المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ الحديث الرابع: في إثبات العجب وصفات أخرى - شرح العقيدة الواسطية - العثيمين - جـ ٢

[ابن عثيمين]

فهرس الكتاب

- ‌فصل في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌السُّنَّةُ تُفَسِّرُ القُرْآنَ وَتُبيِّنُهُ

- ‌فصل في أحاديث الصفات

- ‌ الحديث الأول في إثبات نزول الله إلى السماء الدنيا:

- ‌ الحديث الثاني في إثبات الفرح

- ‌ هل يشترط لصحة التوبة أن يتوب من جميع الذُّنوب

- ‌ الحديث الثالث في إثبات الضحك

- ‌ الحديث الرابع: في إثبات العجب وصفات أخرى

- ‌ الحديث الخامس: في إثبات الرجل أو القدم:

- ‌الفائدة المسلكية من هذا الحديث:

- ‌ الحديث السادس: في إثبات الكلام والصوت:

- ‌ الحديث السابع في إثبات الكلام أيضًا:

- ‌ الحديث الثامن: في إثبات العلو لله وصفات أخرى:

- ‌ الحديث التاسع: في إثبات العلو أيضًا:

- ‌ الحديث العاشر: في إثبات العلو أيضًا:

- ‌ الفائدة المسلكية من هذا الحديث:

- ‌ الحديث الحادي عشر: في إثبات العلو أيضًا:

- ‌ الحديث الثاني عشر: في إثبات المعية:

- ‌ الحديث الثالث عشر: في إثبات كون الله قبل وجه المصلي:

- ‌ الحديث الرابع عشر: في إثبات العلو وصفات أخرى:

- ‌ الحديث الخامس عشر: في إثبات قرب الله تعالى:

- ‌ الحديث السادس عشر: إثبات رؤية المؤمنين لربهم:

- ‌فصل مكانة أهل السنة والجماعة بين فرق الأمة وأتصافهم بالوسطية

- ‌ الأصل الأول: باب الأسماء والصفات:

- ‌ الأصل الثاني: أفعال الله:

- ‌ الأصل الثالث: الوعيد:

- ‌ الأصل الرابع: أسماء الإيمان والدين:

- ‌فصل في المعية وبيان الجمع بينها وبيان علو الله واستوائه على عرشه

- ‌فصل في قرب الله تعالى وإجابته وأن ذلك لا ينافي علوه وفوقيته

- ‌فصل في الإيمان بأن القرآن كلام الله حقيقة

- ‌فصل في الإيمان برؤية المؤمنين ربهم يوم القيامة ومواضع الرؤية

- ‌فصل في الإيمان باليوم الآخر

- ‌خامسًا: الصغار والمجانين

- ‌ تنبيه:

- ‌ الإجماع

- ‌فصل في القيامة الكبرى

- ‌ الناس يأخذون كتبهم على ثلاثة أوجه:

- ‌الكلام على الحوض من عدة وجوه:

- ‌ الأمر التاسع مما يكون يوم القيامة: الصراط:

- ‌ الأمر العاشر مما يكون يوم القيامة: دخول الجنة:

- ‌ تتمة:أبواب الجنة

- ‌ الأمر الحادي عشر مما يكون يوم القيامة: الشفاعة:

- ‌فصل في الإيمان بالقدر

- ‌فصل في درجات الإيمان بالقدر

- ‌ما مِن مَخْلوقٍ في الأرضِ وَلا في السَّماءِ إلَّا اللهُ خالِقُهُ

- ‌لا يرضى لعباده الكفر

- ‌العِبادُ فاعِلونَ حَقيقَةً، وَاللهُ خالِقُ أفْعالِهِم

- ‌لِلعِبادِ قدرَةٌ عَلى أعمالِهِم، وَلَهُم إرادَةٌ، وَاللهُ خالِقُهم وَخالِقُ قدرَتِهم وَإرادَتِهِم

- ‌فصل في الإيمان

- ‌ الإيمانَ يَزيدُ بِالطَّاعَةِ وَيَنْقُصُ بِالمَعْصِيَةِ

- ‌أسباب زيادة الإيمان

- ‌ أسباب نقص الإيمان

- ‌فصل في موقف أهل السنة والجماعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌سلامة قلوبهم وألسنتهم لأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌ خير هذه الأمة بعد نبيها: أبو بكر، ثم عمر

- ‌من أصول أهل السنة والجماعة أنهم يحبون آل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌فصل في كرامات الأولياء

- ‌الآيات التي كانت للأنبياء السابقين كان من جنسها للنبي صلى الله عليه وسلم أو لأمته

- ‌ الكرامات لها أربع دلالات:

- ‌فصل في طريقة أهل السنة العملية

- ‌ آثار الرسول صلى الله عليه وسلم تنقسم إلى ثلاثة أقسام أو أكثر:

- ‌اتباع سبيل السابقين الأولين

- ‌ هل الإجماع موجود أو غير موجود

- ‌فصل في منهج أهل السنة والجماعة في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وغيرها من الخصال

- ‌ إقامة الحج، والجهاد، والجمع، والأعياد؛ مع الأمراء، أبرارًا كانوا أو فجارًا

- ‌النصح للأمة

- ‌المؤمن للمؤمن كالبنيان

- ‌الصبر عند البلاء

- ‌الشكر عند الرخاء

- ‌الرضى بمر القضاء

- ‌ المصابون لهم تجاه المصائب أربعة مقامات:

- ‌القضاء يطلق على معنيين:

- ‌ أهل السنة والجماعة هم الطائفة المنصورة

- ‌الخاتمة

الفصل: ‌ الحديث الرابع: في إثبات العجب وصفات أخرى

الاسم لا في الحقيقة.

* والفائدة المسلكية من هذا الحديث: هو أننا إذا علمنا أن الله عز وجل يضحك؛ فإننا نرجو منه كل خير.

ولهذا قال رجل للنبي صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله! أوَيضحك ربنا؟ قال: "نعم". قال: لن نعدم من رب يضحك خيرًا (1).

إذا علمنا ذلك؛ انفتح لنا الأمل في كل خير؛ لأن هناك فرقًا بين إنسان عبوس لا يكاد يُرى ضاحكًا، وبين إنسان يضحك.

وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم دائم البِشر كثير التبسُّم عليه الصلاة والسلام.

* * *

•‌

‌ الحديث الرابع: في إثبات العجب وصفات أخرى

.

وهو قوله: "عَجِبَ رَبُّنا مِنْ قُنوطِ عِبادِه وقُرب غِيَرِهِ؛ يَنْظُرُ إِلَيْكُمْ أَزِلينَ قَنِطينَ، فَيَظَلُّ يَضْحَكُ؛ يَعْلَمُ أنَّ فرَجَكُمْ قَرِيبٌ". حديث حسن (2).

(1) لما رواه وكيع بن عدس عن عمه أبي رزين قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ضحك ربنا من قنوط عباده وقرب غيره، قال: قلت يا رسول الله! أويضحك الرب عز وجل قال: نعم، قال: لن نعدم من رب يضحك خيرًا"، رواه أحمد (4/ 11، 12)، وابن ماجه (181)، والبيهقي في "الأسماء والصفات"(987)، والآجري في "الشريعة"(279)، وابن أبي عاصم في "السنة"(1/ 244)، والحديث حسنه الألباني في "السلسلة الصحيحة"(2810) مخطوط، كما نقله عنه الأخ علي الحلبي في تحقيقه لـ "العقيدة الواسطية"(ص 41)، وانظر ما بعده.

(2)

من حديث أبي رزين عند ابن كثير في تفسيره، لقوله تعالى: {أم حسبتم أن تدخلوا =

ص: 26

* العجب: هو استغراب الشيء، ويكون ذلك لسببين:

السبب الأول: خَفاء الأسباب على هذا المستغرب للشيء المتعجَّب منه؛ بحيث يأتيه بغتة بدون توقع، وهذا مستحيل على الله تعالى؛ لأن الله بكل شيء عليم، لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء.

والثاني: أن يكون السبب فيه خروج هذا الشيء عن نظائره وعمّا ينبغي أن يكون عليه، بدون قصور من المتعجب؛ بحيث يعمل عملًا مستغربًا لا ينبغي أن يقع من مثله.

وهذا ثابت لله تعالى؛ لأنه ليس عن نقص من المتعجِّب، ولكنه عجب بالنظر إلى حال المتعجَّب منه.

* قوله: "عَجِبَ ربُّنا من قنوط عباده": القنوط: أشد اليأس. يعجب الرب عز وجل من دخول اليأس الشديد على قلوب العباد.

"وقُربِ غِيَرِه": الواو بمعنى (مع)، يعني: مع قرب غيره.

و (الغير): اسم جمع غِيَرَة، كطِيَر: اسم جمع طِيَرَة، وهي اسم بمعنى التغيير، وعلى هذا؛ فيكون المعنى: وقرب تغييره.

فيعجب الرب عز وجل، كيف نقنط وهو سبحانه وتعالى

= الجنة

} [البقرة: 214]، ولفظه: "عجب ربك

" الحديث. وبدل "غيره" "غيثه".

ص: 27

قريب التغيير، يغير الحال إلى حال أخرى بكلمة واحدة، وهي: كُنْ. فيكون.

* وقوله: "ينظر إليكم أَزِلين"؛ أي: ينظر الله إلينا بعينه.

* "أزِلين قَنِطين": الأزِل: الواقع في الشدة. و"قنطينَ": جمع قانط، والقانط: اليائس من الفرج وزوال الشدة.

فذكر النبي صلى الله عليه وسلم حال الإنسان وحال قلبه، حاله أنه واقع في شدة، وقلبه قانط يائس مستبعد للفَرَجِ.

* "فيظل يضحك": يظل يضحك من هذه الحال العجيبة الغريبة؛ كيف تقنط من رحمة أرحم الراحمين الذي يقول للشيء: كنْ. فيكون؟

* "يعلم أن فرجكم قريب"، أي: زوال شدتكم قريب.

* في هذا الحديث عدة صفات:

-أولًا: العجب، لقوله:"عجب ربنا من قنوط عباده".

وقد دلَّ على هذه الصفة القرآن الكريم، قال الله تعالى:{بَلْ عَجِبْتَ وَيَسْخَرُونَ} [الصافات: 12]؛ على قراءة ضم التاء.

- وفيه أيضًا بيان قدرة الله عز وجل، لقوله:"وقرب غِيَره"، وأنه عز وجل تام القدرة، إذا أراد؛ غيَّر الحال من حال إلى ضدها في وقت قريب.

- وفيه أيضًا إثبات النظر، لقوله:"ينظر إليكم".

ص: 28

- وفيه إثبات الضحك، لقوله:"فيظل يضحك".

- وكذلك العلم، "يعلم أن فرجكم قريب".

- والرحمة؛ لأن الفرج من الله دليل على رحمة الله بعباده.

وكل هذه الصفات التي دلَّ عليها الحديث يجب علينا أن نثبتها لله عز وجل حقًّا على حقيقتها، ولا نتأول فيها.

* والفائدة المسلكية في هذا: أن الإنسان إذا علم ذلك من الله سبحانه وتعالى، حذر من هذا الأمر، وهو القنوط من رحمة الله، ولهذا، كان القنوط من رحمة الله من الكبائر:

قال الله تعالى: {قَالَ وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إلا الضَّالُّونَ} [الحجر: 56].

وقال تعالى: {وَلَا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إلا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ} [يوسف: 87].

فالقنوط من رحمة الله، واستبعاد الرحمة: من كبائر الذنوب، والواجب على الإنسان أن يحسن الظن بربه؛ إن دعاه؛ أحسن الظن به بأنه سيجيبه، وإن تعبَّد له بمقتضى شرعه؛ فليحسن الظن بأن الله سوف يقبل منه، وإن وقعت به شدة؛ فليحسن الظن بأن الله سوف يزيلها، لقول النبي صلى الله عليه وسلم:"واعلم أن النصر مع الصبر، وأن الفرج مع الكرب، وأن مع العسر يسرًا"(1).

(1) قطعة من الحديث الذي رواه الإمام أحمد (1/ 307)، والترمذي (2518)، وقال حديث حسن صحيح، وأبو يعلى (2556) عن ابن عباس. قال الحافظ ابن رجب =

ص: 29