَلَيْهِ، كَتَهَوُّدِ نَصْرَانِيٍّ وَعَكْسِهِ، فَهَلْ يُقَرُّ عَلَى مَا انْتَقَلَ إِلَيْهِ بِالْجِزْيَةِ، أَمْ لَا يُقْبَلُ مِنْهُ إِلَّا الْإِسْلَامُ أَوِ الدِّينُ الَّذِي انْتَقَلَ مِنْهُ؟ فِيهِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ. أَظْهَرُهَا: الْأَوَّلُ، ثُمَّ الثَّانِي.

قُلْتُ: الْأَصَحُّ، لَا يُقْبَلُ مِنْهُ إِلَّا الْإِسْلَامُ. - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.

فَعَلَى الْأَوَّلِ، تَحِلُّ ذَبِيحَتُهُ. وَإِنْ كَانَتِ امْرَأَةً، حَلَّ لِلْمُسْلِمِ نِكَاحُهَا. وَإِنْ كَانَتْ مَنْكُوحَةَ مُسْلِمٍ، اسْتَمَرَّ نِكَاحُهُ. وَإِنْ قُلْنَا: لَا يُقَرُّ، لَمْ تَحِلَّ ذَبِيحَتُهُ وَلَا نِكَاحُهَا. وَإِذَا انْتَقَلَتْ مَنْكُوحَةُ مُسْلِمٍ، فَكَرِدَّةِ الْمُسْلِمَةِ، فَتَتَنَجَّزُ الْفُرْقَةُ قَبْلَ الدُّخُولِ وَتَقِفُ عَلَى انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ بَعْدَهُ. وَإِذَا قُلْنَا بِالْقَوْلِ الثَّانِي وَالثَّالِثِ، وَامْتَنَعَ مِنَ الْإِسْلَامِ أَوْ مِنْهُ وَمِنَ الدِّينِ الَّذِي انْتَقَلَ مِنْهُ، فَقَوْلَانِ. أَحَدُهُمَا: يُقْتَلُ كَالْمُرْتَدِّ، وَأَشْبَهُهُمَا: يُلْحَقُ بِمَأْمَنِهِ كَمَنْ نَبَذَ الْعَهْدَ. ثُمَّ هُوَ حَرْبٌ لَنَا، إِنْ ظَفِرْنَا بِهِ قَتَلْنَاهُ. وَلَوْ تَمَجَّسَ يَهُودِيٌّ أَوْ نَصْرَانِيٌّ، فَفِي تَقْرِيرِهِ وَعَدَمِهِ وَمَا يُقْبَلُ مِنْهُ الْأَقْوَالُ. وَقِيلَ: يُمْنَعُ التَّقْرِيرُ قَطْعًا، لِكَوْنِهِ دُونَ دِينِهِ الْأَوَّلِ. فَإِنْ لَمْ نُقِرُّهُ، وَأَبَى الرُّجُوعَ، فَفِي الْقَتْلِ وَالْإِلْحَاقِ بِالْمَأْمَنِ الْقَوْلَانِ. وَعَلَى كُلِّ حَالٍ، لَا تَحِلُّ ذَبِيحَتُهُ وَلَا نِكَاحُهَا. وَإِنْ كَانَتْ مَنْكُوحَةَ مُسْلِمٍ، تَنَجَّزَتِ الْفُرْقَةُ إِنْ كَانَ قَبْلَ الدُّخُولِ، وَإِلَّا، فَإِنْ أَسْلَمَتْ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ، أَوْ عَادَتْ إِلَى دِينِهَا وَقَنِعْنَا بِهِ، دَامَ النِّكَاحُ، وَإِلَّا بَانَ حُصُولُ الْفُرْقَةِ مِنْ وَقْتِ الِانْتِقَالِ. وَلَوْ تَمَجَّسَتْ كِتَابِيَّةٌ تَحْتَ كِتَابِيٍّ، فَإِنْ كَانُوا لَا يُجَوِّزُونَ نِكَاحَ الْمَجُوسِ، فَكَتَمَجُّسِهَا تَحْتَ مُسْلِمٍ، وَإِلَّا، فَنُقِرُّهُمَا إِذَا أَسْلَمَا. وَلَوْ تَهَوَّدَ أَوْ تَنَصَّرَ مَجُوسِيٌّ، فَفِي التَّقْرِيرِ الْأَقْوَالُ، فَإِنْ مَنَعْنَاهُ، فَالتَّفْرِيعُ كَمَا سَبَقَ، وَلَا تَحِلُّ ذَبِيحَتُهُ وَنِكَاحُهَا بِحَالٍ، لِأَنَّ الِانْتِقَالَ مِنْ بَاطِلٍ إِلَى بَاطِلٍ لَا يُفِيدُ فَضِيلَةً.

الضَّرْبُ الثَّانِي: انْتِقَالٌ مِمَّا يُقَرُّ عَلَيْهِ إِلَى مَا لَا يُقَرُّ، كَتَوَثُّنِ يَهُودِيٍّ أَوْ نَصْرَانِيٍّ

ص: 140

فَلَا يُقَرُّ قَطْعًا. وَهَلْ يُقْنَعُ بِعَوْدِهِ إِلَى مَا انْتَقَلَ مِنْهُ أَوْ دِينٍ يُقَرُّ أَهْلُهُ عَلَيْهِ، أَمْ لَا يُقْبَلُ إِلَّا الْإِسْلَامُ أَوْ مَا انْتَقَلَ مِنْهُ، أَمْ لَا يُقْبَلُ إِلَّا الْإِسْلَامُ؟ فِيهِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ. وَإِنْ كَانَ هَذَا الِانْتِقَالُ مِنْ كِتَابِيَّةٍ تَحْتَ مُسْلِمٍ، انْفَسَخَ نِكَاحُهَا إِنْ لَمْ يَدْخُلْ. وَإِنْ دَخَلَ فَعَادَتْ إِلَى مَا يُقْبَلُ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ، اسْتَمَرَّ نِكَاحُهَا، وَإِلَّا، تَبَيَّنَ الْفِرَاقُ مِنْ وَقْتِ الِانْتِقَالِ. وَلَوْ تَوَثَّنَ مَجُوسِيٌّ، لَمْ يُقَرَّ، وَفِيمَا يُقْنَعُ بِهِ الْأَقْوَالُ.

الضَّرْبُ الثَّالِثُ: عَكْسُ الثَّانِي، كَتَهَوُّدِ وَثَنِيٍّ وَتَنَصُّرِهِ وَتَمَجُّسِهِ، فَلَا يُقَرُّ، وَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ إِلَّا الْإِسْلَامُ قَطْعًا كَالْمُرْتَدِّ، لِأَنَّهُ كَانَ لَا يُقَرُّ فَلَا يَسْتَفِيدُهُ بِبَاطِلٍ. وَإِذَا تَأَمَّلْتَ حُكْمَ هَذِهِ الْأَضْرُبِ، عَلِمْتَ أَنَّ الِانْتِقَالَ مِنْ دِينٍ بَاطِلٍ إِلَى بَاطِلٍ، يُبْطِلُ الْفَضِيلَةَ الَّتِي كَانَتْ فِي الْأَوَّلِ، وَلَا يُفِيدُ فَضِيلَةً لَمْ تَكُنْ فِي الْأَوَّلِ، وَلَكِنْ تَبْقَى الْفَضِيلَةُ الَّتِي يَشْتَرِكُ فِيهَا الدِّينَانِ إِنْ قُلْنَا بِالتَّقْرِيرِ. وَعَلِمْتَ أَنَّ كَلَامَهُمُ الْمُطْلَقَ فِي الْفَصْلِ السَّابِقِ: أَنَّ مَنْ دَخَلَ فِي التَّهَوُّدِ وَالتَّنَصُّرِ بَعْدَ النَّسْخِ وَالتَّبْدِيلِ لَا يُنَاكَحُ وَلَا يُقَرُّ بِالْجِزْيَةِ، غَيْرُ مُسْتَمِرٍّ عَلَى إِطْلَاقِهِ، لِأَنَّ مَنْ تَهَوَّدَ أَوْ تَنَصَّرَ الْيَوْمَ فَقَدْ دَخَلَ فِي ذَلِكَ الدِّينِ بَعْدَ النَّسْخِ وَالتَّبْدِيلِ، وَقَدْ بَيَّنَّا الْخِلَافَ فِي مُنَاكَحَتِهِ وَتَقْرِيرِهِ بِالْجِزْيَةِ إِذَا كَانَ الدُّخُولُ مِنْ دِينٍ يُقَرُّ أَهْلُهُ عَلَيْهِ، فَإِذًا إِطْلَاقُهُمْ هُنَاكَ وَجَزْمُهُمْ بِالْمَنْعِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إِذَا كَانَ الدُّخُولُ فِيهِ مِنْ دِينٍ لَا يُقَرُّ أَهْلُهُ كَالْوَثَنِيَّةِ، وَهَذَا هُوَ الْبَيَانُ الَّذِي سَبَقَ الْوَعْدُ بِهِ.

فَرْعٌ

إِذَا قَبِلْنَا رُجُوعَهُ إِلَى غَيْرِ الْإِسْلَامِ، فِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَا نَقُولُ لَهُ: أَسْلِمْ أَوْ عُدْ إِلَى مَا كُنْتَ عَلَيْهِ، بَلْ نَأْمُرُهُ بِالْإِسْلَامِ، لَكِنْ نَتْرُكُهُ إِذَا عَادَ إِلَى غَيْرِهِ.

الْقِسْمُ الثَّانِي: الِانْتِقَالُ مِنْ دِينٍ حَقٍّ إِلَى بَاطِلٍ، وَهُوَ رِدَّةُ الْمُسْلِمِ وَالْعِيَاذُ بِاللَّهِ، فَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ إِلَّا الْإِسْلَامُ، فَإِنْ أَبَى قُتِلَ كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى،

ص: 141

وَلَا يَحِلُّ نِكَاحُ الْمُرْتَدِّ لِأَحَدٍ. وَإِذَا ارْتَدَّ الزَّوْجَانِ أَوْ أَحَدُهُمَا قَبْلَ الدُّخُولِ، تَنَجَّزَتِ الْفُرْقَةُ، وَبَعْدَهُ نَقِفُ عَلَى الْعِدَّةِ. فَإِنْ جَمَعَهُمَا الْإِسْلَامُ قَبْلَ انْقِضَائِهَا، اسْتَمَرَّ النِّكَاحُ، وَإِلَّا، بَانَ حُصُولُ الْفُرْقَةِ مِنْ وَقْتِ الرِّدَّةِ. وَفِي مُدَّةِ التَّوَقُّفِ، لَا يَحِلُّ الْوَطْءُ، فَلَوْ وَطِئَ، فَلَا حَدَّ، وَتَجِبُ الْعِدَّةُ، وَهُمَا عِدَّتَانِ مِنْ شَخْصٍ، فَهُوَ كَوَطْءِ مُطَلَّقَتِهِ فِي عِدَّتِهِ، وَاجْتِمَاعُهُمَا فِي الْإِسْلَامِ هُنَا كَرَجْعَتِهِ هُنَاكَ، فَيَسْتَمِرُّ النِّكَاحُ إِذَا جَمَعَهُمَا الْإِسْلَامُ فِي الْحَالَاتِ الَّتِي يُحْكَمُ فِيهَا بِثُبُوتِ الرَّجْعَةِ هُنَاكَ. وَلَوْ طَلَّقَهَا فِي مُدَّةِ التَّوَقُّفِ، أَوْ ظَاهَرَ مِنْهَا، أَوْ آلَى تَوَقَّفْنَا. فَإِنْ جَمَعَهُمَا الْإِسْلَامُ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ، تَبَيَّنَّا صِحَّتَهَا، وَإِلَّا، فَلَا. وَلَيْسَ لِلزَّوْجِ إِذَا ارْتَدَّتْ أَنْ يَنْكِحَ أُخْتَهَا فِي مُدَّةِ التَّوَقُّفِ، وَلَا أَرْبَعًا سِوَاهَا، وَلَا أَنْ يَنْكِحَ أَمَةً. فَإِنْ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا فِي مُدَّةِ التَّوَقُّفِ، أَوْ خَالَعَهَا، جَازَ لَهُ ذَلِكَ، لِأَنَّهَا إِنْ لَمْ تَعُدْ إِلَى الْإِسْلَامِ، فَقَدْ بَانَتْ بِنَفْسِ الرِّدَّةِ، وَإِلَّا، فَبِالطَّلَاقِ (أَوِ الْخُلْعِ) .

الْقِسْمُ الثَّالِثُ: الِانْتِقَالُ مِنْ دِينٍ بَاطِلٍ إِلَى حَقٍّ، وَهُوَ بَابُ نِكَاحِ الْمُشْرِكِ الْآتِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

فَرْعٌ

مَنْ أَحَدُ أَبَوَيْهِ كِتَابِيٌّ وَالْآخَرُ وَثَنِيٌّ، يُقَرُّ بِالْجِزْيَةِ عَلَى الْمَذْهَبِ. وَأَمَّا مُنَاكَحَتُهُ وَمُنَاكَحَةُ مَنْ أَحَدُ أَبَوَيْهِ مَجُوسِيٌّ وَالْآخَرُ يَهُودِيٌّ أَوْ نَصْرَانِيٌّ أَوْ ذَبِيحَتُهُ، فَإِنْ كَانَتِ الْأُمُّ هِيَ الْكِتَابِيَّةَ، لَمْ يَحِلَّ قَطْعًا، وَكَذَا إِنْ كَانَ هُوَ الْأَبَ عَلَى الْأَظْهَرِ، هَذَا فِي صِغَرِ الْمُتَوَلِّدِ مِنْهُمَا. فَأَمَّا إِذَا بَلَغَ وَتَدَيَّنَ بِدِينِ الْكِتَابِيِّ مِنْهُمَا، فَقَالَ الشَّافِعِيُّ رضي الله عنه: تَحِلُّ مُنَاكَحَتُهُ وَذَبِيحَتُهُ. فَمِنَ الْأَصْحَابِ مَنْ أَثْبَتَ هَذَا قَوْلًا، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: لَا أَثَرَ لِبُلُوغِهِ، وَحَمَلَ النَّصَّ عَلَى مَا إِذَا كَانَ أَحَدُ أَبَوَيْهِ يَهُودِيًّا وَالْآخَرُ نَصْرَانِيًّا، فَبَلَغَ وَاخْتَارَ دِينَ أَحَدِهِمَا. وَلَوْ تَوَلَّدَ بَيْنَ يَهُودِيٍّ وَمَجُوسِيَّةٍ، فَبَلَغَ وَاخْتَارَ التَّمَجُّسَ،

ص: 142

فَعَنِ الْقَفَّالِ أَنَّهُ يُمَكَّنُ مِنْهُ، وَيَجْرِي عَلَيْهِ حُكْمُ الْمَجُوسِ. وَقَالَ الْإِمَامُ: لَا يَمْتَنِعُ أَنْ يُقَالَ: إِذَا أَثْبَتْنَا لَهُ حُكْمَ الْيَهُودِ فِي الذَّبِيحَةِ وَالْمُنَاكَحَةِ أَنْ نَمْنَعَهُ مِنَ التَّمَجُّسِ إِذَا مَنَعْنَا انْتِقَالَ الْكَافِرِ مِنْ دِينٍ إِلَى دِينٍ.

الْبَابُ السَّابِعُ فِي نِكَاحِ الْمُشْرِكِ

فِيهِ أَرْبَعَةُ أَطْرَافٍ.

[الطَّرَفُ] الْأَوَّلُ: فِيمَا يُقَرُّ عَلَيْهِ الْكَافِرُ مِنَ الْأَنْكِحَةِ الْجَارِيَةِ فِي الْكُفْرِ إِذَا أَسْلَمَ. فَإِذَا أَسْلَمَ وَتَحْتَهُ أَرْبَعُ كِتَابِيَّاتٍ، أَوْ أَقَلُّ، اسْتَمَرَّ نِكَاحُهُنَّ، لِأَنَّهُ يَجُوزُ ابْتِدَاؤُهُ فِي الْإِسْلَامِ، وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ الْيَهُودِيُّ وَالْمَجُوسِيُّ وَالْوَثَنِيُّ وَالْحَرْبِيُّ وَالذِّمِّيُّ.

وَإِنْ أَسْلَمَ وَتَحْتَهُ مَجُوسِيَّةٌ أَوْ وَثَنِيَّةٌ أَوْ غَيْرُهُمَا مِمَّنْ لَا يَجُوزُ نِكَاحُهَا مِنَ الْكَافِرَاتِ، وَتَخَلَّفَتْ هِيَ، فَإِنْ كَانَ قَبْلَ الْمَسِيسِ، تَنَجَّزَتِ الْفُرْقَةُ. وَإِنْ كَانَ بَعْدَهُ وَأَسْلَمَتْ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ، اسْتَمَرَّ النِّكَاحُ، وَإِلَّا، تَبَيَّنَّا حُصُولَ الْفُرْقَةِ مِنْ وَقْتِ إِسْلَامِ الزَّوْجِ. وَإِنْ أَسْلَمَتِ الْمَرْأَةُ، وَأَصَرَّ الزَّوْجُ عَلَى كُفْرِهِ، أَيَّ كُفْرٍ كَانَ، فَالْحُكْمُ كَمَا لَوْ أَسْلَمَ وَأَصَرَّتْ عَلَى التَّوَثُنِ. وَإِنْ أَسْلَمَا مَعًا، بَقِيَا عَلَى النِّكَاحِ. سَوَاءٌ فِيهِ جَمِيعُ أَنْوَاعِ الْكُفْرِ وَقَبْلَ الْمَسِيسِ وَبَعْدَهُ، وَالِاعْتِبَارُ فِي التَّرْتِيبِ وَالْمَعِيَّةِ، بِآخِرِ كَلِمَةِ الْإِسْلَامِ، لَا بِأَوَّلِهَا. وَلَوْ نَكَحَ كَافِرٌ لِابْنِهِ الصَّغِيرِ صَغِيرَةً، فَإِسْلَامُ الْأَبَوَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا قَبْلَ بُلُوغِهِمَا كَإِسْلَامِ الزَّوْجَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا. وَلَوْ نَكَحَ لِطِفْلِهِ بَالِغَةً، وَأَسْلَمَ أَبُو الطِّفْلِ وَالْمَرْأَةُ مَعًا، قَالَ الْبَغَوِيُّ: يَبْطُلُ النِّكَاحُ، لِأَنَّ إِسْلَامَ الْوَلَدِ يَحْصُلُ عَقِبَ إِسْلَامِ الْأَبِ، فَيُقَدَّمُ إِسْلَامُهُمَا عَلَى إِسْلَامِ الزَّوْجِ، لَكِنَّ تَرَتُّبَ إِسْلَامِ الْوَلَدِ عَلَى إِسْلَامِ الْأَبِ

ص: 143

لَا يَقْتَضِي تَقَدُّمًا وَتَأَخُّرًا بِالزَّمَانِ، فَلَا يَظْهَرُ تَقَدُّمُ إِسْلَامِهَا عَلَى إِسْلَامِ الزَّوْجِ: قَالَ: وَإِنْ أَسْلَمَتْ عَقِبَ إِسْلَامِ الْأَبِ، بَطَلَ النِّكَاحُ أَيْضًا، لِأَنَّ إِسْلَامَ الْوَلَدِ يَحْصُلُ حُكْمًا، وَإِسْلَامُهَا يَحْصُلُ بِالْقَوْلِ، وَالْحُكْمِيُّ يَكُونُ سَابِقًا لِلْقَوْلِيِّ، فَلَا يَتَحَقَّقُ إِسْلَامُهُمَا مَعًا.

فَرْعٌ

حَيْثُ تَوَقَّفْنَا فِي النِّكَاحِ وَانْتَظَرْنَا الْحَالَ إِلَى انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ، فَطَلَّقَ قَبْلَ انْقِضَائِهَا، فَطَلَاقُهُ مَوْقُوفٌ. فَإِنِ اجْتَمَعَا عَلَى الْإِسْلَامِ فِي الْعِدَّةِ، تَيَقَّنَّا وُقُوعَهُ. وَيُعْتَدُّ مِنْ وَقْتِ الطَّلَاقِ، وَإِلَّا، فَلَا طَلَاقَ. وَقِيلَ: فِي الطَّلَاقِ قَوْلَا وَقْفِ الْعُقُودِ. فَفِي قَوْلٍ: لَا يَقَعُ وَإِنِ اجْتَمَعَا فِي الْإِسْلَامِ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ. وَطُرِدَا فِيمَا إِذَا أَعْتَقَ عَبْدَ أَبِيهِ عَلَى ظَنِّ حَيَاتِهِ، فَبَانَ مَيِّتًا، كَمَا لَوْ بَاعَهُ عَلَى ظَنِّ حَيَاتِهِ فَبَانَ مَيِّتًا. وَالْمَذْهَبُ الْأَوَّلُ، لِأَنَّ الطَّلَاقَ وَالْعِتْقَ يَقْبَلَانِ صَرِيحَ التَّعْلِيقِ، فَقَبُولُهُمَا تَقْدِيرَ التَّعْلِيقِ أَوْلَى، وَكَذَا يَتَوَقَّفُ فِي الظِّهَارِ وَالْإِيلَاءِ. وَلَوْ قَذَفَهَا وَلَمْ يَجْتَمِعَا عَلَى إِسْلَامٍ فِي الْعِدَّةِ، لَمْ يُلَاعِنْ، وَيُعَزَّرُ إِنْ كَانَتْ هِيَ الْمُتَخَلِّفَةَ، وَيُحَدُّ إِنْ كَانَ هُوَ الْمُتَخَلِّفَ.

وَإِنِ اجْتَمَعَا عَلَى الْإِسْلَامِ، فَلَهُ أَنْ يُلَاعِنَ لِدَفْعِ الْحَدِّ أَوِ التَّعْزِيرِ. وَلَوْ سَبَقَ الزَّوْجُ إِلَى الْإِسْلَامِ، وَالزَّوْجَةُ وَثَنِيَّةٌ، فَنَكَحَ فِي زَمَنِ التَّوَقُّفِ أُخْتَهَا الْمُسْلِمَةَ أَوْ أَرْبَعًا سِوَاهَا، لَمْ يَصِحَّ. وَكَذَا لَوْ طَلَّقَهَا رَجْعِيَّةً فِي الشِّرْكِ ثُمَّ أَسْلَمَ وَنَكَحَ فِي الْعِدَّةِ أُخْتَهَا الْمُسْلِمَةَ أَوْ أَرْبَعًا سِوَاهَا، لِأَنَّ زَوَالَ نِكَاحِهَا غَيْرُ مُتَيَقَّنٍ، فَلَا يَنْكِحُ مَنْ لَا يَجُوزُ الْجَمْعُ بَيْنَهَا وَبَيْنَهَا. وَقَالَ الْمُزَنِيُّ: يَتَوَقَّفُ فِيمَنْ نَكَحَهَا. فَإِنْ أَسْلَمَتِ الْمُتَخَلِّفَةُ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ، بَانَ بُطْلَانُ نِكَاحِ الثَّانِيَةِ، وَإِلَّا، بَانَ صِحَّتُهُ.

وَذَكَرَ بَعْضُ الْأَصْحَابِ، أَنَّهُ عَلَى قَوْلَيْ وَقْفِ الْعُقُودِ. فَعَلَى قَوْلٍ: هُوَ كَمَا قَالَ الْمُزَنِيُّ. وَالْمَذْهَبُ هُوَ الْأَوَّلُ، وَهُوَ الْمَنْصُوصُ، وَبِهِ قَطَعَ الْجَمَاهِيرُ.

ص: 144