الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
* قوله: "ويقرون بما تواتر به النقل عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه وغيره؛ من أن
خير هذه الأمة بعد نبيها: أبو بكر، ثم عمر
".
* التواتر: خبر يفيد العلم اليقيني، وهو الذي نقله طائفة لا يمكن تواطؤهم على الكذب.
* ففي "صحيح البُخاريّ"(1) وغيره عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما؛ قال: كُنَّا نخير بين النَّاس في زمن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم؛ فنخير أبا بكر، ثم عمر بن الخطاب، ثم عثمان بن عفَّان.
* وفي "صحيح البُخاريّ"(2) أيضًا أن محمد بن الحنفية قال: قلت لأبي: أي النَّاس خير بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: أبو بكر. قلت: ثم من؟ قال: ثم عمر. وخشيت أن يقول: عثمان؛ قلت: ثم أنت؟ قال: ما أنا إلَّا رجل من المسلمين.
فإذا كان علي رضي الله عنه يقول وهو في زمن خلافته: إن خير هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر ثم عمر؛ فقد اندحضت حجة الرافضة الذين فضلوه عليهما.
* قوله: "وغيره"؛ يعني: غير علي من الصّحابة والتابعين.
* وهذا متَّفقٌ عليه بين الأئمة.
- قال الإمام مالك: ما رأيت أحدًا يشك في تقديمهما.
(1) رواه البُخاريّ (3655).
(2)
رواه البُخاريّ (3671).
- وقال الشَّافعي: لم يختلف الصحابة والتابعون في تقديم أبي بكر وعمر.
ومن خرج عن هذا الإجماع؛ فقد اتبع غير سبيل المؤمنين.
* قوله: "ويثلثون بعثمان، ويربعون بعلي؛ رضي الله عنهم؛ كما دلت عليه الآثار".
* "يثلِّثون"؛ يعني: أهل السنة؛ أي: يجعلون عثمان هو الثالث.
* "ويربِّعون بعلي"؛ أي: يجعلون عليًّا هو الرابع.
* وعلى هذا؛ فأفضل هذه الأمة هؤلاء الأربعة: أبو بكر، ثم عمر، وهذا بالإجماع، ثم عثمان، ثم علي.
* * *
* ثم استدل المؤلف لهذا التَّرتيب بدليلين:
الأول: قوله: "كما دلت عليه الآثار": وقد سبق ذكر شيء منها.
والثاني: قوله: "وكما أجمع الصّحابة على تقديم عثمان في البيعة":
فصار في تقديم عثمان على علي رضي الله عنهما آثار نقلية، وفيه أيضًا دليل عقلي، وهو إجماع الصّحابة على تقديم عثمان في البيعة؛ فإن إجماعهم على ذلك يستلزم أن عثمان أفضل من علي،
وهو كذلك؛ لأنَّ حكمة الله عز وجل تأبى أن يولِّي على خير القرون رجلًا وفيه من هو أفضل منه؛ كما جاء في الأثر: "كما تكونون يولَّى عليكم"، فخير القرون لا يولِّي الله عليهم إلَّا من هو خيرهم.
* * *
* قوله: "مع أن بعض أهل السنة كانوا قد اختلفوا في عثمان وعلي رضي الله عنهما بعد اتفاقهما على تقديم أبي بكر وعمر، أيهما أفضل؟ فقدم قوم عثمان، وسكتوا، أو ربعوا بعلي":
فيقولون: أبو بكر، ثم عمر، ثم عثمان، ويسكتون، أو يقولون: ثم علي.
* قال المؤلف: "وقدم قوم عليًّا"، فقالوا: أبو بكر، ثم عمر، ثم علي، ثم عثمان. وهذا رأي من آراء أهل السنة.
* قال المؤلف: "وقوم توقفوا"، فقالوا: أبو بكر، ثم عمر.
وتوقفوا أيهما أفضل: عثمان أو علي؟ وهذا غير الرأي الأول.
* فالآراء أربعة:
- الرأي المشهور: أبو بكر، ثم عمر، ثم عثمان، ثم علي.
- الرأي الثَّاني: أبو بكر، ثم عمر، ثم عثمان، ثم السكوت.
- الرأي الثالث: أبو بكر، ثم عمر، ثم علي، ثم عثمان.
- الرأي الرابع: أبو بكر، ثم عمر، ثم نتوقف أيهما أفضل: عثمان أو علي؛ فهم يقولون: لا نقول: عثمان أفضل، ولا علي أفضل، لكن لا نرى أحدًا يتقدم على عثمان وعلي في الفضيلة بعد أبي بكر وعمر.
* قال المؤلف: "لكن استقر أمر أهل السنة على تقديم عثمان ثم علي":
هذا الذي استقر عليه أمر أهل السنة؛ فقالوا: أفضل هذه الأمة بعد نبيها: أبو بكر، ثم عمر، ثم عثمان، ثم علي؛ على ترتيبهم في الخلافة. وهو الصواب؛ كما سبق دليله.
* * *
* قوله: "وإن كانت هذه المسألة -مسألة عثمان وعلي- ليست من الأصول التي يُضَلَّل المخالف فيها عند جمهور أهل السنة".
* يعني: المفاضلة بين عثمان وعلي رضي الله عنهما ليست من أصول أهل السنة التي يضلل فيها المخالف؛ فمن قال: إن عليًّا أفضل من عثمان؛ فلا نقول: إنه ضال، بل نقول: هذا رأي من آراء أهل السنة، ولا نقول فيه شيئًا.
* قوله: "لكن التي يُضَلَّل فيها مسألة الخلافة": فيجب أن نقول: الخليفة بعد نبينا في أمته أبو بكر، ثم عمر، ثم عثمان، ثم علي. ومن قال: إن الخلافة لعلي دون هؤلاء الثلاثة؛ فهو ضال،
ومن قال: إنَّها لعلي بعد أبي بكر وعمر، فهو ضال؛ لأنَّه مخالف لإجماع الصّحابة رضي الله عنهم.
* ولهذا قال المؤلف: "وذلك أنهم يؤمنون أن الخليفة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم: أبو بكر، ثم عمر، ثم عثمان، ثم علي".
وهذا ما أجمع عليه أهل السنة في مسألة الخلافة.
* قوله: "ومن طعن في خلافة أحد من هؤلاء، فهو أضل من حمار أهله".
* الذي يطعن في خلافة أحد من هؤلاء، ويقول: إنه لا يستحق الخلافة! أو: إنه أحق ممن سبقه! فهو أضل من حمار أهله.
وعبر المؤلف بهذا التعبير؛ لأنَّه تعبير الإمام أحمد رحمه الله، ولا شك أنَّه أضل من حمار أهله، وإنَّما ذكر الحمار؛ لأنَّه أبلد الحيوانات على الإطلاق؛ فهو أقل الحيوانات فهمًا؛ فالطعن في خلافة أحد من هؤلاء أو في ترتيبه طعنٌ في الصّحابة جميعًا.
* فيجب علينا أن نعتقد بأن الخليفة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أبو بكر، ثم عمر، ثم عثمان، ثم علي، وأنهم في أحقية الخلافة على هذا التَّرتيب، حتَّى لا نقول: إن هناك ظلمًا في الخلافة؛ كما ادعته الرافضة حين زعموا أن أبا بكر وعمر وعثمان والصحابة كلهم ظلمة؛ لأنهم ظلموا علي بن أبي طالب؛ حيث اغتصبوا الخلافة منه.