الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أولاً: الزيادة
بابُ الزيادةِ في الروايةِ نالَ نصيبَه مِن الذكرِ في كلامِ الهيثميِّ والبُوصيري رحمهما اللهُ، فقد تكررَ قولُ الهيثميِّ في مقدماتِه لكتبِه في الزوائدِ:«فجمعتُ ما انفردَ به عن أهلِ الكتبِ الستةِ مِن حديثٍ بتمامِه، وحديثٍ شاركَهم فيه بزيادةٍ عندَه» .
وأمَّا البُوصيري في مصباح الزجاجة وإتحاف الخيرة فزادَ قيداً هاماً، فقيَّدَ هذه الزيادةَ بأَن «تدلَّ على حكمٍ» .
وهذا القيدُ لا بدَّ مِنه، فإنَّ بابَ الزياداتِ في الرواياتِ بابٌ واسعٌ، وليسَ مِن المقبولِ أَن يُعدَّ الحديثُ زائداً بسببِ أي زيادةٍ في متنِ الحديثِ.
وهذا القيدُ الذي ذكرَه البُوصيري يُضيقُ دائرةَ الزوائدِ باعتبارِ الألفاظِ الزائدةِ، لكنَّه بالنظرِ لكثرةِ تشعبِ الرواياتِ والألفاظِ لا يَكفي لوحدِه، بل لا بدَّ مِن ضوابطَ أُخرى، فقد لا تدلُّ الزيادةُ على حكمٍ جديدٍ، لكنَّها قد تحملُ مَعنى جديداً أو تفسيراً وبياناً أو تقييداً أو تخصيصاً، أوغيرَ ذلكَ مِن مدلولاتِ الألفاظِ.
ووضعُ ضوابطَ دقيقةٍ للزيادةِ التي تَكفي لأَن يُذكرَ الحديثُ في الزوائدِ أمرٌ ليسَ بالهينِ، بل إنَّ تَجربتي المتواضعةَ في هذا العملِ تَجعلني أقولُ أنَّه ليسَ بالإمكانِ، لكثرةِ تشعبِ الرواياتِ وألفاظِها، ولأنَّ الأمرَ فيه يرجعُ للاجتهادِ، ومثلُ هذا يصعبُ ضبطُه بدقةٍ ولا مناصَ مِن الاختلافِ فيه.
ولكنَّني اجتهدتُ أَن أضعَ لنَفسي ضابطاً للزيادةِ التي تنقلُ الحديثَ مِن بابِ اختلافِ الرواياتِ والألفاظِ إلى الزوائدِ. أختَصره بقَولي:
لا أذكرُ الحديثَ في الزوائدِ لزيادةٍ وردتْ في متنِه إلا إذا كانت الزيادةُ في متنِه
مستقلةً عمَّا قبلَها وما بعدَها، بحيثُ يمكنُ أَن تَردَ أو تُذكرَ لوحدِها مستقلةً عن بقيةِ الحديثِ. أو كانت تُؤدي معنىً مستقلاً وإنْ كانتْ ألفاظُه لا تنفكُّ عن السياقِ.
* ومِن أمثلةِ الزيادةِ المستقلةِ لفظاً ومَعنى:
* عن أبي هريرةَ قالَ: قالَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «تَنزَّهوا مِن البول، فإنَّ عامةَ عذابِ القبرِ مِن البولِ» .
* عن أنسٍ مرفوعاً: «أكثِروا الصلاةَ عليَّ، فإنَّه مَن صلَّى عليَّ صلاةً صلَّى اللهُ عليه عشراً» .
ومِن هذه الزياداتِ ما جاءَ فعلاً مستقلاً في حديثٍ لوحدِها، انظر حديثَ عليٍّ الآتي (4321) أنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم مسحَ رأسَه ثلاثَ مراتٍ، جاء مفرداً، وجاء طرفاً مِن حديثِ وضوءِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم.
وحديث عائشةَ (6523) أنَّها قالتْ: كانَت امرأةُ أبي أيوبَ قالتْ لأبي أيوبَ: أمَا سمعتَ ما يحدِّثُ الناسُ؟ فحدَّثَته بقولِ أهلِ الإفكِ، فقالَ:{مَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهَذَا سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ} جاء مفرداً، وجاء طرفاً مِن حديثِ الإفكِ الطويلِ.
وحديثِ أبي هريرةَ (5917) قالَ: لقد رأيتُنا يَكثرُ لَغطُنا ومراؤُنا عندَ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم. جاء مفرداً، وجاءَ مطولاً بذكرِ قصةِ الرجلِ مِن بَني إسرائيلَ الذي كانَ يُسلفُ الناسَ.
* ومِن أمثلةِ الزيادةِ المستقلةِ معنى:
* ما يأتي (5722) عن أبي هريرةَ قالَ: قالَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «إذا استهلَّ المولودُ ورثَ وصُلي عَليه» .
وخرج بقولي: معنىً مستقلاً، ما إذا كانَ المعنى الزائدُ مرتبطاً بما قبلَه فلا يكونُ
الحديثُ زائداً عِندي.
* مِن ذلكَ حديثُ أبي هريرةَ رفعَه قالَ: «ما مِن أيامٍ أحبُّ إلى اللهِ عز وجل العملُ فيهِن مِن عشرِ ذي الحجةِ، فعليكُم بالتسبيح والتهليل والتكبير» .
ومثلُه حديثُ ابنِ عباسٍ قالَ: قالَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «ما مِن أيامٍ أعظمُ عندَ اللهِ ولا أحبُّ إليه العملُ فيهنَّ مِن هذه الأيامِ أيامِ العشرِ، فأكثِروا فيهنَّ مِن التهليل والتحميدِ والتسبيح والتكبير» . أخرجهما الشجري (2/ 61، 62) وغيره.
وحديثُ ابنِ عباسٍ هذا ذكرَه الهيثمي في المجمع (4/ 20) وقالَ: هو في الصحيحِ باختصارِ التسبيحِ وغيرِه.
وهذ أحدُ الأمثلةِ التي يظهرُ فيها أنَّ شَرطي في الزوائدِ أشدُّ مِن شرطِ الهيثمي، وذلكَ لأنَّ مثلَ هذه الزياداتِ موضعُها عِندي الذيلُ على المسندِ الجامعِ.
* وما في جزء لوين (17)، وفوائد تمام (1088) عن ابنِ عمرَ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قالَ:«بدأَ الإسلامُ غريباً وسيعودُ غريباً كما بدأَ، فطُوبى للغرباءِ» .
وهذا أيضاً ذكرَه الهيثمي في المجمع (7/ 278) وقالَ: هو في الصحيحِ غير قوله: «فطُوبى للغرباءِ» .
* وما في أخبار وحكايات عن أبي بكر الربعي (79) عن بريدةَ مرفوعاً: « .. ونهيتُكم عن زيارةِ القبورِ فزُوروها، واتَّقوا ما يُسخطُ اللهَ» . انظر المسند الجامع (1846).
* وما في الطيوريات (1297) عن عائشةَ، أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم صلَّى في ثوبٍ قد خالفَ بينَ طرفيهِ. انظر المسند الجامع (16187).
* وما في فوائد أبي أحمد الحاكم (1) عن أبي سعيدٍ الخدري - قالَ يعني شعبة: وقال لي هشامٌ وكانَ أحفظَ عن قتادةَ وأكثرَ مجالسةً له مِني: هو عن رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم -
قالَ: «مَن لبسَ الحريرَ في الدُّنيا لم يلْبسْهُ في الآخرةِ، وإنْ دخلَ الجنةَ لبسَهُ أهلُ الجنةِ ولم يلبسْهُ هو» . انظر المسند الجامع (4475).
* وما في الجعديات (2132) عن أبي سعيدٍ قالَ: قالَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «يقومُ آخر الزمانِ على تَظاهرِ الفتنِ وانقطاعٍ مِن الزمانِ أميرٌ أو إمامٌ يكونُ عطاؤُه الناسَ أَنْ يأتيَهُ الرجلُ فيَحثي له في حجرِهِ، يَهمُّه مَن يقبلُ مِنه صدقةَ ذلكَ المال بينَه وبينَ أهلِهِ مما يُصيبُ الناس مِن الفرج» . انظر المسند الجامع (4727).
* وما في جزء ابن فيل (92) عن أبي سعيدٍ الخدريِّ قالَ: قالَ سولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «كيفَ أَنعمُ وصاحبُ الصُّورِ قد التقمَ الصُّورَ، وحَنى الجبهةَ واستمعَ بالأُذنينِ حتى يُؤمَرَ فينفخَ» ، فقُولوا: حسبُنا اللهُ ونِعمَ الوكيلُ، قالَ: قالَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «فلو أنَّ أُمتي اجتمَعوا على أَن يُقلِّوهُ ما أقَلُّوهُ» . انظر المسند الجامع (4737).
* وما في مسند الشاميين (2075) عن أبي هريرةَ، أنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قالَ:«إنَّ أهلَ الجنةِ يَدخلونَ الجنةَ على قِوامِ آدمَ سِتونَ ذراعاً، وعلى ذلكَ قُطعتْ سُرَرُهم» . انظر المسند الجامع (15323).
* وما في جزء علي بن محمد الحميري (26) عن أمِّ سلمةَ قالتْ: سمعتُ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يقولُ: «مَن سبَّ عليّاً فقدْ سبَّني، ومَن سبَّني سبَّهُ اللهُ» . انظر المسند الجامع (17646).
* وما في المحامليات (348) عن نافعٍ، أنَّ عبدَاللهِ بنَ عمرَ تزوجَ ابنةَ خالِه عثمانَ بنِ مظعونَ، قالَ: فذهبتْ أمُّها إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم فقالتْ: إنَّ ابنَتي تكرهُ ذلكَ، فأمَرَه النبيُّ صلى الله عليه وسلم أَن يُفارقَها، ففارقَها، وقالَ:«لا تَنكح اليَتامى حتى تَستأمِروهنَّ، فإنْ سَكتْنَ فهو إذنُهنَّ» ، فتزوَّجَها بعدَ عبدِاللهِ المغيرةُ بنُ شعبةَ. انظر المسند الجامع (7681).
* وما في معجم ابن الأعرابي (442)(772)، وفوائد تمام (886) عن أبي