المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

والتيمم من الجنابة والوضوء سواء. رواه البيهقي والله أعلم.   ‌ ‌[كيفية التيمم] قال: - شرح الزركشي على مختصر الخرقي - جـ ١

[الزركشي الحنبلي]

فهرس الكتاب

- ‌[كتاب الطهارة]

- ‌[باب ما تكون به الطهارة من الماء]

- ‌[حكم الماء إذا تغير أحد أوصافه]

- ‌[الوضوء بالماء المستعمل]

- ‌[حكم الطهارة بالماء الذي خالطه مائع]

- ‌[الوضوء بسؤر غير مأكول اللحم]

- ‌[تطهير ما لاقته نجاسة الكلب والخنزير]

- ‌[تنبيهات]

- ‌[اشتباه الماء الطاهر بالنجس]

- ‌[باب الآنية]

- ‌[آنية عظام الميتة]

- ‌[الوضوء في آنية الذهب والفضة]

- ‌[صوف الميتة وشعرها]

- ‌[باب السواك وسنة الوضوء]

- ‌[أوقات استحباب السواك]

- ‌[التسمية عند الوضوء]

- ‌[المبالغة في الاستنشاق]

- ‌[تخليل اللحية]

- ‌[تجديد الماء للأذنين ظاهرهما وباطنهما]

- ‌[تخليل الأصابع في الوضوء]

- ‌[غسل الميامن قبل المياسر فى الوضوء]

- ‌[باب فرض الطهارة]

- ‌[الاستنجاء بالماء]

- ‌[النية في الطهارة]

- ‌[غسل الوجه فى الوضوء]

- ‌[الفم والأنف من الوجه فى الوضوء]

- ‌[غسل اليدين إلى المرفقين في الوضوء]

- ‌[مسح الرأس في الوضوء]

- ‌[غسل الرجلين في الوضوء]

- ‌[عدد مرات الوضوء]

- ‌[صلاة الفريضة بوضوء النافلة]

- ‌[قراءة القرآن للجنب والحائض والنفساء]

- ‌[لا يمس المصحف إلا طاهر]

- ‌[باب الاستطابة والحدث]

- ‌[ما يكون منه الاستنجاء]

- ‌[ما يكون به الاستنجاء]

- ‌[تنبيهان حول الاستنجاء]

- ‌[الاستنجاء بالخشب والخرق وكل ما أنقى]

- ‌[الاستنجاء بالرجيع والعظم والطعام]

- ‌[باب ما ينقض الطهارة]

- ‌[خروج الغائط والبول من غير مخرجهما]

- ‌[زوال العقل من نواقض الوضوء]

- ‌[التقاء الختانين من نواقض الوضوء]

- ‌[الردة من نواقض الوضوء]

- ‌[مس الفرج من غير حائل من نواقض الوضوء]

- ‌[القيء والدم والدود من نواقض الوضوء]

- ‌[أكل لحم الجزور من نواقض الوضوء]

- ‌[غسل الميت من نواقض الوضوء]

- ‌[باب ما يوجب الغسل]

- ‌[التقاء الختانين من موجبات الغسل]

- ‌[إسلام الكافر من موجبات الغسل]

- ‌[الطهر من الحيض والنفاس من موجبات الغسل]

- ‌[غمس الحائض والجنب والمشرك أيديهم في الماء]

- ‌[وضوء الرجل بفضل وضوء المرأة]

- ‌[باب الغسل من الجنابة]

- ‌[كيفية الغسل من الجنابة]

- ‌[مقدار ماء الوضوء والغسل]

- ‌[باب التيمم]

- ‌[التيمم في السفر]

- ‌[شروط التيمم]

- ‌[كيفية التيمم]

- ‌[ما يباح به التيمم]

- ‌[الحكم لو وجد المتيمم الماء وهو في الصلاة]

- ‌[باب المسح على الخفين]

- ‌[شروط صحة المسح على الخفين]

- ‌[مدة المسح على الخفين]

- ‌[كيفية المسح على الخفين]

- ‌[باب الحيض]

- ‌[أقل الحيض]

- ‌[أكثر الحيض]

- ‌[علامات إقبال الحيض وإدباره]

- ‌[أحكام المبتدأة في الحيض]

- ‌[الصفرة والكدرة في أيام الحيض]

- ‌[الاستمتاع بالمرأة في مدة الحيض]

- ‌[وطء الحائض]

- ‌[وطء المستحاضة]

- ‌[ما له حكم الاستحاضة]

- ‌[أكثر النفاس]

- ‌[أقل النفاس]

- ‌[وطء النفساء]

- ‌[حكم من كانت لها أيام حيض فزادت على ما كانت تعرف]

- ‌[الحامل إذا رأت الدم]

- ‌[أحكام المستحاضة]

- ‌[كتاب الصلاة]

- ‌[باب المواقيت]

- ‌[وقت صلاة الظهر]

- ‌[وقت صلاة العصر]

- ‌[وقت صلاة المغرب]

- ‌[وقت صلاة العشاء]

- ‌[وقت صلاة الصبح]

- ‌[أداء الصلاة في أول الوقت]

- ‌[حكم طهارة الحائض وإسلام الكافر وبلوغ الصبي قبل غروب الشمس]

- ‌[ما يقضي المغمى عليه من الصلوات]

- ‌[باب الأذان]

- ‌[ألفاظ الأذان]

- ‌[ألفاظ الإقامة]

- ‌[يترسل في الأذان ويحدر الإقامة]

- ‌[التثويب في أذان الفجر]

- ‌[الأذان قبل دخول الوقت]

- ‌[ما يستحب في المؤذن]

- ‌[الصلاة بلا أذان ولا إقامة]

- ‌[ما يستحب لمن سمع الأذان]

- ‌[باب استقبال القبلة في الصلاة]

- ‌[استقبال القبلة في صلاة الخوف]

- ‌[صلاة التطوع في السفر على الراحلة]

- ‌[الاختلاف في تحديد القبلة]

- ‌[تقليد الأعمى والعامي في استقبال القبلة]

- ‌[الحكم لو صلى إلى جهة ثم تبين خطؤها]

- ‌[باب صفة الصلاة]

- ‌[اشتراط النية في الصلاة]

- ‌[رفع اليدين عند افتتاح الصلاة]

- ‌[وضع اليد اليمنى على اليسرى في الصلاة]

- ‌[دعاء الاستفتاح في الصلاة]

- ‌[الاستعاذة في الصلاة]

- ‌[القراءة في الصلاة]

- ‌[الجهر بالبسملة في الصلاة]

- ‌[التأمين بعد قراءة الفاتحة في الصلاة]

- ‌[قراءة السورة بعد الفاتحة في الصلاة]

- ‌[رفع اليدين عند الركوع]

- ‌[صفة الركوع]

- ‌[التسبيح في الركوع]

- ‌[رفع الرأس من الركوع وقول سمع الله لمن حمده]

- ‌[التكبير للسجود]

- ‌[صفة السجود]

- ‌[التسبيح في السجود]

- ‌[رفع الرأس من السجود]

- ‌[الدعاء بين السجدتين]

- ‌[كيفية الجلوس للتشهد]

- ‌[ألفاظ التشهد]

- ‌[التورك في الجلوس للتشهد الأخير]

- ‌[الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في التشهد الأخير]

- ‌[الدعاء في التشهد الأخير]

- ‌[السلام من أركان الصلاة]

- ‌[الجهر والإسرار في مواضعه في الصلاة]

- ‌[القراءة في صلاة الصبح]

- ‌[القراءة في صلاة الظهر]

- ‌[القراءة في صلاة المغرب]

- ‌[القراءة في صلاة العشاء]

- ‌[ستر العورة في الصلاة]

- ‌[عورة الرجل]

- ‌[كيفية صلاة العراة]

- ‌[عورة المرأة]

- ‌[صلاة الأمة مكشوفة الرأس]

- ‌[حكم من ذكر أن عليه صلاة وهو في أخرى]

- ‌[تأديب الولد على الطهارة والصلاة]

- ‌[سجود التلاوة]

- ‌[عدد سجدات التلاوة في القرآن]

- ‌[شروط صحة سجود التلاوة]

- ‌[كيفية سجود التلاوة]

- ‌[الحكم لو حضرت الصلاة والعشاء]

- ‌[الحكم لو حضرت الصلاة وهو محتاج إلى الخلاء]

الفصل: والتيمم من الجنابة والوضوء سواء. رواه البيهقي والله أعلم.   ‌ ‌[كيفية التيمم] قال:

والتيمم من الجنابة والوضوء سواء. رواه البيهقي والله أعلم.

[كيفية التيمم]

قال: والتيمم ضربة واحدة.

ش: أي التيمم المشروع، أو الواجب، أو المجزئ ضربة واحدة، لا نزاع عندنا فيما نعلمه أن الواجب في التيمم ضربة واحدة للوجه والكفين.

239 -

لما «روى عمار رضي الله عنه قال: أجنبت، فلم أصب الماء، فتمعكت في الصعيد ثم صليت، فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: «إنما يكفيك هذا» وضرب النبي صلى الله عليه وسلم بكفيه الأرض، ونفخ فيهما، ثم مسح بها وجهه وكفيه. متفق عليه، وفي لفظ: لم يجاوز الكوع وفي لفظ للدارقطني «إنما [كان] يكفيك أن تضرب بكفيك [في] التراب، ثم تنفخ فيهما، ثم تمسح بهما وجهك وكفيك إلى الرسغين» .

ص: 336

240 -

وعن عمار أيضا، «أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في التيمم «ضربة للوجه والكفين» رواه أحمد، والترمذي بمعناه وصححه.

ولقد أنصف الشافعي (رحمه الله) حيث قال في رواية الزعفراني [إن] ابن عمر تيمم ضربة للوجه، وضربة لليدين إلى المرفقين، وبهذا رأيت أصحابنا يأخذون، وقد روي فيه شيء عن النبي صلى الله عليه وسلم لو علمته ثابتا لم أعده، ولم أشك فيه، وقد قال عمار: تيممنا مع [النبي]صلى الله عليه وسلم إلى المناكب، وروي عنه الوجه والكفين. فكأن قوله: تيممنا مع النبي صلى الله عليه وسلم إلى المناكب. لم يكن عن أمر الرسول [صلى الله عليه وسلم] ، فإن ثبت عن عمار، عن النبي صلى الله عليه وسلم الوجه واليدين، ولم يثبت عنه:[إلى]«المرفقين» فالثابت أولى. اهـ ولا ريب في ثبوت ذلك عند أهل العلم بهذا الشأن، وأنه أثبت من «إلى المرفقين» بل لم يثبت في ذلك شيء، قال الإمام أحمد [رحمه الله] :

ص: 337

من قال ضربتين. إنما هو شيء زاده. اهـ.

وهل تسن زيادة على ضربة؟ المنصوص - وهو ظاهر كلام الخرقي، واختيار أبي محمد وغيره - لا تسن، لما تقدم، إذ قوله صلى الله عليه وسلم «في التيمم:«ضربة للوجه والكفين» ظاهره أن التيمم ليس إلا هذا، وقال القاضي، والشيرازي، وابن الزاغوني، وأبو البركات: يسن ضربتان، ضربة للوجه، وأخرى لليدين إلى المرفقين احتياطا، للخروج من الخلاف، إذ بعض [العلماء] يوجبه، مع أنه قد ورد.

ص: 338

241 -

فعن جابر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «التيمم ضربة للوجه، وضربة لليدين إلى المرفقين» رواه الدارقطني، وروى أيضا نحوه من حديث ابن عمر وغيره عن النبي صلى الله عليه وسلم وهي وإن كان في أسانيدها مقال، لكن ورودها من طرق يفيد ظنا بصحتها، على أن الدارقطني - فيما أظن - صحح بعضها، ويحمل ما تقدم على الإجزاء، جمعا بين الكل، ولا نزاع فيما نعلمه أنه لا يسن زيادة على ضربتين إذا حصل الاستيعاب بهما. .

(تنبيه) : الرصغ والرسغ مفصل اليد، والله أعلم.

قال: يضرب بيديه على الصعيد الطيب وهو التراب.

ش: صفة الضربة في التيمم المشروع [أو الواجب] أن

ص: 339

يضرب بيديه على ما أمر الله سبحانه [وتعالى به] وهو الصعيد الطيب، ثم فسر الصعيد بأنه التراب، وهذا أشهر الروايات عن أحمد، واختيار عامة أصحابه لظاهر قول الله سبحانه:{فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ} [المائدة: 6] فدل على أنه شيء يمسح منه، والصخر ونحوه ليس بشيء يمسح به.

242 -

ويؤيد ذلك ما روي عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: الصعيد تراب الحرث، والطيب الطاهر.

243 -

(وعن حذيفة) رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «جعلت لنا الأرض كلها مسجدا، وجعلت تربتها لنا طهورا إذا لم نجد الماء» رواه مسلم 8.

244 -

[وعن علي]رضي الله عنه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أعطيت ما لم يعط أحد من الأنبياء، نصرت بالرعب، وأعطيت مفاتيح الأرض، [وسميت أحمد] ، وجعل لي التراب

ص: 340

طهورا، وجعلت أمتي خير الأمم» رواه أحمد، فعم الأرض بحكم المسجدية، وخص ترابها بحكم الطهارة، وذلك يقتضي نفي الحكم عما عداه، (وقول الخليل) : إن الصعيد وجه الأرض. وكذلك الزجاج، مستدلا بقوله سبحانه:{فَتُصْبِحَ صَعِيدًا زَلَقًا} [الكهف: 40] وقائلا: بأنه لا يعلم فيه خلافا بين أهل اللغة. يعارضه قول ابن عباس رضي الله عنهما، على أن قولهما يرجع إلى التفسير اللغوي، وقول ابن عباس يحمل على التفسير الشرعي، ويؤيده بيان صاحب الشرع حيث قال:«وترابها لنا طهورا» (وقول من قال) : إن (منه) لابتداء الغاية، ليكن ابتداء الفعل بالأرض، وانتهاء المسح بالوجه. مردود بأن ابتداء المسح بإمرار اليد على الوجه [لا] بالأخذ من الأرض، وقد قال الزمخشري: إن هذا قول متعسف، وإن

ص: 341

الإذعان للحق أحق من المراء، (والثانية) - أومأ إليها في رواية أبي داود وغيره - يجوز التيمم بالرمل، والأرض السبخة، لعموم الحديث الصحيح «وجعلت لي الأرض مسجدا وطهورا» .

245 -

وقوله في الحديث الآخر: «أيما رجل من أمتي أدركته الصلاة فعنده مسجده وطهوره» وما تقدم بعض أفراد هذا، وذكر بعض الأفراد لا يخصص، وهذا وإن شمل كل الأرض لكن قَوْله تَعَالَى:{فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ} [المائدة: 6] خصصه بما في معنى التراب من الرمل ونحوه (ويجاب) : بأن التخصيص بالمفهوم، لا بذكر بعض الأفراد، وهو وإن كان مفهوم اللقب، فهو حجة عندنا على المذهب (والرواية الثالثة) : يجوز التيمم بكل ما تصاعد على وجه الأرض من الجص، والنورة، والرمل، ونحو ذلك، عند عدم التراب، حملا للنص المقيد بالتراب على حال وجدانه، والنص المطلق على حالة العدم، جمعا بينهما.

ص: 342

إذا تقرر هذا (فعلى الأولى) يجوز [التيمم] بكل تراب، على أي لون كان، بشرط كونه له غبار يعلق باليد، ومن ثم لو ضرب بيده على لبد أو [على] شجرة، ونحو ذلك، فحصل على يده غبار تراب أجزأه، وكذلك لو سحق الطين وتيمم به أجزأه، وإن كان مأكولا كالطين الأرمني، نعم: إن كان بعد طبخه لم يجزه على أشهر الوجهين، فإن خالط ما يتيمم به ما لا يتيمم به، كالزعفران ونحوه، فهل هو كالماء إذا خالطه الطاهرات، وهو قول القاضي، وأبي الخطاب وغيرهما: إن غيره منع هنا قولا واحدا، وهو اختيار ابن عقيل، وأبي البركات، على طريقتين، ومحلهما فيما يعلق باليد كما مثلنا، أما ما لا يعلق باليد فلا يمنع، لنص

ص: 343

أحمد على جواز التيمم (وعلى الرواية الثانية) فظاهر كلام أحمد الجواز مطلقا، والقاضي يحمل قوله بالجواز على ما إذا كان له غبار، وقوله بالمنع على عدم الغبار، فلا خلاف عنده [وعلى] الثالثة) هل يعيد إذا وجد الماء أو التراب؟ فيه روايتان.

وقول الخرقي: يضرب بيديه. ليست حقيقة الضرب شرطا، بل لو وضع يده على تراب ناعم أجزأه، إذ القصد إغبار الراحتين، وقد وجد، لكنه قد يحترز بذلك عما إذا وصل التراب إلى وجهه ويديه بغير ضرب، نحو أن سفت عليه الريح ترابا يعمه، وله حالتان (إحداهما) إذا نوى بعد حصول التراب عليه، فإنه لا يجزئه، لانتفاء قصد التراب رأسا، نعم لو مسح وجهه بما حصل على يديه أجزأه، (الثانية) : نوى وعمد للريح فحصل عليه تراب، فهنا ثلاثة أوجه (الإجزاء) وهو مختار أبي جعفر، وأبي البركات وصاحب التلخيص، والسامري (وعدمه) ، وهو ظاهر كلام الخرقي، (والثالث) إن مسح أجزأه، وإلا فلا، والله أعلم.

قال: وينوي به المكتوبة.

ش: لا نزاع عندنا في اشتراط النية في التيمم في الجملة، لقوله

ص: 344

تعالى: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} [البينة: 5] وقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إنما الأعمال بالنيات» «لا عمل إلا بنية» ونحو ذلك، ثم كيفية النية قد بناه جماعة على أصل، فلنتعرض له وهو: أن التيمم هل يرفع الحدث أم لا؟ وفيه قولان للعلماء، أشهرهما أنه لا يرفع الحدث، وهو المختار لأصحابنا، وأحمد رحمه الله نقل عنه الفضل، وبكر بن محمد أنه يصلي [به] ما لم يحدث، فأخذ من ذلك أبو الخطاب وغيره أنه يرفع الحدث، ونقل عنه أنه لا يصح التيمم لفريضة قبل وقتها، وأنه يتيمم لوقت كل صلاة، بل وأنه لا يجمع به بين فرضين، فأخذ من ذلك أنه لا يرفع الحدث.

وبالجملة قد جاء في الباب حديثان مشهوران.

246 -

[أحدهما]«حديث عمرو بن العاص قال: احتلمت في ليلة باردة، في غزوة ذات السلاسل، فأشفقت إن اغتسلت أن أهلك، فتيممت، ثم صليت بأصحابي الصبح، فذكروا ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم: «يا عمرو صليت بأصحابك وأنت جنب» ؟ فأخبرته بالذي منعني من الاغتسال، وقلت: إني سمعت الله عز وجل يقول: {وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا} [النساء: 29]

ص: 345

فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يقل شيئا» . رواه أبو داود، وظاهره أنه صلى الله عليه وسلم أقره على أن صلى وهو جنب، وإلا لم يبين لهم أنه ليس بجنب.

247 -

(والثاني) : حديث أبي ذر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن الصعيد الطيب وضوء المسلم وإن لم يجد الماء عشر سنين، فإذا وجد الماء فليمسه بشرته، فإن ذلك خير» رواه الترمذي، وأبو داود، والنسائي، وفي رواية «طهور» فدل على أنه عند عدم الماء طهور بمنزلة [الماء] ، وإذا يعطى حكم الماء، فيرفع الحدث، والحق أنه لا تعارض بين الحديثين، إذ (في الأول) غايته أنه لم يمنع من إطلاق الحدث عليه، لأن بزوال البرد، أو بوجود الماء ونحو ذلك يظهر حكم الحدث، ويبطل التيمم، فدل على أن المانع لم يزل رأسا، (وفي الثاني) جعل التراب طهورا عند عدم الماء، لأنه يستبيح به ما يستبيح بالماء والحال ما تقدم.

ص: 346

وقد قال أبو العباس: إن ذلك ينبني على قاعدة أصولية، وهي أن المانع المعارض للمقتضي هل يرفعه أم لا؟ فإن المقتضي للحدث موجود، وقد عارضه عدم الماء، مع الحاجة إلى الصلاة، وقيام الشارع التراب مقام الماء، فهل يقال: استبيحت الصلاة والحال هذه، مع قيام السبب المانع منها وهو الحدث، أو أن السبب والحال هذه لم يبق حاضرا، فكأن لا حدث؟ ونظير ذلك الاختلاف في الميتة عند الضرورة، هل أبيحت مع قيام سبب الحظر، وهو ما فيها من [خبث] التغذية، أو [أن] عند الضرورة زال المقتضي للحظر، مع بقاء] قيام السبب وهو التحريم.

وكشف الغطاء من ذلك أنه إن أريد بالسبب الحاضر السبب التام، وهو مجموع ما يستلزم الحكم من العلة، والشرط، وعدم المانع، فلا ريب في ارتفاع هذا عند المخمصة، وعند الصلاة بالتيمم، لوجود الحل وإباحة الصلاة، وإن أريد بالسبب ما يقتضي الحكم وإن توقف على وجود شرط، أو انتفاء مانع، فلا ريب في وجود هذا هنا، لولا المعارض الراجح، وهو المخمصة، وعدم الماء، فالقائل الأول التفاته إلى هذا السبب، والقائل الثاني التفاته إلى السبب التام، وإذا فالفريقان مجمعان على إباحة الصلاة والحال ما

ص: 347

تقدم، وعلى منع الصلاة عند وجود الماء حتى يتطهر، ومن ثم قال القاضي في تعليقه: الخلاف في عبارته، قال: إذ فائدة قولنا: إنه لا يرفع الحدث. أنه إذا وجد الماء لزمه استعماله في رفع الحدث، وهذا اتفاق.

ومن هنا يعرف خطأ ابن حمدان في قوله: وعنه يصلي به ما لم يحدث. وقيل: أو يجد ماء. فإنه يقتضي أنه على النص يصلي وإن وجد الماء، وهو خلاف الإجماع، والنصوص الصريحة، والذي أوقعه في ذلك - والله أعلم - أن النص عن أحمد مطلق، لكن نصوصه المتوافرة بالبطلان بوجود الماء حتى وهو في الصلاة، تقيد ذلك، لا سيما مع النصوص الصريحة فكيف يظن بأحمد مخالفتها.

وقول أبي البركات: وعنه: يصلي به ما لم يحدث كالماء. وكأن أبا البركات أراد [أن] على هذه الرواية أشبه الماء، فيعطى حكمه، من جواز التيمم قبل الوقت، ونحو ذلك، كما صرح به. اهـ وظاهر ما قاله القاضي من أن الخلاف في عبارته، أنه لم يبن على ذلك فائدة شرعية، وكذا صرح به أبو العباس في قواعده فقال: ليس بين القولين نزاع شرعي عملي، بل عليهما لم يبق الحدث مانعا مع

ص: 348

وجود طهارة التيمم، فيكون طاهرا قبل الوقت وبعده وفيه، وبنى البطلان بخروج الوقت، [وكونه لا يجمع به بين فرضين، على القول بأنه لا يتيمم قبل الوقت] وبين كونه يصلي به ما يشاء، ولا يبطل بخروج الوقت على القول بجواز التيمم قبل الوقت، والقاضي خرج رواية جواز التيمم قبل الوقت من قوله: إنه يصلي به ما لم يحدث. فعلى هذا يكون أبو العباس قد جعل الأصل فرعا، والفرع أصلا، أما أبو الخطاب، وجماعة فقالوا: إنا إذا قلنا: لا يرفع الحدث. اشترط أن ينوي استباحة الصلاة من الحدث الذي عليه ثم إذا نوى شيئا استباحه وما دونه، ولا يستبيح ما هو أعلى منه، كما يأتي بيانه، ولا يجوز إلا بعد الوقت، ويبطل بخروجه، وإن قلنا: يرفع. جاز أن ينوي رفع الحدث، وإذا نوى فعل الصلاة استباح فرضها، وجاز قبل الوقت، ولم يبطل بخروجه، كالماء سواء.

إذا تقرر هذا فقول الخرقي: ينوي به المكتوبة. ظاهره - والله أعلم -[أنه] لحظ ما تقدم، من أن التيمم مبيح لا رافع، فيحصل له إباحة ما نواه، ويدخل فيه بطريق الضمن ما دونه، ولا شيء أعلى من المكتوبة، فلذلك نص الخرقي عليها، وقد نص أحمد في رواية البرزاطي في من تيمم

ص: 349

لسجود القرآن، أو للقراءة في المصحف، وصلى به فريضة أنه يعيد، وعلى هذه القاعدة: لو نوى صلاة الجنازة استباح النافلة، لا المكتوبة، ولا يستبيح الجنازة بنية النافلة، ويستبيح مس المصحف بنيتهما، ولا تباح هي بنيتهما، ويستبيح قراءة القرآن واللبث في المسجد، بنية الطواف، لأنه أعلى منهما، لشبهه بالصلاة، ولا يباح هو بنية أحدهما، ولو [نوى] قراءة القرآن، لكونه جنبا، أو اللبث في المسجد، أو مس المصحف، فقال أبو محمد: لا يستبيح غير ما نواه، وقال أبو البركات: إن نوى القراءة، أو اللبث استباح الآخر، دون ما يقتضي الطهارتين، [من صلاة، ومس مصحف، إذ تيممه هذا كالغسل وحده، ويستبيح بنية النافلة، ومس المصحف اللبث والقراءة، لأن تيممه والحال هذه بمنزلة الطهارتين] .

هذا كله على ما هو عندهم المذهب كما تقدم، أما على القول الآخر فالتيمم كالماء، فتباح الفريضة بنية النافلة، كما نص عليه الخرقي ثم، وتوسط ابن حامد فقال: يباح الفرض بنية مطلقة، [دون نية النفل] . والله أعلم.

قال: فيمسح بهما وجهه وكفيه.

ش: يمسح بالضربة التي ضربها بيديه وجهه وكفيه، لما تقدم من حديث

ص: 350

عمار، والواجب في مسح الوجه ظاهره مما لا يشق، فلا يمسح باطن الفم والأنف، ولا باطن الشعور الخفيفة، وظاهر ما في المستوعب استثناء باطن الفم والأنف فقط، وفي مسح اليدين إلى الرسغين، كما في الحديث، وكما يقطع السارق، فلو قطع منهما، فهل يجب مسح موضع القطع؟ وهو المنصوص، ومختار ابن عقيل، وصاحب التلخيص، كما لو بقي من الكف بقية، أو لا يجب، وهو قول القاضي، بل يستحب، كما لو قطع من فوق الكوع على منصوصه، فيه قولان.

وقوله: يمسح بهما وجهه. يخرج به ما إذا معك وجهه في التراب، أو أوصله إليه بخرقة، أو خشبة، وهو أحد الوجهين.

وظاهر كلام الخرقي أنه لا يشترط التسمية، ولا الموالاة، ولا الترتيب، وهو لم يشترط التسمية في الوضوء الذي فيه النص، فالتيمم الذي هو بدل عن الوضوء أولى.

وكذلك ظاهر كلامه عدم اشتراط الموالاة ثم، كما سبق، فكذلك هنا، والأصحاب حكوا في المسألتين روايتين من الروايتين ثم، أما الترتيب فقال: ثم باشتراطه، وظاهر كلامه هنا عدم الاشتراط، وهو أحد الأقوال، وإن اشترطناه في الوضوء، نظرا لظواهر الأحاديث، والثاني: يجب حتى في الطهارة الكبرى، لأنه صفة واحدة، بخلاف الغسل والوضوء، فإن صفتيهما مختلفة، وهو قول أبي الحسين، والمذهب إعطاء حكم التيمم في ذا المحل حكم الماء، فيجب

ص: 351

الترتيب في الوضوء على المذهب، ولا يجب في الغسل، [والله أعلم] .

قال: وإن كان ما ضرب بيديه غير طاهر لم يجزئه

ش: قد تقدم أنه يضرب بيديه على الصعيد الطيب، وأشار هنا إلى أن الطيب [هو] الطاهر، ويروى عن ابن عباس.

248 -

وقال ابن المنذر: ثبت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «جعلت لي كل أرض طيبة مسجدا وطهورا» فعلى هذا لا يجوز بأرض نجسة، ولا مقبرة تكرر نبشها، لاختلاط ترابها بصديد الموتى، وإن لم يتكرر النبش فوجهان، (الأجزاء) ، وبه قطع أبو محمد، واختاره أبو البركات، نظرا للأصل، (وعدمه) ، لأنه رخصة في الأصل، فلا يستباح مع الشك.

وقول الخرقي: طاهر. يحتمل أن يحترز به عن النجس كما تقدم، فيدخل في عمومه ما يتيمم به، ويحتمل أن يريد به الطاهر المطلق، كما قال في الماء ثم، فيخرج المستعمل،

ص: 352

وبالجملة في المستعمل هنا - إن قيل بخروج الماء عن طهوريته ثم، وأن التيمم لا يرفع الحدث، قولان (أحدهما) : بقاؤه على ما كان عليه، لأنه لم يرفع حدثا، (والثاني) : خروجه عن الطهورية، وبه قطع صاحب التلخيص، والسامري، لاستعماله في طهارة أباحته الصلاة ومحل الخلاف [في] المتناثر عن أعضاء المتيمم، أما ما ضرب بيديه عليه فهو كفضل الوضوء.

بقي: هل خلوة المرأة في التيمم كخلوتها في الوضوء؟ لم أر المسألة منقولة، والقياس ذلك، لكن المسألة المنع فيها تعبد، فليقتصر على مورد النص ثم، وبعض العلماء قال: المراد بالطيب هو الحلال. وهذا لا ريب في اشتراطه عنده على المذهب، كالوضوء بماء مغصوب بل أولى، إلا أن في أخذه من هنا نظرا، نعم الطيب يطلق ويراد به الحلال، كما في قَوْله تَعَالَى:{أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ} [البقرة: 267] ونحو ذلك، وبعضهم قال: المراد بالطيب المنبت. مستندا لقوله سبحانه وتعالى: {وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ} [الأعراف: 58] وهذا قول من لا يجوز التيمم بغير التراب، كما هو المشهور من مذهبنا، والله أعلم.

قال: وإن كان به قرح أو مرض مخوف، وأجنب فخشي

ص: 353

على نفسه [إن أصابه] الماء، غسل الصحيح من جسده، وتيمم لما لم يصبه الماء.

ش: لما انتهى الخرقي [رحمه الله] من الكلام على التيمم لعدم الماء، طفق يتكلم على التيمم للمرض ونحوه، ولا إشكال في جواز ذلك في الجملة، وقد دل على ذلك قوله سبحانه [وتعالى] :{وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ} [المائدة: 6] الآية، وقَوْله تَعَالَى:{وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ} [النساء: 29] وبها استدل أحد فقهاء الصحابة عبد الله بن عمرو بن العاص، لما تيمم في ليلة باردة، لجنابة أصابته، وأقره النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك.

إذا عرف هذا فالمريض ونحوه إذا [كان] حاله ما تقدم، فإنه يغسل الصحيح ويتيمم للجريح ونحوه، سواء كان المتيمم له [هو] القليل أو بالعكس، لقول الله سبحانه:{فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [التغابن: 16] وقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم» .

249 -

«وعن جابر (رضي الله عنه) قال: خرجنا في سفر، فأصاب رجلا منا حجر، فشجه في رأسه، ثم احتلم، فقال لأصحابه: هل تجدون لي رخصة؟ قالوا: ما نجد لك

ص: 354

رخصة، وأنت تقدر على الماء. فاغتسل فمات، فلما قدمنا على النبي صلى الله عليه وسلم أخبر بذلك، فقال:[قتلوه قتلهم الله، ألا سألوا إذا لم يعلموا، إنما شفاء العي السؤال] ، إنما كان يكفيه أن يتيمم، ويعصر أو يعصب - شك موسى - على جرحه خرقة، ثم يمسح عليها، ويغسل سائر جسده» رواه أبو داود، والدارقطني، وهو نص، لكنه من رواية الزبير بن خريق قال البيهقي: وليس ممن يحتج به.

250 -

وقد روي أيضا نحوه عن عطاء، أنه سمع ابن عباس يخبر «أن رجلا أصابه جرح في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ثم أصابه احتلام، فأمر بالاغتسال، فاغتسل فكز فمات، فبلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «قتلوه قتلهم الله، ألم يكن شفاء العي السؤال؟» قال عطاء: فبلغنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لو غسل جسده، وترك رأسه حيث أصابه الجرح» .

ص: 355

إذا تقرر هذا فشرط جواز التيمم للمرض أو الجرح أن يخشى على نفسه من إصابة الماء، إذ لا ريب في أن الماء هو الأصل، والأصل لا يعدل عنه إلا لضرورة، كما في الإطعام مع الصيام، والصيام مع العتق في الكفارة، وقَوْله تَعَالَى:{وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ} [المائدة: 6] الآية أي - والله أعلم - مرضنا يتضرر معه باستعمال الماء، وإلا يكون ذكر المرض لغوا.

251 -

وقد ثبت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «الحمى من فيح جهنم، فأطفئوها بالماء» والحمى نوع من المرض، ثم هل الخشية المشترطة هي تلف النفس، أو العضو، أو يكتفي بخشية الضرر، من زيادة مرض، أو تباطؤ برء، ونحو ذلك؟ فيه روايتان، المذهب منهما الثاني. وصورة هذه المسألة إذا

ص: 356

خشي على نفسه من إصابة الماء مسحا وغسلا، أما إن خشي غسلا لا مسحا فثلاث روايات (إحداهن) - واختارها القاضي - فرضه التيمم [كما تقدم، إذ الواجب الغسل، وقد تعذر عليه، فوجب الانتقال إلى التيمم] ، لعجزه عن الواجب، (والثانية) : فرضه المسح، لأنه أقرب إلى المعنى المأمور به وهو الغسل (والثالثة) : يجمع بين التيمم والمسح، فالتيمم للعجز عن الغسل، والمسح لقدرته على إيصال الماء إلى العضو في الجملة.

وكلام الخرقي محتمل للقولين الأولين، ومحل الروايات [إذا لم يكن] الجرح نجسا [أما إن كان نجسا] فإنه قال في التلخيص: لا يمسح ويتيمم. ثم إن كانت النجاسة معفوا عنها ألغيت، واكتفى بنية الحدث، وإلا نوى الحدث والنجاسة إن شرطنا فيها النية، وهل يكتفي بتيمم واحد؟ على وجهين، وفي البلغة احتمال أنه لا يجزئه إلا تيمم واحد، قال: لتحصل الإباحة المنوية.

وقد فهم من كلام الخرقي جواز التيمم للجنب، وهو قول العامة، لما تقدم من حديث عمار بن ياسر، وعمرو بن العاص، وصاحب الشجة، وأبي ذر.

ص: 357

252 -

وعن عمران بن حصين رضي الله عنه، قال:«رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا معتزلا، لم يصل في القوم، فقال: «يا فلان ما منعك أن تصلي في القوم» ؟ فقال: يا رسول الله أصابتني جنابة ولا ماء. قال: «عليك بالصعيد فإنه يكفيك» متفق عليه.

واعلم أن الحكم المتقدم لا يختص بالجنابة، بل الوضوء كذلك وإنما نص الخرقي على الجنابة لينبه على مذهب الخصم.

(تنبيهان) : (أحدهما) : يخير الجنب الجريح ونحوه بين البداءة بالغسل أو بالتيمم، لوجود سببهما، وعدم اعتبار الترتيب لطهارته، وهذا بخلاف الجنب الواجد لماء يكفي بعض بدنه، فإنه لا يصح تيممه حتى يستعمل ما وجده، ليتحقق شرط التيمم وهو العدم، أما الجريح المتوضئ، فعند عامة الأصحاب يلزمه أن لا ينتقل إلى ما بعده حتى يتيمم للجرح، نظرا للترتيب، وأن يغسل الصحيح، مع التيمم لكل صلاة إن اعتبرت الموالاة، واختار أبو البركات - وإليه ميل أبي محمد - سقوط الترتيب والموالاة في ذلك، دفعا

ص: 358