الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فسَأَلَ مَحْمُوْدٌ الفُقَهَاء عَنْ أَكْل لَحْمِهِم، فَنَهوا عَنْهُ (1) .
320 - مَسْعُوْدُ بن مُحَمَّدٍ السُّلْطَان شِهَاب الدَّوْلَة *
كَانَ طُوَالاً، جَسِيماً، مَلِيحاً، كَبِيْرَ الْعين، شدِيداً، حَازماً، كَثِيْرَ البِرِّ، سَادَّ الجَوَاب، رُؤُوَفاً بِالرَّعِيَّة، مُحبّاً لِلْعِلْمِ.
صُنِّفَ لَهُ كُتُبٌ فِي فُنُوْن، وَكَانَ أَبُوْهُ يخشَى مَكَانَهُ، وَيحبُّ أَخَاهُ مُحَمَّداً، فَأَبعد مسعُوداً، وَأَعطَاهُ الرَّيَّ وَالجِبَال، وَطلب مِنْهُ أَنْ يَحْلِفَ لأَخِيه أَنَّهُ لَا يُقَاتِلُه.
قَالَ: أَفعلُ إِن أَشهدَ مولَانَا عَلَى نَفْسِهِ أَنِّي لَسْتُ وَلدَه، أَوْ يحلفُ لِي أَخِي أَنَّهُ لَا يُخْفِينِي مِنْ مِيرَاثِي شَيْئاً.
وَلَمَّا سَمِعَ: مَسْعُوْدٌ بِموت أَبِيهِ، لبس السَّوَادَ وَبَكَى، وَعمل عزَاءه بِأَصْبَهَانَ، وَخطب لِنَفْسِهِ بِأَصْبَهَانَ وَالرَّيِّ وَأَرْمِيْنِيَةَ، ثُمَّ سَارَ وَاسْتقرَّ بِنَيْسَابُوْرَ، وَمَالت الأُمَرَاءُ إِلَى شِهَاب الدَّوْلَة مَسْعُوْدٍ، وَجرت بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَخِيْهِ مُحَمَّد مُرَاسلَاتٌ، ثُمَّ قَبَضُوا عَلَى مُحَمَّدٍ، وَبَادرُوا إِلَى خِدمَة السُّلْطَان مَسْعُوْد، فَقَدم هَرَاة، وَكَانَ أَخُوْهُ مُحَمَّدٌ المُلَقَّب بجمَال الدَّوْلَة مُنْهمِكاً فِي اللذَات المُردِيَة وَالسُّكْر.
ثُمَّ قبض مَسْعُوْدٌ عَلَى عَمِّه يُوْسُف وَعَلَى عليٍّ الحَاجِب.
وَدَانت لَهُ الممَالِكُ، وَأَظهر كِتَابَ القَادِرِ بِاللهِ، وَأَنَّهُ لقَّبه بِالنَاصِرِ لِدِيْنِ اللهِ ظهيرِ خَلِيْفَةِ الله.
وَلبس خِلَعاً وَتَاجاً، ثُمَّ
(1) انظر " المنتظم " 8 / 53، 54، وحياة الحيوان 2 / 357 للدميري.
(*) المنتظم 8 / 113، الكامل في التاريخ 9 / 395، 398، 412، 414، 428، 429، 433، 441، 442، 462، 467، 477 - 488، وفيات الأعيان 5 / 181، المختصر في أخبار البشر 2 / 157، 164، 165، دول الإسلام 1 / 256، العبر 3 / 180، تتمة المختصر 1 / 514، 524، البداية والنهاية 12 / 50، تاريخ ابن خلدون 4 / 379، 380، 382، 383، 384، شذرات الذهب 3 / 253، نزهة الخواطر 1 / 74 - 76.
أَطلق الوَزِيْرَ أَحْمَدَ بن الحَسَنِ المِيمندِي، وَاسْتوزَرَه (1) ، ثُمَّ أُخذت الرَّيُّ مِنْ مَسْعُوْد، فَجَهَّزَ جَيْشاً اسْتبَاحوهَا، وَعملُوا قبَائِح (2) ، وَجرت لَهُ حُرُوبٌ عَلَى الدُّنْيَا، وَقَدِمَ عَلَيْهِ رَسُوْلُ الدِّيْوَان، فَاحتفل لقُدُومه، وَزُيِّنَت خُرَاسَان، وَكَانَ يَوْمُ قُدُومه بَلْخ يَوْماً مَشْهُوداً كدُخُول السُّلْطَان.
وَكَانَ فِي المَوْكِب مئتَا فيلٍ وَالجَيْش ملبس.
وَوَقع الوبَاءُ فِي عَام ثَلَاثَة وَعِشْرِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ (3) بِالهِنْد وَغَزْنَة وَأَطرَاف خُرَاسَان، حَتَّى إِنَّهُ خَرَجَ مِنْ أَصْبَهَان فِي مُدَّةٍ قَرِيْبَة أَرْبَعُوْنَ أَلف جِنَازَة، وَكَانَ مَلِكُهَا أَبُو جَعْفَرٍ بنُ كَاكويه وَالخَلِيْفَةُ القَائِمُ وَسُلْطَانُ العِرَاق جَلَالُ الدَّوْلَة، وَأَبُو كَاليجَارَ عَلَى فَارس، وَمَسْعُوْد بن مُحَمَّد عَلَى خُرَاسَان وَالجِبَال وَالغُور وَالهِنْد.
وَتُوُفِّيَ قدرخَانُ التُّرْكِيُّ؛ صَاحِب مَا وَرَاء النَّهر فِي هَذَا العَام، وَتَأَهَّب مَسْعُوْدٌ، وَحشد يقصِدُ العِرَاقَ، فَجَاءهُ أَمرٌ شغلَه؛ وَهُوَ عصيَانُ نَائِبه عَلَى الهِنْد، فَسَارَ لقَصده، وَجهّزه مَسْعُوْد؛ وَهُوَ الأَمِيْر أَحْمَدُ بنُ يَنَال تكين (4) ، ثُمَّ عَاثت التُّركُ الغُزِّيَّةُ بِمَا وَرَاء النَّهر، فَقصدَهُم مَسْعُوْدٌ، وَأَوقع بِهِم، وَأَثْخَنَ فِيْهِم، ثُمَّ كرَّ إِلَى طَبَرِسْتَان، لأَنَّ نَائِبهَا فَارقَ الطَّاعَةَ، وَجرتْ لَهُ خُطُوب (5) .
ثُمَّ اضْطربَ جندُ مَسْعُوْد، وَتجرَّؤُوا عَلَيْهِ، وَبَادرت الغُزُّ، فَأخذُوا نَيْسَابُوْرَ وَبدّعُوا، فَاسْتنجد مَسْعُوْدٌ بِمُلُوْك مَا وَرَاءِ النَّهْرِ فَمَا نفعُوا، ثُمَّ سَارَتِ الغُزُّ لِحَرْبِهِ، وَعَلَيْهِم طُغْرُلْبَك، وَأَخُوْهُ دَاوُد،
(1) انظر " الكامل " 9 / 398 - 400.
(2)
انظر " الكامل " 9 / 402، 403.
(3)
انظر " المنتظم " 8 / 69، و" الكامل " 9 / 426، و" البداية والنهاية " 12 / 34.
(4)
انظر " الكامل " 9 / 428، و" تاريخ " ابن خلدون 4 / 380.
(5)
انظر " الكامل " 9 / 441، 442، و" تاريخ " ابن خلدون 4 / 381.