الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
* قوله: "ويحافظون على الجماعات".
* أي: يحافظ أهل السنة والجماعة على الجماعات؛ أي: على إقامة الجماعة في الصلوات الخمس؛ يحافظون عليها محافظة تامة؛ بحيث إذا سمعوا النداء؛ أجابوا وصلوا مع المسلمين؛ فمن لم يحافظ على الصلوات الخمس؛ فقد فاته من صفات أهل السنة والجماعة ما فاته من هذه الجماعات.
* وربما يدخل في الجماعات الاجتماع على الرأي وعدم النزاع فيه، فإن هذا ما أوصى به النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم معاذ بن جبل وأبا موسى حين بعثهما إلى اليمن، فقال:"يسرا ولا تعسرا، وبشرا ولا تنفرا، وتطاوعا ولا تختلفا". رواه البخاري (1).
* * *
* قوله: "ويدينون بالنصيحة للأمة":
* "يدينون"، أي: يتعبدون لله عز وجل بالنصيحة للأمة، ويعتقدون ذلك دينًا.
* و
النصح للأمة
قد يكون الحامل عليه غير التعبد لله، فقد يكون الحامل عليه الغيرة، وقد يكون الحامل عليه الخوف من العقوبات، وقد يكون الحامل عليه أن يتخلق بالأخلاق الفاضلة
(1) رواه: البخاري (4341، 4342)، ومسلم (1733)؛ عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه.
التي يريد بها نفع المسلمين
…
إلى غير ذلك من الأسباب.
* لكن هؤلاء ينصحون للأمة طاعة لله تعالى وتدينًا له؛ لقول الرسول عليه الصلاة والسلام في حديث تميم بن أوس الداري: "الدين النصيحة، الدين النصيحة". قالوا: لمن يا رسول الله؟ قال: "لله، ولكتابه، ولرسوله، ولأئمة المسلمين وعامتهم"(1).
- فالنصيحة لله صدق الطلب في الوصول إليه.
- والنصيحة للرسول عليه الصلاة والسلام صدق الاتباع له، ويستلزم ذلك الذود عن دين الله عز وجل، الَّذي جاء به رسوله صلى الله عليه وسلم، ولهذا قال:"ولكتابه".
- فينصح للقرآن ببيان أنَّه كلام الله، وأنه منزل غير مخلوق، وأنه يجب تصديق خبره وامتثال أحكامه، وهو كذلك يعتقده في نفسه.
- وأئمة المسلمين كل من ولاه الله أمرًا من أمور المسلمين؛ فهو إمام في ذلك الأمر؛ فهناك إمام عام كرئيس الدولة، وهناك إمام خاص؛ كالأمير والوزير والمدير والرئيس وأئمة المساجد وغيرهم.
- وعامتهم؛ يعني: عامة المسلمين، وهم التابعون للأئمة.
(1) رواه مسلم (55).
- ومن أعظم أئمة المسلمين العلماء، والنصيحة لعلماء المسلمين هي نشر محاسنهم، والكف عن مساوئهم، والحرص على إصابتهم الصواب؛ بحيث يرشدهم إذا أخطؤوا، ويبين لهم الخطأ على وجه لا يخدش كرامتهم، ولا يحط من قدرهم؛ لأن تخطئة العلماء على وجه يحط من قدرهم ضرر على عموم الإسلام؛ لأن العامة إذا رأوا العلماء يضلل بعضهم بعضًا، سقطوا من أعينهم، وقالوا: كل هؤلاء راد ومردود عليه، فلا ندري من الصواب معه! فلا يأخذون بقول أي واحد منهم، لكن إذا احترم العلماء بعضهم بعضًا، وصار كل واحد يرشد أخاه سرًّا إذا أخطأ، ويعلن للناس القول الصحيح؛ فإن هذا من أعظم النصيحة لعلماء المسلمين.
* وقول المؤلف: "للأمة": يشمل الأئمة والعامة؛ فأهل السنة والجماعة يدينون بالنصيحة للأمة؛ أئمتهم وعامتهم.
وكان مما يبايع الرسول عليه الصلاة والسلام أصحابه: "والنصح لكل مسلم"(1).
* فإذا قال قائل: ما هو ميزان النصيحة للأمة؟
فالميزان هو ما أشار إليه النبي عليه الصلاة والسلام؛ بقوله: "لا يؤمن أحدكم حتَّى يحب لأخيه ما يحب لنفسه"(2)، فإذا عاملت
(1) رواه: البخاري (57)، ومسلم (56)؛ عن جرير بن عبد الله رضي الله عنه.
(2)
البخاري (13)، ومسلم (45)؛ عن أنس رضي الله عنه.