الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذلك، قال: إذا دعا في صلاته بحوائجه أرجو أن لا يضره. وذلك لما تقدم من حديث ابن مسعود، والله أعلم.
[السلام من أركان الصلاة]
قال: ثم يسلم عن يمينه، فيقول: السلام عليكم ورحمة الله، وعن يساره كذلك.
ش: لا نزاع عندنا في تعيين السلام للخروج من الصلاة، لقوله صلى الله عليه وسلم «تحريمها التكبير، وتحليلها التسليم» ، وظاهره أن لا تحليل لها سواه.
532 -
وفي الصحيحين من حديث عائشة، رضي الله عنها:«وكان يختم الصلاة بالتسليم» . وقد قال: «صلوا كما رأيتموني أصلي» ، إذا تقرر هذا فالمشروع أن يسلم كما ذكر الخرقي، تسليمة عن يمينه، وتسليمة عن يساره.
533 -
لما روى عبد الله بن مسعود رضي الله عنه «أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يسلم عن يمينه، وعن يساره: «السلام عليكم ورحمة الله، السلام عليكم ورحمة الله» ، حتى يرى بياض خده. ورواه الخمسة ومسلم بمعناه.
534 -
«وعن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال: كنت أرى النبي صلى الله عليه وسلم يسلم عن يمينه وعن يساره، حتى يرى بياض خده» . رواه مسلم وأحمد والنسائي. والسلام ركن في الجملة، لقوله صلى الله عليه وسلم:«تحريمها التكبير، وتحليلها التسليم» ، فإن كان في فريضة وفيت التسليمتان، في رواية اختارها أبو بكر، والقاضي. وفي أخرى: الثانية سنة. اختارها أبو محمد. أما صلاة الجنازة، والنافلة، فإن الثانية لا تجب فيهما، قال القاضي: رواية واحدة. وهل يكفي (السلام عليكم) - اختاره القاضي وأبو البركات - أو لا بد مع ذلك من (ورحمة الله) - اختاره أبو الخطاب، وابن عقيل - فيه وجهان، ونص أحمد على الاستجزاء بالسلام في صلاة الجنازة وفيه احتمال، ولا يجزئ:«سلام عليكم» ، منكرا، ولا:«عليكم السلام» ، منكسا، على أصح الوجهين.
ومقتضى كلام الخرقي أنه لا يشترط أن ينوي بسلامه الخروج في الصلاة، وهو المنصوص، المشهور، إذ هو بعض الصلاة، فشملته نية الصلاة كبقية الأجزاء، واشترطه ابن حامد، قياسا لأحد الطرفين على الآخر، وعلى قوله لو أتى
بنية الخروج مضيفا إليه نية السلام على الحفظة والمصلين جاز، ولم يستحب، نص عليه، وحكى ابن حامد وجها بالبطلان، وعلى الأول لو ترك نية الخروج، ونوى الحاضرين، بطلت صلاته، وجها واحدا عند ابن حامد، والصحيح عند أبي البركات - وزعم أنه المنصوص -: عدم البطلان، والله أعلم.
قال: والمرأة والرجل في ذلك سواء.
ش: لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: «صلوا كما رأيتموني أصلي» ، وغيره من العمومات. [والله أعلم] .
قال: إلا أن المرأة تجمع نفسها في الركوع والسجود، وتجلس متربعة، أو تسدل رجليها، فتجعلهما في جانب يمينها.
535 -
ش: روى يزيد بن أبي حبيب، «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر على امرأتين تصليان فقال:«إذا سجدتما فضما بعض اللحم إلى بعض، فإن المرأة ليست في ذلك كالرجل» ، رواه أبو داود في مراسيله.
536 -
وقال ابن عمر: تقعد المرأة في الصلاة متربعة.
537 -
وعن علي [رضي الله عنه] : إذا سجدت المرأة فلتحتفز، ولتضم فخذيها. والسدل أفضل من التربع، نص عليه، واختاره الخلال، لأنه يروي عن عائشة، وظاهر كلامه أنه يسن لها رفع اليدين كالرجل، وهو إحدى الروايات.
538 -
لما روى سعيد، عن أم الدرداء، أنها كانت ترفع يديها في الصلاة حذو منكبيها. (والثانية) : لا يسن. لإخلاله بالانضمام اللائق بها. (والثالثة) : ترفع دون رفع الرجل قال أبو البركات: وهو أوسط الأقوال. [والله أعلم] .
قال: والمأموم إذا سمع قراءة الإمام فلا يقرأ بالحمد ولا بغيرها، لقول الله تعالى:{وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} [الأعراف: 204] ، ولما روى أبو هريرة [رضي
الله عنه] أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ما لي أنازع القرآن» ، فانتهى الناس أن يقرءوا فيما جهر فيه النبي صلى الله عليه وسلم
ش: إذا سمع المأموم قراءة الإمام لم يقرأ مطلقا، لما استدل به الخرقي [رحمه الله] من الآية والحديث.
539 -
(أما الآية) فقال أبو العالية، وزيد بن أسلم: كانوا يقرءون خلف الإمام، فنزلت هذه الآية فتركوا.
540 -
ويروى نحوه عن أبي هريرة، وابن المسيب، والحسن، والزهري، والنخعي والقرظي وغيرهم، وقال أحمد في
رواية أبي داود: أجمع الناس على أن هذه الآية في الصلاة.
541 -
(وأما الحديث) فلما روى أبو هريرة [رضي الله عنه]«أن النبي صلى الله عليه وسلم انصرف من صلاة جهر فيها بالقراءة فقال: «هل قرأ أحد منكم معي آنفا؟» فقال رجل: نعم يا رسول الله. فقال: «ما لي أنازع القرآن؟» قال: فانتهى الناس عن القراءة معه، فيما جهر فيه من الصلوات، حين سمعوا ذلك منه» . رواه مالك في الموطأ، والخمسة إلا ابن ماجه، ولأبي داود: وقال أبو هريرة: فانتهى الناس.
وظاهر المنع في كلام الخرقي رحمه الله التحريم، وبه جزم القاضي في التعليق، وهو ظاهر كلام أحمد، وجعل أبو الخطاب في الهداية - والشيخان - المنع للكراهة.
ومقتضى كلام الخرقي أنه لا يقرأ وإن لم يمكنه القراءة في حال، وعليه الأصحاب، واختار أبو البركات قراءة الفاتحة لمن تعذرت عليه القراءة في السكتات.
542 -
لما روى عبادة بن الصامت قال: «صلى النبي صلى الله عليه وسلم الصبح، فثقلت عليه القراءة، فلما انصرف قال: «إني أراكم تقرءون وراء إمامكم» ، قلنا: إي والله. قال: «فلا تفعلوا إلا بأم القرآن، فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها» ، رواه أبو داود، والترمذي وحسنه، ولأبي داود والنسائي:«فلا يقرأ بشيء من القرآن إذا جهرت به إلا بأم القرآن» ، ورواه الدارقطني وقال: كلهم ثقات.
ومفهوم كلام الخرقي أن المأموم يقرأ إذا لم يسمع قراءة الإمام، ولا يخلو من أن يكون ذلك لبعده أو لطرشه، فإن كان لبعده قرأ على المنصوص، والمختار للأصحاب، لظاهر الآية الكريمة (وعن أحمد) : لا يقرأ. لما تقدم من قوله صلى الله عليه وسلم: «لا تقرؤوا بشيء في القرآن إذا جهرت به» ، فعلى الأولى هل يقرأ من سمع الهمهمة من غير فهم؟ على روايتين. وإن كان عدم سماعه لطرشه فقد توقف، فيخرج على وجهين،
ولعل مبناهما على أن علة المنع الاستماع أو التشويش [على الإمام] والذي ينبغي أن يكونا كلاهما، لورود المنع منهما، وإذا يقرأ إن لم يشوش على الإمام، بل والمأمومين، والله أعلم.
قال: والاستحباب أن يقرأ في سكتات الإمام، وفيما لا يجهر فيه.
ش: لظاهر ما تقدم من حديث أبي هريرة، وعبادة [بن الصامت](رضي الله عنهما) .
543 -
وعن علي [رضي الله عنه] : «اقرءوا في الركعتين الأوليين من الظهر والعصر خلف الإمام بفاتحة الكتاب وسورة» ، رواه الدارقطني وصححه.
ومقتضى كلام الخرقي أن للإمام سكتات، قال أبو البركات: وهما سكتتان على سبيل الاستحباب، إحداهما تختص بأول ركعة للاستفتاح، والثانية سكتة يسيرة بعد القراءة كلها، ليرد إليه نفسه، لا لقراءة الفاتحة خلفه، على ظاهر كلام أحمد.
544 -
وقد روى الحسن عن سمرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كانت له سكتتان، سكتة حين يفتتح الصلاة، وسكتة إذا فرغ من
السورة الثانية، قبل أن يركع، فكتب ذلك لعمران بن حصين فأنكره، فكتب ذلك إلى أبي بن كعب فقال: صدق سمرة، رواه أحمد، وأبو داود، وابن ماجه، وفي رواية لهم: سكتة إذا كبر، وسكتة إذا فرغ من قراءة {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ} [الفاتحة: 7] قال أبو البركات: والصحيح في الرواية الأولى، وعلى تقدير ثبوت الثانية فيحمل على سكتة يسيرة لقدر البسملة، وتصوير ما يقرأ من السورة، ونحو ذلك [والله أعلم] .
قال: فإن لم يفعل فصلاته تامة، لأن من كان له إمام فقراءة الإمام له قراءة.
ش: هذا تصريح منه بأن القراءة لا تجب على المأموم مطلقا، وهو المنصوص، المعروف عند الأصحاب، لما تقدم من الآية وحديث أبي هريرة.
545 -
(وعنه) أيضا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إنما جعل الإمام
ليؤتم به فإذا كبر فكبروا، وإذا قرأ فأنصتوا» ، رواه الخمسة إلا الترمذي، وصححه أحمد ومسلم، فأمر بالقراءة والاستماع، وهو شامل، وإن لم يسكت الإمام.
546 -
وروى عبد الله بن شداد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من كان له إمام فقراءة الإمام له قراءة» ، رواه سعيد، وأحمد في مسائل ابنه عبد الله، والدارقطني، وروي مسندا من طرق [ضعاف] والصحيح أنه مرسل، وذلك لا يضر عندنا.