الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الله - لانتفاء القراءة والحال هذه، والخرقي رحمه الله ذكر الجنب والحائض، والنفساء، وبعض المتأخرين كأبي الخطاب، ومن تبعه يقول: ومن لزمه الغسل. فيدخل في كلامهم الكافر إذا أسلم، على المذهب من: لزوم الغسل له. والله أعلم.
[لا يمس المصحف إلا طاهر]
قال: ولا يمس المصحف إلا طاهر (والله أعلم) .
103 -
ش: لما روى مالك عن عبد الله بن أبي بكر - وهو ابن محمد بن عمرو بن حزم - أن في الكتاب الذي كتبه النبي صلى الله عليه وسلم لعمرو بن حزم: «أن لا يمس القرآن إلا طاهر» وكذلك رواه أحمد، وأبو داود مرسلا، ورواه النسائي، والدارقطني، من رواية الزهري، عن أبي بكر بن محمد، عن أبيه، عن جده، عن النبي صلى الله عليه وسلم.
104 -
وعن ابن عمر أنه قال: لا يمس المصحف إلا على طهارة. احتج به أحمد [واستدل] بقوله تعالى: {لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ} [الواقعة: 79] على أن المراد بالكتاب المصحف بعينه وأن {لَا يَمَسُّهُ} [الواقعة: 79] خبر بمعنى النهي، أو أنه نهي علي بابه، وحرك بالضم لالتقاء الساكنين، ورد بأن المشهور عن السلف، وأهل التفسير أن الكتاب اللوح المحفوظ، وأن {الْمُطَهَّرُونَ} [الواقعة: 79] الملائكة، ويؤيده الآية الأخرى:{كَلا إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ - فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ - فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ - مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ - بِأَيْدِي سَفَرَةٍ - كِرَامٍ بَرَرَةٍ} [عبس: 11 - 16] وأيضا الإخبار بأنه: {فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ} [الواقعة: 78] أي مصون، لا تناله أيدي الضالين، وهذه صفة اللوح المحفوظ وأيضا:{الْمُطَهَّرُونَ} [الواقعة: 79] من طهرهم غيرهم، ولو أريد طهارة بني آدم لقيل: المتطهرون. كما قال سبحانه: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ} [البقرة: 222] ويمكن توجيه الاستدلال بالآية على وجه آخر، وهو أن يقال: القرآن الذي في اللوح المحفوظ هو الذي في المصحف، وإذا كان من حكم الذي في السماء أن {لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ} [الواقعة: 79] فكذلك الذي في الأرض، لأنه هو هو.
وقول الخرقي رحمه الله: لا يمس. يشمل مسه بيده، وسائر جسده، ويقتضي أن له حمله بعلاقته، أو بحائل له، منفصل عنه، ولا يتبعه في البيع كعلاقة، أو بحائل تابع للحامل، كحمله في كمه، أو ثوبه، أو تصفحه بعود، ونحو ذلك، وهو المشهور من المذهب، قطع به أبو الخطاب، وابن عبدوس، وصاحب التلخيص، واختاره القاضي وأبو محمد، اعتمادا على مفهوم الحديث (وعنه) : المنع من تصفحه بكمه، وخرجه القاضي والمجد إلى بقية الحوائل، وأبى ذلك طائفة منهم أبو محمد في المغني مشيرا إلى الفرق، بأن كمه وثيابه متصلة به، أشبهت أعضاءه.
ويقتضي أيضا أن له الكتابة من غير مس، وبه جزم أبو محمد، وقيل: بل هو كالتقليب بالعود، وقيل: لا يجوز وإن جاز التقليب. ولأبي البركات احتمال بالجواز للمحدث دون الجنب، ومحل الخلاف إذا لم يحمله، على مقتضى ما في التلخيص، والرعاية.
وقوله: مصحف. المصحف معروف، مثلث الميم، وهو شامل لما يسمى مصحفا من الكتاب، والجلد، والحاشية، والورق الأبيض المتصل به، ويخرج منه: كتب الفقه والتفسير والإعراب، ورسالة فيها قرآن، ونحو ذلك، وهو المذهب، نظرا لمفهوم الحديث.
105 -
وفي الصحيحين «أنه صلى الله عليه وسلم كتب إلى هرقل: «بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ» ، من محمد عبد الله ورسوله، إلى هرقل عظيم الروم، وفيه و {يَاأَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ} [آل عمران: 64] الآية إلى {مُسْلِمُونَ} [آل عمران: 64] » وحكى القاضي وغيره رواية بالمنع، ويخرج منه المنسوخ، وهو المشهور من الوجهين، وكذلك مس الأحاديث المأثورة عن الرب سبحانه وتعالى.
ويستثنى من مفهوم كلامه: إذا كتب بعض القرآن مفردا عن تفسير وغيره، فإنه لا يجوز مسه، وإن لم يسم مصحفا، نعم في مس الصبيان ألواحهم - قيل: والمصحف، ومس الدراهم المكتوب عليها القرآن، وثوب طرز به - قولان، ظاهر كلامه الجواز.
وقوله: إلا طاهر. يعني من الحدثين الأكبر والأصغر، أما طهارة الخبث فلا يشترط انتفاؤها، نعم العضو المتنجس يمنع من المس (به) على المذهب، وقد يدخل في كلامه طهارة التيمم، وقد يخرج، وبالجملة يجوز المس بها، وإن لم يكن (به) حاجة إلى ذلك، على المقدم.
ويخرج من كلامه الذمي، لانتفاء الطهارة منه، بل وعدم تصورها، وهو كذلك، نعم له نسخه بدون حمل ومس، على ما قاله القاضي في تعليقه وغيره، وقال أبو بكر (إنه) لا يختلف قوله في ذلك، وقد ذكر أحمد أن نصارى الحيرة كانوا يكتبون المصاحف، لقلة من كان يكتبها، قيل له: