الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
نعترض على ربنا به؛ لأن هذا من تمام الرضى بالله ربًّا.
وأما باعتباره مفعولًا له؛ فهذا يسن الرضى به، ويجب الصبر عليه.
* فالمرض باعتبار كون الله قدره الوضى به واجب، وباعتبار المرض نفسه يسن الرضى به، وأما الصبر عليه؛ فهو واجب، والشكر عليه مستحب.
* ولهذا نقول:
المصابون لهم تجاه المصائب أربعة مقامات:
المقام الأول: السخط، والثاني: الصبر، والثالث: الرضى، والرابع: الشكر.
فأما السخط؛ فحرام، بل هو من كبائر الذنوب؛ مثل أن يلطم خده، أو ينتف شعره، أو يشق ثوبه، أو يقول: وا ثبوراه! أو يدعو على نفسه بالهلاك وغير ذلك مما يدل على السخط؛ قال النبي صلى الله عليه وسلم: "ليس منا من شق الجيوب ولطم الخدود ودعا بدعوى الجاهلية"(1).
الثاني: الصبر: بأن يحبس نفسه قلبًا ولسانًا وجوارح عن التسخط؛ فهذا واجب.
الثالث: الرضى: والفرق بينه وبين الصبر: أن الصابر يتجرع المر، لكن لا يستطيع أن يتسخط؛ إلا أن هذا الشيء في نفسه
(1) رواه البخاري (1298)، ومسلم (103)؛ عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه.
صب ومر، ويتمثل بقول الشاعر:
وَالصَّبْرُ مِثْلُ اسْمِهِ مُرٌّ مَذاقَتُهُ
…
لَكِنْ عَواقِبُهُ أحْلى مِنَ العَسَلِ
لكن الراضي لا يذوق هذا مرًّا، بل هو مطمئن، وكأن هذا الشيء الَّذي أصابه لا شيء.
وجمهور العلماء على أن الرضى بالمَقْضِي مستحب.
وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية، وهو الصحيح.
الرابع: الشكر: وهو أن يقول بلسانه وحاله:
"الحمد لله"، ويرى أن هذه المصيبة نعمة.
* لكن؛ هذا المقام؛ قد يقول قائل: كيف يكون؟!
فنقول: يكون لمن وفقه الله تعالى:
فأولًا: لأنه إذا علم أن هذه المصيبة كفارة للذنب، وأن العقوبة على الذنب في الدنيا أهون من تأخير العقوبة في الآخرة؛ صارت هذه المصيبة عنده نعمة يشكر الله عليها.
وثانيًا: أن هذه المصيبة إذا صبر عليها؛ أثيب؛ لقوله تعالى: {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ} [الزمر: 10].
فيشكر الله على هذه المصيبة الموجبة للأجر.
وثالثًا: أن الصبر من المقامات العالية عند أرباب السلوك، لا