المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ الأمر الحادي عشر مما يكون يوم القيامة: الشفاعة: - شرح العقيدة الواسطية - العثيمين - جـ ٢

[ابن عثيمين]

فهرس الكتاب

- ‌فصل في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌السُّنَّةُ تُفَسِّرُ القُرْآنَ وَتُبيِّنُهُ

- ‌فصل في أحاديث الصفات

- ‌ الحديث الأول في إثبات نزول الله إلى السماء الدنيا:

- ‌ الحديث الثاني في إثبات الفرح

- ‌ هل يشترط لصحة التوبة أن يتوب من جميع الذُّنوب

- ‌ الحديث الثالث في إثبات الضحك

- ‌ الحديث الرابع: في إثبات العجب وصفات أخرى

- ‌ الحديث الخامس: في إثبات الرجل أو القدم:

- ‌الفائدة المسلكية من هذا الحديث:

- ‌ الحديث السادس: في إثبات الكلام والصوت:

- ‌ الحديث السابع في إثبات الكلام أيضًا:

- ‌ الحديث الثامن: في إثبات العلو لله وصفات أخرى:

- ‌ الحديث التاسع: في إثبات العلو أيضًا:

- ‌ الحديث العاشر: في إثبات العلو أيضًا:

- ‌ الفائدة المسلكية من هذا الحديث:

- ‌ الحديث الحادي عشر: في إثبات العلو أيضًا:

- ‌ الحديث الثاني عشر: في إثبات المعية:

- ‌ الحديث الثالث عشر: في إثبات كون الله قبل وجه المصلي:

- ‌ الحديث الرابع عشر: في إثبات العلو وصفات أخرى:

- ‌ الحديث الخامس عشر: في إثبات قرب الله تعالى:

- ‌ الحديث السادس عشر: إثبات رؤية المؤمنين لربهم:

- ‌فصل مكانة أهل السنة والجماعة بين فرق الأمة وأتصافهم بالوسطية

- ‌ الأصل الأول: باب الأسماء والصفات:

- ‌ الأصل الثاني: أفعال الله:

- ‌ الأصل الثالث: الوعيد:

- ‌ الأصل الرابع: أسماء الإيمان والدين:

- ‌فصل في المعية وبيان الجمع بينها وبيان علو الله واستوائه على عرشه

- ‌فصل في قرب الله تعالى وإجابته وأن ذلك لا ينافي علوه وفوقيته

- ‌فصل في الإيمان بأن القرآن كلام الله حقيقة

- ‌فصل في الإيمان برؤية المؤمنين ربهم يوم القيامة ومواضع الرؤية

- ‌فصل في الإيمان باليوم الآخر

- ‌خامسًا: الصغار والمجانين

- ‌ تنبيه:

- ‌ الإجماع

- ‌فصل في القيامة الكبرى

- ‌ الناس يأخذون كتبهم على ثلاثة أوجه:

- ‌الكلام على الحوض من عدة وجوه:

- ‌ الأمر التاسع مما يكون يوم القيامة: الصراط:

- ‌ الأمر العاشر مما يكون يوم القيامة: دخول الجنة:

- ‌ تتمة:أبواب الجنة

- ‌ الأمر الحادي عشر مما يكون يوم القيامة: الشفاعة:

- ‌فصل في الإيمان بالقدر

- ‌فصل في درجات الإيمان بالقدر

- ‌ما مِن مَخْلوقٍ في الأرضِ وَلا في السَّماءِ إلَّا اللهُ خالِقُهُ

- ‌لا يرضى لعباده الكفر

- ‌العِبادُ فاعِلونَ حَقيقَةً، وَاللهُ خالِقُ أفْعالِهِم

- ‌لِلعِبادِ قدرَةٌ عَلى أعمالِهِم، وَلَهُم إرادَةٌ، وَاللهُ خالِقُهم وَخالِقُ قدرَتِهم وَإرادَتِهِم

- ‌فصل في الإيمان

- ‌ الإيمانَ يَزيدُ بِالطَّاعَةِ وَيَنْقُصُ بِالمَعْصِيَةِ

- ‌أسباب زيادة الإيمان

- ‌ أسباب نقص الإيمان

- ‌فصل في موقف أهل السنة والجماعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌سلامة قلوبهم وألسنتهم لأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌ خير هذه الأمة بعد نبيها: أبو بكر، ثم عمر

- ‌من أصول أهل السنة والجماعة أنهم يحبون آل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌فصل في كرامات الأولياء

- ‌الآيات التي كانت للأنبياء السابقين كان من جنسها للنبي صلى الله عليه وسلم أو لأمته

- ‌ الكرامات لها أربع دلالات:

- ‌فصل في طريقة أهل السنة العملية

- ‌ آثار الرسول صلى الله عليه وسلم تنقسم إلى ثلاثة أقسام أو أكثر:

- ‌اتباع سبيل السابقين الأولين

- ‌ هل الإجماع موجود أو غير موجود

- ‌فصل في منهج أهل السنة والجماعة في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وغيرها من الخصال

- ‌ إقامة الحج، والجهاد، والجمع، والأعياد؛ مع الأمراء، أبرارًا كانوا أو فجارًا

- ‌النصح للأمة

- ‌المؤمن للمؤمن كالبنيان

- ‌الصبر عند البلاء

- ‌الشكر عند الرخاء

- ‌الرضى بمر القضاء

- ‌ المصابون لهم تجاه المصائب أربعة مقامات:

- ‌القضاء يطلق على معنيين:

- ‌ أهل السنة والجماعة هم الطائفة المنصورة

- ‌الخاتمة

الفصل: ‌ الأمر الحادي عشر مما يكون يوم القيامة: الشفاعة:

نودي من أبواب الجنة: يا عبد الله! هذا خير

" وذكر الحديث، وفيه: فقال أبو بكر رضي الله عنه: بأبي أنت وأمي يا رسول الله! ما على من دعي من تلك الأبواب من ضرورة؛ فهل يدعى أحد من تلك الأبواب كلها؟ قال: "نعم، وأرجو أن تكون منهم".

* فإن قلت: إذا كانت الأبواب بحسب الأعمال؛ لزم أن يدعى كل أحد من كل تلك الأبواب إذا عمل بأعمالها؛ فما هو الجواب؟

فالجواب: أن يقال: يُدْعى من الباب المعين مَن كان يكثر من العمل المخصص له؛ مثلًا: إذا كان هذا الرجل كثير الصلاة، فيدعى من باب الصلاة، كثير الصيام من باب الريان، وليس كل إنسان تحصل له الكثرة في كل عمل صالح؛ لأنك تجد في نفسك بعض الأعمال أكثر وأنشط من بعض، لكن قد يمن الله على بعض الناس، فيكون نشيطًا قويًّا في جميع الأعمال؛ كما سبق في قصة أبي بكر رضي الله عنه.

* * *

•‌

‌ الأمر الحادي عشر مما يكون يوم القيامة: الشفاعة:

وقد ذكرها المؤلف بقوله: "وله صلى الله عليه وسلم في القيامة ثلاث شفاعات".

* "له": الضمير يعود للنبي صلى الله عليه وسلم.

ص: 167

* والشفاعات: جمع شفاعة، والشفاعة في اللغة: جعل الشيء شفعًا. وفي الاصطلاح: التوسط للغير بجلب منفعة أو دفع مضرة، ومناسبتها للاشتقاق ظاهرة؛ لأنك إذا توسطت له؛ صرت معه شفعًا تشفعه.

* والشفاعة تنقسم إلى قسمين: شفاعة باطلة، وشفاعة صحيحة.

- فالشفاعة الباطلة: ما يتعلق به المشركون في أصنامهم؛ حيث يعبدونهم ويزعمون أنهم شفعاء لهم عند الله؛ كما قال تعالى: {وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ} [يونس: 18]، ويقولون:{مَا نَعْبُدُهُمْ إلا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} [الزمر: 3].

لكن هذه الشفاعة باطلة لا تنفع؛ كما قال تعالى: {فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ} [المدثر: 48].

- والشفاعة الصحيحة ما جمعت شروطًا ثلاثة:

الأول: رضي الله عن الشافع.

الثاني: رضاه عن المشفوع له، لكن الشفاعة العظمى في الموقف عامة لجميع الناس من رضي الله عنهم ومن لم يرض عنهم.

الثالث: إذنه في الشفاعة.

والإذن لا يكون إلا بعد الرضى عن الشافع والمشفوع له.

ص: 168

ودليل ذلك قوله تعالى: {وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّمَاوَاتِ لَا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا إلا مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَرْضَى} [النجم: 26]، ولم يقل: عن الشافع، ولا: المشفوع له؛ ليكون أشمل.

وقال تعالى: {يَوْمَئِذٍ لَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ إلا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلًا} [طه: 109].

وقال سبحانه: {وَلَا يَشْفَعُونَ إلا لِمَنِ ارْتَضَى} [الأنبياء: 28].

فالآية الأولى تضمنت الشروط الثلاثة، والثانية تضمنت شرطين، والثالثة تضمنت شوطًا واحدًا.

* * *

* فللنبي صلى الله عليه وسلم ثلاث شفاعات:

1 -

الشفاعة العظمى.

2 -

والشفاعة لأهل الجنة ليدخلوا الجنة.

3 -

والشفاعة فيمن استحق النار ألا يدخلها، وفيمن دخلها أن يخرج منها.

* * *

* قال المؤلف مبينًا هذه الثلاث: "أما الشفاعة الأولى؛ فيشفع في أهل الموقف، حتى يقضى بينهم بعد أن يتراجع الأنبياء: آدم ونوح وإبراهيم وموسى وعيسى ابن مريم عن الشفاعة حتى تنتهي إليه".

ص: 169

* قوله: "حتى يقضى بينهم": (حتى) هذه تعليلية، وليست غائية؛ لأن شفاعة الرسول صلى الله عليه وسلم تنتهي إليه قبل أن يقضى بين الناس؛ فإنه إذا شفع؛ نزل الله عز وجل للقضاء بين عباده وقضى بينهم.

ونظيرها قوله تعالى: {هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لَا تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَنْفَضُّوا} [المنافقون: 7]؛ فإن قوله: {حَتَّى يَنْفَضُّوا} : للتعليل؛ أي: من أجل أن ينفضوا، وليست للغاية؛ لأن المعنى يفسد بذلك.

* قوله: "بعد أن يتراجع الأنبياء؛ آدم ونوح وإبراهيم وموسى وعيسى بن مريم عن الشفاعة": أي: يردها كل واحد منهم إلى الآخر.

* شرح هذه الجملة ما رواه البخاري ومسلم (1) عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: "أنا سيد الناس يوم القيامة، وهل تدرون فيم ذلك؟ يجمع الله الناس الأولين والآخرين في صعيد واحد؛ يسمعهم الداعي، وينفذهم البصر، وتدنو منهم الشمس، فيبلغ الناس من الغم والكرب ما لا يطيقون ولا يحتملون، فيقول الناس: ألا ترون ما قد بلغكم؟ ألا تنظرون من يشفع لكم إلى ربكم؟ فيقول بعضهم لبعض: عليكم بآدم! فيأتونه، فيقولون له: أنت أبو البشر، خلقك الله بيده، ونفخ فيك من روحه، وأمر الملائكة فسجدوا لك؛ ألا ترى إلى ما نحن فيه؟ فيقول: إن ربي قد غضب اليوم غضبًا لم

(1) رواه: البخاري (4712)، ومسلم (194).

ص: 170

يغضب قبله مثله ولن يغضب بعده مثله، وإنه نهاني عن الشجرة، فعصيته؛ نفسي نفسي نفسي! اذهبوا إلى نوح! فيأتون نوحًا، فيقولون: يا نوح! إنك أنت أول الرسل إلى أهل الأرض، وقد سماك الله عبدًا شكورًا؛ اشفع لنا إلى ربك؛ ألا ترى إلى ما نحن فيه؟ فيقول كما قال آدم في غضب الله، وإنه قد كانت لي دعوة دعوتها على قومي؛ اذهبوا إلى إبراهيم! فيأتون إبراهيم، فيقولون: يا إبراهيم! أنت نبي الله وخليله من أهل الأرض؛ اشفع لنا إلى ربك؛ ألا ترى إلى ما نحن فيه؟ فيقول كما قال آدم في غضب الله، وإني قد كذبت ثلاث كذبات؛ اذهبوا إلى موسى! فيأتون موسى، فيقولون: يا موسى! أنت رسول الله، فضلك الله برسالته وبكلامه على الناس؛ اشفع لنا إلى ربك؛ ألا ترى إلى ما نحن فيه؟ فيقول كما قال آدم في غضب الله، وإني قد قتلت نفسًا لم أومر بقتلها؛ اذهبوا إلى عيسى! فيأتون عيسى، فيقولون: يا عيسى! أنت رسول الله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه وكلمت الناس في المهد صبيًّا؛ اشفع لنا إلى ربك؛ ألا ترى إلى ما نحن فيه؟ فيقول كما قال آدم في غضب الله، ولم يذكر ذنبًا، اذهبوا إلى محمد! وكلهم يقول كما قال آدم: نفسي نفسي نفسي! فيأتون محمدًا صلى الله عليه وسلم، فيقولون: يا محمد! أنت رسول الله، وخاتم الأنبياء، وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؛ اشفع لنا إلى ربك؛ ألا ترى إلى ما نحن فيه؟ فأنطلق، فآتي تحت العرش، فأقع ساجدًا لربي عز وجل، ثم يفتح الله عليَّ من محامده وحسن الثناء عليه شيئًا لم يفتحه على أحد قبلي، ثم يقال: يا محمد! ارفع رأسك؛ سل

ص: 171

تعطه، واشفع تشفع

" وذكر تمام الحديث.

* والكذبات الثلاث التي ذكرها إبراهيم عليه السلام فُسِّرت بما رواه البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه؛ قال: لم يكذب إبراهيم عليه السلام إلا ثلاث كذبات؛ اثنتين منهن في ذات الله: قوله: {إِنِّي سَقِيمٌ} ، وقوله:{بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا} ، وذكر قوله عن امرأته سارة: إنها أختي.

وفي "صحيح مسلم" في حديث الشفاعة السابق أن الثالثة قوله في الكوكب {هَذَا رَبِّي} ، ولم يذكر قصة سارة.

لكن قال ابن حجر في "الفتح"(1): "الذي يظهر أنها وهم من بعض الرواة"، وعلل لذلك.

وإنما سمى إبراهيم عليه السلام هذه كذبات؛ تواضعًا منه؛ لأنها بحسب مراده صدق مطابق للواقع؛ فهي من باب التورية، والله أعلم.

* قوله: "حتى تنتهي إليه"؛ أي: إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، وسبق في الحديث ما يكون بعد ذلك.

وهذه الشفاعة العظمى لا تكون لأحد أبدًا إلا للرسول عليه الصلاة والسلام، وهي أعظم الشفاعات؛ لأن فيها إراحة الناس من هذا الموقف العظيم والكرب والغم.

(1)"فتح الباري"(6/ 391).

ص: 172

وهؤلاء الرسل الذين ذكروا في حديث الشفاعة كلهم من أولي العزم، وقد ذكرهم الله تعالى في موضعين من القرآن: في سورة الأحزاب، وفي سورة الشورى.

أما في سورة الأحزاب؛ ففي قوله تعالى: {وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ} [الأحزاب: 7].

وأما في سورة الشورى؛ فقوله تعالى: {شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى} [الشورى: 13].

تنبيه:

قوله: "الأنبياء؛ آدم ونوح

" إلى آخره: جزم المؤلف رحمه الله بأن آدم نبي، وهو كذلك؛ لأن الله تعالى أوحى إليه بشرع أمره ونهاه.

وروى ابن حبان في "صحيحه"(1): أن أبا ذر سأل النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: هل كان آدم نبيًّا؟ قال: "نعم".

فيكون آدم أول الأنبياء الموحى إليهم، وأما أول الرسل؛ فنوح؛ كما هو صريح في حديث الشفاعة وظاهر القرآن في قوله

(1)"صحيح ابن حبان"(2/ 77).

والحديث رواه الإمام أحمد في "المسند"(5/ 978)، وقال الهيثمي في "المجمع": رواه أحمد والبزار والطبراني في "الأوسط" بنحوه.

ص: 173

تعالى: {إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ} [النساء: 163]، وقوله:{وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا وَإِبْرَاهِيمَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِمَا النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ} [الحديد: 26].

* * *

* قوله: "وأما الشفاعة الثانية؛ فيشفع في أهل الجنة أن يدخلوا الجنة".

* وذلك أن أهل الجنة إذا عبروا الصراط؛ وقفوا على قنطرة، فيقتص لبعضهم من بعض، وهذا القصاص غير القصاص الذي كان في عَرَصات القيامة، بل هو قصاص أخص، يطهر الله فيه القلوب، ويزيل ما فيها من أحقاد وضغائن؛ فإذا هُذِّبوا ونُقّوا؛ أُذن لهم في دخول الجنة.

ولكنهم إذا أتوا إلى الجنة؛ لا يجدونها مفتوحة كما يجد ذلك أهل النار؛ فلا تفتح الأبواب، حتى يشفع النبي صلى الله عليه وسلم لأهل الجنة أن يدخلوها، فيدخل كل إنسان من باب العمل الذي يكون أكثر اجتهادًا فيه من غيره، وإلا، فإن المسلم قد يدعى من كل الأبواب.

* وهذه الشفاعة يشير إليها القرآن؛ لأن الله قال في أهل الجنة: {حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا} [الزمر: 73]، وهذا يدل أن هناك شيئًا بين وصولهم إليها وبين فتح الأبواب.

ص: 174

وهو صريح فيما رواه مسلم (1) عن حذيفة وأبي هريرة رضي الله عنهما؛ قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يجمع الله تبارك وتعالى الناس، فيقوم المؤمنون حتى تزلف لهم الجنة، فيأتون آدم، فيقولون: يا أبانا! استفتح لنا الجنة

" وذكر الحديث، وفيه: "فيأتون محمدًا، فيقوم، فيؤذن له. . ." الحديث.

* * *

* قوله: "وهاتان الشفاعتان خاصتان له"، يعني: الشفاعة في أهل الموقف أن يقضى بينهم، والشفاعة في دخول الجنة.

* "خاصتان له"؛ أي: للنبي محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم، ولذلك يعتذر عنهما آدم وأولو العزم من الرسل.

* * *

* وهناك أيضًا شفاعة ثالثة خاصة بالنبي صلى الله عليه وسلم، لا تكون لغيره، وهي الشفاعة في عمه أبي طالب.

* وأبو طالب -كما في "الصحيحين"(2) وغيرهما- مات على الكفر.

* فأعمام الرسول عليه الصلاة والسلام عشرة، أدرك الإسلام

(1) رواه مسلم (195).

(2)

لما رواه البخاري (4772)، ومسلم (24)؛ من قصة ابن المسيب عن أبيه، لما حضرت أبا طالب الوفاة

فذكر الحديث

حتى قال أبو طالب آخر ما كلمهم: "هو على ملة عبد المطلب، وأبى أن يقول لا إله إلا الله".

ص: 175

منهم أربعة؛ فبقي اثنان على الكفر وأسلم اثنان:

- فالكافران هما:

أبو لهب: وقد أساء إلى النبي صلى الله عليه وسلم إساءة عظيمة، وأنزل الله تعالى فيه وفي امرأته حمالة الحطب سورة كاملة في ذمهما ووعيدهما.

والثاني: أبو طالب، وقد أحسن إلى الرسول عليه الصلاة والسلام إحسانًا كبيرًا مشهورًا، وكان من حكمة الله عز وجل أن بقي على كفره؛ لأنه لولا كفره؛ ما حصل هذا الدفاع عن الرسول عليه الصلاة والسلام، بل كان يؤذى كما يؤذى الرسول عليه الصلاة والسلام، لكن بجاهه العظيم عند قريش وبقائه على دينهم صاروا يعظمونه وصار للنبي عليه الصلاة والسلام جانب من الحماية بذلك.

- واللذان أسلما هما العباس وحمزة، وهو أفضل من العباس، حتى لقبه الرسول عليه الصلاة والسلام أسد الله، وقتل شهيدًا في أحد رضي الله عنه وأرضاه، وسماه النبي صلى الله عليه وسلم سيد الشهداء (1).

فأبو طالب أذن الله لرسوله صلى الله عليه وسلم أن يشفع فيه، مع أنه كافر،

(1) رواه الحاكم في "المستدرك"(3/ 195) عن جابر، وعزاه الهيثمي في "المجمع"(9/ 368) للطبراني في "الأوسط"، والحديث أورده الألباني في "السلسلة الصحيحة"(374).

ص: 176

فيكون هذا مخصوصًا من قوله تعالى: {فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ} [المدثر: 48]، ولكنها شفاعة لم تخرجه من النار، بل كان في ضحضاح من نار يبلغ كعبيه يغلي منه دماغه؛ قال الرسول عليه الصلاة والسلام:"ولولا أنا؛ لكان في الدرك الأسفل كان النار"(1)، وليس هذا من أجل شخصية أبي طالب، لكن من أجل ما حصل من دفاعه عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن أصحابه.

* * *

* قوله: "وأما الشفاعة الثالثة، فيشفع فيمن استحق النار، وهذه الشفاعة له ولسائر النبيين والصديقين وغيرهم، فيشفع فيمن استحق النار أن لا يدخلها، ويشفع فيمن دخلها أن يخرج منها".

* قوله: "وأما الشفاعة الثالثة، فيشفع فيمن استحق النار"؛ أي: من عصاة المؤمنين.

وهذه لها صورتان: يشفع فيمن استحق النار أن لا يدخلها، وفيمن دخلها أن يخرج منها.

- أما فيمن دخلها أن يخرج منها؛ فالأحاديث في هذا كثيرة جدًّا، بل متواترة.

- وأما فيمن استحقها أن لا يدخلها؛ فهذه قد تستفاد من دعاء الرسول صلى الله عليه وسلم للمؤمنين بالمغفرة والرحمة على جنائزهم؛ فإنه

(1) لما رواه البخاري (3883)، ومسلم (209)؛ عن العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه.

ص: 177

من لازم ذلك أن لا يدخل النار؛ كما قال النبي عليه الصلاة والسلام: "اللهم! اغفر لأبي سلمة، وارفع درجته في المهديين

" الحديث (1).

* لكن هذه شفاعة في الدنيا؛ كما في قوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: "ما من رجل مسلم يموت، فيقوم على جنازته أربعون رجلًا لا يشركون بالله شيئًا؛ إلا شفعهم الله فيه"(2).

* وهذه الشفاعة ينكرها من أهل البدع طائفتان؛ المعتزلة والخوارج؛ لأن المعتزلة والخوارج مذهبهما في فاعل الكبيرة أنه مخلد في نار جهنم، فيرون من زنى كمن أشرك بالله؛ لا تنفعه الشفاعة، ولن يأذن الله لأحد بالشفاعة له.

وقولهم مردود بما تواترت به الأحاديث في ذلك.

* قوله: "وهذه الشفاعة له ولسائر النبيين والصديقين وغيرهم"؛ فيشفع فيمن استحق النار أن لا يدخلها، ويشفع فيمن دخلها أن يخرج منها، يعني: أنها ليست خاصة بالنبي صلى الله عليه وسلم، بل تكون للنبيين؛ حيث يشفعون في عصاة قومهم، وللصديقين يشفعون في عصاة أقاربهم وغيرهم من المؤمنين، وكذلك تكون لغيرهم من الصالحين، حتى يشفع الرجل في أهله وفي جيرانه وفيما أشبه ذلك.

(1) رواه مسلم (920)؛ عن أم سلمة رضي الله عنها.

(2)

رواه مسلم (948)؛ عن ابن عباس رضي الله عنهما.

ص: 178

* قوله: "ويخرج الله من النار أقوامًا بغير شفاعة، بل بفضله ورحمته":

يعني: أن الله تعالى يخرج من عصاة المؤمنين من شاء بغير شفاعة، وهذا من نعمته؛ فإن رحمته سبقت غضبه، فيشفع الأنبياء والصالحون والملائكة وغيرهم، حتى لا يبقى إلا رحمة أرحم الراحمين، فيخرج من النار من يخرج بدون شفاعة، حتى لا يبقى في النار إلا أهلها الذين هم أصحاب النار.

فقد روى الشيخان البخاري ومسلم من حديث أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم: "أن الله تعالى يقول: شفعت الملائكة، وشفع النبيون، وشفع المؤمنون، ولم يبق إلا أرحم الراحمين، فيقبض قبضة من النار، فيخرج منها قومًا لم يعملوا خيرًا قط؛ قد عادوا حممًا

" الحديث (1).

* * *

• الأمر الثاني عشر مما يكون يوم القيامة:

وهو ما ذكره المؤلف بقوله: "وَيَبْقى في الجَنَّةِ فَضْلٌ عَمَّنْ دَخَلَها مِنْ أهْلِ الدُّنْيا".

* الجنة عرضها السماوات والأرض، وهذه الجنة التي عرضها السماوات والأرض يدخلها أهلها، ولكن لا تمتلئ.

(1) رواه: البخاري (7439)، ومسلم (183)؛ عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه.

ص: 179

وقد تكفل الله عز وجل للجنة وللنار لكل واحدة ملؤها:

- "فالنار لا تزال يلقى فيها وهي تقول: هل من مزيد؟ فلا تمتلئ، فيضع الله عز وجل عليها قدمه، فينزوي بعضها إلى بعض، وتقول: قط قط"(1).

- وأما الجنة؛ فينشئ لها أقوامًا، فيدخلون الجنة بفضل الله ورحمته:

- ثبت ذلك في "الصحيحين"(2) من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وهذا مقتضى قوله تعالى:{كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ} [الأنعام: 54]، وقول النبي عليه الصلاة والسلام فيما يرويه عن ربه سبحانه وتعالى:"إن رحمتي سبقت غضبي"(3).

ولهذا قال المؤلف: "فينشئ الله لها أقوامًا، فيدخلهم الجنة".

* * *

* في قوله: "وأصناف ما تضمنته الدار الآخرة من الحساب والثواب والعقاب":

* الأصناف: الأنواع.

(1) سبق تخريجه (2/ 30).

(2)

رواه: البخاري (4850)، ومسلم (2848).

(3)

البخاري (7554)، ومسلم (2751)؛ عن أبي هريرة رضي الله عنه.

ص: 180

* وسبق معنى الحساب.

* "والثواب": جزاء الحسنات؛ الحسنة بعشر أمثالها إلى سبع مئة ضعف إلى أضعاف كثيرة.

* "والعقاب": جزاء السيئات، ومن جاء بالسيئة؛ فلا يجزى إلا مثلها، وهم لا يظلمون.

* قوله: "والجنة والنار": "الجنة": هي الدار التي أعدها الله تعالى لأوليائه، وفيها ما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين، وفيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر؛ {فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [السجدة: 17]؛ أي: لا تعلم حقيقته وكنهه.

والجنة موجودة الآن؛ لقوله تعالى: {أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ} ، والأحاديث في هذا المعنى متواترة.

ولا تزال باقية أبد الآبدين؛ لقوله تعالى: {وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إلا مَا شَاءَ رَبُّكَ عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ} [هود: 108]، وقوله:{خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا} ؛ في آيات متعددة.

وأما "النار"؛ فهي الدار التي أعدها الله تعالى لأعدائه، وفيها من أنواع العذاب والعقاب ما لا يطاق.

وهي موجودة الآن؛ لقوله تعالى: {أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ} [آل عمران: 131]، والأحاديث في هذا المعنى مستفيضة مشهورة.

ص: 181

وأهلها خالدون فيها أبدًا؛ لقوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَعَنَ الْكَافِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيرًا (64) خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا} [الأحزاب: 64 - 65].

وقد ذكر الله خلودهم أبدًا في ثلاث آيات من القرآن؛ هذه أحدها، والثانية في آخر سورة النساء، والثالثة في سورة الجن، وهي ظاهرة في أن النار لا تزال باقية أبد الآبدين.

* * *

* قوله: "وتفاصيل ذلك مذكورة في الكتب المنزلة من السماء"؛ يعني: مثل التوراة والإنجيل وصحف إبراهيم وموسى وغيرها من الكتب المنزلة؛ فقد ذكر فيها ذلك مبينًا مفصلًا لحاجة الناس، بل ضرورتهم إلى بيانه وتفصيله؛ إذ لا يمكنهم الاستقامة إلا بالإيمان باليوم الآخر الذي يجازى فيه كل عامل بما عمل من خير وشر.

* قوله: "والآثار من العلم المأثور عن الأنبياء":

* اعلم أن العلم المأثور عن الأنبياء قسمان:

1 -

قسم ثبت بالوحي، وهو ما ذكر في القرآن والسنة الصحيحة، وهذا لا شك في قبوله واعتقاد مدلوله.

2 -

وقسم آخر أتى عن طريق النقل غير الوحي، وهذا هو الذي دخل فيه الكذب والتحريف والتبديل والتغيير.

ولهذا لا بد من أن يكون الإنسان حذرًا مما ينقل بهذه الطريق عن الأنبياء السابقين، حتى قال الرسول عليه الصلاة والسلام: "إذا

ص: 182

حدثكم أهل الكتاب؛ فلا تصدِّقوهم ولا تكذِّبوهم، وقولوا: آمنا بما أنزل إلينا وما أنزل إليكم" (1)؛ لأنك إن صدقت؛ قد تصدق بباطل، وإن كذبته؛ قد تكذب بحق؛ فلا تصدق ولا تكذب؛ قل: إن كان هذا من عند الله؛ فقد آمنت به.

* وقد قسم العلماء ما أثر عمن سبق ثلاثة أقسام:

الأول: ما شهد شرعنا بصدقه.

والثاني: ما شهد شرعنا بكذبه.

والحكم في هذين واضح.

الثالث: ما لم يحكم بصدقه ولا كذبه.

فهذا مما يجب فيه التوقف؛ لا يصدَّق ولا يكذَّب.

* قوله: "وفي العلم الموروث عن محمد صلى الله عليه وسلم من ذلك ما يشفي ويكفي":

* العلم الموروث عن محمد صلوات الله وسلامه عليه سواء في كتاب الله أو في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه من ذلك ما يشفي ويكفي.

فلا حاجة إلى أن نبحث عن مواعظ ترقق القلوب من غير الكتاب والسنة، بل نحن في غنى عن هذا كله؛ ففي العلم

(1) رواه الإمام أحمد (4/ 135) عن أبي نملة الأنصاري رضي الله عنه، والبخاري (4485) عن أبي هريرة رضي الله عنه.

ص: 183

الموروث عن محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يشفي ويكفي في كل أبواب العلم والإيمان.

* ثم المنسوب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في باب الوعظ والفضائل ترغيبًا أو ترهيبًا ينقسم إلى ثلاثة أقسام: صحيح مقبول، وضعيف، وموضوع؛ فليس كله صحيحًا مقبولًا، ونحن في غنى عن الضعيف والموضوع.

- فالموضوع اتفق العلماء رحمهم الله على أنه لا يجوز ذكره ونشره بين الناس؛ لا في باب الفضائل والترغيب والترهيب، ولا في غيره؛ إلا من ذكره ليبين حاله.

- والضعيف اختلف فيه العلماء، والذين قالوا بجواز نشره ونقله اشترطوا فيه ثلاثة شروط (1):

الشرط الأول: أن لا يكون الضعف شديدًا.

الشرط الثاني: أن يكون أصل العمل الذي رتب عليه الثواب أو العقاب ثابتًا بدليل صحيح.

الشرط الثالث: أن لا يعتقد أن النبي صلى الله عليه وسلم قاله، بل يكون

(1) ذكر ذلك الحافظ ابن حجر فيما نقله عنه السخاوي في "القول البديع"(ص 364)، وجاء عن الإمام أحمد أنه قال:"إذا جاء الحلال والحرام شدّدنا في الأسانيد، وإذا جاء الترغيب والترهيب تساهلنا في الأسانيد""مجموع فتاوى شيخ الإسلام"(18/ 65)، وانظر مقدمة الشيخ محمد ناصر الدين الألباني لكتاب "الترغيب والترهيب"، فقد ذكر أقوال العلماء في حكم العمل بالحديث الضعيف في فضائل الأعمال.

ص: 184

مترددًا غير جازم، لكنه راجٍ في باب الترغيب، خائفٌ في باب الترهيب.

أما صيغة عرضه؛ فلا يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، بل يقول: روي عن رسول الله، أو: ذكر عنه

وما أشبه ذلك.

فإن كنت في عوام لا يفرقون بين ذكر وقيل وقال؛ فلا تأت به أبدًا؛ لأن العامي يعتقد أن الرسول عليه الصلاة والسلام قاله؛ فما قيل في المحراب؛ فهو عنده الصواب!

تنبيه:

هذا الباب -أي: باب اليوم الآخر وأشراط الساعة- ذكرت فيه أحاديث كثيرة فيها ضعف وفيها وضع، وأكثر ما تكون هذه في كتب الرقائق والمواعظ؛ فلذلك يجب التحرز منها، وأن نحذر العامة الذين يقع في أيديهم مثل هذه الكتب.

* قوله: "فمن ابتغاه"؛ أي: طلبه: "وجده".

وهذا صحيح؛ فالقرآن بين أيدينا، وكتب الأحاديث بين أيدينا، لكنها تحتاج إلى تنقيح وبيان الصحيح منها والضعيف، حتى يبني الناس ما يعتقدونه في هذا الباب على أساس سليم.

* * *

ص: 185