المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌فَصْلٌ إِذَا قَالَ لِأَمَتِهِ: أَعْتَقْتُكِ عَلَى أَنْ تَنْكِحِينِي، أَوْ عَلَى أَنْ - روضة الطالبين وعمدة المفتين - جـ ٧

[النووي]

فهرس الكتاب

- ‌كِتَابُ النِّكَاحِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌كِتَابُ الصَّدَاقِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌بَابُ الْوَلِيمَةِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌كِتَابُ عِشْرَةِ النِّسَاءِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌كِتَابُ الْخُلْعِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

الفصل: ‌ ‌فَصْلٌ إِذَا قَالَ لِأَمَتِهِ: أَعْتَقْتُكِ عَلَى أَنْ تَنْكِحِينِي، أَوْ عَلَى أَنْ

‌فَصْلٌ

إِذَا قَالَ لِأَمَتِهِ: أَعْتَقْتُكِ عَلَى أَنْ تَنْكِحِينِي، أَوْ عَلَى أَنْ أَنْكِحَكِ، لَمْ تُعْتَقْ إِلَّا بِالْقَبُولِ [عَلَى الِاتِّصَالِ] . وَسَوَاءٌ قَالَ مَعَ ذَلِكَ: وَعِتْقُكِ صَدَاقُكِ أَوْ لَمْ يَقُلْ. وَلَوْ قَالَتِ ابْتِدَاءً أَعْتِقْنِي عَلَى أَنْ أَنْكِحَكَ، فَأَجَابَهَا إِلَيْهِ، فَكَذَلِكَ، ثُمَّ لَا يَلْزَمُهَا الْوَفَاءُ ; لِأَنَّ النِّكَاحَ لَا يَصِحُّ الْتِزَامُهُ فِي الذِّمَّةِ. وَفِي «شَرْحِ مُخْتَصَرِ الْجُوَيْنِيِّ» وَجْهٌ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، أَنَّهُ يَلْزَمُهَا الْوَفَاءُ، وَهُوَ شَاذٌّ لَا الْتِفَاتَ إِلَيْهِ، وَالصَّوَابُ الْأَوَّلُ، وَيَلْزَمُهَا قِيمَتُهَا لِلسَّيِّدِ ; لِأَنَّهُ أَعْتَقَهَا عَلَى عِوَضٍ لَمْ يُسَلَّمْ، فَصَارَ كَإِعْتَاقِهَا عَلَى خَمْرٍ، وَسَوَاءٌ فِي لُزُومِ الْقِيمَةِ وَفَّتْ بِالنِّكَاحِ الْمَشْرُوطِ أَوْ لَمْ تَفِ. وَلَوْ رَغِبَتْ فِي النِّكَاحِ، فَلِلسَّيِّدِ أَنْ يَمْتَنِعَ وَلَا تَسْقُطُ الْقِيمَةُ بِذَلِكَ. وَلَوْ تَرَاضَيَا عَلَى النِّكَاحِ وَأَصْدَقَهَا غَيْرَ الْقِيمَةِ، فَلَهَا مَا أَصْدَقَهَا وَلَهُ عَلَيْهَا الْقِيمَةُ، وَقَدْ يَقَعُ التَّقَاصِّ.

وَإِنْ أَصْدَقَهَا الْقِيمَةَ، فَإِنْ عَلِمَاهَا عِنْدَ الْعَقْدِ، صَحَّ الْإِصْدَاقُ، وَبَرِئَتْ ذِمَّتُهَا. وَإِنْ جَهِلَاهَا جَمِيعًا أَوْ أَحَدُهُمَا، فَوَجْهَانِ. أَصَحُّهُمَا: فَسَادُ الصَّدَاقِ كَسَائِرِ الْمَجْهُولَاتِ. فَعَلَى هَذَا، لَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ وَعَلَيْهَا الْقِيمَةُ. وَالثَّانِي وَبِهِ قَالَ ابْنُ خَيْرَانَ: يَصِحُّ ; لِأَنَّ الْقِيمَةَ لَمْ تَثْبُتْ مَقْصُودَةً، وَكَمَا لَوْ أَصْدَقَهَا عَبْدًا جَهِلًا قِيمَتَهُ. وَلَوْ أَتْلَفَتِ امْرَأَةٌ عَلَى رَجُلٍ عَبْدًا، فَتَزَوَّجَهَا بِقِيمَتِهِ الْمَجْهُولَةِ، فَسَدَ الصَّدَاقُ قَطْعًا، وَرَجَعَتْ إِلَى مَهْرِ الْمِثْلِ. قَالَ الْإِمَامُ: وَلَوْ طُرِّدَ الْوَجْهَانِ هُنَا لَكَانَ قِيَاسًا، وَلَوْ نَكَحَهَا الْمُعْتِقُ عَلَى أَنْ يَكُونَ عِتْقُهَا صَدَاقَهَا، فَسَدَ الصَّدَاقُ لِأَنَّ الْعِتْقَ قَدْ تَقَرَّرَ فَلَا يَكُونُ صَدَاقًا لِنِكَاحٍ مُتَأَخِّرٍ. وَفِي «الرَّقْمِ» لِلْعَبَّادِيِّ وَجْهٌ، أَنَّهُ يَصِحُّ، وَكَأَنَّهُ بِالشَّرْطِ جَعَلَ رَقَبَتَهَا صَدَاقًا، وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ.

وَالْمُسْتَوْلَدَةُ، وَالْمُدَبَّرَةُ، وَالْمُكَاتَبَةُ، وَالْمُعْتَقُ بَعْضُهَا، حُكْمُهُنَّ فِي الْإِعْتَاقِ عَلَى أَنْ يَنْكِحْنَهُ

ص: 222

حَكَمُ الْقِنَّةِ. وَحَكَى ابْنُ الْقَطَّانِ وَجْهًا، أَنَّهُ لَا قِيمَةَ عَلَى الْمُسْتَوْلَدَةِ لِأَنَّهَا لَا تُبَاعُ. وَلَوْ قَالَ لِغَيْرِهِ: أَعْتِقْ عَبْدَكَ عَنِّي عَلَى أَنْ أَنْكِحَكَ بِنْتِي، فَأَجَابَ، أَوْ قَالَتِ امْرَأَةٌ: أَعْتِقْهُ عَلَى أَنْ أَنْكِحَكَ، فَفَعَلَ، عَتَقَ الْعَبْدُ، وَلَمْ يَلْزَمِ الْوَفَاءُ بِالنِّكَاحِ. وَفِي وُجُوبِ قِيمَةِ الْعَبْدِ، وَجْهَانِ بِنَاءً عَلَى الْقَوْلَيْنِ فِيمَا لَوْ قَالَ: أَعْتِقُ عَبْدَكَ عَنْكَ عَلَى أَلْفٍ عَلَيَّ، هَلْ يَلْزَمُهُ الْأَلْفُ أَمْ لَا؟ أَصَحُّهُمَا عِنْدَ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ وَالْبَغَوِيِّ وَغَيْرِهِمَا: أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ، إِذْ لَا يَعُودُ إِلَيْهِ نَفْعٌ بِعِتْقِهِ. وَلَوْ قَالَ لِأَمَتِهِ: أَعْتَقْتُكِ عَلَى أَنْ تَنْكِحِي زَيْدًا، فَقَبِلَتْ، فَفِي وُجُوبِ الْقِيمَةِ وَجْهَانِ حَكَاهُمَا الْحَنَّاطِيُّ.

فَرْعٌ

قَالَتْ لِعَبْدِهَا: أَعْتِقُكَ عَلَى أَنْ تَنْكِحَنِي، فَفِي افْتِقَارِ عِتْقِهِ إِلَى قَبُولِهِ وَجْهَانِ. أَحَدُهُمَا: نَعَمْ. فَإِذَا قَبِلَ، عَتَقَ وَلَزِمَهُ قِيمَتُهُ، وَلَا يَلْزَمُهُ الْوَفَاءُ. وَأَصَحُّهُمَا: لَا، بَلْ يُعْتَقُ بِلَا قَبُولٍ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ.

فَرْعٌ

إِذَا لَمْ يَأْمَنِ السَّيِّدُ وَفَاءَهَا بِالنِّكَاحِ وَلَمْ يُرَدِ الْعِتْقَ إِنْ لَمْ تَنْكِحْهُ، فَهَلْ لِذَلِكَ طَرِيقٌ يَثِقُ بِهِ؟ وَجْهَانِ.

أَحَدُهُمَا: نَعَمْ. قَالَ ابْنُ خَيْرَانَ: وَطَرِيقُهُ أَنْ يَقُولَ: إِنْ كَانَ فِي عِلْمِ اللَّهِ، تَعَالَى، أَنْ أَنْكِحَكِ أَوْ تَنْكِحِينِي بَعْدَ عِتْقِكِ، فَأَنْتَ حُرَّةٌ. فَإِنْ رَغِبَتْ وَجَرَى النِّكَاحُ بَيْنَهُمَا، عَتَقَتْ وَحَصَلَ غَرَضُ السَّيِّدِ، وَإِلَّا اسْتَمَرَّ الرِّقُّ. وَنَسَبَ الْإِمَامُ هَذَا الْوَجْهَ إِلَى صَاحِبِ «التَّقْرِيبِ» ، وَعِبَارَتُهُ فِي هَذَا التَّعْلِيقِ: إِنْ يَسَّرَ اللَّهُ، تَعَالَى،

ص: 223

بَيْنَنَا نِكَاحًا فَأَنْتِ حُرَّةٌ قَبْلَهُ بِيَوْمٍ، فَإِذَا مَضَى يَوْمٌ وَنَكَحَتْهُ، انْعَقَدَ النِّكَاحُ وَتَبَيَّنَ حُصُولُ الْعِتْقِ قَبْلَهُ بِيَوْمٍ، وَذِكْرُ الْيَوْمِ جَرَى تَمْثِيلًا، وَيَكْفِي أَنْ يَقُولَ: فَأَنْتِ حُرَّةٌ قَبْلَ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي وَبِهِ قَالَ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ: لَا يَصِحُّ النِّكَاحُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ، وَلَا يَحْصُلُ الْعِتْقُ لِأَنَّهُ حَالَ الْعِتْقِ شَاكٌّ، هَلْ هِيَ حُرَّةٌ أَوْ أَمَةٌ، كَمَا إِذَا قَالَ لِأَمَتِهِ: إِنْ دَخَلْتِ الدَّارَ فَأَنْتِ حُرَّةٌ قَبْلَهُ بِشَهْرٍ، وَأَرَادَ أَنْ يَنْكِحَهَا فِي الْحَالِ، لَا يَصِحُّ.

الطَّرَفُ الثَّانِي: فِي نِكَاحِ الْعَبْدِ وَفِيهِ مَسَائِلُ.

إِحْدَاهَا: الْمَهْرُ وَالنَّفَقَةُ لَازِمَانِ فِي نِكَاحِ الْعَبْدِ لُزُومُهُمَا فِي نِكَاحِ الْحُرِّ.

وَبِمَا يَتَعَلَّقَانِ؟ نُظِرَ هَلِ الْعَبْدُ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ أَمْ مَأْذُونٌ لَهُ فِي التِّجَارَةِ؟ فَهُمَا حَالَانِ.

الْأَوَّلُ: الْمَحْجُورُ عَلَيْهِ، فَيُنْظَرُ، أَمُكْتَسِبٌ هُوَ أَمْ لَا؟ إِنْ كَانَ مُكْتَسِبًا تَعَلَّقَا بِكَسْبِهِ، وَيَتَعَلَّقَانِ بِالْكَسْبِ الْعَامِّ كَالِاصْطِيَادِ وَالِاحْتِطَابِ وَمَا يُحَصِّلُهُ بِصَنْعَةٍ وَحِرْفَةٍ، وَبِالْأَكْسَابِ النَّادِرَةِ كَالْحَاصِلَةِ بِالْوَصِيَّةِ وَالْهِبَةِ. وَفِي وَجْهٍ: لَا يَتَعَلَّقَانِ بِالنَّادِرِ. وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ، وَإِنَّمَا يَتَعَلَّقَانِ بِمَا كُسِبَ بَعْدَ النِّكَاحِ. فَإِنْ كَانَ الْمَهْرُ مُؤَجَّلًا، لَمْ يَتَعَلَّقَا إِلَّا بِمَا كَسَبَهُ بَعْدَ حُلُولِ الْأَجَلِ. وَهَلْ لِلْعَبْدِ أَنْ يُؤِّجَرَ نَفْسَهُ لِلْمَهْرِ وَالنَّفَقَةِ؟ وَجْهَانِ بِنَاءً عَلَى بَيْعِ الْمُسْتَأْجِرِ. إِنْ جَوَّزْنَاهُ، جَازَ، وَإِلَّا، فَلَا لِئَلَّا يَمْنَعَ الْبَيْعَ عَلَى السَّيِّدِ. قَالَ الْمُتَوَلِّي: وَالْوَجْهَانِ فِي إِجَارَةِ الْعَيْنِ. فَأَمَّا إِذَا الْتَزَمَ عَمَلًا فِي الذِّمَّةِ، فَالْمَذْهَبُ جَوَازُهُ ; لِأَنَّهُ دَيْنٌ فِي ذِمَّتِهِ لَا يَمْنَعُ الْبَيْعَ.

ص: 224

وَطَرِيقُ الصَّرْفِ إِلَى الْمَهْرِ وَالنَّفَقَةِ، أَنْ يَنْظُرَ فِي الْحَاصِلِ كُلَّ يَوْمٍ فَيُؤَدِّي مِنْهُ النَّفَقَةَ إِنْ وَفَّى بِهَا، فَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ صُرِفَ إِلَى الْمَهْرِ، وَهَكَذَا كُلَّ يَوْمٍ حَتَّى يَتِمَّ الْمَهْرُ، فَإِذَا تَمَّ، صُرِفَ الْفَاضِلُ عَنِ النَّفَقَةِ إِلَى السَّيِّدِ، وَلَا يَدَّخِرُ لِلنَّفَقَةِ.

وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُكْتَسِبًا، فَهُوَ فِي ذِمَّةِ الْعَبْدِ، أَمْ فِي رَقَبَتِهِ، أَمْ عَلَى السَّيِّدِ؟ فِيهِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ. أَظْهَرُهَا الْأَوَّلُ. وَطَرَدَ الْقَاضِي أَبُو حَامِدٍ الْقَوْلَ الثَّانِي فِي الْمُكْتَسِبِ.

الْحَالُ الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ مَأْذُونًا لَهُ فِي التِّجَارَةِ، فَالْمَهْرُ وَالنَّفَقَةُ يَتَعَلَّقَانِ بِرِبْحِ مَا فِي يَدِهِ ; لِأَنَّهُ كَسْبُهُ، وَيَتَعَلَّقَانِ بِرَأْسِ الْمَالِ عَلَى الْأَصَحِّ. وَفِي الرِّبْحِ الَّذِي يَتَعَلَّقَانِ بِهِ وَجْهَانِ. أَحَدُهُمَا: الْحَاصِلُ بَعْدَ النِّكَاحِ فَقَطْ، كَمَا فِي كَسْبِ غَيْرِ الْمَأْذُونِ لَهُ. وَأَصَحُّهُمَا: يَتَعَلَّقُ بِهِ وَبِالْحَاصِلِ قَبْلَ النِّكَاحِ أَيْضًا، هَذَا كُلُّهُ فِي الْمَهْرِ الَّذِي تَنَاوَلَهُ الْإِذْنُ. أَمَّا لَوْ قَدَّرَ السَّيِّدُ مَهْرًا، فَزَادَ الْعَبْدُ، فَالزِّيَادَةُ لَا تَتَعَلَّقُ إِلَّا بِالذِّمَّةِ.

الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: يَجِبُ عَلَى السَّيِّدِ تَخْلِيَةُ الْعَبْدِ بِاللَّيْلِ لِلِاسْتِمْتَاعِ، وَلَهُ أَنْ يَسْتَخْدِمَهُ نَهَارًا إِذَا تَكَفَّلَ بِالْمَهْرِ وَالنَّفَقَةِ، وَإِلَّا فَعَلَيْهِ أَنْ يُخَلِّيَهُ لِيَكْتَسِبَ. فَإِنِ اسْتَخْدَمَهُ وَلَمْ يَلْتَزِمْ شَيْئًا، لَزِمَهُ الْغُرْمُ لِمَا اسْتَخْدَمَهُ. وَفِيمَا يُغَرَّمُهُ وَجْهَانِ. أَصَحُّهُمَا: أَقَلُّ الْأَمْرَيْنِ مِنْ أُجْرَةِ الْمِثْلِ وَكَمَالِ الْمَهْرِ وَالنَّفَقَةِ. وَالثَّانِي: كَمَالُ الْمَهْرِ وَالنَّفَقَةِ. وَعَلَى الْوَجْهَيْنِ فِي الْمُرَادِ بِالنَّفَقَةِ وَجْهَانِ. الصَّحِيحُ: نَفَقَةُ مُدَّةِ الِاسْتِخْدَامِ. وَالثَّانِي: نَفَقَةُ مُدَّةِ النِّكَاحِ مَا امْتَدَّتْ ; لِأَنَّهُ رُبَّمَا كَانَ يَكْسِبُ مَا يَفِي بِجَمِيعِ ذَلِكَ. وَلَوِ اسْتَخْدَمَهُ أَجْنَبِيٌّ، لَمْ يَلْزَمْهُ إِلَّا أُجْرَةُ الْمِثْلِ ; لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ إِلَّا الْإِتْلَافُ، وَلَمْ يَسْبِقْ مِنْهُ مَا سَبَقَ مِنَ السَّيِّدِ، وَهُوَ الْإِذْنُ الْمُقْتَضِي لِالْتِزَامِ مُؤَنِ النِّكَاحِ.

ص: 225

[الْمَسْأَلَةُ] الثَّالِثَةُ: لِلسَّيِّدِ أَنْ يُسَافِرَ بِالْعَبْدِ وَإِنْ تَضَمَّنَ مَنْعَهُ مِنْ الِاسْتِمْتَاعِ ; لِأَنَّهُ مَالِكُ الرَّقَبَةِ، كَمَا يُسَافِرُ بِالْأَمَةِ الْمُزَوَّجَةِ، ثُمَّ لِلْعَبْدِ أَنْ يُسَافِرَ بِزَوْجَتِهِ مَعَهُ. قَالَ الْبَغَوِيُّ: وَيَكُونُ الْكِرَاءُ فِي كَسْبِهِ. فَإِنْ لَمْ تَخْرُجِ الزَّوْجَةُ مَعَهُ، أَوْ كَانَتْ رَقِيقَةً فَمَنَعَهَا سَيِّدُهَا، سَقَطَتْ نَفَقَتُهَا. وَإِنْ لَمْ يُطَالِبْهَا الزَّوْجُ بِالْخُرُوجِ، فَالنَّفَقَةُ بِحَالِهَا، وَالسَّيِّدُ يَتَكَفَّلُ بِهَا، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ، فَفِيمَا يُغَرِّمُهُ فِي مُدَّةِ السِّفْرِ الْخِلَافُ السَّابِقُ. هَذَا هُوَ الْمَنْقُولُ فِي الطُّرُقِ، وَنُصَّ عَلَيْهِ فِي «الْمُخْتَصَرِ» . وَنَقَلَ الْإِمَامُ عَنِ الْعِرَاقِيِّينَ، أَنَّهُ [لَيْسَ] لِلسَّيِّدِ اسْتِخْدَامُهُ، وَلَا أَنْ يُسَافِرَ بِهِ مَا بَقِيَتْ عَلَيْهِ مُؤْنَةٌ مِنْ مُؤَنِ النِّكَاحِ، وَجَعَلَ الْمَسْأَلَةَ ذَاتَ خِلَافٍ لِلْأَصْحَابِ، وَلَا يَكَادُ يَتَحَقَّقُ فِيهَا خِلَافٌ.

فَرْعٌ

أَكْثَرُ مَا ذَكَرْنَاهُ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ مُتَفَرِّعٌ عَلَى الْقَوْلِ الْجَدِيدِ، وَهُوَ أَنَّهُ إِذَا أَجْرَى النِّكَاحَ بِإِذْنِ السَّيِّدِ، لَا يَصِيرُ ضَامِنًا بِالْإِذْنِ لِلْمَهْرِ وَالنَّفَقَةِ ; لِأَنَّهُ لَمْ يَلْتَزِمْهُ تَصْرِيحًا وَ [لَا] تَعْرِيضًا. وَقَالَ فِي الْقَدِيمِ: يَصِيرُ ضَامِنًا بِالْإِذْنِ مُلْتَزِمًا الْمَهْرَ وَالنَّفَقَةَ. وَاتَّفَقَ الْأَصْحَابُ عَلَى أَنَّ الْجَدِيدَ هُوَ الْأَظْهَرُ. فَعَلَى الْجَدِيدِ: لَوْ أَذِنَ بِشَرْطِ الضَّمَانِ لَمْ يَصِرْ ضَامِنًا أَيْضًا ; لِأَنَّهُ لَا وُجُوبَ عِنْدَ الْإِذْنِ. وَإِذَا قُلْنَا بِالْقَدِيمِ، فَهَلْ يَجِبُ عَلَى السَّيِّدِ ابْتِدَاءً، أَمْ يُلَاقِي الْعَبْدَ ثُمَّ يَحْمِلُ عَنْهُ السَّيِّدُ؟ وَجْهَانِ حَكَاهُمَا أَبُو الْفَرَجِ الزَّازُ. فَعَلَى الْأَوَّلِ: لَا تَتَوَجَّهُ الْمُطَالَبَةُ إِلَّا عَلَى السَّيِّدِ. وَلَوْ أَبْرَأْتَ الْعَبْدَ، فَهُوَ لَغْوٌ.

ص: 226

وَعَلَى الثَّانِي: تَتَوَجَّهُ الْمُطَالَبَةُ عَلَيْهِمَا، وَيَصِحُّ إِبْرَاءُ الْعَبْدِ، وَيَبْرَأُ بِهِ السَّيِّدُ. وَصَحَّحَ أَبُو الْفَرَجِ الْوَجْهَ الثَّانِي، وَقَطَعَ الْبَغَوِيُّ بِالْأَوَّلِ، وَكَلَامُ الْإِمَامِ يَقْرُبُ مِنْهُ.

فَرْعٌ

فِي فَتَاوَى الْقَاضِي حُسَيْنٍ، أَنَّهُ لَوْ زَوَّجَ أَمَتَهُ عَبْدَهُ، فَنَفَقَةُ الْأَمَةِ عَلَى السَّيِّدِ كَنَفَقَةِ الْعَبْدِ. فَلَوْ أَعْتَقَهَا السَّيِّدُ وَأَوْلَادَهَا، سَقَطَتْ نَفَقَتُهُمْ عَنْهُ، وَتَعَلَّقَتْ نَفَقَتُهَا بِكَسْبِ الْعَبْدِ، وَعَلَيْهَا نَفَقَةُ الْأَوْلَادِ إِنْ كَانَتْ مُوسِرَةً، وَإِلَّا فَفِي بَيْتِ الْمَالِ. وَلَوْ أُعْتِقَ الْعَبْدُ دُونَهَا، سَقَطَتْ نَفَقَتُهُمَا عَنْهُ، وَكَانَتْ نَفَقَةُ الْأَمَةِ عَلَى الْعَتِيقِ كَحُرٍّ تَزَوُّجَ أَمَةَ غَيْرِهِ.

الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: هَذَا الَّذِي سَبَقَ حُكْمُ الْمُهْرُ فِي النِّكَاحِ الصَّحِيحِ. وَأَمَّا الْمَهْرُ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ، فَلَهُ صُورَتَانِ.

إِحْدَاهُمَا: إِذَا فَسَدَ نِكَاحُ الْعَبْدِ لِجَرَيَانِهِ بِغَيْرِ إِذْنِ سَيِّدِهِ، فُرِّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَرْأَةِ، فَإِنْ دَخَلَ بِهَا قَبْلَ التَّفْرِيقِ، فَلَا حَدَّ لِلشُّبْهَةِ، وَيَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ. وَهَلْ يَتَعَلَّقُ بِذِمَّتِهِ لِكَوْنِهِ وَجَبَ بِرِضَى مُسْتَحِقِّهِ، أَمْ بِرَقَبَتِهِ لِأَنَّهُ إِتْلَافٌ؟ فِيهِ قَوْلَانِ. أَظْهَرُهُمَا: الْأَوَّلُ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَطَعَ بِهِ. وَإِنْ جَرَى النِّكَاحُ بِغَيْرِ إِذْنِ مُسْتَحِقِّ الْمَهْرِ، بِأَنْ نَكَحَ أَمَةً بِغَيْرِ إِذْنِ سَيِّدِهَا وَوَطِئَهَا، فَطَرِيقَانِ. أَحَدُهُمَا: الْقَطْعُ بِتَعَلُّقِهِ بِالرَّقَبَةِ، وَبِهِ قَالَ ابْنُ الْحَدَّادِ، كَمَا لَوْ أَكْرَهَ أَمَةً أَوْ حُرَّةً عَلَى الزِّنَا. وَالثَّانِي: طَرْدُ الْقَوْلَيْنِ ; لِأَنَّ الْمَهْرَ وَإِنْ كَانَ لِغَيْرِهَا فَيُمْكِنُهَا إِسْقَاطُهُ فِي الْجُمْلَةِ بِإِرْضَاعٍ أَوْ رِدَّةٍ.

الثَّانِيَةُ: أَذِنَ سَيِّدُهُ فِي النِّكَاحِ، فَنَكَحَ نِكَاحًا فَاسِدًا وَدَخَلَ بِهَا قَبْلَ التَّفْرِيقِ

ص: 227