الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَبَادَرَتْ بِالْقَلْعِ، نُظِرَ، إِنْ بَقِيَ فِي الْأَرْضِ نَقْصٌ لِضَعْفِهَا بِهِمَا وَهُوَ الْغَالِبُ، فَهُوَ عَلَى خِيرَتِهِ، وَإِلَّا انْحَصَرَ حَقُّهُ فِي الْأَرْضِ.
فَصْلٌ
أَصْدَقَهَا نَخِيلًا حَوَائِلَ، ثُمَّ طَلَّقَهَا وَهِيَ مُطْلِعَةٌ، فَلَيْسَ لَهُ أَخْذُ نِصْفِ الطَّلْعِ قَهْرًا، وَلَا نِصْفِ الْعَيْنِ قَهْرًا ; لِأَنَّ الطَّلْعَ كَزِيَادَةٍ مُتَّصِلَةٍ فَيُمْنَعُ الرُّجُوعَ قَهْرًا. فَإِنْ رَضِيَتْ بِأَخْذِهِ نِصْفَ النَّخْلِ وَالطَّلْعِ، أُجْبِرَ عَلَى الْمَذْهَبِ. وَقِيلَ: وَجْهَانِ كَالثَّمَرَةِ الْمُؤَبَّرَةِ، أَمَّا إِذَا طَلَّقَهَا وَعَلَيْهَا ثِمَارٌ مُؤَبَّرَةٌ، فَفِيهَا مَسَائِلُ.
إِحْدَاهَا: لَيْسَ لَهُ تَكْلِيفُهَا قَطْعَ الثَّمَرَةِ لِيَرْجِعَ إِلَى نِصْفِ الْعَيْنِ. فَلَوْ بَادَرَتْ بِقَطْعِهَا، أَوْ قَالَتْ: اقْطَعْهَا لِيَرْجِعَ، فَلَيْسَ لِلزَّوْجِ إِلَّا الرُّجُوعُ إِلَى نِصْفِ الشَّجَرِ إِذَا لَمْ يَمْتَدَّ زَمَنُ الْقَطْعِ وَلَمْ يَحْدُثْ بِهِ نَقْصٌ فِي الشَّجَرِ بِانْكِسَارِ سَعَفٍ وَأَغْصَانٍ.
الثَّانِيَةُ: أَرَادَ الرُّجُوعَ فِي نِصْفِ النَّخْلِ وَتَرْكِ الثِّمَارِ إِلَى الْجِدَادِ فَأَبَتْ، أُجْبِرَتْ عَلَى الْأَصَحِّ عِنْدَ الْجُمْهُورِ، مِنْهُمُ الْعِرَاقِيُّونَ، وَبِهِ قَطَعَ الْبَغَوِيُّ ; لِأَنَّ الْأَشْجَارَ فِي يَدِهَا كَسَائِرِ الْأَمْوَالِ الْمُشْتَرَكَةِ. وَرَجَّحَ الْمُتَوَلِّي مَنَعَ الْإِجْبَارِ، وَأَشَارَ إِلَى تَرْجِيحِهِ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ ; لِأَنَّهَا قَدْ [لَا] تَرْضَى بِيَدِهِ وَدُخُولِهِ الْبُسْتَانَ. قَالَ الْإِمَامُ: وَلِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ تَنْمِيَةِ الثِّمَارِ بِالسَّقْيِ، وَلَا يُمْكِنُ تَكْلِيفُهَا السَّقْيَ ; لِأَنَّ نَفْعَهُ غَيْرُ مُخْتَصٍّ بِالثَّمَرِ، بَلْ يُنْفَعُ بِهِ الشَّجَرُ أَيْضًا، وَلَا يُمْكِنُ تَكْلِيفُهَا تَرْكَ السَّقْيِ لِتَضَرُّرِ الثَّمَرِ
وَالشَّجَرِ. وَلِمَنْ قَالَ بِالْأَوَّلِ أَنْ يَقُولَ: حُكْمُ السَّقْيِ هُنَا حُكْمُهُ فِيمَا إِذَا اشْتَرَكَ اثْنَانِ فِي الشَّجَرِ وَانْفَرَدَ أَحَدُهُمَا بِالثَّمَرِ فِي غَيْرِ الصَّدَاقِ. الثَّالِثَةُ: أَرَادَتْ رُجُوعَهُ فِي نِصْفِ الشَّجَرِ وَتَرْكَ ثَمَرِهَا إِلَى الْجِدَادِ، فَلَهُ الِامْتِنَاعُ وَطَلَبُ الْقِيمَةِ ; لِأَنَّ حَقَّهُ فِي الشَّجَرِ خَالِيَةً، وَلَيْسَ لَهَا تَكْلِيفُهُ تَأْخِيرَ الرُّجُوعِ إِلَى الْجِدَادِ ; لِأَنَّ حَقَّهُ نَاجِزٌ فِي الْعَيْنِ أَوِ الْقِيمَةِ. وَلَوْ قَالَ: أُؤَخِّرُ الرُّجُوعَ إِلَى الْجِدَادِ، فَلَهَا الِامْتِنَاعُ لِأَنَّ نَصِيبَهُ يَكُونُ مَضْمُونًا عَلَيْهَا، كَذَا وَجَّهُوهُ، وَهُوَ تَفْرِيعٌ عَلَى أَنَّ النِّصْفَ الرَّاجِعَ إِلَيْهِ يَكُونُ مَضْمُونًا عَلَيْهَا، وَفِيهِ خِلَافٌ سَبَقَ. وَلَوْ قَالَ: أَرْجِعُ وَيَكُونُ نَصِيبِي وَدِيعَةً عِنْدَكِ وَقَدْ أَبْرَأْتُكِ عَنْ ضَمَانِهِ، فَوَجْهَانِ لَهُمَا الْتِفَاتٌ إِلَى إِبْرَاءِ الْغَاصِبِ مَعَ بَقَاءِ الْمَغْصُوبِ فِي يَدِهِ. وَزَادَ مَنْ نَظَرَ إِلَى السَّقْيِ، فَقَالَ: لَيْسَ لَهَا أَنْ تَقُولَ: ارْجِعْ وَاسْقِ ; لِأَنَّ فَائِدَةَ السَّقْيِ تَعُودُ إِلَى نَصِيبِهَا مِنَ الشَّجَرِ وَإِلَى الثِّمَارِ وَهِيَ خَالِصَةٌ لَهَا، وَلَا أَنْ تَقُولَ: ارْجِعْ وَلَا تَسْقِ ; لِأَنَّهُ يَتَضَرَّرُ.
وَلَوْ قَالَتْ: ارْجِعْ وَأَنَا لَا أَسْقِي وَإِلَيْكَ الْخِيرَةُ فِي السَّقْيِ وَتَرَكِهِ، أَوْ قَالَ: ارْجِعِ وَلَا أَسْقِي وَلَكِ الْخِيَارُ فِي السَّقْيِ وَتَرْكِهِ، لَمْ يَلْزَمِ الْآخَرُ الْإِجَابَةَ ; لِأَنَّهُ إِنْ تَرَكَ السَّقْيَ تَضَرَّرَ، وَإِنْ سَقَى اخْتَصَّ بِالْمُؤْنَةِ دُونَ الْفَائِدَةِ. وَلَوْ قَالَ الزَّوْجُ: ارْجِعِ إِلَى النِّصْفِ وَاسْقِ وَالْتَزِمِ الْمُؤْنَةَ، أَوْ قَالَتْ: ارْجِعْ وَأَنَا أَسْقِي، فَهَلْ يَلْزَمُ الْآخَرُ الْإِجَابَةَ؟ وَجْهَانِ. أَصَحُّهُمَا: الْمَنْعُ، لِأَنَّهُ وَعْدٌ وَقَدْ لَا يَفِي بِهِ. فَإِنْ قُلْنَا بِالْإِجَابَةِ، فَبَدَا لِلْمُلْتَزِمِ وَامْتَنَعَ، تَبَيَّنَّا أَنَّ الْمِلْكَ لَمْ يَرْجِعْ إِلَى الزَّوْجِ، وَكَأَنَّهُ مَوْقُوفٌ عَلَى الْوَفَاءِ بِالْوَعْدِ، وَأَلْحَقُوا بِهَذِهِ الصُّورَةِ مَا إِذَا أَصْدَقَهَا جَارِيَةً فَوَلَدَتْ فِي يَدِهَا وَلَدًا مَمْلُوكًا ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ، فَقَالَ: أَرْجِعُ إِلَى نِصْفِ الْجَارِيَةِ وَأَرْضَى
أَنْ تُرْضِعَ الْوَلَدَ، فَفِيهِ الْوَجْهَانِ. قَالَ الْإِمَامُ: وَنَصُّ الشَّافِعِيِّ رحمه الله يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا يُجَابُ. وَلَوْ قَالَ: أَرْجِعُ وَأَمْنَعُهَا الْإِرْضَاعَ، لَمْ تُجَبْ بِلَا خِلَافٍ. وَفِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَرَاءَ الْإِرْضَاعِ وَمُضِيَّ زَمَانِهِ شَيْءٌ آخَرُ، وَهُوَ التَّفْرِيقُ بَيْنَ الْأُمِّ وَالْوَلَدِ. وَقَدْ ذَكَرْنَا مَا ذَكَرَهُ صَاحِبَا «الشَّامِلِ» وَ «التَّتِمَّةِ» فِيهِ.
الرَّابِعَةُ: وَهَبَتْ لَهُ نِصْفَ الثِّمَارِ لِيَشْتَرِكَا فِي الثَّمَرِ وَالشَّجَرِ، فَهَلْ يَجِبُ الْقَبُولُ لِأَنَّ الثَّمَرَ مُتَّصِلٌ كَالسَّمِنِ، أَمْ لَا ; لِأَنَّ الثَّمَرَةَ الْمُؤَبَّرَةَ كَالْمُنْفَصِلَةِ وَلَا يُجْبَرُ عَلَى قَبُولِ مِلْكِ الْغَيْرِ؟ وَجْهَانِ. أَصَحُّهُمَا: الثَّانِي.
الْخَامِسَةُ: تَرَاضَيَا عَلَى الرُّجُوعِ فِي نِصْفِ الشَّجَرِ فِي الْحَالِ، أَوْ عَلَى تَأْخِيرِ الرُّجُوعِ إِلَى الْجِدَادِ، مَكَّنَا مِنْهُ. وَإِذَا بَدَا لِأَحَدِهِمَا فِي التَّأْخِيرِ، مَكَّنَ مِنَ الرُّجُوعِ عَنْهُ. وَقَالَ الْمُعَلِّلُونَ بِالسَّقْيِ: إِنْ رَضِيَا بِالرُّجُوعِ فِي الْحَالِ عَلَى أَنْ يَسْقِيَ مَنْ شَاءَ مِنْهُمَا مُتَبَرِّعًا، أَوْ عَلَى أَنْ يَتْرُكَا أَوْ أَحَدُهُمَا السَّقْيَ، فَمَنِ الْتَزَمَ السَّقْيَ، فَهُوَ وَعْدٌ لَا يَلْزَمُ الْوَفَاءُ بِهِ، لَكِنْ إِذَا لَمْ يَفِ، تَبَيَّنَّا أَنَّ الْمِلْكَ لَمْ يَعُدْ إِلَى الزَّوْجِ. وَمَنْ تَرَكَ السَّقْيَ، لَمْ يُمَكَّنْ مِنَ الْعَوْدِ إِلَيْهِ. هَذَا حَاصِلُ الْمَسْأَلَةِ، وَلَمْ أَرَ تَعَرُّضًا لِلسَّقْيِ إِلَّا لِلْإِمَامِ وَمَنْ نَحَا نَحْوَهُ.
فَرْعٌ
ظُهُورُ النَّوَرِ فِي سَائِرِ الْأَشْجَارِ كَبُدُوِّ الطَّلْعِ فِي النَّخْلِ، وَانْعِقَادِ الثِّمَارِ مَعَ تَنَاثُرِ النَّوَرِ، كَالتَّأْبِيرِ فِي النَّخْلِ.
فَرْعٌ
أَصْدَقَهَا نَخْلَةً عَلَيْهَا ثَمَرَةٌ مُؤَبَّرَةٌ، وَطَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ، فَلَهُ نِصْفُ الثَّمَرَةِ مَعَ نِصْفِ النَّخْلَةِ، سَوَاءٌ جَدَّتِ الثَّمَرَةُ أَمْ لَا. وَإِنْ أَصْدَقَهَا وَالثَّمَرَةُ مُطْلِعَةٌ، وَطَلَّقَهَا وَهِيَ بَعْدُ مُطْلِعَةٌ، أَخَذَ نَصِفَهَا مَعَ الطَّلْعِ. وَنَقَلَ الْمُتَوَلِّي وَجْهًا أَنَّهُ إِذَا امْتَدَّ الزَّمَانُ بِحَيْثُ يَزْدَادُ فِي مِثْلِهِ الطَّلْعُ، لَا يَجُوزُ لَهُ الرُّجُوعُ فِيهِ، هَذَا لَفْظُهُ. وَلَوْ قَالَ: لَمْ يَجُزْ لَهُ الرُّجُوعُ بِغَيْرِ رِضَاهَا، لَكَانَ أَحْسَنَ. فَلَوْ كَانَتْ مُؤَبَّرَةً عِنْدَ الطَّلَاقِ، فَهَلْ لَهُ فِي الثَّمَرَةِ حَقٌّ؟ فِيهِ طَرِيقَانِ. أَحَدُهُمَا: عَلَى قَوْلَيْنِ كَمَا إِذَا أَصْدَقَهَا جَارِيَةً حَامِلًا فَوَلَدَتْ قَبْلَ الطَّلَاقِ، وَالْمَذْهَبُ الْقَطْعُ بِثُبُوتِ حَقِّهِ فِي الثَّمَرَةِ لِأَنَّهَا مُشَاهَدَةٌ مُتَيَقَّنَةٌ، وَيَجُوزُ إِفْرَادُهَا بِالْعَقْدِ بِخِلَافِ الْحَمْلِ. فَإِنْ أَثْبَتْنَا لَهُ حَقًّا فِي الثَّمَرَةِ، لَمْ يَأْخُذْ إِلَّا بِرِضَاهَا ; لِأَنَّهَا زَادَتْ. فَإِنْ لَمْ تَرْضَ، أَخَذَ نِصْفَ الشَّجَرِ مَعَ نِصْفِ قِيمَةِ الطَّلْعِ.
فَرْعٌ
أَصْدَقَهَا جَارِيَةً حَامِلًا فَطَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ، نُظِرَ، إِنْ طَلَّقَهَا وَهِيَ بَعْدُ حَامِلٌ، فَلَهُ نِصْفُهَا حَامِلًا، وَيَجِيءُ عِنْدَ امْتِدَادِ الزَّمَانِ الْوَجْهُ الَّذِي حَكَاهُ الْمُتَوَلِّي فِي الْفَرْعِ قَبْلَ هَذَا. وَإِنْ طَلَّقَهَا وَقَدْ وَلَدَتْ، فَالْكَلَامُ فِي الْأُمِّ ثُمَّ الْوَلَدِ، أَمَّا الْأُمُّ، فَلَا يَأْخُذُ نِصْفَهَا إِنْ كَانَ الْوَلَدُ رَضِيعًا لِئَلَّا يَتَضَرَّرَ، لَكِنْ يَرْجِعُ إِلَى نِصْفِ الْقِيمَةِ وَإِنْ كَانَ فَطِيمًا، فَإِنْ كَانَ فِي زَمَنِ التَّفْرِيقِ الْمُحَرَّمِ، فَعَلَى مَا تَقَدَّمَ، وَإِلَّا فَلَهُ نِصْفُهَا. وَإِنْ نَقَصَتْ قِيمَتُهَا بِالْوِلَادَةِ، نُظِرَ، إِنْ وَلَدَتْ فِي يَدِ الزَّوْجِ، فَعَلَى مَا سَبَقَ مِنْ حُكْمِ النَّقْصِ فِي يَدِ الزَّوْجِ. وَإِنْ وَلَدَتْ فِي يَدِ الزَّوْجَةِ، فَلَهُ الْخِيَارُ، إِنْ شَاءَ أَخَذَ نِصْفَهَا وَلَا شَيْءَ لَهُ مَعَهُ، وَإِنْ شَاءَ رَجَعَ إِلَى نِصْفِ الْقِيمَةِ. وَأَمَّا الْوَلَدُ، فَهَلْ
لِلزَّوْجِ حَقٌّ فِي نِصْفِهِ؟ يُبْنَى عَلَى أَنَّ لَهُ قِسْطًا مِنَ الثَّمَنِ فِي الْمَبِيعِ، وَفِيهِ قَوْلَانِ سَبَقَا فِي مَوَاضِعَ.
أَظْهَرُهُمَا: نَعَمْ. فَإِنْ قُلْنَا: لَا، فَلَا حَقَّ لَهُ فِيهِ ; لِأَنَّهُ حَادِثٌ فِي مِلْكِهَا، وَإِنْ قُلْنَا: نَعَمْ، فَوَجْهَانِ. أَحَدُهُمَا: لَهُ فِيهِ حَقٌّ كَمَا لَوْ أَصْدَقَهَا عَيْنَيْنِ، لَكِنَّ الْوَلَدَ زَادَ بِالْوِلَادَةِ، فَلَهَا الْخِيَارُ. فَإِنْ رَضِيَتْ بِرُجُوعِ الزَّوْجِ فِي نِصْفِهِ وَنِصْفِ الْأُمِّ، أُجْبِرَ عَلَى قَبُولِهِ. وَإِنْ أَبَتْ، قَالَ الْمُتَوَلِّي: لَا يَرْجِعُ فِي نِصْفِ الْجَارِيَةِ لِلتَّفْرِيقِ، لَكِنْ يَرْجِعُ فِي نِصْفِ قِيمَتِهَا وَنِصْفِ قِيمَةِ الْوَلَدِ يَوْمَ انْفِصَالِهِ. وَالثَّانِي: لَا حَقَّ لَهُ فِيهِ لِأَنَّهُ لَا قِيمَةَ لَهُ قَبْلَ الِانْفِصَالِ.
قُلْتُ: الْأَوَّلُ أَصَحُّ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَلَوْ كَانَتِ الْجَارِيَةُ الْمُصْدَقَةُ حَائِلًا، وَطَلَّقَهَا حَامِلًا، فَقَدْ سَبَقَ حُكْمُهُ. فَإِنْ وَلَدَتْ، ثُمَّ طَلَّقَهَا، فَالْوَلَدُ لَهَا، وَالْقَوْلُ فِي الْأُمِّ كَمَا سَبَقَ فِيمَا إِذَا كَانَتْ حَامِلًا يَوْمَ الْإِصْدَاقِ وَوَلَدَتْ وَطَلَّقَهَا، وَإِنْ حَبَلَتْ فِي يَدِ الزَّوْجِ وَوَلَدَتْ فِي يَدِهَا، فَهَلِ النَّقْصُ مِنْ ضَمَانِهِ وَلَهَا الْخِيَارُ ; لِأَنَّ السَّبَبَ وُجِدَ فِي يَدِهِ، أَمْ مِنْ ضَمَانِهَا وَلَهُ الْخِيَارُ لِأَنَّ النَّقْصَ حَصَلَ عِنْدَهَا؟ وَجْهَانِ.
فَرْعٌ
أَصْدَقَهَا حُلِيًّا فَكَسَرَتْهُ، أَوِ انْكَسَرَ فِي يَدِهَا وَبَطَلَتْ صَنْعَتُهُ، ثُمَّ أَعَادَتِ الْمُنْكَسِرَ حُلِيًّا، ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ، نُظِرَ، إِنْ صَاغَتْهُ عَلَى هَيْئَةٍ أُخْرَى، فَالْحَاصِلُ زِيَادَةٌ مِنْ وَجْهٍ، وَنَقْصٌ مِنْ وَجْهٍ، فَإِنِ اتَّفَقَا عَلَى الرُّجُوعِ إِلَى نِصْفِهِ، جَازَ. وَإِنْ أَبَى أَحَدُهُمَا، تَعَيَّنَ نِصْفُ الْقِيمَةِ. وَإِنْ عَادَتِ الصَّنْعَةُ بِحَالِهَا، فَهَلْ يَرْجِعُ فِي نِصْفِ الْعَيْنِ بِغَيْرِ رِضَاهَا، أَمْ يُعْتَبَرُ رِضَاهَا؟ وَجْهَانِ. أَصَحُّهُمَا: الثَّانِي، وَبِهِ قَالَ
ابْنُ الْحَدَّادِ، وَيَجْرِي الْوَجْهَانِ فِيمَا لَوْ أَصْدَقَهَا جَارِيَةً فَهَزُلَتْ ثُمَّ سَمِنَتْ، وَفِيمَا لَوْ نَسِيَ الْعَبْدُ الصَّنْعَةَ ثُمَّ تَعَلَّمَهَا. وَلَوْ طَرَأَتْ عَلَى عَيْنِ الْعَبْدِ غِشَاوَةٌ وَكَانَ لَا يُبْصِرُ شَيْئًا، ثُمَّ زَالَتْ ثُمَّ طَلَّقَهَا، فَفِيمَا عُلِّقَ عَنِ الْإِمَامِ، أَنَّ الزَّوْجَ يَرْجِعُ فِي نِصْفِ الْعَبْدِ بِلَا خِلَافٍ، كَمَا لَوْ حَدَثَ فِي يَدِهَا عَيْبٌ فَزَالَ ثُمَّ طَلَّقَهَا.
وَإِذَا قُلْنَا فِي الْحُلِيِّ: يُعْتَبَرُ رِضَاهَا فَفِيمَا يُرْجَعُ بِهِ وَجْهَانِ. أَصَحُّهُمَا: نِصْفُ قِيمَةِ الْحُلِيِّ بِهَيْأَتِهِ الَّتِي كَانَتْ. وَالثَّانِي: مِثْلُ نِصْفِهِ بِالْوَزْنِ تِبْرًا، وَإِلَّا نَصِفُ أُجْرَتِهِ مِثْلُ الصَّنْعَةِ وَهِيَ قِيمَتُهَا، فَعَلَى الْأَوَّلِ، فِيمَا يُقَوَّمُ بِهِ وَجْهَانِ. أَحَدُهُمَا وَبِهِ قَالَ ابْنُ الْحَدَّادِ: بِغَيْرِ جِنْسِهِ، فَالْمُذَهَّبُ بِفِضَّةٍ، وَكَذَا الْعَكْسُ.
وَالثَّانِي: يُقَوَّمُ بِنَقْدِ الْبَلَدِ وَإِنْ كَانَ مِنْ جِنْسِهِ، وَبِهِ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ الْمَرْوَزِيُّ. وَيَجْرِي الْوَجْهَانِ فِي قِيمَةِ الصَّنْعَةِ، فَفِي وَجْهٍ: يُقَوَّمُ بِغَيْرِ جِنْسِ الْحُلِيِّ، وَفِي وَجْهٍ: بِنَقْدِ الْبَلَدِ، وَهُوَ الْأَصَحُّ كَمَا سَبَقَ فِي الْغَصْبِ. وَلَوْ كَانَتِ الْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا فِي إِنَاءٍ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ، بُنِيَ عَلَى جَوَازِ اتِّخَاذِهِ. وَهَلْ لِصَنْعَتِهِ قِيمَةٌ؟ إِنْ قُلْنَا: لَا، فَلِلزَّوْجِ الرُّجُوعُ فِي نِصْفِ الْعَيْنِ، سَوَاءٌ عَادَتِ الصَّنْعَةُ الْأُولَى أَمْ غَيْرُهَا، إِذْ لَا زِيَادَةَ. وَإِنْ قُلْنَا: نَعَمْ، فَكَالْحُلِّيِ. وَلَوْ غَصَبَ جَارِيَةً مُغَنِّيَةً فَنَسِيَتْ عِنْدَهُ الْأَلْحَانَ، هَلْ يَرُدُّ مَعَهَا مَا نَقَصَ مِنْ قِيمَتِهَا بِنِسْيَانِ الْأَلْحَانِ، أَمْ لَا ; لِأَنَّهُ مُحَرَّمٌ فَلَا عِبْرَةَ بِفَوَاتِهِ؟ وَجْهَانِ.
قُلْتُ: الْأَصَحُّ الْمَنْعُ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَلَوِ اشْتَرَى مُغَنِّيَةً بِأَلْفَيْنِ، وَهِيَ تُسَاوِي أَلْفًا بِلَا غِنَاءٍ، فَفِي صِحَّةِ الْبَيْعِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ حَكَاهَا الشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ. أَحَدُهَا: الْبُطْلَانُ ; لِأَنَّهُ بَذْلٌ فِي مُقَابَلَةِ حَرَامٍ، وَبِهِ