الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَمرُ القَاسِمِ بَعْد يَسِيْرٍ، وَتغلَّبَ المُعْتَلِي عَلَى الجَزِيْرَةِ الخَضْرَاءِ، وَكَانَتْ أُمُّهُ عَلَويَّةً أَيْضاً، ثُمَّ تَلَقَّبَ بِأَمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ، وَاسْتفحل أَمرُه، وَتسلَّم قُرْطُبَةَ ثَانياً، وَتَسَلَّمَ القِلاعَ قَبْل سَنَة عِشْرِيْنَ، ثُمَّ حَاصر إِشْبِيْليَةَ، وَكبيرُهَا القَاضِي مُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ بن عَبَّاد، فَبرز عِدَّةُ فوَارس للمُبَارزَة، فسَاق لقتَالهم المُعْتَلِي بِنَفْسِهِ وَهُوَ مَخْمُورٌ، فَقتلُوهُ فِي المُحَرَّمِ سَنَةَ سَبْعٍ وَعِشْرِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ، فَقَامَ بَعْدَهُ وَلده إِدْرِيْس.
واتَّفَقَ فِي العَام مَوْتُ الأَمِيْرِ المُعَتَدِّ بِاللهِ أَبِي بَكْرٍ هِشَامِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ المَلِكِ بنِ النَّاصر المَرْوَانِيّ، وَكَانَ قَدْ بُوْيِع، وَنهضَ بِأَمره عَمِيْدُ قُرْطُبَة أَبُو الحَزْم جَهْوَرُ بنُ مُحَمَّدٍ، فعقدُوا لَهُ فِي سَنَةِ ثَمَانِ عَشْرَةَ، وَبَقِيَ مُتَرَدِّداً فِي الثُّغُوْر ثَلَاث سِنِيْنَ، وَثَارَت فتنٌ وَبلَايَا وَاضطرَابٌ، ثُمَّ خلعه الجُنْدُ، وَأُهين، فَالتَجَأَ إِلَى ابْنِ هود بسَرَقُسْطَة إِلَى أَنْ مَاتَ عَنْ ثَلَاث وَسِتِّيْنَ سَنَةً، فَهُوَ آخِر المَرْوَانِيَّة.
362 - ابْنُ شِهَابٍ الحَسَنُ بنُ شِهَابِ بنِ الحَسَنِ العُكْبَرِيُّ *
الإِمَامُ، العَلَاّمَةُ الأَوْحَدُ، الكَاتِبُ، المُجَوِّدُ، أَبُو عَلِيٍّ الحَسَنُ بنُ شِهَاب بنِ الحَسَنِ بنِ عَلِيٍّ العُكْبَرِيُّ، الفَقِيْهُ، الحَنْبَلِيُّ.
مَولِدُه: سَنَة خَمْسٍ وَثَلَاثِيْنَ وَثَلَاثِ مائَةٍ.
وَطلب الحَدِيْثَ فِي رجوليَّتهِ، فسَمِعَ مِنْ: أَبِي عَلِيٍّ بنِ الصَّوَّاف،
(*) تاريخ بغداد 7 / 329، 330، طبقات الحنابلة 2 / 186 - 188، المنتظم 8 / 92، الوافي بالوفيات 12 / 55، مختصر طبقات الحنابلة 370، البداية والنهاية 12 / 40، 41، شذرات الذهب 3 / 241، 242.
وَأَبِي بَكْرٍ بنِ خَلَاّد، وَأَبِي بَكْرٍ القَطِيْعِيِّ، وَحَبِيْبِ بنِ الحَسَنِ القَزَّاز، فَمَنْ بَعْدهُم.
وَبَرَعَ فِي المَذْهَب، وَكَانَ مِنْ أَئِمَّةِ الفِقْهِ وَالعَرَبِيَّةِ وَالشِّعرِ وَكِتَابَةِ المَنْسُوب (1) .
وَثَّقَه أَبُو بَكْرٍ البَرْقَانِيّ (2) .
وَحَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ، وَعِيْسَى بنُ أَحْمَدَ الهَمَذَانِيُّ.
وَكَانَ يُضرب المَثَلُ بحُسْنِ كتَابته.
قَالَ الخَطِيْبُ: حَدَّثَنَا عِيْسَى بنُ أَحْمَدَ قَالَ:
قَالَ لِي أَبُو عَلِيٍّ بنُ شِهَاب يَوْماً: أَرنِي خَطَّكَ، فَقَدْ ذُكِرَ لِي أَنَّك سريعُ الكِتَابَة، فَنظر فِيْهِ، فَلَمْ يُرضه، ثُمَّ قَالَ لِي:
كسبتُ فِي الورَاقَة خَمْسَة وَعِشْرِيْنَ أَلْف دِرْهَم رَاضِيَّة (3) ، كُنْتُ أَشترِي كَاغَداً بخمسَة دَرَاهِم، فَأَكتبُ فِيْهِ دِيْوَان المُتَنَبِّي فِي ثَلَاث لَيَالٍ، وَأَبيعُه بمائَتَي دِرْهَم، وَأَقلُّه بِمائَة وَخَمْسِيْنَ دِرْهَماً، وَكَذَلِكَ كتبُ الأَدبِ المطلوبَة (4) .
قَالَ الأَزْهَرِيُّ: أَوْصَى بِالثُّلُث لفُقَهَاء الحَنَابِلَة، فَلَمْ يُعْطَوا شَيْئاً، أَخذ السُّلْطَانُ مِنْ تَرِكَتِهِ ألفَ دِيْنَار سِوَى العَقَار (5) .
مَاتَ: ابْنُ شِهَاب فِي رَجَبٍ سَنَةَ ثَمَانٍ وَعِشْرِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
(1) أي: ذو قاعدة.
(2)
انظر " تاريخ بغداد " 7 / 329.
(3)
نسبة إلى الخليفة العباسي أبي العباس أحمد الراضي بالله بن المقتدر، المتوفى سنة 329 هـ، وقد مرت ترجمته في الجزء الخامس عشر.
(4)
" تاريخ بغداد " 7 / 329، 330.
(5)
" تاريخ بغداد " 7 / 330.