الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(تنبيه) : «الذباب» هذا الحيوان المعروف، مفرد، جمع القلة منه أذبة، والكثير ذباب، ولا يقال: ذبابة. قاله غير واحد، والله أعلم.
[الوضوء بسؤر غير مأكول اللحم]
قال: ولا يتوضأ بسؤر كل بهيمة لا يؤكل لحمها، إلا السنور، وما دونها في الخلقة.
ش: السؤر - مهموز - بقية طعام الحيوان وشرابه، وسؤر الحيوان مبني عليه، فإن كان الحيوان طاهرا فهو طاهر، وإن كان نجسا فهو نجس، وإن لم يتغير، بناء على المذهب من تنجيس الماء القليل بمجرد الملاقاة، وهو الغالب على السؤر، ولهذا أطلق الخرقي رحمه الله. أما إذا كان السؤر كثيرا فإنه لا ينجس إلا بالتغير. إذا عرف هذا فالحيوان على ضربين (بهم) جمع بهيمة وهو ما عدا الآدمي (والآدمي) وهذا الضرب لم يتعرض الخرقي للحكم عليه بنفي ولا إثبات، وحكمه أنه طاهر في الجملة، مسلما كان أو كافرا، طاهرا أو محدثا، وكذلك سؤره، لقوله: صلى الله عليه وسلم «إن المؤمن لا ينجس» .
26 -
وفي الصحيح «أن عائشة رضي الله عنها كانت تشرب من الإناء، فيضع فاه صلى الله عليه وسلم على موضع فيها.» ويستثنى من ذلك سؤر المجوسي والوثني ومن في معناهما من ذمي يتظاهر بشرب الخمر أو أكل الخنزير، أو من مسلم مدمن لشرب الخمر، أو لتناول النجاسات، فإن سؤر هؤلاء نجس، على رواية مشهورة، مختارة لكثير من الأصحاب تغليبا للظاهر على حكم الأصل.
27 -
وعليه يحمل حديث أبي ثعلبة المتقدم، وقد جاء ذلك مصرحا فيه وحكى في التلخيص عن أحمد رحمه الله رواية أخرى بتنجيس سؤر الكافر مطلقا.
والضرب الأول الذي حكم عليه الخرقي رحمه الله على ضربين أيضا، مأكول وغير مأكول، فالمأكول كله طاهر في الجملة إجماعا حكاه ابن المنذر وغيره، فيكون سؤره كذلك، كما اقتضاه مفهوم كلام الخرقي. وهل يستثنى من ذلك الجلالة - وهي التي تأكل العذرة - بناء على نجاستها إذا أولا - وهو مقتضى عموم مفهوم كلام الخرقي - نظرا لأصلها؟ على روايتين.
وغير المأكول على ثلاثة أضرب (أحدها) طاهر، وهو السنور - ويسمى الضيون - بضاد معجمة، وياء مثناة من تحتها، ونون - والهر والقط - وما دونه في الخلقة، كابن عرس والفأرة ونحو ذلك، فهو طاهر، وكذلك سؤره كما شهد بذلك النص.
28 -
«فعن كبشة بنت كعب بن مالك - وكانت تحت ابن أبي قتادة رضي الله عنهم أن أبا قتادة دخل عليها، فسكبت له وضوءا، فجاءت هرة تشرب منه، فأصغى لها الإناء حتى شربت، قالت كبشة: فرآني أنظر إليه، فقال: أتعجبين يا ابنة أخي؟ فقلت: نعم. فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إنها ليست بنجس، إنها من الطوافين عليكم والطوافات» رواه الخمسة، وصححه الترمذي وهذا يدل على طهارة الهر بالنص والتعليل، ويدل على طهارة ما دونها بالتعليل وإذا لا عبرة بوجه ضعيف بنجاسة سؤر ما دون الهرة، نعم يكره سؤر ذلك على إحدى الروايتين بخلاف الهرة.
(تنبيه) : لو أكلت الهرة أو نحوها نجاسة، ثم شربت من ماء، فثلاثة أوجه مشهورات ثالثها: إن شربت بعد غيبتها - وقيل: قدر ما يطهر فمها بريقها - فسؤرها طاهر، وإلا فنجس.
(الضرب الثاني) نجس بلا نزاع عندنا، وكذلك سؤره، وهو الكلب والخنزير، وما تولد منهما أو من أحدهما.
29 -
لقوله: صلى الله عليه وسلم «إذا شرب الكلب في إناء أحدكم فليغسله سبعا» ولمسلم: «طهور إناء أحدكم إذا ولغ الكلب فيه أن يغسله سبع
مرات، أولاهن بالتراب» » . والخنزير شر منه، والمتولد من الخبيث خبيث، وحكى ابن حمدان رواية بطهارة سؤر الكلب والخنزير واستغربها واستبعدها وإنها لجديرة بذلك.
(الضرب الثالث) سباع البهائم، وجوارح الطير، والبغل، والحمار، وفيها روايتان (إحداهما) - وهي المشهورة عند الأصحاب، وظاهر كلام الخرقي - نجاستها، فكذلك سؤرها، لظاهر حديث القلتين وإلا لم يكن للتحديد بهما فائدة.
(والثانية) طهارتها، واختارها أبو محمد في البغل والحمار، لعموم البلوى بهما، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه كانوا يركبونها مع حرارة بلادهم، والظاهر أنهم لا يسلمون من ملاقاتها.
30 -
ويدل على ذلك في السباع ما روى مالك في الموطأ عن يحيى بن عبد الرحمن، أن عمر رضي الله عنه خرج في ركب فيهم عمرو بن العاص، حتى وردوا حوضا، فقال عمرو: يا صاحب الحوض هل ترد حوضك السباع؟ فقال عمر بن الخطاب: لا تخبرنا، فإنا نرد على السباع، وترد علينا. قال رزين: زاد بعض الرواة في قول عمر رضي الله عنه: «وإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «لها ما أخذت في بطونها، ولنا ما بقي طهور