الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
على الصدغين، ثم يمرهما إلى قفاه، ثم يردهما إلى مقدمه، نص عليه أحمد، وهو المشهور، والمختار.
83 -
لحديث عبد الله بن زيد وغيره، وفيه خلاف كثير، أعرضنا عنه اختصارا، والله أعلم.
[غسل الرجلين في الوضوء]
قال: وغسل الرجلين.
84 -
ش: للآية الكريمة، فإن جماعة منهم علي، وابن مسعود، وابن عباس رضي الله عنهم قرءوا:{وَأَرْجُلَكُمْ} [المائدة: 6] بالنصب، عطفا على المغسول، وهو قوله:{وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ} [المائدة: 6] وقراءة الخفض قيل: عطف على المغسول، والخفض للمجاورة، كما قالوا: جحر ضب خرب. فخرب. خفض بمجاورة
الضب، مع أنه صفة للمرفوع، وهو الحجر. وقيل: منه قوله سبحانه وتعالى: {فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابُ يَوْمٍ عَظِيمٍ} [الشعراء: 156](فعظيم) خفض بمجاورة اليوم وهو صفة للعذاب، ورد بأن الإعراب بالمجاورة شاذ، فلا ينبغي حمل الكتاب العزيز عليه.
وقيل: بل المعطوف على الممسوح، ثم قيل: المراد مسح الخفين. وعلى قراءة النصب غسل الرجلين، تكثيرا لمعنى الآية الكريمة، وقيل: بل أطلق المسح وأريد خفيف الغسل، فمعنى القراءتين واحد، وهو أولى، إذ الأصل توافق القراءتين، ويشهد لذلك ما قاله أبو علي الفارسي، فإنه قال: العرب تسمي خفيف الغسل مسحا، يقولون: تمسحت للصلاة، أي توضأت لها، ونحوه قال أبو زيد وغيره، وخصت الأرجل بذلك - والله أعلم - دون بقية الأعضاء لأنها تقصد بصب الماء كثيرا، فهي مظنة الإسراف المنهي عنه، فلذلك عطف على الممسوح، تنبيها على الاقتصاد في صب الماء، وقيل:(إلى الكعبين) ليزول وهم من يظنها ممسوحة، إذ المسح لم يحدد في كتاب الله عز وجل، بخلاف الغسل. ويؤيد أن المراد من الآية الغسل بيان من له البيان، وهو رسول الله صلى الله عليه وسلم.
85 -
فإن الواصفين لوضوئه - كعثمان، وعلي، وعبد الله بن زيد، وغيرهم - أخبروا أنه غسل رجليه.
86 -
وفي الصحيحين عن عبد الله بن عمر [رضي الله عنهما] قال: «تخلف عنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر، فأدركنا وقد أرهقنا العصر - ويروى: أرهقتنا العصر. فجعلنا نتوضأ، ونمسح على أرجلنا، قال: فنادى بأعلى صوته: «ويل للأعقاب من النار» مرتين، أو ثلاثا» .
87 -
الله - وابن خزيمة في صحيحه، كما أمر الله تعالى بعد غسل الرجلين.
88 -
على أن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: أجمع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم على غسل القدمين.
(تنبيه) : «أرهقنا العصر» أخرناها عن وقتها، حتى كدنا نغشها، ونلحقها بالصلاة التي بعدها، «وأرهقتنا العصر» أي قاربتنا العصر. والله أعلم.
قال: إلى الكعبين
ش: أي حد الغسل إلى الكعبين، وهذا يوهم أنه لا يجب إدخالهما في الغسل، وليس كذلك، بل حكمهما حكم اليدين، وقد قيل: إن الرجل من أصل الفخذ إلى القدم، وكأن الخرقي إنما ترك التنبيه على ذلك، اكتفاء بما تقدم له في اليد، والله أعلم.
قال: وهما العظمان الناتئان.
89 -
ش: أي الكعبين هما العظمان الناتئان، إذ في الحديث أن الصحابة كان أحدهم يلصق كعبه بكعب من إلى جنبه في الصلاة، والله أعلم.
قال: ويأتي بالطهارة عضوا بعد عضو، كما أمر الله تعالى
ش: أي يبدأ بغسل الوجه، ثم اليدين، ثم يمسح الرأس، ثم يغسل الرجلين، وهذا هو المذهب بلا ريب، للآية الكريمة، فإنه سبحانه وتعالى أدخل ممسوحا بين مغسولين، وقطع النظير عن نظيره، أما على قراءة النصب فواضح، وكذلك على قراءة الخفض، لأن مع تأخير الرجلين أدخلا في حيز المسح، وأريد به الغسل، ولا يقطع النظير عن نظيره، ويفصل بين الأمثال في الكلام العربي، إلا لفائدة، والفائدة هنا - والله أعلم - الترتيب.
90 -
على أنه قد روى النسائي: «أن النبي صلى الله عليه وسلم لما دنا من الصفا قال: «ابدءوا بما بدأ الله به» » بصيغة الأمر، وظاهر الأمر البداءة بكل ما بدأ الله به، وأيضا فإن فعله صلى الله عليه وسلم خرج بيانا للآية
الكريمة، ولم ينقل عنه صلى الله عليه وسلم أنه توضأ إلا مرتبا، ولو جاز عدم الترتيب لفعله ولو مرة، تبيينا للجواز، وقد توضأ صلى الله عليه وسلم مرة مرة، على عادة وضوئه، وقال:«هذا الوضوء الذي لا يقبل الله الصلاة إلا به» وهذا كله على المذهب، من أن الواو ليست للترتيب، كما هو المذهب، أما إن قلنا إنها له - على رواية - فواضح، فعلى هذا لو بدأ بشيء من الأعضاء الأربعة قبل غسل وجهه لم يحسب له، نعم: إن توضأ منكسا أربع مرات، صح وضوءه إن قرب الزمن، لأنه حصل له من كل مرة غسل عضو اهـ.
(وعن أحمد) رحمه الله رواية تقدمت باغتفار الترتيب بين المضمضة والاستنشاق، وبين بقية أعضاء الوضوء، فأخذ منها أبو الخطاب - في انتصاره، وابن عقيل في فصوله - رواية بعدم وجوب الترتيب رأسا، وتبعهما بعض المتأخرين، منهم أبو البركات في محرره، وغيره، وأبي ذلك عامة الأصحاب، متقدمهم ومتأخرهم، ومنهم أبو محمد، وأبو البركات في شرحه.
واعلم أن الواجب عندنا الترتيب، لا عدم التنكيس، فلو
وضأه أربعة في حالة واحدة لم يجزئه، ولو انغمس في ماء جار، ينوي رفع الحدث، فمرت عليه أربع جريات، أجزأه إن مسح رأسه، أو قيل بإجزاء الغسل عن المسح ولو لم يمر عليه إلا جرية واحدة لم يجزئه، ولو كان انغماسه في ماء كثير راكد فمنصوصه - وبه قطع ابن عقيل، وأبو محمد - أنه إن أخرج وجهه، ثم يديه، ثم مسح برأسه، ثم خرج من الماء أجزأه، مراعاة للترتيب، إذ الحدث إنما يرتفع بارتفاع الماء، عن العضو، وقيل - وقواه أبو البركات -: إن مكث فيه قدرا يتسع للترتيب، وقلنا: يجزئ غسل الرأس عن مسحه، أو مسحه ثم مكث برجليه قدرا يسع غسلهما أجزأه.
(تنبيه) : لم ينص الخرقي رحمه الله على الموالاة فقيل: ظاهر كلامه أنها لا تجب. وإلا لم يهملها، وهو رواية حنبل عن أحمد.
91 -
اقتداء بابن عمر، فإنه روي عنه أنه توضأ في المسجد، أو في السوق، فأعوز الماء، فأكمله في البيت.
وقيل: بل ظاهره الوجوب، لقوله في مسح الخفين: فإن خلع قبل ذلك، أعاد الوضوء. ولو لم تجب لكفاه غسل القدمين، إذ قوة كلامه أن الخلع بعد مدة، وهذا رواية الجماعة عن أحمد، وعليها الأصحاب، لظاهر الآية الكريمة إذ قوله
سبحانه: {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا} [المائدة: 6] إلى آخرها يقتضي الفورية على قاعدتنا، ثم (إذ قمتم إلى الصلاة) شرط و (فاغسلوا) جوابه، [وإذا وجد الشرط، وهو القيام وجب أن لا يتأخر عنه جوابه] وهو غسل الأعضاء الأربعة.
92 -
وعن خالد بن معدان، عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم «أنه رأى رجلا يصلي، وفي ظهر قدمه لمعة، فأمره النبي صلى الله عليه وسلم بالوضوء والصلاة» . رواه أبو داود، وأحمد وجود إسناده، ولم يستفصله النبي صلى الله عليه وسلم هل فرط أم لا؟ ثم إن النبي صلى الله عليه وسلم لم ينقل عنه أنه توضأ إلا مرتبا متواليا، وفعله - كما تقدم - خرج بيانا للآية الكريمة.
وفي المذهب قول ثالث، اختاره أبو العباس، وزعم أنه الأشبه بأصول الشريعة. وأصول أحمد، اعتمادا على قوله سبحانه وتعالى:{فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [التغابن: 16] .
93 -
وقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم» والتارك لعذر قد فعل ما استطاع، ونظرا إلى أن التتابع في صوم شهري الكفارة واجب بالنص والإجماع ثم لو تركه لعذر لم ينقطع، وكذلك الموالاة في قراءة الفاتحة، ثم لو تركها (ولو) كثيرا - لاستماع قراءة [الإمام] ونحو ذلك أتمها، وكذلك الموالاة في الطواف والسعي، لا تبطل بفعل المكتوبة، وصلاة الجنازة، وطرد ذلك هنا أنه لو أنقذ غريقا، أو أمر بمعروف، ونحو ذلك في أثناء الوضوء، لم يضره وإن طال، وكذلك الصلاة تجب الموالاة فيها، بحيث لا يفرق بين أبعاضها بما ينافيها، ثم لو فرق لضرورة لم يضره.
94 -
كما ثبت في الصحيح من حديث ابن عمر في صلاة الخوف: أن الطائفة الأولى تذهب بعد صلاة ركعة، وجاه العدو، ثم ترجع إلى صلاتها بعد أن تصلي الطائفة الثانية الركعة الثانية، وتذهب جهة العدو، وكذلك من سبقه الحدث، يتوضأ ويبني، على أحد القولين، ما لم يبطل صلاته بكلام عمد ونحوه.
95 -
ثم ما وقع للنبي صلى الله عليه وسلم في حديث ذي اليدين، من الكلام، والقيام والمشي، إلى غير ذلك، ومثله يبطل الصلاة لولا العذر.
وأجاب عن حديث خالد بن معدان بأن أمره بالإعادة كان لتفريطه، وهو عدم معاهدته الوضوء، ثم طرد ذلك في الترتيب، وقال: لو قيل بسقوطه للعذر، كما إذا ترك غسل وجهه فقط لمرض ونحوه، ثم زال قبل انتقاض وضوئه فغسله لتوجه اهـ.
فعلى الأولى: لا أثر للتفريق، لكن يحتاج إلى استئناف نية، قاله ابن عقيل، وأبو البركات، معللين بأن النية الحكمية تبطل بالفصل الطويل، كما تبطل به قبل الشروع.
وعلى الثانية: المؤثر تفريق يفحش عادة، في رواية حكاها ابن عقيل، إذ ما لا حد له في الشرع، المرجع فيه إلى ذلك، كالحرز، والقبض، والمشهور عند الأصحاب: المؤثر أن يؤخر غسل عضو حتى ينشف الذي قبله. زاد أبو البركات: أو أخر عضوا عن أوله إلى أن ينشف أوله اهـ في الزمن المعتدل شتاء وصيفا، وهواء أو قدر ذلك، ولعل هذا أضبط للعرف المتقدم، فيتحد القولان، وحكى ابن عقيل وجها أن المؤثر بنشاف عضو (ما) فلو نشف وجهه قبل غسل رجليه بطل وضوءه، (ويستثنى) مما تقدم ما إذا كان الجفاف لسنة، من تخليل أو إسباغ، أو إزالة شك، ونحو ذلك، فإنه لا يؤثر،