الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
للحرج والمشقة، مع عدم النص في ذلك، وإذا كان الجرح في أعضاء التيمم أمر التراب عليه. (الثاني) : القرح بفتح القاف وضمها لغتان بمعنى الجراح وألمها، كالضعف والضعف، وقد قرئ بهما في قوله سبحانه:{إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ} [آل عمران: 140]، وقيل: بالفتح الجراح، وبالضم ألمها، «والعي» قصور الفهم، وشفاء هذا المرض بالسؤال عما جهله ليعرف، والله أعلم.
[ما يباح به التيمم]
قال: وإذا تيمم صلى الصلاة التي [قد] حضر وقتها، وصلى به فوائت - إن كانت عليه - والتطوع، إلى أن يدخل وقت الصلاة الأخرى.
ش: هذا هو المذهب المشهور، المعمول به - عند الأصحاب - من الروايات. مع أن القاضي في التعليق لم يحك [به] نصا، وإنما قال: أطلق أحمد القول في رواية الجماعة، أبى طالب، والمروذي، وأبي داود، ويوسف بن موسى، أنه يتيمم لكل صلاة، ومعناه: لوقت كل صلاة. قال: وقد ذكره
الخرقي على هذا. اهـ. (والثانية) أنه يصلي به ما لم يحدث، نص عليها في رواية الفضل، وبكر بن محمد، (والثالثة) - وهي المشهورة في نصه - لا يجمع [به] بين فرضين، وقد تقدمت الإشارة إلى توجيه الخلاف، وأن أبا الخطاب وغيره بنو ذلك على أن التيمم هل يرفع الحدث أم لا؟ وأبا العباس بنى على جواز التيمم قبل الوقت، وعدم جوازه، ونزيد هنا بأن المنقول عن الصحابة التيمم لكل صلاة.
253 -
فعن ابن عمر بإسناد صحيح: يتيمم لكل صلاة، وإن لم يحدث. وعن الحارث، عن علي قال: يتيمم لكل صلاة. وعن قتادة أن عمرو بن العاص كان يحدث لكل صلاة تيمما، وكان قتادة يأخذ به، رواهن ابن المنذر والبيهقي في سننه.
254 -
وروي أيضا عن ابن عباس أنه قال: لا يصلي بالتيمم إلا صلاة
واحدة ولهذا والله أعلم جاءت غالب نصوص أحمد على ذلك، تبعا للصحابة.
255 -
وقد روى [أيضا]«عن ابن عباس أنه قال: من السنة أن لا يصلي الرجل بالتيمم إلا صلاة واحدة، ثم يتيمم للأخرى» ، وهذا أقوى في اشتراط التيمم لكل صلاة، لكنه من رواية الحسن بن عمارة، وهو ضعيف.
256 -
مع أن حربا روى بإسناده عن ابن عباس أنه قال: التيمم بمنزلة الوضوء، يصلي به الصلوات كلها ما لم يحدث، وبالجملة لا تفريع على الرواية الوسطى، أما على الثالثة فيستبيح إذا تيمم لصلاة [الفرض] الطواف، ومس المصحف، واللبث في المسجد إن كان جنبا، والوطء إن كانت حائضا، وذكر ابن عقيل أن الوطء يحتاج إلى تيمم، والتنفل قبل الصلاة وبعدها، [على] مختار القاضي وغيره، وظاهر كلام أحمد
في رواية علي بن سعيد: أنه لا يستبيح إلا السنة الراتبة قبل، وحكى أبو الخطاب وجها في الانتصار: أن كل نافلة تحتاج إلى تيمم، لظاهر قول الصحابة المتقدم، وهو ظاهر نصوص أحمد السابقة، وقد روى البرزاطي عنه فيما وجد بخط ابن بطة: رجل تيمم في السفر، وصلى على جنازة، ثم جيء بأخرى فصلى عليها بذلك التيمم، فقال: إن جيء بالأخرى حين سلم من الأولى صلى عليها بذلك التيمم، وإن كان بينها مقدار ما يمكنه التيمم لم يصل على الأخرى حتى يعيد التيمم. قال القاضي: وهذا يحتمل وجهين (أحدهما) أن وقت الأولى إلى تمام فعلها، فإذا جاء بعد ذلك فقد خرج الوقت.
(والثاني)[أن الثانية] إذا جاءت عقب الأولى لحقت المسبقة في التيمم، لتفاوت الزمن، بخلاف ما إذا تراخت. قلت: وهذا من القاضي يقتضي أن وقت صلاة الجنازة يخرج بفعلها، وقوة كلام الإمام يقتضي أنه لا يصلي بتيمم واحد نافلتين، لأنه أطلق، مع أن من الجائز أن صلاة الجنازة نافلة في حقه اهـ. وعلى المذهب: يصلي الصلاة التي تيمم لها، وما عليه من منذورة وفائتة، ويجمع بين الصلاتين،
ويتطوع، ويصلي على الجنازة، إلى أن يدخل وقت التي تليها فيبطل، وهل يبطل الفجر بخروج وقتها، أو بدخول [وقت] التي تليها؟ فيه وجهان، ظاهر كلام الخرقي الثاني، وقال أبو محمد في المغني:[إن] المذهب الأول، وحمل كلام الخرقي عليه، وظاهر كلامه نفي الخلاف، ولو كان تيمم في غير وقت صلاة، كالمتيمم بعد طلوع الشمس يبطل بزوال الشمس، ولو نوى الجمع بين الصلاتين في وقت الثانية من يباح له، فتيمم في وقت الأولى لها، أو لفائتة، لم يبطل تيممه بدخول وقت الثانية، لأن الوقتين قد صارا للصلاتين وقتا واحدا.
(تنبيهان) :
(أحدهما) : ظاهر كلام الأصحاب أن التيمم يبطل بخروج الوقت، ولو كان في صلاة، وصرح به في المغني، وعن ابن عقيل: لا يبطل وإن كان الوقت شرطا، كما قلنا في الجمعة، وخرجه السامري على روايتي وجود الماء في الصلاة.
(الثاني) : إذا خرج الوقت ولم يصل الحاضرة التي تيمم لها، فعند أبي البركات: له قضاؤها، وقضاء
النوافل، والفوائت، ومس المصحف، والطواف، لاستباحة ذلك، وعند الأصحاب ليس له ذلك، وكذا لو تيمم لنافلة قبل الزوال، جاز فعلها [عنده دونهم، وعكس هذا لو تيمم لحاضرة، ثم نذر صلاة، لم يجز عنده فعلها][بذلك] ، لعدم سبق وجوبها، وظاهر قول الأصحاب الجواز، وملخص الأمر أن الأصحاب أناطوا الحكم بالوقت، وأبا البركات بما استباحه.
ومما خالف فيه الأصحاب أيضا (لو) تيمم الجنب لقراءة، أو لبث في مسجد، أو الحائض لوطء، أو استباحوا ذلك بالتيمم لصلاة، لم يبطل تيممهم بدخول وقت الصلاة عنده، وعندهم يبطل، وأبطله أبو البركات بأن وقت الصلاة لا تعلق له بذلك والله أعلم.
قال: وإذا خاف العطش حبس الماء وتيمم وصلى، ولا إعادة عليه.
257 -
ش: لما روي عن علي رضي الله عنه في الرجل يكون في السفر، فتصيبه الجنابة، ومعه الماء القليل، يخاف أن يعطش،
قال: يتيمم ولا يغتسل. رواه الدارقطني، وروى البيهقي أيضا عنه نحوه.
258 -
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: إذا كنت مسافرا وأنت جنب أو محدث، فخفت إن توضأت تموت من العطش، فلا تتوضأ، واحبس لنفسك. رواه البيهقي في سننه وقال أحمد: عدة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا يتيممون ويحبسون الماء لشفاههم ولأنه يخشى الضرر على النفس، فأشبه المريض بل أولى، وحكم خشية العطش على رفيقه أو بهيمة محترمة له أو لرفيقه، حتى كلب صيد - لا خنزير ونحوه - حكم خشية العطش على نفسه.
(تنبيه) : هل دفع الماء إلى عطشان يخشى تلفه واجب أو