الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وسبق (1) أيضًا أنها قسمان.
* وقول الرسول صلى الله عليه وسلم: "أفضل الإيمان أن تعلم": يدل على أن الإيمان يتفاضل؛ لأنك إذا علمت أن الله معك حيثما كنت؛ خفت منه عز وجل وعظَّمته.
لو كنت في حجرة مظلمة ليس فيها أحد؛ فاعلم أن الله معك، لا في الحجرة؛ لكنه سبحانه وتعالى معك؛ لإحاطته بك علمًا وقدرة وسلطانًا وغير ذلك من معاني ربوبيته.
*
الحديث الثالث عشر: في إثبات كون الله قبل وجه المصلي:
وهو قوله صلى الله عليه وسلم: "إذا قامَ أحَدُكُمْ إلى الصَّلاة؛ فَلا يَبْصُقَنَّ قِبَلَ وَجْهِهِ، وَلا عَنْ يَمينِه؛ فإنَّ اللهَ قِبَلَ وَجْهِهِ، ولكِنْ عَنْ يَسارِهِ، أو تَحْتَ قَدَمِهِ". متفق عليه (2).
الشرح:
* "قبل وجهه"؛ يعني: أمامه.
قال الله تعالى: {وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ} [البقرة: 115].
* "يمينه": ورد فيه حديث: "فإن عن يمينه ملكًا (3) "، ولأن
(1)(1/ 386 - 388).
(2)
البخاري (405)، ومسلم (547)؛ عن ابن عمر رضي الله عنهما.
(3)
البخاري (416) عن أبي هريرة رضي الله عنه.
اليمين أفضل من الشمال، فيكون اليسار أولى بالبصاق ونحوه، ولهذا قال:"ولكن عن يساره أو تحت قدمه".
فإن كان في المسجد؛ قال العلماء: فإنه يجعل البصاق في خرقة أو منديل أو ثوبه، ويحك بعضه ببعض، حتى تزول صورة البصاق، وإذا كان الإنسان في المسجد عند الجدار، والجدار قصير عن يساره، فإنه يمكن أن يبصق عن يساره إذا لم يؤذ أحدًا من المارة.
* يستفاد من هذا الحديث: أن الله تبارك وتعالى أمام وجه المصلي، ولكن يجب أن نعلم أن الذي قال: إنه أمام وجه المصلي، هو الذي قال: إنه في السماء، ولا تناقض في كلامه هذا وهذا؛ إذ يمكن الجمع من ثلاثة أوجه:
الوجه الأول: أن الشرع جمع بينهما، ولا يجمع بين متناقضين.
الوجه الثاني: أنه يمكن أن يكون الشيء عاليًا، وهو قِبَل وجهك؛ فها هو الرجل يستقبل الشمس أول النهار، فتكون أمامه، وهي في السماء، ويستقبلها في آخر النهار، تكون أمامه، وهي في السماء، فإذا كان هذا ممكنًا في المخلوق، ففي الخالق من باب أولى بلا شك.
الوجه الثالث: هب أن هذا ممتنع في المخلوق؛ فإنه لا يمتنع في الخالق، لأن الله تعالى ليس كمثله شيء في جميع صفاته.