الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مستحب؟ على وجهين، هذا نقل أبي محمد، وصاحب التلخيص، وفي الغاية - وهو أصوب - هل حبس الماء لعطش الغير المتوقع واجب أو مستحب؟ على وجهين، ويقرب من النقل الأول: إذا مات من له ماء، ورفقته عطاش، فهل ييمموه ويغرموا الثمن للورثة، أو يكون الميت أولى به؟ قال أبو بكر في التنبيه: على قولين، أظهرهما الأول، والله أعلم.
قال: وإذا نسي الجنابة، وتيمم للحدث لم يجزئه.
ش: وكذلك بالعكس، لقول النبي صلى الله عليه وسلم:«إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى» وكطهارة الماء بل أولى، لأن ثم رافع، وهذا مبيح على الأشهر، ومفهوم كلامه أنه لو نواهما أجزأه، وهو كذلك لما تقدم، وإذا أحدث إذا بطل تيممه عن الحدث دون الجنابة، والله أعلم.
[الحكم لو وجد المتيمم الماء وهو في الصلاة]
قال: وإذا وجد المتيمم الماء وهو في الصلاة خرج فتوضأ، أو اغتسل إن كان جنبا، واستقبل الصلاة.
ش: إذا وجد المتيمم الماء وهو في الصلاة فإنه يلزمه الخروج منها، على المشهور المعمول عليه في المذهب، لقوله – صلى الله عليه وسلم لأبي ذر: «إن الصعيد الطيب وضوء المسلم - وفي رواية طهور المسلم - عشر سنين، ما لم يجد الماء، فإذا وجد الماء فليمسه
بشرته» فجعل طهوريته مقيدة بعدم وجدان الماء، فإذا وجد الماء فليس بوضوء ولا طهور، ولذلك أوجب عليه استعمال الماء إذا قدر [عليه] ، ولأن تيممه قد بطل، بدليل أنه لو لم يفرغ من الصلاة حتى عدم الماء لم يجز له التنفل حتى يجدد التيمم، صرح به ابن عقيل وغيره، وكذا لو كان في نافلة، ولم ينو عددا، لم يزد على ركعتين، بل ولا على ركعة إن صح التطوع بها، وأبو محمد يختار عدم البطلان إن لم يقل ببطلان الصلاة برؤية الماء، وإذا له التنفل بعد، إن عدم الماء قبل كمال الصلاة، ولأنه معنى يبطل به التيمم خارج الصلاة، وكذلك فيها، كانقطاع دم الاستحاضة.
وعن أحمد [رحمه الله] رواية أخرى نص عليها في رواية الميموني وغيره: أنه يمضي فيها، حذارا من بطلان العمل المنهي عن إبطاله، واستدل بعضهم بعموم «لا ينصرف حتى يسمع صوتا أو يجد ريحا» وليس بشيء، لأن معنى الحديث إذا خيل إليه بشيء فلا ينصرف حتى يسمع صوتا، أو يجد ريحا، فليس في الحديث تعرض لغير التخييل،
وقد رجع أحمد عن هذه الرواية في رواية المروذي، فقال: كنت أقول: يمضي في صلاته، ثم تدبرت، فإذا أكثر الأحاديث على أنه يخرج ويتوضأ. ومن ثم أسقطها ابن أبي [موسى] وطائفة من الأصحاب، ولم يعتبر ذلك ابن حامد، وطائفة معه، بل أثبتوها رواية، وكذلك القولان في كل رواية علم رجوع الإمام عنها. اهـ.
(فعلى رواية الميموني) : هل الخروج أفضل، للخروج من الخلاف - وهو رأي أبي جعفر - أو يمتنع الخروج - وهو ظاهر كلام الإمام - لقوله سبحانه:{وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ} [محمد: 33] ؟ على قولين: (وعلى المذهب) يخرج ويتطهر، ويستأنف الصلاة كما قال الخرقي، ونص عليه أحمد، وخرج القاضي وطائفة من الأصحاب منهم المجد في المحرر - البناء من رواية البناء في من سبقه الحدث، وأبى ذلك أبو محمد، أبو البركات في الشرح، [مفرقين] بأن بوجود الماء ظهر حكم الحدث السابق على الصلاة، قبل كمال المقصود بالتيمم، فصار كافتتاح الصلاة مع الحدث، بخلاف من سبقه الحدث في الصلاة، فإنه لم يتقدم ذلك حدث.
وقول الخرقي: وهو في الصلاة. يحترز به عما إذا وجد الماء بعد الصلاة، فإن صلاته ماضية، وإن أصابه في الوقت، وقد نص على ذلك فيما تقدم، نعم: هل تستحب له الإعادة والحال هذه؟ فيه وجهان، وفيه تنبيه على ما إذا وجده قبل الدخول في الصلاة، فإن تيممه يبطل بلا ريب، لحديث أبي ذر المتقدم، حتى لو وجده ثم عدم من ساعته، فإنه يلزمه استئناف التيمم.
وقول الخرقي: إذا وجد الماء. ظاهره أنه لا بد من وجود حقيقة الماء، وهو كذلك، فلو وجد ركبا وغلب على ظنه وجود الماء فيه لم يبطل تيممه، نعم إن تيقن وجود الماء فيه بطل، وهذا بخلاف ما لو كان خارج الصلاة، فإنه إذا وجد ركبا] أو نحوه مما يظن معه وجود الماء، فإن تيممه [يبطل على الصحيح] .
وهذا كله إذا كان تيممه لعدم الماء، وهو آمن [من] العطش، أما إن كان لمرض ونحوه، أو كان عطشان، فإن تيممه] لا يبطل بوجوده ولو داخل الصلاة، والله أعلم.
قال: وإذا شد الكسير الجبائر، وكان طاهرا، ولم يعد بها موضع الكسر، مسح عليها كلما أحدث، إلى أن يحلها.
ش: جواز المسح على الجبيرة إجماع في الجملة، وقد دل عليه حديث صاحب الشجة.
259 -
وروى البيهقي في سننه، وأحمد في رواية إسحاق بن إبراهيم، بإسناديهما عن ابن عمر، أنه كان يقول: من كان به جرح معصوب عليه، توضأ ومسح على العصابة، ويغسل ما حول العصابة، وإن لم يكن عليه عصابة مسح ما حوله.
260 -
وقد روي المسح على الجبائر عن علي، وابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم لكن بأسانيد ضعاف.
261 -
ومن ثم قال الشافعي رحمه الله: «روي حديث عن علي أنه انكسر إحدى زندي يديه، فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يمسح على الجبائر ولو عرفت إسناده بالصحة قلت به» . اهـ.
وظاهر كلام الخرقي وجوب المسح عليها، وهو كذلك، [لما تقدم، وظاهره أيضا أنه لا إعادة عليه مع المسح، وهو كذلك] لظاهر ما تقدم، ولأنها طهارة عذر، فأسقطت الفرض، كطهارة المستحاضة والتيمم، وقد حكى ابن أبي موسى، وابن عبدوس، وغيرهما رواية بوجوب الإعادة، لكنهم بنوها على ما إذا لم يتطهر لها، وقلنا بالاشتراط، والذي يظهر لي عند التحقيق أن هذا ليس بخلاف كما سيأتي.
وظاهر كلامه [أيضا] الاجتزاء بالمسح، وهو المشهور المقطوع به من الروايتين، لظاهر ما تقدم عن ابن عمر، ولأنه مسح على حائل، فأجزأ من غير تيمم، كمسح الخف بل أولى، إذ صاحب الضرورة أحق بالتخفيف، (والثانية) : لا بد من التيمم مع المسح، لظاهر حديث صاحب الشجة، وقد تقدم تضعيفه، مع أنه يحتمل أن الواو فيه بمعنى «أو» أي: إنما يكفيه أن يتيمم، أو يعصب على جرحه خرقة ثم يمسح عليها. ويحتمل أن [التيمم في] الحديث لشد العصابة على طهارة، واقتصر الشارع على ذكر التيمم، نظر لحال
الشاج، لكن يلزم من هذا الاكتفاء بطهارة التيمم في شد الجبيرة ونحوها، والأصحاب على عدم الاكتفاء بذلك، بناء منهم على أن التيمم لا يرفع الحدث، فعلى هذه [الرواية] لا يمسح الجبيرة بالتراب، فلو استوعبت محل التيمم سقط. اهـ.
واشترط الخرقي رحمه الله لجواز المسح على الجبيرة شرطين (أحدهما) : أن يشدها وهو طاهر، وهو إحدى الروايتين، واختيار القاضي في روايتيه، والشريف، وأبي الخطاب في خلافيهما، وابن عبدوس، وابن البنا، لأنه مسح على حائل، فاشترط له تقدم الطهارة كالخف، ودليل الأصل الإجماع والنص كما سيأتي، (والثانية) : لا تعتبر الطهارة لها قبل الشد بحال، اختارها الخلال وصاحبه، وابن عقيل في التذكرة، وصاحب التلخيص فيه، وإليها ميل الشيخين لما تقدم عن ابن عمر وبه احتج أحمد، ولأن الجبيرة بمنزلة العضو، بدليل دخولها في الطهارتين، وعدم توقيتها، فهو كجلدة انكشطت، والتحمت على حدث، وتفارق الخف، إذ الكسر يقع بغتة، ويبادر إلى إصلاحه في الحال عادة، فلو اشترطت الطهارة والحال هذه لأفضى إلى حرج ومشقة، وهما منفيان شرعا (فعلى الأولى) حكمها حكم الخف في الطهارة،
فلو غسل موضعها، ثم شدها، ثم كمل طهارته، لم يجز له المسح، على المذهب من اشتراط كمال الطهارة، ولو شد على غير طهارة خلع ما لم يضر به، ومع خوف الضرر يتيمم لها كالجرح، وقيل: ويمسحها أيضا ليخرج من الخلاف، فإن ترك الخلع مع أمن الضرر، أو التيمم مع الضرر أعاد، وعلى هذا يحمل ما حكاه ابن أبي موسى وغيره من الإعادة إذا اشترطنا الطهارة.
(الشرط الثاني) : أن لا يعدو بها موضع الكسر، أي لا يتجاوز بها [موضع] ذلك، ومراده - والله أعلم - تجاوزا لم تجر العادة به، فإن الجبيرة إنما توضع على طرفي الصحيح، لينجبر الكسر، وفي معنى ذلك ما جرت العادة به من التجاوز لجرح، أو ورم، أو رجاء برء، أو سرعته، وإذا لم يجد إلا عظما كبيرا، أو لم يجد ما يصغره به، ونحو ذلك، أما إن تجاوز من غير حاجة ولا ضرورة، فهذا الذي يحمل عليه كلام الخرقي، ومقتضى كلامه أنه لا يجوز له المسح والحال هذه، وهو كذلك في الجملة، وبيانه بأنه إن لم يخف الضرر إذا لزمه النزع، وإلا يكون تاركا لغسل ما أمر بغسله من غير ضرر، وفي كلام أبي محمد عن الخلال ما يقتضي عدم اللزوم وليس بشيء، وإن خاف التلف بالنزع سقط عنه بلا ريب، وكذلك إن خاف الضرر على المذهب،
وخرج من قول أبي بكر فيمن جبر كسره بعظم نجس عدم السقوط.
وحيث سقط النزع مسح قدر الحاجة، وتيمم للزائد، ولم يجزئه مسحه على المشهور من الوجهين، اختاره القاضي وابن عقيل، وأبو محمد وغيرهم، لعدم الحاجة إلى الزائد.
(والوجه الثاني) : يجزئه المسح على الزائد، اختاره الخلال وأبو البركات، لأنه قد صارت ضرورة إلى المسح عليه، أشبه موضع الكسر، ولأن المجاوزة إنما تقع غالبا لسهو أو غفلة، أو دهشة فمنع الرخصة مع ذلك، ومع الخوف من النزع فيه حرج ومشقة، وتعمد ذلك نادر، فلا يفرد بحكم، (وفي المذهب قول ثالث) : يجمع في الزائد بين المسح والتيمم.
وقول الخرقي: شد الكسير الجبائر. ذكره على سبيل المثال، إذ لا فرق بين الكسر والجرح في موضع الجبيرة، نص عليه أحمد، وقصة صاحب الشجة كانت في الجرح، وفي معنى ذلك لو وضع على جرحه دواء وخاف من نزعه، فإنه يمسح عليه، وكذا لو ألقم إصبعه مرارة.
262 -
كما روى الأثرم والبيهقي بإسناديهما عن ابن عمر أنه خرجت بإبهامه قرحة، فألقمها مرارة، وكان يتوضأ عليها، أما لو كان برجله شق، فجعل فيه قارا، وتضرر بنزعه، (فعنه) - واختاره أبو بكر -: لا يجزئه المسح، ولأنه في معنى الكي المنهي عنه، لأنه لا يستعمل إلا مغليا بالنار، (وعنه) - واختاره أبو البركات -؛ يجزئه، كالمرارة ونحوها، والكي المنهي عنه يحمل على ما فيه خطر، أو لم يغلب على الظن نفعه.
263 -
لأنه [قد] صح عنه أنه كوى أبي بن كعب، وسعد ابن معاذ رضي الله عنهما.
وكلام الخرقي يشمل المسافر وإن كان عاصيا، وهو كذلك، بخلاف ماسح الخف إذا كان عاصيا بسفره، فإنه يمتنع من المسح في وجه، وفي المشهور: يلغى حكم السفر، ويمسح مسح مقيم (ويشمل) الحدثين المسح، لأن مسحها للضرورة، والضرورة توجد معها، بخلاف الخف، (ويشعر) بأن مسحها لا يتأقت بمدة، وهو كذلك، لأنه مسح للضرورة، فيبقى ببقائها، بخلاف الخف، إذ مسحه رخصة، وعن ابن حامد: أنها تتوقت كالخف، (وبأنه) لا يشترط سترها لمحل الفرض، وهو كذلك، إذا لم تكن حاجة، لما تقدم، بخلاف الخف، (وبأن) شدها مختص بحال الضرورة، وهو كذلك، بخلاف الخف.
وإذا انتهينا إلى ذلك فقد عرفت أنها تفارق الخف فيما تقدم، وتفارقه أيضا في أنها تستوعب بالمسح كالتيمم، بخلاف الخف، إذ استيعابه يوهنه، ويضعفه، ويتلفه، فلذلك اجتزئ ببعضه، (وأنها) تجوز من خرق ونحوها، بخلاف الخف (وأنها) لو كانت من حرير ونحوه صح المسح عليها، على رواية صحة الصلاة في ذلك، بخلاف [الخف] على المحقق، (وأنها) لا تشترط لها الطهارة رأسا في رواية، بخلاف الخف (وأنه) لو لبس الخف على طهارة مسح فيها