الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بماذا قتل «1» ! فنظروا فإذا الخنجر على النعت الّذي نعت عبد الرحمن، فخرج عبيد اللَّه مشتملا على السيف، حتى أتى الهرمزان، فقال: اصحبني ننظر إلى فرس لي وكان الهرمزان بصيرا بالخيل، فخرج يمشي بين يديه، فعلاه عبيد اللَّه بالسيف، فلما وجد حرّ السيف قال:
لا إله إلا اللَّه، ثم أتى جفينة وكان نصرانيا فقتله، ثم أتى بنت أبي لؤلؤة جارية صغيرة فقتلها، فأظلمت المدينة يومئذ على أهلها ثلاثا. وأقبل عبد اللَّه بالسيف صلتا، وهو يقول:
واللَّه لا أترك بالمدينة شيئا إلا قتلته. قال: فجعلوا يقولون له: ألق السيف، فيأبى ويهابوه إلى أن أتاه عمرو بن العاص، فقال له: يا ابن أخي، أعطني السيف، فأعطاه إياه، ثم ثار إليه عثمان، فأخذ بناصيته حتى حجز الناس بينهما، فلما استخلف عثمان قال: أشيروا عليّ فيما فعل هذا الرجل. فاختلفوا، فقال عمرو بن العاص: إنّ اللَّه أعفاك أن يكون هذا الأمر، ولك على الناس سلطان، فترك وودى الرجلين والجارية.
وقال الحميدي: حدثنا سفيان، عن عمرو بن دينار، قال: قال علي: لئن أخذت عبيد اللَّه لأقتلنّه بالهرمزان.
وأخرج ابن سعد من طريق عكرمة، قال: كان رأي عليّ أن يقتل عبيد اللَّه بالهرمزان لو قدر عليه.
وقد مضى لعبيد اللَّه بن عمر هذا ذكر في ترجمة عبد اللَّه بن بديل بن ورقاء الخزاعي.
وقيل: إن عثمان قال لهم: من وليّ الهرمزان؟ قالوا: أنت. قال: قد عفوت عن عبيد اللَّه بن عمر.
وقيل: إنه سلمه للعماديان «2» بن الهرمزان، فأراد أن يقتصّ منه فكلّمه الناس، فقال:
هل لأحد أن يمنعني من قتله؟ قالوا: لا. قال: قد عفوت.
وفي صحة هذا نظر، لأن عليا استمر حريصا على أن يقتله بالهرمزان، وقد قالوا: إنه هرب لما ولى الخلافة إلى الشام. فكان مع معاوية إلى أن قتل معه بصفّين، ولا خلاف في أنه قتل بصفين مع معاوية. واختلف في قاتله، وكان قتله في ربيع الأول سنة ست وثلاثين.
6256
-
عبيد اللَّه بن معمر بن عثمان «3» بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرّة بن كعب بن لؤيّ بن غالب التيمي
«4» :
(1) في أ: قتل عمر.
(2)
في د: وقيل إنه سلمه سيدنا عثمان إلى ابن الهرمزان، وفي ل، هـ بياض.
(3)
في أ، د، ل، هـ: معمر بن غنم.
(4)
أسد الغابة ت (3480) ، الاستيعاب ت (1741) .
له رؤية، ولأبيه صحبة. وسيأتي في الميم. ولعبيد اللَّه رواية عن عمر وعثمان وطلحة وغيرهم.
قال ابن عبد البرّ: وهم من زعم أنّ له صحبة، وإنما له رؤية، ومات النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم وهو صغير، وقال أيضا: صحب النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم، وكان من أحدث أصحابه سنّا، كذا قال بعضهم فغلط، ولا يطلق على مثله صحب، وإنما رآه.
وأورد له البغوي في «معجم الصّحابة» حديثا من طريق حماد بن سلمة، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عبيد اللَّه بن معمر، قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم: «ما أوتي أهل بيت الرّفق إلّا نفعهم، ولا منعوه إلّا ضرّهم» .
وأخرجه ابن أبي عاصم من هذا الوجه.
قال البغويّ: لا أعلمه روى عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلا هذا الحديث، ولا رواه عن هشام بن عروة إلا حماد بن سلمة.
وقال أبو حاتم الرّازيّ: أدخل قوم هذا الحديث في مسانيد الوحدان، ولم يعرفوا علّته، وإنما حمله عن هشام بن عروة، عن عبد اللَّه بن عبد الرحمن بن معمر الأنصاري، وهو أبو طوالة، فلم يضبط اسمه.
وقد رواه أبو معاوية عن هشام بن عروة على الصواب.
وقال خليفة: حدثني الوليد بن هشام، عن أبيه، عن جده، وأبو اليقظان، وأبو الحسن- يعني المدائني- أنّ ابن عامر صار إلى إصطخر، وعلى مقدّمته عبيد اللَّه بن معمر، فقتل وسبى، فقتل ابن معمر في تلك الغزاة، فحلف ابن عامر لئن ظفر بهم ليقتلنّ منهم حتى يسيل الدم
…
فذكر القصة.
وكذا ذكر يعقوب بن سفيان في تاريخه من طريق محمد بن إسحاق، قال: ثم كانت غزوة حور وأميرها عبد اللَّه بن عامر، فسار يومئذ إلى إصطخر، وعلى مقدمته عبيد اللَّه بن معمر فقتلوه، وقتل عبيد اللَّه ورجع الباقون.
قال ابن عبد البرّ: قتل وهو ابن أربعين سنة، كذا قال، وتعقّبه ابن الأثير بأنه يناقض قوله إن النبي صلى الله عليه وآله وسلم مات وعبيد اللَّه بن معمر صغير.
وهو تعقّب صحيح، لأن قتله كان في سنة تسع وعشرين، فلو كان»
أربعين لكان
(1) في أ: كان ابن أربعين.
مولده بعد المبعث «1» بسنتين، فيكون عند الوفاة النبويّة ابن إحدى وعشرين سنة.
وقد ذكر سعيد بن عفير أن قتله كان سنة ثلاث وعشرين، فيكون عمره على هذا عند الوفاة النبويّة سبعا وعشرين.
وقال الزّبير بن بكّار: حدثني عثمان بن عبد الرحمن أنّ عبد اللَّه بن عامر وعبيد اللَّه بن معمر اشتريا من عمر رقيقا من السبي، ففضل عليهما من الثمن ثمانون ألف درهم، فلزما بها «2» من قبل عمر، فقضاها عنهما طلحة بن عبيد اللَّه، فهذا يدلّ على أنه كان على عهد عمر رجلا.
وقد أخرج البخاريّ في تاريخه الصغير، من طريق إبراهيم بن محمد «3» بن إسحاق، من ولد عبيد اللَّه بن معمر، قال: مات عبيد اللَّه بن معمر، في زمن عثمان بإصطخر.
وأورد ابن عساكر في ترجمة عبيد اللَّه بن معمر حديثا من رواية أبي النضر، عن عبيد اللَّه بن معمر، عن عبد اللَّه بن أبي أوفى، وفيه نظر، لأن أبا النضر إنما روى عن عمر بن عبيد اللَّه بن معمر، وحديثه عنه في الصحيح، وأنه كان كاتبه، وأن عبد اللَّه بن أبي أوفى كتب إليه في بني تيم عبيد اللَّه بن عبد اللَّه بن معمر، وهو ابن أخي صاحب الترجمة. وربما نسب إلى جده.
وقد ذكر البخاريّ من طريق أيوب، عن ابن سيرين، عن عبيد اللَّه بن معمر، وكان يحسن الثناء عليه.
ومن طريق عبد اللَّه بن عون، عن محمد بن سيرين: أول من رفع يديه يوم الجمعة عبيد اللَّه بن معمر.
وذكر الزّبير بن بكار أنَّ عبيد اللَّه بن معمر وفد إلى معاوية، فهذا غير الأول، فالذي له رؤية، عامل عمر، وغزا في خلافة عثمان، وقتل فيها، وهو صاحب الترجمة، وهو الّذي جاءت عنه الرواية المرسلة، وأما ابن أخيه فهو الّذي وفد على معاوية كما ذكره الزبير بن بكار، وهو الّذي ذكره المرزباني في معجم الشعراء، وأنشد له يخاطب معاوية:
إذا أنت لم ترخ الإزار تكرّما
…
على الكلمة العوراء من كلّ جانب
(1) في أ: البعثة. (2) في أ: بهما. (3) في أ: محمد إبراهيم بن إسحاق.