المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[مدة المسح على الخفين] - شرح الزركشي على مختصر الخرقي - جـ ١

[الزركشي الحنبلي]

فهرس الكتاب

- ‌[كتاب الطهارة]

- ‌[باب ما تكون به الطهارة من الماء]

- ‌[حكم الماء إذا تغير أحد أوصافه]

- ‌[الوضوء بالماء المستعمل]

- ‌[حكم الطهارة بالماء الذي خالطه مائع]

- ‌[الوضوء بسؤر غير مأكول اللحم]

- ‌[تطهير ما لاقته نجاسة الكلب والخنزير]

- ‌[تنبيهات]

- ‌[اشتباه الماء الطاهر بالنجس]

- ‌[باب الآنية]

- ‌[آنية عظام الميتة]

- ‌[الوضوء في آنية الذهب والفضة]

- ‌[صوف الميتة وشعرها]

- ‌[باب السواك وسنة الوضوء]

- ‌[أوقات استحباب السواك]

- ‌[التسمية عند الوضوء]

- ‌[المبالغة في الاستنشاق]

- ‌[تخليل اللحية]

- ‌[تجديد الماء للأذنين ظاهرهما وباطنهما]

- ‌[تخليل الأصابع في الوضوء]

- ‌[غسل الميامن قبل المياسر فى الوضوء]

- ‌[باب فرض الطهارة]

- ‌[الاستنجاء بالماء]

- ‌[النية في الطهارة]

- ‌[غسل الوجه فى الوضوء]

- ‌[الفم والأنف من الوجه فى الوضوء]

- ‌[غسل اليدين إلى المرفقين في الوضوء]

- ‌[مسح الرأس في الوضوء]

- ‌[غسل الرجلين في الوضوء]

- ‌[عدد مرات الوضوء]

- ‌[صلاة الفريضة بوضوء النافلة]

- ‌[قراءة القرآن للجنب والحائض والنفساء]

- ‌[لا يمس المصحف إلا طاهر]

- ‌[باب الاستطابة والحدث]

- ‌[ما يكون منه الاستنجاء]

- ‌[ما يكون به الاستنجاء]

- ‌[تنبيهان حول الاستنجاء]

- ‌[الاستنجاء بالخشب والخرق وكل ما أنقى]

- ‌[الاستنجاء بالرجيع والعظم والطعام]

- ‌[باب ما ينقض الطهارة]

- ‌[خروج الغائط والبول من غير مخرجهما]

- ‌[زوال العقل من نواقض الوضوء]

- ‌[التقاء الختانين من نواقض الوضوء]

- ‌[الردة من نواقض الوضوء]

- ‌[مس الفرج من غير حائل من نواقض الوضوء]

- ‌[القيء والدم والدود من نواقض الوضوء]

- ‌[أكل لحم الجزور من نواقض الوضوء]

- ‌[غسل الميت من نواقض الوضوء]

- ‌[باب ما يوجب الغسل]

- ‌[التقاء الختانين من موجبات الغسل]

- ‌[إسلام الكافر من موجبات الغسل]

- ‌[الطهر من الحيض والنفاس من موجبات الغسل]

- ‌[غمس الحائض والجنب والمشرك أيديهم في الماء]

- ‌[وضوء الرجل بفضل وضوء المرأة]

- ‌[باب الغسل من الجنابة]

- ‌[كيفية الغسل من الجنابة]

- ‌[مقدار ماء الوضوء والغسل]

- ‌[باب التيمم]

- ‌[التيمم في السفر]

- ‌[شروط التيمم]

- ‌[كيفية التيمم]

- ‌[ما يباح به التيمم]

- ‌[الحكم لو وجد المتيمم الماء وهو في الصلاة]

- ‌[باب المسح على الخفين]

- ‌[شروط صحة المسح على الخفين]

- ‌[مدة المسح على الخفين]

- ‌[كيفية المسح على الخفين]

- ‌[باب الحيض]

- ‌[أقل الحيض]

- ‌[أكثر الحيض]

- ‌[علامات إقبال الحيض وإدباره]

- ‌[أحكام المبتدأة في الحيض]

- ‌[الصفرة والكدرة في أيام الحيض]

- ‌[الاستمتاع بالمرأة في مدة الحيض]

- ‌[وطء الحائض]

- ‌[وطء المستحاضة]

- ‌[ما له حكم الاستحاضة]

- ‌[أكثر النفاس]

- ‌[أقل النفاس]

- ‌[وطء النفساء]

- ‌[حكم من كانت لها أيام حيض فزادت على ما كانت تعرف]

- ‌[الحامل إذا رأت الدم]

- ‌[أحكام المستحاضة]

- ‌[كتاب الصلاة]

- ‌[باب المواقيت]

- ‌[وقت صلاة الظهر]

- ‌[وقت صلاة العصر]

- ‌[وقت صلاة المغرب]

- ‌[وقت صلاة العشاء]

- ‌[وقت صلاة الصبح]

- ‌[أداء الصلاة في أول الوقت]

- ‌[حكم طهارة الحائض وإسلام الكافر وبلوغ الصبي قبل غروب الشمس]

- ‌[ما يقضي المغمى عليه من الصلوات]

- ‌[باب الأذان]

- ‌[ألفاظ الأذان]

- ‌[ألفاظ الإقامة]

- ‌[يترسل في الأذان ويحدر الإقامة]

- ‌[التثويب في أذان الفجر]

- ‌[الأذان قبل دخول الوقت]

- ‌[ما يستحب في المؤذن]

- ‌[الصلاة بلا أذان ولا إقامة]

- ‌[ما يستحب لمن سمع الأذان]

- ‌[باب استقبال القبلة في الصلاة]

- ‌[استقبال القبلة في صلاة الخوف]

- ‌[صلاة التطوع في السفر على الراحلة]

- ‌[الاختلاف في تحديد القبلة]

- ‌[تقليد الأعمى والعامي في استقبال القبلة]

- ‌[الحكم لو صلى إلى جهة ثم تبين خطؤها]

- ‌[باب صفة الصلاة]

- ‌[اشتراط النية في الصلاة]

- ‌[رفع اليدين عند افتتاح الصلاة]

- ‌[وضع اليد اليمنى على اليسرى في الصلاة]

- ‌[دعاء الاستفتاح في الصلاة]

- ‌[الاستعاذة في الصلاة]

- ‌[القراءة في الصلاة]

- ‌[الجهر بالبسملة في الصلاة]

- ‌[التأمين بعد قراءة الفاتحة في الصلاة]

- ‌[قراءة السورة بعد الفاتحة في الصلاة]

- ‌[رفع اليدين عند الركوع]

- ‌[صفة الركوع]

- ‌[التسبيح في الركوع]

- ‌[رفع الرأس من الركوع وقول سمع الله لمن حمده]

- ‌[التكبير للسجود]

- ‌[صفة السجود]

- ‌[التسبيح في السجود]

- ‌[رفع الرأس من السجود]

- ‌[الدعاء بين السجدتين]

- ‌[كيفية الجلوس للتشهد]

- ‌[ألفاظ التشهد]

- ‌[التورك في الجلوس للتشهد الأخير]

- ‌[الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في التشهد الأخير]

- ‌[الدعاء في التشهد الأخير]

- ‌[السلام من أركان الصلاة]

- ‌[الجهر والإسرار في مواضعه في الصلاة]

- ‌[القراءة في صلاة الصبح]

- ‌[القراءة في صلاة الظهر]

- ‌[القراءة في صلاة المغرب]

- ‌[القراءة في صلاة العشاء]

- ‌[ستر العورة في الصلاة]

- ‌[عورة الرجل]

- ‌[كيفية صلاة العراة]

- ‌[عورة المرأة]

- ‌[صلاة الأمة مكشوفة الرأس]

- ‌[حكم من ذكر أن عليه صلاة وهو في أخرى]

- ‌[تأديب الولد على الطهارة والصلاة]

- ‌[سجود التلاوة]

- ‌[عدد سجدات التلاوة في القرآن]

- ‌[شروط صحة سجود التلاوة]

- ‌[كيفية سجود التلاوة]

- ‌[الحكم لو حضرت الصلاة والعشاء]

- ‌[الحكم لو حضرت الصلاة وهو محتاج إلى الخلاء]

الفصل: ‌[مدة المسح على الخفين]

أصحهما عند أبي البركات الجواز، جريا على قاعدته، من أن المسح يرفع الحدث، أما المستحاضة ومن به سلس البول، ونحوهما فلهم المسح، نص عليه أحمد، لأن طهارتهم كاملة في حقهم، ثم هل حكمهم حكم الصحيح في التوقيت، وهو منصوص الإمام، وظاهر كلام ابن أبي موسى وغيره يتوقت المسح في حقهم، أو بوقت كل صلاة، وهو قول القاضي في الجامع - فيه قولان.

وقول الخرقي: ثم أحدث. يريد الحدث الأصغر، إذ جواز المسح مختص به، بدليل حديث صفوان المتقدم، والله أعلم.

[مدة المسح على الخفين]

قال: يوما وليلة للمقيم، وثلاثة أيام ولياليهن للمسافر.

ش: لما ذكر [رحمه الله] جواز مسح الخف بشرطه، بين أن ذلك موقت بيوم وليلة للمقيم، وبثلاثة للمسافر، لما تقدم من حديث عوف بن مالك، وقد جوده أحمد، وصفوان.

273 -

وعن «شريح بن هانئ: سألت عائشة رضي الله عنها عن المسح على الخفين، فقالت: سل عليا فإنه أعلم بهذا مني، وكان يسافر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألته فقال: قال رسول الله

ص: 383

- صلى الله عليه وسلم: «للمسافر ثلاثة أيام ولياليهن، وللمقيم يوما وليلة» رواه مسلم والنسائي وأحمد.

274 -

وعن خزيمة بن ثابت «عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه سئل عن المسح على الخفين فقال: «للمسافر ثلاثة أيام ولياليهن، وللمقيم يوم وليلة» رواه أحمد، وأبو داود، والترمذي وصححه وقال مثنى: سئل أحمد عن أجود الأحاديث في المسح فقال: حديث شريح

ص: 384

بن هانئ، وخزيمة بن ثابت، وعوف بن مالك؛ وقال في رواية الأثرم: هو صحيح مرفوع، قال: نعم.

وقول الخرقي: للمسافر. أي المسافر سفرا يبيح القصر لأنه الذي تتعلق [به] الرخص، أما المسافر في معصية فكالمقيم، يمسح يوما وليلة، على أصح الوجهين، إلغاء للسفر، وقيل: لا يمسح أصلا عقوبة له. والله أعلم.

قال: فإن خلع قبل ذلك أعاد الوضوء

ش: يعني قبل اليوم والليلة، بعد (المسح) ، أو قبل الثلاثة أيام، وهذا أشهر الروايتين، وعليها العمل، (والثانية) : يجزئه غسل قدميه.

275 -

وقد روى (ذلك) البيهقي في سننه عن أبي بكرة، ورجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وقد تأول الخلال هذه الرواية، وخالفه العامة، وبنوها على أن الطهارة تتبعض، وأنه يجوز تفريقها كالغسل، وإذا إما [أن] نقول: الحدث لم يرتفع عن الرجلين، فيغسلان بحكم الحدث السابق، أو نقول: ارتفع وعاد إليهما فقط، أما المذهب فهو مبني - عند ابن الزاغوني، وأبي محمد - على المذهب في اشتراط الموالاة، وبنيا عليه أن

ص: 385

الخلع إذا كان عقب المسح كفاه غسل رجليه، وارتفع الخلاف، وهو مفرع على أن طهارة المسح لا ترفع الحدث، وإنما تبيح الصلاة كالتيمم، فإذا ظهرت الرجلان ظهر حكم الحدث السابق، وقد وقع ذلك أيضا للقاضي في التعليق، في توقيت المسح، مصرحا بأن طهارة المسح ترفع الحدث إلا عن الرجلين، وبناه أبو البركات على شيئين (أحدهما) : أن المسح يرفع حدث الرجلين رفعا مؤقتا، وقد نص أحمد على ذلك في رواية أبي داود، وقاله القاضي في التعليق في هذه المسألة، وصاحب التلخيص فيه.

(والثاني) : أن الحدث لا يتبعض، وقد صرح بذلك القاضي أيضا وغيره، وإذا إذا خلع عاد الحدث إلى الرجلين، فيسري إلى بقية الأعضاء، وعلى هذا يستأنف وإن قرب الزمن، كما هو ظاهر كلام أحمد، لإطلاقه القول بالاستئناف، بل قيل: إنه منصوصه، وقد قال القاضي: لو سلمنا أن المسح لا يرفع الحدث عن الرجلين لا يضر، لأن نزعهما أبطل حكم المسح في الرجلين، وأوجب غسلهما، فيجب بطلانها في جميع الأعضاء، لأنها لا تتبعض، وحاصل هذا البناء على شيء واحد اهـ وهكذا الخلاف في انقضاء المدة وهو على طهارة.

وقوله: خلع. يشمل الخفين أو أحدهما، وهو كذلك، ويخرج منه ما إذا انكشطت ظهارة الخف، وبقيت بطانته،

ص: 386

فإنه ليس كالخلع على المذهب، وقيل: بلى. وحكم ظهور بعض القدم حكم ظهور جميعه، أما إن خرج القدم إلى الساق فعنه - وهو المشهور - أنه كالخلع، وعنه - ويحتمله كلام الخرقي لترتيبه الحكم على الخلع -: لا أثر لذلك، (فعلى الأول) - وهو المذهب - إن خرج بعض القدم إلى الساق فروايتان، أصحهما أنه كما لو خرج القدم جميعه، هذا نقل القاضي في التعليق، وأبي الخطاب، تبعا لأبي حفص البرمكي، وقال أبو البركات: إن خرج البعض إلى الساق، خروجا لا يمكن المشي معه، فكالخلع، نص عليه، وعنه: إن جاوز العقب حد موضع الغسل فكالخلع، وما دونه لا يؤثر.

(تنبيه) : إذا حدث ما تقدم من الخلع أو انقضاء مدة المسح وهو في الصلاة، فظاهر كلام الخرقي وكثير من الأصحاب أنه كما لو كان خارجها، نظرا لإطلاقهم، وبناه ابن عقيل على وجود المتيمم الماء وهو في الصلاة، وكأنه لحظ أن المسح لا يرفع الحدث، والسامري على من سبقه

ص: 387

الحدث وهو في الصلاة، وهو أقعد على المنصوص من أن المسح يرفع الحدث. والله أعلم.

قال: ولو أحدث وهو مقيم، فلم يمسح حتى سافر، أتم على مسح مسافر، منذ كان الحدث

ش: أما كونه يمسح [مسح] مسافر والحال ما تقدم فلظاهر قوله صلى الله عليه وسلم: «يمسح المسافر» وهذا مسافر فدخل في ذلك، ولأنه لم يمسح في الحضر، فأشبه من لبس فيه ولم يحدث.

وأما كون ابتداء مدة المسح من حين الحدث فلأن «قول صفوان [رضي الله عنه] ، أمرنا أن لا ننزع خفافنا ثلاثا، من بول، وغائط، ونوم.» مقتضاه أنها تنزع لثلاث يمضين من ذلك، وفيه بحث، إذ قد يقال: إن (من) للسببية، أي ننزع بعد الثلاث، بسبب حدث وجد قبل ذلك، ولأن المسح عبادة مؤقتة، فاعتبر وقتها بجواز فعلها، لا بفعلها كالصلاة، (وهذا) أشهر الروايتين، واختيار الأصحاب.

(والثانية) : ابتداء المدة من المسح بعد الحدث، لظاهر قوله صلى الله عليه وسلم:«يمسح المسافر ثلاثا» ولو كان أوله الحدث لم يتصور ذلك، إذا الحدث لا بد أن يسبق المسح، وهو محمول على وقت جواز المسح، والله أعلم.

ص: 388

قال: ولو أحدث مقيما، ثم مسح مقيما ثم سافر، أتم على مسح مقيم [ثم خلع]

ش: هذا إحدى الروايتين، واختيار ابن أبي موسى، وأبي محمد، والقاضي، وجمهور أصحابه، منهم أبو الخطاب في خلافه الصغير، إذ المسح عبادة وجد أحد طرفيها في الحضر، والآخر في السفر، فغلب جانب الحضر كالصلاة، (والثانية) : يتم مسح مسافر. اختارها الخلال وصاحبه، وأبو الخطاب في الانتصار، لظاهر قوله صلى الله عليه وسلم:«يمسح المسافر» وهذا مسافر، وكما لو أحدث وهو مقيم، فلم يمسح حتى سافر، ولقد غالى الخلال حيث جعل المسألة رواية واحدة، فقال: نقل عنه أحد عشر نفسا أنه يتم مسح مسافر، ورجع عن قوله: يتم مسح مقيم.

وظاهر كلام الخرقي والأصحاب أنه لا فرق بين أن يصلي في الحضر أو لا يصلي، وقال أبو بكر: يتوجه أن يقال: إن صلى بطهارة المسح في الحضر غلب جانبه، رواية واحدة. والله أعلم.

ص: 389

قال: وإذا مسح مسافرا أقل من يوم وليلة، ثم أقام، أو قدم، أتم على مسح مقيم وخلع.

ش: لا خلاف في هذا نعلمه، لما تقدم من تغليب جانب الحضر، والله أعلم.

قال: [وإذا مسح مسافر يوما وليلة فصاعدا ثم أقام أو قدم خلع] .

ش: هذا المعروف في المذهب، حتى قال ابن تميم: رواية واحدة. لما تقدم من تغليب جانب الحضر، وقد تنقضي المدة فيلزمه الخلع، وشذ الشيرازي فقال: إذا مسح أكثر من يوم وليلة، ثم أقام أو قدم أتم على مسح مسافر. والله أعلم.

قال: ولا يمسح إلا على خفين، أو ما يقوم مقامهما، من مقطوع، أو ما أشبه مما يجاوز الكعبين.

ش: يمسح على الخفين لورود السنة بذلك كما تقدم، وعلى ما يقوم مقام الخفين مما يستر محل الفرض، ويثبت بنفسه، إذ ما يقوم مقام الشيء يعطى حكمه، وذلك كالخف المقطوع

ص: 390

الساق، وما أشبه المقطوع. كالخف القصير الساق، ولعله يريد الجرموق.

276 -

وقد روى بلال رضي الله عنه «أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتوضأ ويمسح على عمامته وموقيه» ، رواه أحمد، وأبو داود، والموق هو الجرموق، فارسي معرب، قاله الجوهري، وهو خف واسع يلبس فوق الخف في البلاد الباردة، ولا يمسح على ما عدا ذلك، إذ الأصل [الغسل] ، خرج من ذلك ما وردت فيه السنة وما في معناه.

واعلم أنه يشترط لجواز المسح على الخف وما ألحق به - كما اقتضاه كلام الخرقي - من حوائل الرجل شروط (أحدها) : كونه ساترا لمحل الفرض، وإلا فحكم ما ظهر الغسل، وحكم ما استتر المسح، وإذا يغلب الغسل، لأنه الأصل، وسواء كان ظهور محل الفرض لقصر ذلك، أو لسعته، أو خفته، أو صفائه، كالزجاج الرقيق ونحوه،

ص: 391

أو خرق فيه وإن صغر، ومال أبو البركات إلى العفو عن خرق لا يمنع متابعة المشي، نظرا إلى ظاهر خفاف أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم.

277 -

وقال قال عبد الرزاق: سمعت الثوري يقول: يمسح على الخف ما تعلق بالقدم وإن تخرق؛ قال: وكذلك كانت خفاف المهاجرين والأنصار، مخرقة مشققة.

وبالغ أبو العباس فقال في قواعده بالجواز على المخرق، ما لم يظهر منه أكثر القدم، فإن ظهر أكثر القدم فهو عنده كالنعل، أو الزربول الذي لا يستر القدم مما في نزعه مشقة، بأن لا يخلع بمجرد خلع الرجل [بل] إنما يخلع بالرجل الأخرى، أو باليد، والذي يميل إليه في جميع ذلك أنه يغسل ما ظهر من القدم، ويمسح النعل، أو يمسح الجميع، وكلامه في ذلك فيه اضطراب، ثم ظاهر كلامه أن المسح والحال

ص: 392

280 -

«وعن ابن عمر أنه كان إذا توضأ ونعلاه في قدميه مسح ظهور قدميه بيديه، ويقول: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنع هكذا» وغير ذلك من أحاديث وآثار.

وغيره من العلماء أشار إلى ضعف ما ورد من ذلك، إذ أعلاها الحديث المصدر به، وقد سئل عنه البخاري فضعفه، وقال: ما أدري ما هذا. وكذلك البيهقي ضعف جملة من ذلك، ثم الحديث الأول لا حجة فيه، إذ

ص: 394

فيه أنه غسلها في النعل، [والنعل لا يمنع الغسل] ، وعلى ذلك حمل البيهقي ما ورد من ذلك، والطحاوي حملها على أنها كانت تحتها جوربان، أو على أنه في الوقت الذي كان يجوز فيه المسح على القدمين، وأن ذلك كان هو الفرض، والمسح على النعلين فضلا، وادعى الإجماع على عدم جواز [مسح] ما تقدم، وأبو العباس يضعف هذه الأجوبة ويقول: إن هذا رد للآثار بإجماع لا نعلم حقيقته اهـ.

(الثاني) : [من الشروط] ثبوته بنفسه، إذ الرخصة وردت في الخف المعتاد، وهو ثابت بنفسه، وما لا يثبت بنفسه ليس في معناه، فلا يلحق به، وإذا لا يجوز المسح على ما يسقط من الرجل، أو لا يثبت إلا بالشد، وفي معنى ذلك اللفافة على المنصوص، والمجزوم به عند الأصحاب، حتى إن أبا البركات جعل ذلك إجماعا، لعدم ثبوتها بنفسها، وحكى ابن عبدوس رواية بالجواز بشرط قوتها وشدتها، وبعض الأصحاب تخريجا بشرط مشقة النزع، وابن تميم وجها

ص: 395

مطلقا. اهـ.

أما إن ثبت الخف ونحوه بنفسه لكن لولا الشد أو الشرج لبدا بعضه، فوجهان (الجواز) اختيار ابن عبدوس، وأبي البركات، (والمنع) اختيار الآمدي، وفي معنى ذلك الزربول الذي له آذان.

(الشرط الثالث) : إمكان المشي فيه، فلو تعذر لضيقه، أو ثقل حديده، أو تكسيره كرقيق الزجاج ونحو ذلك، لم يجز المسح، إذ ليس بمنصوص عليه، ولا في معنى المنصوص.

(الشرط الرابع) : كونه مباحا، فلا يصح على حرير، ومغصوب، وخرج القاضي، وابن عبدوس، والشيرازي، والسامري الصحة على الصلاة في ذلك، وأبى ذلك الشيخان، وصاحب التلخيص، وقال: إنه وهم، إذ الرخص لا تستباح بمحرم، نعم من اضطر إلى ذلك، كمن كان في بلد ثلج، وخاف سقوط أصابعه، أجزأه المسح عليها، قاله السامري واختلف في شرطين آخرين (أحدهما) : هل من شرطه كونه معتادا فلا يجوز على الخشب، والزجاج، والنحاس؟ وهو اختيار الشيرازي، أو لا يشترط، وهو اختيار القاضي، وأبي الخطاب، وأبي البركات؟ على قولين، (الثاني) : هل يشترط طهارة عينه؟ فيه وجهان،

ص: 396

يظهر أثرهما فيمن لبس جلد كلب أو ميتة في بلد ثلج، وخشي سقوط أصابعه، (أحدهما) - وهو ظاهر كلام أبي محمد - لا يشترط، للإذن فيه إذا، ونجاسة الماء حال المسح لا تضر، كالجنب إذا اغتسل وعليه نجاسة لا تمنع وصول الماء، على أحد القولين، (والثاني) - وهو اختيار ابن عقيل، وابن عبدوس، وأبي البركات - يشترط، لأنه منهي عنه في الأصل، وهذه ضرورة نادرة، وإذا يتيمم للرجلين، فإن كان طاهر العين، لكن بباطنه أو بقدمه نجاسة لا تزال إلا بنزعه، فقال كثيرون: يخرج على روايتي الوضوء قبل الاستنجاء، وفرق أبو البركات بأن نجاسة المحل ثم لما أوجبت الطهارتين جعلت إحداهما تابعة للأخرى، وهذا معدوم هنا، وهذه الشروط قد تؤخذ من كلام الخرقي، لخروج كلامه على خف معتاد، ماعدا شرطي الحل، وطهارة العين، والله أعلم.

قال: وهما العظمان الناتئان

ش: قد تقدم أن الكعبين هما العظمان النائتان] ، في «باب فرض الطهارة» وتقدم الدليل عليه، فلا حاجة إلى إعادته، والله أعلم.

قال: وكذلك الجورب الصفيق، الذي لا يسقط إذا مشى فيه

ص: 397

ش: لما كان الخف المعتاد من شأنه أن يكون صفيقا، لا يسقط إذا مشى فيه، لم يصرح بذكر هذين الشرطين فيه، ولما كان الجورب - وهو غشاء من صوف، يتخذ للدفء - يستعمل تارة وتارة كذا، صرح باشتراط ذلك فيه، وقد تقدم بيان هذين الشرطين عن قرب، والكلام الآن في جواز المسح على الجورب في الجملة.

281 -

والأصل فيه ما روى المغيرة بن شعبة «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ ومسح على الجوربين والنعلين» . رواه أحمد، وأبو داود، والترمذي وصححه، لكن الأكابر قد أشاروا إلى شذوذه ورده، فقال ابن المديني: رواه هزيل، وخالف الناس وقال ابن معين: الناس كلهم يروونه على الخفين غير أبي قيس ونحوه قال إمامنا رحمه الله في رواية ابنه عبد الله،

ص: 398

وقال مسلم: أبوقيس، وهزيل - يعني راويا الحديث - لا يحتملان هذا مع مخالفتهما للأجلة الذين رووا عن المغيرة، فقالوا: مسح على الخفين. وقال أبو داود: وكان ابن مهدي لا يحدث به، لأن المعروف عن المغيرة الخفين.

(قلت) : وهذا كله لا ينبغي أن يرد به الحديث، إذ لا مانع من رواية المغيرة اللفظين معا، ولهذا قال به أحمد، وبنى عليه مذهبه، ثم قد عضده فعل الصحابة، فقال أحمد [في رواية

ص: 399

الميموني] : قد فعله سبعة أو ثمانية من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم.

282 -

وقال ابن المنذر: يروى عن تسعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم علي، وعمار، وابن مسعود، وأنس، وابن عمر، والبراء، وبلال، وابن أبي أوفى، وسهل بن سعد، وقال أبو داود: روى عن [عمر و] ابن عباس. وقال البيهقي: روي عن أبي أمامة، وعمرو بن حريث، فهؤلاء ثلاثة عشر صحابيا، غالبهم من أكابر فقهاء الصحابة المعتبرين. اهـ.

ص: 400

وقد شمل كلام الخرقي المجلد والمنعل [وغيرهما] ، وصرح به غيره، وشمل -أيضا - جورب الخرق، وهو المشهور من الروايتين، واختيار الشيخين، (والثانية) : - وجزم بها في التلخيص - ليس له ذلك في جورب الخرق، والله أعلم.

قال: فإن كان يثبت بالنعل مسح عليه، فإذا خلع النعل انتقضت الطهارة

ش: إذا كان الجورب لا يثبت إلا بالنعل جاز له المسح، لأن الشرط الثبوت وقد وجد، مع أن ذلك قد روى عن بعض الصحابة، وقد يتخرج المنع من قول الآمدي في الخف المشرج، وقد تقدم، ومتى خلع [النعل] انتقضت الطهارة، لزوال الشرط، والأولى أن يمسح على الجورب والنعل، كما هو ظاهر الحديث، ويمسح من النعل سيوره التي

ص: 401