الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
121 -
وروى أبو داود والنسائي، والترمذي واللفظ له، عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تستنجوا بالروث ولا بالعظام، فإنه زاد إخوانكم من الجن» » ، وإذا نهينا عن الاستنجاء بطعام الجن، فبطعامنا أولى.
(الثاني) : «البراز» بفتح الباء: موضع قضاء الحاجة، وفي الأصل: الفضاء الواسع من الأرض، وأكثر الرواة يروونه بكسر الباء، وهو غلط [والله أعلم] .
[الاستنجاء بالرجيع والعظم والطعام]
قال: إلا الروث، والعظام، والطعام.
ش: هذا استثناء من كل ما أنقى، وقد تقدم حديث سلمان في النهي عن الاستنجاء بالرجيع، والعظم.
واعلم أنه يشترط في المستجمر به شروط:
(أحدها) : أن يكون جامدا؛ لأن المائع إن كان ماء فهو استنجاء وليس باستجمار، وإن كان [غير] ماء لم يجز كما تقدم.
(الثاني) : أن يكون طاهرا، لما تقدم من حديث سلمان وغيره.
122 -
«وعن ابن مسعود قال: أتى النبي صلى الله عليه وسلم الغائط، فأمرني أن آتيه بثلاثة أحجار، فوجدت حجرين، والتمست الثالث فلم أجده، فأخذت روثة فأتيته بها، فأخذ الحجرين، وألقى الروثة، وقال: «إنها ركس» رواه البخاري وغيره، والركس النجس.
(الثالث) : أن يكون منقيا، فلا يجوز بالفحم الرخو، ولا بالزجاج ونحوه، إذ المقصود الإنقاء، ولم يحصل.
(الرابع) : أن لا يكون محترما، فلا يجوز بطعامنا، ولا بطعام دوابنا، وكذلك طعام الجن ودوابهم، وكذلك كتب الفقه والحديث، وما فيه اسم الله تعالى، ونحو ذلك، وتجل الكتب المنزلة أن تذكر إذا، وما اتصل بحيوان، كذنبه وصوفه، ونحو ذلك.
(الخامس) : أن لا يكون محرما، فلا يجوز بمغصوب ونحوه، وهذا الشرط قد أهمله المصنف، (والأربعة) الباقية قد
تؤخذ من كلامه، (أما) الجامد فلتمثيله بالخشب والخرق، (وأما) المنقي فلقوله: وكل ما أنقى [به](وأما) الطاهر فلأنه استثنى الروث والعظام، وذلك شامل للطاهر منهما والنجس، فيلحق بالنجس منهما كل نجس، (وأما) المحترم فلأنه منع من الطعام، وغيره في معناه، ومتى خالف واستجمر بما نهي عنه، لم يجزئه على المذهب، لارتكابه النهي.
123 -
وفي الدارقطني وصححه «أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يستنجى بعظم أو روث، وقال: «إنهما لا يطهران» » وخرج بعضهم الإجزاء في الحجر المغصوب ونحوه من رواية صحة الصلاة في بقعة غصب ونحوها، ورد بأن الاستجمار رخصة، والرخص لا تستباح على وجه محرم.
واختار أبو العباس في قواعده الإجزاء في ذلك، وفي المطعوم ونحوه، ومن مذهبه زوال النجاسة بغير الماء من المزيلات، كماء الورد ونحوه، نظرا إلى أن إزالة النجاسة من باب التروك المطلوب عدمها، ولهذا لا يشترط لزوالها قصد، حتى لو زالت بالمطر ونحوه، أو بفعل مجنون، حصل المقصود، والنهي تأثيره في العبادات، إذ القصد المتقرب به إلى الله سبحانه [وتعالى] لا يكون على وجه محرم. (قلت) :
وهذا جيد إن لم يصح ما رواه الدارقطني، أما مع صحته - وقد قال: إن إسناده صحيح. - فمردود.
وحيث قيل بعدم الإجزاء فإنه يتعين الماء في الشرط الأول، وهو ما إذا استجمر بمائع غير الماء، وكذلك في الثاني، على ما قطع به أبو البركات، وأبو محمد في الكافي، وفي المغني احتمال بإجزاء الحجر، وهو وهم، وفي الثالث: يعدل إلى حجر منق، وفي الرابع والخامس: هل يجزئه الحجر جعلا لوجود آلة النهي كعدمها، أو يعدل إلى الماء، لعدم فائدة الحجر إذا لنقاء المحل، وإذا يتعين الماء، نظرا «لقوله صلى الله عليه وسلم في الروث والعظم:«إنهما لا يطهران؟» فيه وجهان [والله أعلم] .
(تنبيه) : الروث للدواب - قاله أبو عبيد - كالعذرة للآدميين، والركس قال أبو عبيد: شبيه بالرجيع، يقال: ركسه وأركسه. إذا ردده، وقوله سبحانه وتعالى:{وَاللَّهُ أَرْكَسَهُمْ بِمَا كَسَبُوا} [النساء: 88] أي ردهم إلى حكم الكفار. [والله أعلم] .
قال: والحجر الكبير الذي له ثلاث شعب يقوم مقام الثلاثة الأحجار.
ش: هذا هو المشهور، المعمول به من الروايتين، إذ الشعب الثلاثة يحصل بها ما يحصل بالأحجار، من كل وجه، فلا معنى للجمود على التعداد.
124 -
وقد روى البيهقي عن جابر رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا استجمر أحدكم فليستجمر ثلاثا» » ولأحمد عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا تغوط أحدكم فليمسح ثلاث مرات» » . (والرواية الثانية) - واختارها أبو بكر، والشيرازي - لا بد من تعداد الأحجار، جمودا على عامة النصوص الصحيحة، وعلى هذه: لو كسر ما تنجس من الحجر، أو غسله ثم استجمر به، أو استجمر بثلاثة أحجار ذي شعب، أو مسح بالأرض أو بالحائط [في] ثلاثة مواضع، فوجهان في الجميع، الصحيح منهما الإجزاء [والله أعلم] .
قال: وما عدا المخرج فلا يجزئ فيه إلا الماء.
ش: قد تقدم أن من شرط الاستجمار بالحجر] أن لا يتجاوز الخارج المخرج، أما إن تجاوز الخارج المخرج فلا يجزئ فيه إلا الماء، لأن الأصل وجوب إزالة النجاسة بالماء، رخص في الاستجمار لتكرر النجاسة على المخرج، دفعا لمشقة تكرار الغسل، فإذا جاوزت المخرج، خرجت عن حد الرخصة، فغسلت كسائر المحال.
وإطلاق الخرقي يقتضي غسل ما جاوز المخرج مطلقا، وهو ظاهر كلام بعضهم، قال ابن عقيل والشيرازي: لا يستجمر في غير المخرج. قال في الفصول: وحد المخرج نفس الثقب، واغتفر الشيخان، وصاحب التلخيص، والسامري، وغيرهم ما تجاوزه تجاوزا جرت العادة به، وحده أبو العباس في شرح العمدة بأن ينتشر الغائط إلى نصف باطن الألية فأكثر، والبول إلى نصف الحشفة فأكثر، فإذا يتعين الماء، وهو ظاهر كلام أبي الخطاب في الهداية، وحكى الشيرازي وجها أنه يستجمر في المتعدي إلى الصفحتين.
وقول الخرقي: لا يجزئ فيه إلا الماء. أي: فيما جاوز المخرج إلا الماء، فظاهره أن الحجر يجزئ في نفس المخرج، وبه قطع ابن تميم وقال بعضهم: لا يجزئ في الجميع إلا الماء. وهو ظاهر كلام الشيخين، وفي الوجيز لابن الزاغوني روايتان