الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
رَضِيَتْ هِيَ، وَكَذَا إِنْ كَانَ جُذَامًا أَوْ بَرَصًا عَلَى الْأَصَحِّ. وَنَقَلَ الْحَنَّاطِيُّ فِي الْعَيْبِ الْحَادِثِ وَجْهًا، أَنَّ لِلْأَوْلِيَاءِ إِجْبَارَهَا عَلَى الْفَسْخِ وَهُوَ شَاذٌّ ضَعِيفٌ. وَعَلَى هَذَا التَّفْصِيلِ يَخْرُجُ حُكْمُ ابْتِدَاءِ التَّزْوِيجِ، فَإِنْ دَعَتْ إِلَى تَزْوِيجِهَا بِمَجْبُوبٍ أَوْ عَنِينٍ، فَعَلَيْهِمُ الْإِجَابَةُ عَلَى الصَّحِيحِ، فَإِنِ امْتَنَعُوا، كَانُوا عَاضِلِينَ، وَإِنْ دَعَتْ إِلَى مَجْنُونٍ، فَلَهُمُ الِامْتِنَاعُ، وَكَذَا الْمَجْذُومُ وَالْأَبْرَصُ عَلَى الْأَصَحِّ.
فَصْلٌ
فِي أَحْكَامِ هَذَا الْخِيَارِ
فِيهِ مَسَائِلُ.
إِحْدَاهَا: هَذَا الْخِيَارُ عَلَى الْفَوْرِ كَخِيَارِ الْعَيْبِ فِي الْبَيْعِ، هَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ. وَبِهِ قَطَعَ الْجُمْهُورُ. وَقِيلَ: قَوْلَانِ آخَرَانِ كَخِيَارِ الْعِتْقِ. أَحَدُهُمَا: يَمْتَدُّ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ. وَالثَّانِي: يَبْقَى إِلَى أَنْ يُوجَدَ صَرِيحُ الرِّضَى بِالْمَقَامِ مَعَهُ أَوْ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ، حَكَاهُمَا الشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ وَهُمَا ضَعِيفَانِ. وَهَلْ يَنْفَرِدُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَ الزَّوْجَيْنِ بِالْفَسْخِ، أَمْ لَا بُدَّ مِنَ الرَّفْعِ إِلَى الْحَاكِمِ؟ أَمَّا التَّعْنِينُ، فَلَا بُدَّ مِنَ الرَّفْعِ، وَفِيمَا سِوَاهُ وَجْهَانِ. أَصَحُّهُمَا: لَا بُدَّ مِنَ الرَّفْعِ ; لِأَنَّهُ مُجْتَهِدٌ فِيهِ. قَالَ الْبَغَوِيُّ: وَعَلَى الْوَجْهَيْنِ لَوْ أَخَّرَ إِلَى أَنْ يَأْتِيَ إِلَى الْحَاكِمِ وَيَفْسَخَ بِحَضْرَتِهِ، جَازَ. وَلَوْ وَطِئَهَا وَظَهَرَ بِهَا عَيْبٌ، فَقَالَتْ: وَطِئْتَ عَالِمًا، فَأَنْكَرَ، أَوْ كَانَ الْعَيْبُ بِهِ، فَقَالَ: كُنْتِ عَالِمَةً فَأَنْكَرَتْ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُنْكِرِ عَلَى الصَّحِيحِ. وَقَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ: قَوْلُ الْآخَرِ ; لِأَنَّ الْأَصْلَ دَوَامُ النِّكَاحِ.
الثَّانِيَةُ: الْفَسْخُ بِعَيْبٍ مُقَارِنٍ لِلْعَقْدِ، إِنْ كَانَ قَبْلَ الدُّخُولِ، سَقَطَ كُلُّ الْمَهْرِ وَلَا مُتْعَةَ، سَوَاءٌ كَانَ الْعَيْبُ فِيهِ أَوْ فِيهَا ; لِأَنَّ شَأْنَ الْفَسْخِ تَرَادُّ الْعِوَضَيْنِ. وَإِنْ كَانَ بَعْدَ الدُّخُولِ، فَثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ، الصَّحِيحُ الْمَنْصُوصُ، أَنَّهُ يَسْقُطُ الْمُسَمَّى وَيَجِبُ مَهْرُ
الْمِثْلِ، وَالثَّانِي: يَجِبُ الْمُسَمَّى، وَالثَّالِثُ: إِنْ فَسَخَ بِعَيْبِهَا، فَمَهْرُ الْمِثْلِ، وَإِنْ فَسَخَتْ بِعَيْبِهِ، فَالْمُسَمَّى. وَأَمَّا الْفَسْخُ بِعَيْبٍ حَادِثٍ بَعْدَ الْعَقْدِ، فَإِنْ كَانَ قَبْلَ الدُّخُولِ فَلَا مَهْرَ، وَإِنْ كَانَ بَعْدَهُ، فَإِنْ أَوْجَبْنَا فِي الْمُقَارِنِ الْمُسَمَّى، فَهُنَا أَوْلَى، وَإِلَّا، فَأَوْجُهٌ. أَحَدُهَا: الْمُسَمَّى، وَالثَّانِي: مَهْرُ الْمِثْلِ، وَأَصَحُّهَا: إِنْ حَدَثَ قَبْلَ الدُّخُولِ، ثُمَّ دَخَلَ بِهَا غَيْرَ عَالِمٍ بِالْحَالِ، فَمَهْرُ الْمِثْلِ كَالْمُقَارِنِ، وَإِنْ حَدَثَ بَعْدَ الدُّخُولِ، فَالْمُسَمَّى ; لِأَنَّهُ تَقَرَّرَ بِالْوَطْءِ قَبْلَ الْخَلَلِ.
فَرْعٌ
إِذَا اطَّلَعَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ عَلَى عَيْبِ الْآخَرِ، وَمَاتَ الْآخَرُ قَبْلَ الْفَسْخِ، فَهَلْ يُفْسَخُ بَعْدَ الْمَوْتِ؟ وَجْهَانِ حَكَاهُمَا الْحَنَّاطِيُّ، أَصَحُّهُمَا: يُفْسَخُ وَيَتَقَرَّرُ الْمُسَمَّى بِالْمَوْتِ. وَلَوْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ ثُمَّ عَلِمَ عَيْبَهَا، لَمْ يَسْقُطْ حَقُّهَا مِنَ النِّصْفِ ; لِأَنَّ الْفُرْقَةَ حَصَلَتْ بِالطَّلَاقِ.
الثَّالِثَةُ: إِذَا فُسِخَ بِعَيْبِهَا بَعْدَ الدُّخُولِ وَغُرِّمَ الْمَهْرَ، فَهَلْ يَرْجِعُ بِهِ عَلَى مَنْ غَرَّهُ؟ قَوْلَانِ. الْجَدِيدُ: الْأَظْهَرُ، لَا. وَمَوْضِعُ الْقَوْلَيْنِ إِذَا كَانَ الْعَيْبُ مُقَارِنًا لِلْعَقْدِ، وَأَمَّا إِذَا فُسِخَ بِعَيْبٍ حَادِثٍ، فَلَا رُجُوعَ بِالْمَهْرِ مُطْلَقًا، إِذْ لَا غُرُورَ. وَقَالَ الْمُتَوَلِّي: الْقَوْلَانِ إِذَا كَانَ الْمَغْرُومُ هُوَ مَهْرُ الْمِثْلِ، أَمَّا إِذَا كَانَ الْمُسَمَّى، فَلَا رُجُوعَ، وَالْأَصَحُّ مَا ذَكَرَهُ الْبَغَوِيُّ وَهُوَ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْمُسَمَّى وَمَهْرِ الْمِثْلِ، ثُمَّ إِذَا قُلْنَا بِالرُّجُوعِ، فَإِنْ كَانَ التَّغْرِيرُ وَالتَّدْلِيسُ مِنْهَا دُونَ الْوَلِيِّ، فَالرُّجُوعُ عَلَيْهَا دُونَهُ. وَصَوَّرَ الْمُتَوَلِّي التَّغْرِيرَ مِنْهَا، بِأَنْ خُطِبَ الزَّوْجُ إِلَيْهَا، فَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِعَيْبِهَا، وَطَلَبَتْ مِنَ الْوَلِيِّ تَزْوِيجَهَا بِهِ وَأَظْهَرَتْ لَهُ أَنَّ الزَّوْجَ عَرَفَ حَالَهَا.
وَصَوَّرَهُ الشَّيْخُ أَبُو الْفَرَجُ الزَّازُ، فِيمَا إِذَا عَقَدَتْ بِنَفْسِهَا، وَحَكَمَ بِصِحَّتِهِ حَاكِمٌ. ثُمَّ لَفْظُ الرُّجُوعِ الَّذِي اسْتَعْمَلَهُ الْأَصْحَابُ يُشْعِرُ
بِالدَّفْعِ إِلَيْهَا، ثُمَّ الِاسْتِرْدَادِ مِنْهَا. لَكِنْ ذَكَرَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَالْإِمَامُ، أَنَّهُ لَا مَعْنَى لِلدَّفْعِ إِلَيْهَا وَالِاسْتِرْدَادِ، وَيَعُودُ مَعْنَى الرُّجُوعِ إِلَى أَنَّهُ لَا يُغَرَّمُ لَهَا. وَهَلْ يَجِبُ لَهَا أَقَلُّ مَا يَجُوزُ صَدَاقًا لِئَلَّا يَخْلُوَ النِّكَاحُ عَنْ مَهْرٍ؟ وَجْهَانِ. وَيُقَالُ: قَوْلَانِ.
قُلْتُ: الْأَصَحُّ عِنْدَ مَنْ قَالَ بِالرُّجُوعِ، أَنَّهُ لَا يُبْقِي لَهَا شَيْئًا، وَيَكْفِي فِي حُرْمَةِ النِّكَاحِ أَنَّهُ وَجَبَ لَهَا ثُمَّ اسْتُرِدَّ بِالتَّغْرِيرِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَإِنْ كَانَ التَّغْرِيرُ مِنَ الْوَلِيِّ، بِأَنْ خَطَبَ إِلَيْهِ فَزَوَّجَ وَهُوَ مُجْبَرٌ أَوْ غَيْرُهُ بِإِذْنِهَا وَلَمْ يَذْكُرْ لِلْخَاطِبِ عَيْبَهَا، فَإِنْ كَانَ عَالِمًا بِالْعَيْبِ، رَجَعَ عَلَيْهِ بِجَمِيعِ مَا غُرِّمَ. وَإِنْ كَانَ جَاهِلًا، فَوَجْهَانِ ; لِأَنَّهُ غَيْرُ مُقْتَصِرٍ، لَكِنَّ ضَمَانَ الْمَالِ لَا يَسْقُطُ بِالْجَهْلِ. فَإِنْ قُلْنَا: لَا رُجُوعَ إِذَا جَهِلَ، فَذَلِكَ إِذَا لَمْ يَكُنْ مَحْرَمًا كَابْنِ عَمٍّ وَمُعْتَقٍ وَقَاضٍ، وَحِينَئِذٍ يَكُونُ الرُّجُوعُ عَلَى الْمَرْأَةِ. فَأَمَّا الْمَحْرَمُ، فَلَا يَخْفَى عَلَيْهِ الْحَالُ غَالِبًا، وَإِنْ خَفِيَ فَلِتَقْصِيرِهِ، فَيَرْجِعُ عَلَيْهِ مَعَ الْجَهْلِ عَلَى الصَّحِيحِ. فَإِذَا قُلْنَا: لَا رُجُوعَ عَلَى الْجَاهِلِ، فَعَلَى الزَّوْجِ إِثْبَاتُ الْعِلْمِ بِبَيِّنَةٍ عَلَى إِقْرَارِ الْوَلِيِّ بِالْعِلْمِ. وَإِنْ غَرَّهُ أَوْلِيَاءُ الزَّوْجَةِ، فَالرُّجُوعُ عَلَيْهِمْ، فَإِنْ جَهِلَ بَعْضُهُمْ وَقُلْنَا: لَا رُجُوعَ عَلَى الْجَاهِلِ، رَجَعَ عَلَى مَنْ عَلِمَ. وَلَوْ وُجِدَ التَّغْرِيرُ مِنْهَا وَمِنَ الْوَلِيِّ، فَهَلْ يَكُونُ الرُّجُوعُ عَلَيْهَا فَقَطْ لِقُوَّةِ جَانِبِهَا، أَمْ عَلَيْهِمَا نِصْفَيْنِ؟ فِيهِ وَجْهَانِ، وَإِنْ غَرَّتِ الْوَلِيَّ وَغَرَّ الْوَلِيُّ الزَّوْجَ، رَجَعَ الزَّوْجُ عَلَى الْوَلِيِّ وَالْوَلِيُّ عَلَيْهَا، وَلَمْ يَتَعَرَّضُوا لِمَا إِذَا كَانَتْ جَاهِلَةً بِعَيْبِهَا، وَلَا يَبْعُدُ مَجِيءُ الْخِلَافِ فِيهِ.
قُلْتُ: لَا مَجِيءَ لَهُ لِتَقْصِيرِهَا الظَّاهِرِ، لَا سِيَّمَا وَقَدْ قَطَعَ الْجُمْهُورُ بِأَنَّ الْوَلِيَّ الْمَحْرَمَ لَا يُعْذَرُ بِجَهْلِهِ لِتَقْصِيرِهِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
الرَّابِعَةُ: الْمَفْسُوخُ نِكَاحُهَا بَعْدَ الدُّخُولِ، لَا نَفَقَةَ لَهَا فِي الْعِدَّةِ وَلَا سُكْنَى إِذَا كَانَتْ حَائِلًا بِلَا خِلَافٍ، وَإِنْ كَانَتْ حَامِلًا، فَإِنْ قُلْنَا: نَفَقَةُ الْمُطَلَّقَةِ الْحَامِلِ لِلْحَمْلِ وَجَبَتْ هُنَا، وَإِنْ قُلْنَا بِالْأَظْهَرِ. إِنَّهَا لِلْحَامِلِ، لَمْ تَجِبْ. وَأَمَّا السُّكْنَى، لَا تَجِبُ عَلَى الْمَذْهَبِ وَبِهِ قَطَعَ الْجُمْهُورُ. وَقِيلَ بِطَرْدِ الْقَوْلَيْنِ. وَقَالَ ابْنُ سَلَمَةَ: إِنْ كَانَ الْفَسْخُ بِعَيْبٍ حَادِثٍ، وَجَبَتْ، وَإِلَّا فَلَا. وَإِذَا لَمْ نُوجِبِ السُّكْنَى فَأَرَادَ أَنْ يُسْكِنَهَا حِفْظًا لِمَائِهِ، فَلَهُ ذَلِكَ وَعَلَيْهَا الْمُوَافَقَةُ، قَالَهُ أَبُو الْفَرَجِ السَّرَخْسِيُّ.
فُرُوعٌ
تَتَعَلَّقُ بِهَذَا السَّبَبِ
رَضِيَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ بِعَيْبِ صَاحِبِهِ، فَحَدَثَ بِمَنْ بِهِ الْعَيْبُ عَيْبٌ آخَرُ، ثَبَتَ الْخِيَارُ بِالْعَيْبِ الْحَادِثِ عَلَى الصَّحِيحِ. وَإِنِ ازْدَادَ الْأَوَّلُ، فَلَا خِيَارَ عَلَى الصَّحِيحِ ; لِأَنَّ رِضَاهُ بِالْأَوَّلِ رِضًى بِمَا يَتَوَلَّدُ مِنْهُ. وَلَوْ فُسِخَ بِعَيْبٍ، فَبَانَ أَنْ لَا عَيْبَ، فَهَلْ يَحْكُمُ بِبُطْلَانِ الْفَسْخِ وَبِاسْتِمْرَارِ النِّكَاحِ؟ وَجْهَانِ حَكَاهُمَا الْحَنَّاطِيُّ.
قُلْتُ: الصَّحِيحُ، بُطْلَانُ الْفَسْخِ ; لِأَنَّهُ بِغَيْرِ حَقٍّ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَلَوْ قَالَ: عَلِمْتُ عَيْبَ صَاحِبِي، وَلَمْ أَعْلَمْ أَنَّ الْعَيْبَ يُثْبِتُ الْخِيَارَ، فَقَوْلَانِ كَنَظِيرِهِ فِي عِتْقِهَا تَحْتَ عَبْدٍ. وَقِيلَ: لَا خِيَارَ هُنَا قَطْعًا ; لِأَنَّ الْخِيَارَ بِالْعَيْبِ مَشْهُورٌ فِي جِنْسِ الْعُقُودِ.
السَّبَبُ الثَّانِي: الْغُرُورُ بِالِاشْتِرَاطِ. فَإِذَا شُرِطَ فِي الْعَقْدِ إِسْلَامُ الْمَنْكُوحَةِ، فَبَانَتْ ذِمِّيَّةً، أَوْ شُرِطَ نَسَبٌ أَوْ حُرِّيَّةٌ فِي أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ فَبَانَ خِلَافُهُ، فَهَلْ يَصِحُّ النِّكَاحُ أَمْ يَبْطُلُ؟ قَوْلَانِ. أَظْهَرُهُمَا: الصِّحَّةُ. وَالْقَوْلَانِ فِيمَا إِذَا اشْتَرَطَتْ حُرِّيَّتَهُ فَبَانَ
عَبْدًا، هُمَا إِذَا نُكِحَ بِإِذْنِ السَّيِّدِ، وَإِلَّا، فَلَا يَصِحُّ قَطْعًا. وَفِيمَا إِذَا شَرَطَ حُرِّيَّتَهَا فَبَانَتْ أَمَةً، هُمَا إِذَا نُكِحَتْ بِإِذْنِ السَّيِّدِ وَكَانَ الزَّوْجُ مِمَّنْ يَحِلُّ لَهُ الْإِمَاءُ، وَإِلَّا، فَلَا يَصِحُّ قَطْعًا. وَيَجْرِي الْقَوْلَانِ فِي كُلِّ وَصْفِ شَرْطٍ، فَبَانَ خِلَافُهُ، سَوَاءٌ كَانَ الْمَشْرُوطُ صِفَةَ كَمَالٍ كَالْجَمَالِ، وَالنَّسَبِ، وَالشَّبَابِ، وَالْيَسَارِ، وَالْبَكَارَةِ، أَوْ صِفَةَ نَقْصٍ كَأَضْدَادِهَا، أَوْ كَانَ مِمَّا لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ نَقْصٌ وَلَا كَمَالٌ، هَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ وَبِهِ قَطَعَ الْجُمْهُورُ.
وَفِي «شَرْحِ مُخْتَصَرِ الْجُوَيْنِيِّ» أَنَّهُمَا إِنَّمَا يَجْرِيَانِ فِي النَّسَبِ وَالْحُرِّيَّةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِالْكَفَاءَةِ، فَإِذَا قُلْنَا بِبُطْلَانِ النِّكَاحِ، فُرِّقَ بَيْنَهُمَا وَلَا شَيْءَ عَلَى الزَّوْجِ إِنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا، وَإِنْ دَخَلَ، فَلَا حَدَّ لِلشُّبْهَةِ وَعَلَيْهِ مَهْرُ الْمِثْلِ، وَلَا سُكْنَى لَهَا فِي الْعِدَّةِ، وَكَذَا لَا نَفَقَةَ إِنْ كَانَتْ حَائِلًا. فَإِنْ كَانَتْ حَامِلًا، فَعَلَى الْقَوْلَيْنِ فِي أَنَّ النَّفَقَةَ لِلْحَمْلِ أَوْ لِلْحَامِلِ؟ إِنْ قُلْنَا: لِلْحَمْلِ، وَجَبَتْ، وَإِلَّا، فَلَا، وَإِذَا قُلْنَا بِصِحَّةِ النِّكَاحِ، فَإِنْ بَانَ الْمَوْصُوفُ خَيْرًا مِمَّا شَرَطَ، فَلَا خِيَارَ، وَإِنْ بَانَ دُونَهُ، فَقَدْ أَطْلَقَ الْغَزَالِيُّ فِي ثُبُوتِ الْخِيَارِ قَوْلَيْنِ. وَأَمَّا سَائِرُ الْأَصْحَابِ، فَقَالُوا: إِنْ شُرِطَ فِي الزَّوْجِ نَسَبٌ شَرِيفٌ فَبَانَ خِلَافُهُ، نُظِرَ إِنْ كَانَ نَسَبُهُ دُونَ نَسَبِهَا، فَلَهَا الْخِيَارُ. وَإِنْ رَضِيَتْ هِيَ، فَلِأَوْلِيَائِهَا الْخِيَارُ، وَإِنْ كَانَ نَسَبُهُ كَنَسَبِهَا أَوْ فَوْقَهُ، إِلَّا أَنَّهُ دُونَ الْمَشْرُوطِ، فَلَا خِيَارَ لَهَا عَلَى الْأَظْهَرِ، وَقِيلَ: لَا خِيَارَ قَطْعًا، وَلَا خِيَارَ لِلْأَوْلِيَاءِ ; لِأَنَّ الْكَفَاءَةَ حَاصِلَةٌ وَالشَّرْطُ لَا يُؤَثِّرُ فِي حَقِّهِمْ، وَإِنْ شَرَطَ فِي الزَّوْجَةِ نَسَبٌ فَبَانَ خِلَافُهُ، فَطَرِيقَانِ، أَصَحُّهُمَا: أَنَّهُ كَهِيَ فَيَثْبُتُ لَهُ الْخِيَارُ إِنْ كَانَتْ دُونَ نَسَبِهِ، وَإِلَّا، فَفِيهِ الْقَوْلَانِ.
وَالطَّرِيقُ الثَّانِي: لَا خِيَارَ لَهُ قَطْعًا لِقُدْرَتِهِ عَلَى الطَّلَاقِ وَعَدَمِ الْعَارِ عَلَيْهِ. وَإِنْ شَرَطَتْ حُرِّيَّتَهُ فَخَرَجَ عَبْدًا، فَإِنْ كَانَتْ حُرَّةً، فَلَهَا وَلِوَلِيِّهَا الْخِيَارُ، وَإِنْ كَانَتْ أَمَةً، فَفِي ثُبُوتِ الْخِيَارِ وَجْهَانِ. وَقِيلَ: يَثْبُتُ قَطْعًا. قَالَ الْإِمَامُ وَالْمُتَوَلِّي: وَإِذَا أَثْبَتْنَاهُ، فَهُوَ لِلسَّيِّدِ دُونَ الْأَمَةِ، فَإِنَّ لَهُ أَنْ يُجْبِرَهَا عَلَى نِكَاحِ عَبْدٍ، بِخِلَافِ مَا إِذَا خَرَجَ الزَّوْجُ مَعِيبًا، فَإِنَّ الْخِيَارَ لَهَا ; لِأَنَّهُ لَيْسَ لِلسَّيِّدِ إِجْبَارُهَا عَلَى نِكَاحِ مَعِيبٍ بِأَحَدِ هَذِهِ