الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل في الإيمان برؤية المؤمنين ربهم يوم القيامة ومواضع الرؤية
* قول المؤلف: "فَصْلٌ: وَقَدْ دَخَلَ أيْضًا فيما ذَكرْناهُ مِنَ الإيمان بِهِ وَبِكُتُبِهِ وَبِمَلائكَتِهِ وَبِرُسُلِهِ: الإيمانُ بِأنَّ المُؤمِنِين يَرَوْنَهُ يَوْمَ القِيامَةِ".
الشرح:
* قوله: "الإيمان بأن المؤمنين يرونه يوم القيامة":
- وجه كون الإيمان بأن المؤمنين يرونه يوم القيامة من الإيمان بالله ظاهر؛ لأن هذا مما أخبر الله به؛ فإذا آمنا به؛ فهو من الإيمان بالله.
- ووجه كونه من الإيمان بالكتب؛ لأن الكتب أخبرت بأن الله يُرى؛ فالتصديق بذلك تصديق بالكتب.
- ووجه كونه من الإيمان بالملائكة؛ لأن نقل الوحي بواسطة الملائكة، فإن جبريل ينزل بالوحي من الله تعالى، فكأن الإيمان بأن الله يُرى من الإيمان بالملائكة.
- وكذلك نقول: من الإيمان بالرسل، لأن الرسل هم الذين بلغوا ذلك للخلق؛ فكأن الإيمان بذلك من الإيمان بالرسل.
* قوله: "عيانًا بأبصارهم": (عيانًا)؛ بمعنى: معاينة، والمعاينة هي الرؤية بالعين.
* قوله: "كما يرون الشمس صحوا ليس دونها سحاب": ودليل ذلك قوله عليه الصلاة والسلام: "ترونه كما ترون الشمس صحوًا ليس دونها سحاب"(1).
والمراد بالرؤية: بالعين؛ كما يدل عليه تشبيه الرؤية برؤية الشمس صحوًا ليس دونها سحاب.
* قوله رحمه الله: "وَكَما يَرَوْنَ القَمَرَ لَيْلَةَ البَدْرِ، لا يُضَامُونَ في رُؤْيَتِهِ": سبق الكلام في ذلك.
* * *
* قوله: "يَرَوْنَهُ سُبْحانَهُ وَهُمْ في عَرَصاتِ القِيامَةِ":
* "عَرَصات": جمع عَرْصة، وهي المكان الواسع الفسيح، الذي ليس فيه بناء؛ لأن الأرض تُمَدُّ مَدَّ الأديم، كما قال الرسول
(1) رواه: البخاري (7439)، ومسلم (183)؛ عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه.
عليه الصلاة والسلام (1)؛ يعني: مَدَّ الجلد.
* فالمؤمنون يرون الله في عرصات يوم القيامة قبل أن يدخلوا الجنة؛ كما قال الله تعالى عن المكذبين بيوم الدين: {كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ} [المطففين: 15]، {يَوْمَئِذٍ} يعني: يوم الدين، {يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ} [المطففين: 6]، ويرونه كذلك بعد دخول الجنة.
* أما في عرصات القيامة، فالناس في العرصات ثلاثة أجناس:
1 -
مؤمنون خُلَّص ظاهرًا وباطنًا.
2 -
وكافرون خُلَّص ظاهرًا وباطنًا.
3 -
ومؤمنون ظاهرًا كافرون باطنًا، وهم المنافقون.
- فأما المؤمنون؛ فيرون الله تعالى في عرصات القيامة وبعد دخول الجنة.
- وأما الكافرون، فلا يرون ربهم مطلقًا، وقيل: يرونه، لكن رؤية غضب وعقوبة، ولكن ظاهر الأدلة يدل على أنهم لا يرون
(1) ما رواه الحاكم (4/ 575) عن عبد الله بن عمرو -موقوفًا- قال: "إذا كان يوم القيامة مدت الأرض مد الأديم وحشر الخلائق"، ومن حديث جابر (4/ 470) رفعه:"تمد الأرض مد الأديم ثم لا يكون لابن آدم منها إلّا موضع قدميه"، وقال الحافظ ابن حجر في "الفتح" (11/ 376): رجاله ثقات.
وصحّح الألباني في "الصحيحة"(4/ 607) سند الموقوف.
الله، كما قال الله تعالى:{كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ} [المطففين: 15].
- وأما المنافقون، فإنهم يرون الله عز وجل في عرصات القيامة، ثم يحتجب عنهم، ولا يرونه بعد ذلك.
* * *
* قوله: "ثُمَّ يَرَوْنَهُ بَعْدَ دُخولِ الجَنَّةِ كَما يَشاءُ اللهُ تَعالى":
* قوله: "كما يشاء"؛ يعني: يرون الله كما يشاء سبحانه وتعالى في كيفية رؤيتهم إياه، وكما يشاء الله في زمن رؤيتهم إياه، وفي جميع الأحوال؛ يعني: على الوجه الذي يشاؤه الله عز وجل في هذه الرؤية.
* وحينئذ، فإن هذه الرؤية لا نعلم كيفيتها؛ بمعنى أن الإنسان لا يعلم كيف يرى ربه، ولكن معنى الرؤية معلوم، أنهم يرون الله كما يرون القمر، لكن على أي كيفية؟ هذه لا نعلمها، بل كما يشاء الله.
وقد سبق التفصيل في الرؤية.
* * *