الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(تنبيه) : المرفق بكسر الميم وفتح الفاء والعكس لغة، والله أعلم.
[مسح الرأس في الوضوء]
قال: ومسح الرأس
ش: وجوب مسح الرأس في الجملة ثابت بالنص والإجماع، والخلاف في القدر الواجب من ذلك، وعن إمامنا رحمه الله في ذلك ثلاث روايات، إحداهن - وهي ظاهر كلام الخرقي، والمختار لعامة الأصحاب -: وجوب استيعاب جميع الرأس بالمسح، لأنه سبحانه أمر بمسح الرأس، وبمسح الوجه في التيمم، ثم في التيمم يجب الاستيعاب، فكذلك في مسح الرأس، ولأنه صلى الله عليه وسلم مسح جميع رأسه، وفعله وقع بيانا لكتاب ربه سبحانه.
82 -
وما جاء عنه صلى الله عليه وسلم من أنه مسح مقدم رأسه، فمحمول على أن ذلك مع العمامة، كما جاء مفسرا في الصحيح، في حديث المغيرة بن شعبة، وموقع الباء - والله أعلم - إلصاق الفعل بالمفعول، إذ المسح إلصاق ماسح بممسوح، فكأنه قيل: ألصقوا المسح برءوسكم أي المسح بالماء، وهذا بخلاف ما لو قيل: امسحوا رءوسكم. فإنه لا يدل على أنه ثم شيء
ملصق، كما يقال: مسحت رأس اليتيم. وما قيل: إن الباء للتبعيض. فغير مسلم، دفعا للاشتراك، ولإنكار الأئمة قال أبو بكر عبد العزيز: سألت ابن دريد وابن عرفة عن الباء تبعض؟ فقالا: لا نعرف في اللغة أنها تبعض. وقال ابن برهان: من زعم أن الباء تفيد التبعيض فقد جاء أهل اللغة بما لا يعرفونه.
وأما قوله سبحانه وتعالى: {يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ} [الإنسان: 6] فمن باب التضمين، والله أعلم، فكأنه قيل: يروى بها عباد الله.
وكذلك قول الشاعر:
شربن بماء البحر
والثانية: الواجب مسح البعض، وقد فهم دليل ذلك مما تقدم، من أن الباء تبعض، ومما روي من أنه صلى الله عليه وسلم مسح البعض.
(وعنه) بل في حق المرأة فقط، واختاره الخلال، وأبو
محمد، دفعا للحرج والمشقة عنها، بوجوب مسح الكل.
والرواية الرابعة: الواجب الأكثر، إذ إيجاب الكل قد يفضي إلى الحرج والمشقة غالبا، وأنه منفي شرعا.
فعلى الأولى: يجب مسح الأذنين معه على رواية، واختارها الأكثرون، لأنهما من الرأس كما سيأتي إن شاء الله تعالى، ولا يجب في أخرى، وهي أشهر نقلا: واختارها الخلال، وأبو محمد، وقال الشيرازي: لو مسح وتخلل مواضع يسيرة، عفي عنها للمشقة، وظاهر كلام الأكثرين بخلافه.
وعلى الثانية والثالثة: البعض مقدر بالناصية، قاله القاضي، وعامة من بعده، لكن لا تتعين على المعروف ولابن عقيل احتمال بتعينها، وصرح ابن أبي موسى بعدم تحديد الرواية فقال: وعنه يجب مسح البعض من غير تحديد.
واتفق الجمهور على أنه لا يجزئ مسح الأذنين عن ذلك البعض، وكذلك مسح ما نزل عن الرأس من الشعر، ولو كان معقوصا على الرأس، وللقاضي في شرحه الصغير وجه بإجزاء مسح الأذنين عن البعض.
وعلى الرابعة حد الكثير الثلثان، واليسير الثلث، فما دون، قاله القاضي في تعليقه، وأبو الخطاب في خلافه الصغير، وأطلق ذلك جماعة.
وقول الخرقي رحمه الله: ومسح الرأس. يدخل فيه ولو مسح بأصبع أو بأصبعين وهو الصحيح من الروايتين، ويدخل أيضا ما لو مسح بخرقة أو خشبة، وهو أصح القولين عند أبي البركات، ويدخل أيضا ما إذا وقف تحت مطر ونحوه، قاصدا
للطهارة، وأمر يده، لوجود المسح، أما إن لم يمرها، ولم يجر الماء، فإنه لا يجزئه على أشهر القولين، وإن جرى الماء خرج على روايتي غسله كما سيأتي، ولو لم يقصد الطهارة فأصابه ماء فمسح قاصدا لها فإنه يجزئه، على إحدى الروايتين، وهو ظاهر كلام الخرقي، ومختار أبي البركات، (والثانية) - وبها قطع صاحب التلخيص، وابن عقيل زاعما بأنها تحقيق المذهب - لا يجزئه.
ويخرج من كلامه ما لو وضع يده على رأسه ولم يمرها، فإنه لا يجزئه، لعدم المسح، وبه قطع أبو البركات وغيره، ولأبي محمد فيه احتمال بالإجزاء، وما لو غسل رأسه بدل مسحه، وهو الصحيح من الروايتين، عند أبي البركات، وابن عقيل، نعم: إن أمر يده أجزأه، على المعروف المشهور، وقيد ابن حمدان إجزاء الغسل عن المسح بما إذا نواه به، والله أعلم.
تنبيهات (أحدها) : حد الرأس من المقدم، بحيث لا يسمى وجها، وقد تقدم حد الوجه، وبه يعرف حد الرأس، ومن المؤخر بحيث لا يسمى قفا، والناصية مقدم الرأس، قاله القاضي وغيره.
(الثاني) : الواجب مسح ظاهر الشعر، فلو مسح البشرة لم يجزئه، كما لو غسل باطن اللحية دون أعلاها، نعم لو حلق البعض، فنزل عليه شعر ما لم يحلق أجزأه المسح عليه.
(الثالث) : صفة المسح أن يضع أحد طرفي سبابتيه على طرف الأخرى ويضعهما على مقدم رأسه، ويضع الإبهامين