المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

ثُبُوتِ النِّكَاحِ. وَعُدَّ مِنْ هَذَا الْقِسْمِ الثَّالِثِ، أَمَّا إِذَا قَالَ - روضة الطالبين وعمدة المفتين - جـ ٧

[النووي]

فهرس الكتاب

- ‌كِتَابُ النِّكَاحِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌كِتَابُ الصَّدَاقِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌بَابُ الْوَلِيمَةِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌كِتَابُ عِشْرَةِ النِّسَاءِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌كِتَابُ الْخُلْعِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

الفصل: ثُبُوتِ النِّكَاحِ. وَعُدَّ مِنْ هَذَا الْقِسْمِ الثَّالِثِ، أَمَّا إِذَا قَالَ

ثُبُوتِ النِّكَاحِ. وَعُدَّ مِنْ هَذَا الْقِسْمِ الثَّالِثِ، أَمَّا إِذَا قَالَ لِزَوْجَتِهِ: إِنِ انْفَسَخَ النِّكَاحُ بَيْنِي وَبَيْنَكِ فَأَنْتِ طَالِقٌ قَبْلَهُ ثَلَاثًا، ثُمَّ اشْتَرَاهَا، أَوْ جَرَى رَضَاعٌ أَوْ رِدَّةٌ، فَلَا يُقْطَعُ الدَّوْرُ مِنْ أَوَّلِهِ بِأَنْ نَقُولَ:

[لَا يَنْفَسِخُ النِّكَاحُ، لَكِنْ يُقْطَعُ مِنْ آخِرِهِ، بِأَنْ نَقُولَ] يَنْفَسِخُ وَلَا يَقَعُ الطَّلَاقُ، وَرُبَّمَا نَعُودُ إِلَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي مَسَائِلِ الطَّلَاقِ وَالدَّوْرُ فِيهَا لَفْظِيٌّ.

‌فَصْلٌ

لَا يَجُوزُ لِلْعَبْدِ التَّسَرِّي ; لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ، فَإِنْ مَلَّكَهُ سَيِّدُهُ جَارِيَةً وَقُلْنَا بِالْجَدِيدِ: إِنَّهُ لَا يَمْلِكُ، لَمْ يَحِلَّ لَهُ وَطْؤُهَا وَلَوْ أَذِنَ السَّيِّدُ، فَلَوِ اسْتَوْلَدَهَا، كَانَ الْوَلَدُ مِلْكًا لِلسَّيِّدِ. وَإِنْ قُلْنَا بِالْقَدِيمِ: إِنَّهُ يَمْلِكُ، فَقَدْ ذَكَرْنَا فِي كِتَابِ الْبَيْعِ أَنَّ الْمَذْهَبَ أَنَّهُ يَتَسَرَّى بِإِذْنِ السَّيِّدِ، وَلَا يَتَسَرَّى بِغَيْرِ إِذْنِهِ. لَكِنْ لَوْ وَطِئَ، لَمْ يُحَدَّ لِشُبْهَةِ الْمِلْكِ. وَلَوِ اسْتَوْلَدَهَا، فَالْوَلَدُ مِلْكٌ لَهُ، لَكِنْ لَا يُعْتَقُ عَلَيْهِ لِضَعْفِ مِلْكِهِ، وَتَعَلُّقِ حَقِّ السَّيِّدِ بِهِ. فَإِنْ عَتَقَ، عَتَقَ الْوَلَدَ أَيْضًا، وَحُكْمُ الْمُدَبَّرِ وَالْمُعَلَّقِ عِتْقُهُ بِصِفَةِ حُكْمِ الْقِنِّ فِي هَذَا. وَمَنْ بَعْضُهُ حُرٌّ إِذَا اشْتَرَى جَارِيَةً بِمَا كَسَبَهُ بِحُرِّيَّتِهِ مَلَكَهَا، لَكِنْ لَا يَطَؤُهَا بِغَيْرِ إِذْنِ السَّيِّدِ ; لِأَنَّ بَعْضَهُ مَمْلُوكٌ وَالْوَطْءُ يَقَعُ بِجَمِيعِ بَدَنِهِ، وَلَا يَخْتَصُّ بِالْبَعْضِ الْحُرُّ. وَمَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ إِلَى أَنَّهُ لَا حَاجَةَ إِلَى إِذْنِ السَّيِّدِ، كَمَا أَنَّهُ يَأْكُلُ كَسْبَهُ وَيَتَصَرَّفُ فِيهِ. فَإِنْ أَذِنَ السَّيِّدُ وَقُلْنَا: لَا بُدَّ مِنْ إِذْنِهِ، فَعَلَى الْقَدِيمِ: يَجُوزُ. وَعَلَى الْجَدِيدِ: لَا يَجُوزُ ; لِأَنَّ مَا فِيهِ مِنَ الْمِلْكِ يَمْنَعُ التَّسَرِّي، وَالْمُكَاتَبُ لَا يَتَسَرَّى بِغَيْرِ إِذْنِ السَّيِّدِ، وَبِإِذْنِهِ قَوْلَانِ كَتَبَرُّعَاتِهِ.

ص: 239

الْبَابُ الثَّانِي عَشَرَ فِي اخْتِلَافِ الزَّوْجَيْنِ فِي النِّكَاحِ

وَفِيهِ مَسَائِلُ.

[الْمَسْأَلَةُ] الْأُولَى: إِذَا ادَّعَى زَوْجِيَّةَ امْرَأَةٍ، سُمِعَتْ دَعْوَاهُ عَلَيْهَا وَإِنْ كَانَ الْعَاقِدُ هُوَ الْوَلِيُّ لِأَنَّ إِقْرَارَهَا مَقْبُولٌ، وَفِيهِ خِلَافٌ سَبَقَ فِي «بَابِ أَحْكَامِ الْأَوْلِيَاءِ» .

وَأَمَّا الْمَرْأَةُ، فَإِنِ ادَّعَتِ الْمَهْرَ فِي النِّكَاحِ، أَوِ ادَّعَتِ النِّكَاحَ، وَطَلَبَتْ حَقًّا مِنْ حُقُوقِهِ، سُمِعَتْ دَعْوَاهَا. وَإِنِ ادَّعَتْ مُجَرَّدَ الزَّوْجِيَّةِ، فَوَجْهَانِ، إِنْ سُمِعَتْ، أَقَامَتِ الْبَيِّنَةَ، فَإِنْ أَنْكَرَ، فَهَلْ إِنْكَارُهُ طَلَاقٌ؟ فِيهِ وَجْهَانِ. إِنْ قُلْنَا: طَلَاقٌ انْدَفَعَ مَا يَدَّعِيهِ، وَلَا مَعْنَى لِإِقَامَةِ الْبَيِّنَةِ، وَسَتَأْتِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مَبْسُوطَةً فِي (كِتَابِ الدَّعَاوَى) إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

[الْمَسْأَلَةُ] الثَّانِيَةُ: زَوَّجَ إِحْدَى بِنْتَيْهِ بِعَيْنِهَا، ثُمَّ تَنَازَعَا، فَلِتَنَازُعِهِمَا حَالَانِ.

أَحَدُهُمَا: تَقُولُ كُلُّ وَاحِدَةٍ: أَنَا الْمُزَوَّجَةُ، فَمَنْ صَدَّقَهَا الزَّوْجُ، ثَبَتَ نِكَاحُهَا، وَالْأُخْرَى تَدَّعِي أَنَّهَا زَوْجَتُهُ وَهُوَ مُنْكِرٌ، فَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ يَحْلِفُ لَهَا. وَقِيلَ: فِي تَحْلِيفِهِ قَوْلَانِ. وَيَنْبَغِي أَنْ يُفَصِّلَ، فَإِنِ ادَّعَتْ زَوْجَتُهُ وَطَلَبَتِ الْمَهْرَ، فَالْوَجْهُ التَّحْلِيفُ. وَإِنِ ادَّعَتْ مُجَرَّدَ الزَّوْجِيَّةِ، فَفِيهِ الْخِلَافُ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى. فَإِنْ قُلْنَا: يَحْلِفُ، فَحَلَفَ، سَقَطَتْ دَعْوَاهَا. وَإِنْ نَكَلَ، فَحَلَفَتْ، فَهَلِ الْيَمِينُ الْمَرْدُودُ مَعَ النُّكُولِ كَالْبَيِّنَةِ؟ أَمْ كَالْإِقْرَارِ؟ قَوْلَانِ مَشْهُورَانِ. إِنْ قُلْنَا: كَالْبَيِّنَةِ، فَوَجْهَانِ. أَحَدُهُمَا: يَثْبُتُ نِكَاحُ الثَّانِيَةِ دُونَ الْأُولَى، كَمَا لَوْ أَقَامَتْ بَيِّنَةً. قَالَ الْإِمَامُ: وَهَذَا الْقَائِلُ يَقُولُ: يَنْتَفِي نِكَاحُ الْأُولَى، وَيُحْكُمُ بِانْقِطَاعِ نِكَاحِ الثَّانِيَةِ لِإِنْكَارِ الزَّوْجِ. وَأَصَحُّهُمَا: اسْتِمْرَارُ نِكَاحِ الْأُولَى ; لِأَنَّ الْيَمِينَ الْمَرْدُودَةَ إِنَّمَا تُجْعَلُ كَالْبَيِّنَةِ فِي حَقِّ الْمُدَّعِي وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ، لَا فِي

ص: 240

حَقِّ غَيْرِهِمَا. وَقَدْ ثَبَتَ نِكَاحُ الْأُولَى بِتَقَارِّهِمَا. وَإِنْ قُلْنَا: كَالْإِقْرَارِ، فَوَجْهَانِ. أَحَدُهُمَا: يَبْطُلُ النِّكَاحَانِ وَالصَّحِيحُ اسْتِمْرَارُ نِكَاحِ الْأُولَى، كَمَا لَوْ أَقَرَّ لِلْأُولَى ثُمَّ أَقَرَّ لِلثَّانِيَةِ. وَعَلَى هَذَا، فَهَلْ تَسْتَحِقُّ الثَّانِيَةُ نِصْفَ الْمَهْرِ، أَمْ لَا تَسْتَحِقُّ شَيْئًا؟ قَوْلَانِ. أَظْهَرُهُمَا: الْأَوَّلُ.

الْحَالُ الثَّانِي: تَقُولُ كُلُّ وَاحِدَةٍ: لَسْتُ بِالْمُزَوَّجَةِ، بَلْ صَاحِبَتِي، فَيُقَالُ لِلزَّوْجِ: عَيِّنْ، فَإِذَا عَيَّنَ، فَقَدْ أَقَرَّ بِأَنَّ الْأُخْرَى لَيْسَتْ زَوْجَةً لَهُ، فَلَا خُصُومَةَ لَهُ مَعَهَا، وَالْقَوْلُ قَوْلُ الْأُخْرَى مَعَ يَمِينِهَا. فَإِنْ لَمْ تَحْلِفْ، حَلِفَ الزَّوْجُ وَثَبَتَ النِّكَاحُ. وَقِيلَ: الْقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجِ بِيَمِينِهِ لِأَنَّ إِحْدَاهُمَا زَوْجَةٌ، وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَحَلِّ حَقِّهِ. وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ.

وَاعْلَمْ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ مِنْ فُرُوعِ ابْنِ الْحَدَّادِ، وَأَنَّهُ قَيَّدَهَا فَقَالَ: إِذَا مَاتَ الْأَبُ، وَكَذَا قَيَّدَهَا الْغَزَالِيُّ. قَالَ الشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ: هَذَا الْقَيْدُ لَا فَائِدَةَ فِيهِ فِي الْحَالَةِ الْأُولَى ; لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ حَيًّا وَعَيَّنَ إِحْدَاهُمَا، لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ عَلَى الزَّوْجِ، لَكِنَّهُ مُفِيدٌ فِي الْحَالَةِ الثَّانِيَةِ ; لِأَنَّهُ إِذَا كَانَ الْأَبُ حَيَّا وَهِيَ مُجْبَرَةٌ، رَاجَعْنَاهُ. فَإِنْ أَقَرَّ بِالنِّكَاحِ عَلَى إِحْدَاهِمَا، قُبِلَ قَوْلُهُ، وَلَا يَضُرُّ الزَّوْجَ إِنْكَارُهَا. قَالَ الْإِمَامُ: وَيَظْهَرُ فِي الْقِيَاسِ أَنْ لَا يُقْبَلَ إِقْرَارُهَا وَمَعَهَا مُجْبِرٌ حَذَرًا مِنَ اخْتِلَافِ الْإِقْرَارَيْنِ، وَإِذَا قَبِلْنَا إِقْرَارَهَا فَاخْتَلَفَ إِقْرَارُهَا وَإِقْرَارُ الْوَلِيِّ، فَيَجُوزُ أَنْ يُقَالَ: الْحُكْمُ لِلسَّابِقِ، وَيَجُوزُ أَنْ يُقَالَ: يَبْطُلَانِ جَمِيعًا، وَقَدْ ذَكَرْنَا وَجْهَيْنِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي آخِرِ الْبَابِ الثَّالِثِ عَنِ الْقَفَّالِ الشَّاشِيِّ وَالْأَوْدَنِيِّ، أَنَّ الْمَقْبُولَ إِقْرَارُهُ أَمْ إِقْرَارُهَا؟ فَحَصَلَ أَرْبَعَةُ احْتِمَالَاتٍ. وَلَوْ زَوَّجَ بِنْتَهُ مِنْ أَحَدِ ابْنَيْ رَجُلٍ، وَادَّعَتْ هِيَ عَلَى أَحَدِهِمَا أَنَّهُ الزَّوْجُ،

ص: 241

فَإِنْ جَرَّدَتْ دَعْوَى النِّكَاحِ، فَعَلَى مَا سَبَقَ، وَإِنِ ادَّعَتِ الْمَهْرَ، حَلَّفَتْهُ. فَإِنْ نَكَلَ، حَلَفَتْ وَأَخَذَتْ نِصْفَ الْمَهْرِ، وَإِنِ ادَّعَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنَّهَا امْرَأَتُهُ، فَأَقَرَّتْ لِأَحَدِهِمَا، ثَبَتَ نِكَاحُهُ، وَهَلْ لِلْآخَرِ تَحْلِيفُهَا؟ قَوْلَانِ عَلَى مَا ذَكَرْنَا فِيمَنْ زَوَّجَهَا وَلِيَّانِ بِشَخْصَيْنِ.

الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: شَهِدُوا عَلَى رَجُلٍ بِنِكَاحِ امْرَأَةٍ بِمَهْرٍ مَعْلُومٍ وَهُوَ مُنْكِرٌ، فَحَكَمَ بِشَهَادَتِهِمْ ثُمَّ رَجَعُوا، هَلْ يُغَرَّمُونَ لَهُ؟ وَجْهَانِ. أَصَحُّهُمَا: نَعَمْ، وَإِنَّمَا يُغَرَّمُونَ مَا فَوَّتُوا عَلَى الزَّوْجِ وَهُوَ نِصْفُ الْمُسَمَّى. وَإِنْ قُلْنَا: لَا يُغَرَّمُونَ، فَذَلِكَ فِي قَدْرِ مَهْرِ الْمِثْلِ، فَإِنْ زَادَ الْمُسَمَّى عَلَى مَهْرِ الْمِثْلِ، فَحُكْمُ الزِّيَادَةِ فِي الرُّجُوعِ حُكْمُ شُهُودِ الْمَالِ إِذَا رَجَعُوا. وَلَوْ شَهِدُوا عَلَى رَجُلٍ بِطَلَاقٍ، ثُمَّ رَجَعُوا، فَهَلْ يُغَرَّمُونَ مَهْرَ الْمِثْلِ أَمْ نِصْفَهُ، أَمْ غَيْرَ ذَلِكَ؟ فِيهِ خِلَافٌ مَوْضِعُهُ " بَابُ " الرُّجُوعِ عَنِ الشَّهَادَةِ ". وَإِذَا ادَّعَتْ أَنَّهَا فِي نِكَاحِ رَجُلٍ بِمَهْرٍ مَعْلُومٍ، وَشَهِدَ لَهُ شَاهِدَانِ، ثُمَّ ادَّعَتِ الْإِصَابَةَ وَاسْتِقْرَارَ الْمَهْرِ، فَشَهِدَ عَلَى الْإِصَابَةِ أَوْ عَلَى إِقْرَارِ الزَّوْجِ بِهَا آخَرَانِ، ثُمَّ ادَّعَتْ أَنَّهُ طَلَّقَهَا وَشَهِدَ بِذَلِكَ آخَرَانِ، وَحَكَمَ بِمُقْتَضَى الشَّهَادَاتِ وَأَخَذَ مِنْهُ الْمَهْرَ، ثُمَّ رَجَعَ الشُّهُودُ جَمِيعًا، فَثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ.

أَحَدُهَا: لَا غُرْمَ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ ; لِأَنَّ شُهُودَ النِّكَاحِ وَالْإِصَابَةِ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُمْ إِلَّا إِثْبَاتُ مِلْكٍ وَاسْتِمْتَاعٌ بِمِلْكٍ، وَشُهُودُ الطَّلَاقِ لَمْ يُفَوِّتُوا عَلَيْهِ شَيْئًا فِي زَعْمِهِ، فَإِنَّهُ يُنْكِرُ النِّكَاحَ، وَلِأَنَّهُ إِنْ كَانَ نِكَاحٌ فَقَدْ فَوَّتَهُ بِزَعْمِهِ بِإِنْكَارِهِ قَبْلَ شَهَادَتِهِمْ.

وَالثَّانِي: لَا غُرْمَ عَلَى شُهُودِ النِّكَاحِ وَالْإِصَابَةِ، وَيُغَرَّمُ شُهُودُ الطَّلَاقِ لِأَنَّهُمْ فَوَّتُوا مَا ثَبَتَ بِالْأَوَّلَيْنِ. فَعَلَى هَذَا، فِي قَدْرِ غُرْمِهُمُ الْخِلَافُ الَّذِي أَحَلْنَاهُ عَلَى بَابِ الرُّجُوعِ عَنِ الشَّهَادَةِ وَبِهَذَا الْوَجْهِ قَالَ ابْنُ الْحَدَّادِ، وَوَافَقَهُ طَائِفَةٌ.

ص: 242

وَالثَّالِثُ: وَهُوَ أَصَحُّهَا: لَا شَيْءَ عَلَى شُهُودِ الطَّلَاقِ ; لِأَنَّهُ يُنْكِرُ أَصْلَ النِّكَاحِ، فَكَيْفَ يُطَالِبُهُمْ بِضَمَانِ تَفْوِيتِهِ؟ بَلِ النِّكَاحُ لَا يَثْبُتُ مَعَ إِنْكَارِهِ، فَلَا يَنْبَغِي أَنْ تُسْمَعَ بَيِّنَةُ الطَّلَاقِ. وَأَمَّا شُهُودُ النِّكَاحِ وَالْإِصَابَةِ، فَإِنْ أَرَّخُوا شَهَادَتَهُمْ، فَشَهِدَ هَؤُلَاءِ أَنَّهُ نَكَحَهَا فِي " الْمُحَرَّمِ " وَأُولَئِكَ أَنَّهُ أَصَابَهَا فِي " صَفَرٍ " غُرِّمَ الصِّنْفَانِ مَا غُرِّمَ الزَّوْجُ بِالسَّوِيَّةِ. وَإِنْ أَطْلَقَ شُهُودُ الْإِصَابَةِ شَهَادَتَهُمْ، فَنِصْفُ الْغُرْمِ عَلَى شُهُودِ النِّكَاحِ، وَلَا شَيْءَ عَلَى شُهُودِ الْإِصَابَةِ، لِجَوَازِ وُقُوعِهَا فِي غَيْرِ النِّكَاحِ وَكَوْنِهَا زِنًا، وَلَوْ شَهِدُوا بِالْإِصَابَةِ فِي النِّكَاحِ، فَقَدْ أُلْحِقَ ذَلِكَ بِمَا إِذَا أُرِّخَتِ الشَّهَادَتَانِ.

وَفِي " النِّهَايَةِ " أَنَّهُمْ لَوْ شَهِدُوا بِالنِّكَاحِ ثُمَّ عَلَى الْإِصَابَةِ بَعْدَهُ، اشْتَرَكَ الصِّنْفَانِ فِي غُرْمِ نِصْفِ الْمَهْرِ، وَالنِّصْفُ الْآخَرُ مُخْتَصٌّ بِغُرْمِ شُهُودِ الْإِصَابَةِ، وَالصُّورَتَانِ مُتَقَارِبَتَانِ، وَلَا يَبْعُدُ التَّسْوِيَةُ بَيْنَهُمَا فِي الْحُكْمِ، وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ بِتَخْصِيصِ الْغُرْمِ بِشُهُودِ الْإِصَابَةِ.

[الْمَسْأَلَةُ] الرَّابِعَةُ: إِذَا زُوِّجَتْ بِرَجُلٍ، ثُمَّ ادَّعَتْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ مَحْرَمِيَّةٌ، بِأَنْ قَالَتْ: هُوَ أَخِي مَنِ الرَّضَاعِ، أَوْ كُنْتُ زَوْجَةَ أَبِيهِ، أَوِ ابْنِهِ، أَوْ وَطِئَنِي أَحَدُهُمَا بِشُبْهَةٍ، نُظِرَ، أَوَقَعَ التَّزْوِيجُ بِرِضَاهَا أَمْ لَا؟

الْحَالَةُ الْأُولَى: زُوِّجَتْ بِرِضَاهَا بِهِ بِأَنْ كَانَتْ ثَيِّبًا، أَوْ زَوْجُهَا أَخٌ أَوْ عَمٌّ، أَوْ زَوْجُهَا الْمُجْبَرُ بِرِضَاهَا، فَلَا يُقْبَلُ دَعْوَاهَا وَالنِّكَاحُ مَاضٍ عَلَى الصِّحَّةِ ; لِأَنَّ إِذْنَهَا فِيهِ يَتَضَمَّنُ حِلَّهَا لَهُ، فَلَا يُقْبَلُ نَقِيضُهُ. لَكِنْ إِنْ ذَكَرَتْ عُذْرًا كَغَلَطٍ أَوْ نِسْيَانٍ، سُمِعَتْ دَعْوَاهَا عَلَى الْمَذْهَبِ فَتَحْلِفُهُ.

ص: 243

الْحَالَةُ الثَّانِيَةُ: زُوِّجَتْ بِغَيْرِ رِضَاهَا لِكَوْنِهَا مُجْبَرَةً، فَوَجْهَانِ.

أَصَحُّهُمَا وَبِهِ قَالَ ابْنُ الْحَدَّادِ وَنَقَلَهُ الْإِمَامُ عَنْ مُعْظَمِ الْأَصْحَابِ: أَنَّهُ يُقْبَلُ قَوْلُهَا بِيَمِينِهَا، وَيُحْكَمُ بِانْدِفَاعِ النِّكَاحِ مِنْ أَصْلِهِ ; لِأَنَّ قَوْلَهَا مُحْتَمَلٌ وَلَمْ تَعْتَرِفْ بِنَقِيضِهِ، فَصَارَ كَقَوْلِهَا فِي الِابْتِدَاءِ: هُوَ أَخِي لَا يَجُوزُ تَزْوِيجُهَا بِهِ.

وَالثَّانِي قَالَهُ الشَّيْخُ أَبُو زَيْدٍ وَاخْتَارَهُ الْغَزَالِيُّ، وَحُكِيَ عَنِ اخْتِيَارِ ابْنِ سُرَيْجٍ: لَا يُقْبَلُ قَوْلُهَا اسْتِدَامَةً لِلنِّكَاحِ الْجَارِي عَلَى الصِّحَّةِ ظَاهِرًا وَلِئَلَّا تَتَّخِذَهُ الْفَاسِقَاتُ ذَرِيعَةً إِلَى الْفِرَاقِ.

وَاحْتَجَّ الشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ لِلْأَوَّلِ وَهُوَ الْأَصَحُّ عِنْدَهُ أَيْضًا، فَإِنَّ الشَّافِعِيَّ رحمه الله نَصَّ عَلَى أَنَّهُ لَوْ بَاعَ الْحَاكِمُ عَبْدًا أَوْ عَقَارًا عَلَى مَالِكِهِ الْغَائِبِ بِسَبَبٍ اقْتَضَاهُ، ثُمَّ جَاءَ الْمَالِكُ وَقَالَ: كُنْتُ أَعْتَقْتُ الْعَبْدَ أَوْ وَقَفْتُ الْعَقَارَ أَوْ بِعْتُهُ، صُدِّقَ بِيَمِينِهِ، وَنُقِضَ بَيْعُ الْقَاضِي، وَرُدَّ الْيَمِينُ عَلَى الْمُشْتَرِي، بِخِلَافِ مَا لَوْ بَاعَهُ بِنَفْسِهِ أَوْ تَوْكِيلِهِ، ثُمَّ ادَّعَى ذَلِكَ، فَإِنَّهُ لَا يُقْبَلُ لِأَنَّهُ سَبَقَ مِنْهُ نَقِيضُهُ، وَمُقْتَضَى حِكَايَتِهِ أَنَّهُ لَا خِلَافَ فِي صُورَةِ بَيْعِ الْحَاكِمِ، لَكِنَّ الْإِمَامَ حَكَى فِيهَا قَوْلَيْنِ، وَلَوْ زَوَّجَ بِنْتَهُ أَوْ أَمَتَهُ ثُمَّ ادَّعَى الْأَبُ أَوِ السَّيِّدُ مَحْرَمِيَّةً بَيْنَهَا وَبَيْنَ الزَّوْجِ، لَمْ يُلْتَفَتْ إِلَى قَوْلِهِ ; لِأَنَّ النِّكَاحَ حَقُّ الزَّوْجَيْنِ. قَالَ الشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ: وَلَوْ قَالَ بَعْدَ تَزْوِيجِهِ أَمَتَهُ: كُنْتُ أَعْتَقْتُهَا، حُكِمَ بِعِتْقِهَا، وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي النِّكَاحِ، وَكَذَا لَوْ أَجَّرَّ الْعَبْدَ ثُمَّ قَالَ: كُنْتُ أَعْتَقْتُهُ، وَيُغَرَّمُ لِلْعَبْدِ أُجْرَةَ مِثْلِهِ ; لِأَنَّهُ أَقَرَّ بِإِتْلَافِ مَنَافِعِهِ ظُلْمًا، كَمَنْ بَاعَ عَبْدًا ثُمَّ قَالَ: كُنْتُ غَصَبْتُهُ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي الْبَيْعِ، وَيُغَرُّمُ قِيمَتَهُ لِلْمُقَرِّ لَهُ. وَالْخِلَافُ فِي الْحَالَةِ الثَّانِيَةِ، فِي أَنَّهَا هَلْ تُصَدَّقُ بِيَمِينِهَا؟ وَأَمَّا دَعْوَاهَا، فَتُسْمَعُ بِلَا خِلَافٍ. وَلَوْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ، حُكِمَ بِهَا بِلَا خِلَافٍ. وَالْكَلَامُ فِي الْحَالَةِ الْأُولَى، فِي رَدِّ الدَّعْوَى مِنْ أَصْلِهَا، وَأَنَّ الْإِذْنَ وَالرِّضَى بِالتَّزْوِيجِ إِنَّمَا يُؤَثِّرُ إِذَا أَذِنَتْ فِي تَزْوِيجِهَا بِشَخْصٍ مُعَيَّنٍ.

ص: 244

أَمَّا إِذَا أَذِنَتْ فِي النِّكَاحِ مُطْلَقًا وَقُلْنَا: لَا حَاجَةَ إِلَى تَعْيِينِ الزَّوْجِ، فَزَوَّجَهَا الْوَلِيُّ بِرَجُلٍ، ثُمَّ ادَّعَتْ مَحْرَمِيَّةً، فَالْحُكْمُ كَمَا إِذَا زُوِّجَتْ مُجْبَرَةً ; لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ اعْتِرَافٌ بِجَهَالَةٍ.

وَلَوْ زَوَّجَ الْأَخُ الْبِكْرَ وَهِيَ سَاكِتَةٌ، اكْتُفِيَ بِصُمَاتِهَا عَلَى الْأَصَحِّ ثُمَّ ادَّعَتْ مَحْرَمِيَّةً، قَالَ الْإِمَامُ: الَّذِي ارْتَضَاهُ الْعِرَاقِيُّونَ، أَنَّ دَعْوَاهَا مَسْمُوعَةٌ. قَالَ: لَكِنْ لَا تُصَدَّقُ بِيَمِينِهَا.

الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ: إِذَا زَوَّجَ أَمَتَهُ ثُمَّ قَالَ: كُنْتُ مَجْنُونًا أَوْ مَحْجُورًا عَلَيَّ وَقْتَ تَزْوِيجِهَا، وَأَنْكَرَ الزَّوْجُ وَقَالَ: تَزَوَّجْتُهَا تَزَوُّجًا صَحِيحًا، فَإِنْ. لَمْ يَعْهَدِ السَّيِّدُ مَا ادَّعَاهُ وَلَا بَيِّنَةً، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجِ بِيَمِينِهِ ; لِأَنَّ الظَّاهِرَ صِحَّةُ النِّكَاحِ. وَكَذَا لَوْ قَالَ: زُوِّجْتُهَا وَأَنَا مَحْرَمٌ، أَوْ قَالَ: لَمْ تَكُنْ مِلْكِي يَوْمَئِذٍ ثُمَّ مَلَكْتُهَا، وَكَذَا الْحُكْمُ لَوْ بَاعَ عَبْدًا ثُمَّ قَالَ بَعْدَ الْبَيْعِ: بِعْتُهُ وَأَنَا مَحْجُورٌ عَلَيَّ، أَوْ لَمْ يَكُنْ مِلْكِي ثُمَّ مَلَكْتُهُ. وَعَنْ نَصِّهِ فِي «الْإِمْلَاءِ» أَنَّهُ لَوْ زَوَّجَ أُخْتَهُ وَمَاتَ الزَّوْجُ، فَادَّعَى وَرَثَتُهُ أَنَّ أَخَاهَا زَوَّجَهَا بِغَيْرِ إِذْنِهَا وَقَالَتْ: بَلْ زَوَّجَنِي بِإِذْنِي، فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا. وَلَكَ أَنْ تَقُولَ: قَدْ سَبَقَ ذِكْرُ وَجْهَيْنِ فِيمَا لَوِ ادَّعَى أَحَدُ الْمُتَعَاقِدَيْنِ صِحَّةَ الْبَيْعِ وَالْآخَرُ فَسَادَهُ، فَلْيَجِئْ ذَلِكَ الْخِلَافُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ.

قُلْتُ: لَمْ يَذْكُرْهُ الْأَصْحَابُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ، وَلَا يَصِحُّ مَجِيئُهُ لِأَنَّ الظَّاهِرَ الْغَالِبَ فِي الْأَنْكِحَةِ الِاحْتِيَاطُ لَهَا، وَعَقْدُهَا بِشُرُوطِهَا وَبِحَضْرَةِ الشُّهُودِ وَغَيْرِهِمْ، بِخِلَافِ الْبَيْعِ فَإِنَّ وُقُوعَهُ فَاسِدٌ كَثِيرٌ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَلَوِ ادَّعَتِ الْمَنْكُوحَةُ أَنَّهَا زُوِّجَتْ بِغَيْرِ إِذْنِهَا وَهِيَ مُعْتَبِرَةُ الْإِذْنِ، فَفِي فَتَاوَى الْبَغَوِيِّ أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهَا بَعْدَ مَا دَخَلَتْ عَلَيْهِ وَأَقَامَتْ مَعَهُ، كَأَنَّهُ جَعَلَ الدُّخُولَ بِمَنْزِلَةِ الرِّضَى.

ص: 245

أَمَّا إِذَا عُهِدَ لِلسَّيِّدِ الْمُزَوَّجِ جُنُونٌ، أَوْ حَجْرٌ، أَوْ قَالَ: زَوَّجْتُهَا وَأَنَا صَبِيٌّ، فَأَيُّهُمَا يُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ؟ قَوْلَانِ خَرَّجَهُمَا الشَّيْخُ أَبُو زَيْدٍ. أَظْهَرُهُمَا عِنْدَ الشَّيْخِ أَبِي عَلِيٍّ وَغَيْرِهِ: أَنَّ الْمُصَدَّقَ الزَّوْجُ ; لِأَنَّ الْغَالِبَ جَرَيَانُ الْعَقْدِ صَحِيحًا، وَلِأَنَّهُ صَحَّ ظَاهِرًا وَالْأَصْلُ دَوَامُهُ.

وَلَوْ زَوَّجَ أُخْتَهُ بِرِضَاهَا، ثُمَّ ادَّعَتْ أَنَّهَا كَانَتْ صَغِيرَةً يَوْمَئِذٍ، فَفِي فَتَاوَى الْقَفَّالِ وَالْقَاضِي حُسَيْنٍ وَالْبَغَوِيِّ، أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهَا بِيَمِينِهَا وَإِنْ أَقَرَّتْ يَوْمَئِذٍ بِبُلُوغِهَا، كَمَا لَوْ أَقَرَّ بِمَالٍ ثُمَّ قَالَ: كُنْتُ صَغِيرًا يَوْمَ الْإِقْرَارِ، وَهَذَا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ تَفْرِيعًا عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ وَيُمْكِنُ أَنْ يُفَرَّقَ بِأَنَّ الْغَالِبَ مِنَ الْعَقْدِ الْجَارِي بَيْنَ مُسْلِمَيْنِ، صِحَّتُهُ وَهَذِهِ لَمْ تَعْقِدْ.

وَلَوْ وَكَّلَ الْوَلِيَّ بِتَزْوِيجِهَا، ثُمَّ أَحْرَمَ، وَجَرَى الْعَقْدُ، فَادَّعَى الْوَلِيُّ جَرَيَانَهُ فِي الْإِحْرَامِ، وَأَنْكَرَ الزَّوْجُ، فَنَصُّ الشَّافِعِيِّ رحمه الله، أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الزَّوْجِ عَمَلًا بِظَاهِرِ الصِّحَّةِ. وَلَمْ يَحْكِ الشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ خِلَافًا فِي هَذِهِ الصُّورَةِ. قَالَ الْإِمَامُ: وَسَبَبُهُ أَنَّ الْإِحْرَامَ طَرَأَ وَالْأَصْلُ اسْتِنَادُ الْعَقْدِ إِلَى الْحِلِّ، لَكِنَّ الشَّيْخَ أَلْحَقَ بِمَسْأَلَةِ الْإِحْرَامِ الْمَنْقُولَةِ عَنِ النَّصِّ، مَا إِذَا وَكَّلَ بِقَبُولِ نِكَاحٍ ثُمَّ أَحْرَمَ الْمُوَكِّلُ وَقَبِلَ الْوَكِيلُ، ثُمَّ اخْتَلَفَ الزَّوْجَانِ، فَقَالَ الزَّوْجُ: عَقَدَ قَبْلَ إِحْرَامِي [أَوْ بَعْدَهُ] أَوْ بَعْدَ

ص: 246

تَحَلُّلِي، وَقَالَتْ: بَلْ فِي حَالِ إِحْرَامِكَ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجِ، فَلَمْ يُفَرَّقْ بَيْنَ أَنْ يَدَّعِيَ سَبْقَ الْإِحْرَامِ النِّكَاحَ وَعَكْسَهُ. وَمُقْتَضَى مَا سَبَقَ فِي الْمَسْأَلَةِ الرَّابِعَةِ، أَنَّ الْوَلِيَّ إِذَا زَوَّجَ ثُمَّ ادَّعَى الْمَحْرَمِيَّةَ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ، لَا يُلْتَفَتُ إِلَى دَعْوَاهُ أَنْ لَا يُفْرَضَ النِّزَاعُ فِي مَسْأَلَةِ النَّصِّ بَيْنَ الْوَلِيِّ وَالزَّوْجِ، بَلْ يُفْرَضُ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ.

وَلَوْ زَوَّجَ أَمَتَهُ، ثُمَّ ادَّعَى أَنَّ الزَّوْجَ كَانَ وَاجِدًا لِلطَّوْلِ، وَأَنْكَرَ الزَّوْجُ صُدِّقَ الزَّوْجُ. وَلَوْ زَوَّجَ بِنْتَهُ وَمَاتَ، فَادَّعَتْ أَنَّ أَبَاهَا كَانَ مَجْنُونًا يَوْمَ الْعَقْدِ، نُظِرَ، هَلْ كَانَ التَّزْوِيجُ بِرِضَاهَا أَمْ بِغَيْرِهِ؟ وَحُكْمُهُ مَا سَبَقَ فِي الْمَسْأَلَةِ الرَّابِعَةِ.

فَرْعٌ

ادَّعَى نِكَاحَ امْرَأَةٍ وَأَقَامَ بَيِّنَةً بِهِ، ثُمَّ ادَّعَتْ أَنَّهَا زَوْجَةُ غَيْرِهِ وَأَقَامَتْ بَيِّنَةً بِهِ، قَالَ ابْنُ الْحَدَّادِ: يُعْمَلُ بِبَيِّنَةِ الرَّجُلِ ; لِأَنَّ حَقَّهُ فِي النِّكَاحِ أَقْوَى مِنْهَا، فَإِنَّ الْمُتَصَرِّفَ إِنْ شَاءَ أَمْسَكَهَا، وَإِنْ شَاءَ طَلَّقَ، فَقُدِّمَتْ بَيِّنَتُهُ كَصَاحِبِ الْيَدِ مَعَ غَيْرِهِ، هَذَا قَوْلُ ابْنِ الْحَدَّادِ، وَبِهِ قَالَ الْجُمْهُورُ. وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ: يُحْتَمَلُ أَنْ يُنْظُرَ فِي جَوَابِ مَنِ ادَّعَتْ أَنَّهَا زَوْجَتُهُ، فَإِنْ أَنْكَرَ فَلَا نِكَاحَ لَهُ، فَيُعْمَلُ بِبَيِّنَةِ الرَّجُلِ.

وَإِنْ سَكَتَ، فَهُمَا بَيِّنَتَانِ تَعَارَضَتَا، وَلَمْ يَتَعَرَّضُوا فِي تَصْوِيرِ الْمَسْأَلَةِ لِدَعْوَاهَا الْمَهْرَ، أَوْ حَقًّا مِنْ حُقُوقِ النِّكَاحِ، وَقَدْ سَبَقَ فِي سَمَاعِ دَعْوَى الزَّوْجِيَّةِ الْمُجَرَّدَةِ خِلَافٌ. فَإِنْ سَمِعَتْ وَأَنْكَرَ الزَّوْجُ، فَفِي إِقَامَةِ الْبَيِّنَةِ أَيْضًا خِلَافٌ. فَإِذَا ادَّعَتِ الزَّوْجِيَّةَ الْمُجَرَّدَةَ، فَإِنَّمَا تُقِيمُ [هِيَ] الْبَيِّنَةَ تَفْرِيعًا عَلَى سَمَاعِ هَذِهِ الدَّعْوَى وَالْبَيِّنَةُ مَعَ إِنْكَارِهِ.

ص: 247

فَرْعٌ

فِي فَتَاوَى الْبَغَوِيِّ أَنَّهُ إِذَا كَانَ تَحْتَهُ مُسْلِمَةٌ وَذِمِّيَّةٌ لَمْ يَدْخُلْ بِهِمَا، فَقَالَ لِلْمُسْلِمَةِ: ارْتَدَدْتُ، وَقَالَ لِلذِّمِّيَّةِ: أَسَلَمْتُ، فَأَنْكَرَتَا، ارْتَفَعَ نِكَاحُهُمَا لِزَعْمِهِ. وَذَكَرَ الْإِمَامُ الرَّافِعِيُّ هُنَا مَسَائِلَ مَنْثُورَةً مِنْ فَتَاوَى الْقَفَّالِ وَالْقَاضِي حُسَيْنٍ وَالْبَغَوِيِّ، تَتَعَلَّقُ بِأَبْوَابِ النِّكَاحِ قَدَّمْتُهَا أَنَا فَوَضَعْتُهَا فِي مَوَاضِعِهَا اللَّائِقَةِ بِهَا، وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ.

ص: 248