الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
4 -
أن يكون البيع مقبوضًا إن كان قد استفاده بمعاوضة: عن جابر رضي الله عنه مرفوعًا: "إذا ابتعت طعامًا فلا تبعه حتى تستوفيه"(1).
وعن أبي هريرة قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أن يشتري الطعام ثم يباع حتى يستوفى"(2).
وعن ابن عمر مرفوعًا: "من ابتاع طعامًا فلا يبعه حتى يقبضه"(3).
وعن ابن عباس مرفوعًا "من ابتاع طعامًا فلا يبعه حتى يستوفيه". قال ابن عباس: ولا أحسب كل شيء إلا مثله (4).
وبه قالت: الحنفية.
5 -
أن يكون المعقود عليه خاليًا من موانع الصحة: (سيأتى في شروط الصحة): كالبيوع الربوية والاشتراط في البيع والبيع بعد نداء الجمعة وغير ذلك وبه قالت الحنابلة.
• تنبيهات: واشتراط طهارة المعقود عليه فلا حاجة لاشتراطه لدخوله في شرط الانتفاع.
مسائل تتعلق بما سبق
• كتابة عقد البيع (5):
ابتداء لا يستحب كتابة الأشياء القليلة الخطر -كحوائج البقال والعطار- لأن العقود فيها تكثر، فيشق الإشهاد عليها، وتقبح إقامة البينة عليها، والترافع إلى الحاكم من أجلها.
إلا أن يكون البيع إلى أجل: فيستحب كتابته مطلقًا لقوله تعالى: {وَلَا تَسْأَمُوا أَنْ تَكْتُبُوهُ صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا إِلَى أَجَلِهِ} إلى قوله: {إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً حَاضِرَةً تُدِيرُونَهَا بَيْنَكُمْ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَلَّا تَكْتُبُوهَا} (6).
(1) صحيح: أخرجه مسلم (1529) وأحمد (14447).
(2)
صحيح: أخرجه مسلم (1528) وأحمد (8347).
(3)
صحيح: أخرجه البخاري (2133) ومسلم (1526) وغيرهما.
(4)
صحيح: أخرجه البخاري (1235) ومسلم (1125) وغيرهما.
(5)
إعلاء السنن (14/ 7) فتح البارى (4/ 366).
(6)
سورة البقرة: 282.
وأما الأشياء العظيمة الخطر: فيستحب كتابة عقدها وذلك لما أخرجه أبو داود والترمذي. عن عبد المجيد بن وهب قال: قال لي العداء بن خالد بن هوذة: ألا أقرئك كتابًا كتبه لي رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: قلت: بلى فأخرج لي كتابًا: هذا ما اشترى العدَّاء بن خالد بن هوذة من محمَّد رسول الله صلى الله عليه وسلم، اشترى منه عبدًا أو أمة، لا داء ولا غائلة ولا خُبثه، بيعَ المُسلمُ المسلمَ" (1) وقال بهذا: أبو بكر بن العربى.
• هل يجب الإشهاد على عقد البيع (2):
اختلف الناس في الأمر الوارد في قوله تعالى: {وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ} (3) هل هو للوجوب أو للندب على قولين:
• الأول: أنه للوجوب، وبه قال أبو موسى الأشعرى وابن عمر والضحاك وسعيد بن المسيب وجابر بن زيد ومجاهد وداود بن علي وابنه أبو بكر، وعطاء وإبراهيم النخعى وجابر بن زيد ورجحه ابن جرير وانتصر له ابن حزم واستدلوا: بظاهر الأمر، ولأنه عقد معاوضة فوجب الإشهاد عليه كالنكاح.
• الثاني: أن الأمر للندب: وبه قال أبو سعيد الخدرى وأبو أيوب والحسن والشعبي والشافعي ومالك وإسحاق وأصحاب الرأي وزعم ابن العربى بأنه قول الكافة وصححه وكذا القرطبي.
واستدلوا:
1 -
بأن النبي صلى الله عليه وسلم باع ولم يشهد كما في حديث العداء بن خالد المتقدم.
2 -
وبأنه صلى الله عليه وسلم اشترى من يهودي طعامًا ورهنه درعه (4) ولو كان الإشهاد واجبًا لوجب مع الرهن لخوف المنازعة واشترى من أعرابي فرسًا فجحده الأعرابي حتى شهد له خزيمة بن ثابت (5)، ولم ينقل أنه أشهد في شيء من ذلك.
3 -
أنه صلى الله عليه وسلم أمر عروة بن الجعد أن يشترى له أضحية ولم يأمره بالإشهاد، وأخبره عروة أنه اشترى شاتين فباع إحداهما ولم ينكر عليه ترك الإشهاد (6).
(1) حسن: أخرجه الترمذي (1216) وابن ماجة (2251).
(2)
إعلاء السنن (14/ 7، 8) تفسير القرطبي (3/ 399، 400) نيل الأوطار (5/ 203).
(3)
سورة البقرة: 282.
(4)
صحيح: أخرجه البخاري (2513) ومسلم (1603).
(5)
صحيح: أخرجه أبو داود (3607) والنسائي (4661).
(6)
صحيح: تقدم.
4 -
لأن الناس ما زالوا يتبايعون حضرًا وسفرًا وبرًا وبحرًا وسهلًا وجبلًا من غير إشهاد مع علم الناس بذلك من غير نكير، ولو كان واجبًا ما تركوا النكير على تاركه.
5 -
ولأن المبايعة تكثر بين الناس في أسواقهم وغيرها، فلو وجب الإشهاد في كل ذلك لأفضى إلى الحرج المحطوط عنهم بقوله تعالى:{وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} (1).
6 -
أن الأمر في الآية (وأشهدوا) للإرشاد إلى حفظ الأموال والتعليم، كما أمر بالرهن والكتابة وليس ذلك بواجب وهو الراجح إن شاء الله تعالى.
• تنبيه: حديث "ثلاثة يدعون الله فلا يستجاب لهم: .. ومنهم: رجل كان له على رجل مال فلم يشهد عليه" ضعيف.
• أصل الأمر بالكتابة والشهود:
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لما خلق الله آدم ونفخ فيه الروح عطس فقال: الحمد لله، فحمد الله بإذن الله، فقال له ربه: يرحمك ربك يا آدم، اذهب إلى أولئك الملائكة إلى ملإ منهم جلوس، فسلم عليهم فقال: السلام عليكم، فقالوا: وعليك السلام ورحمة الله، ثم رجع إلى ربه فقال: هذه تحيتك وتحية بَنِيك بينهم، وقال الله -جل وعلا- ويداه مقبوضتان: اختر أيهما شئت، فقال: اخترتَ يمين ربى وكلتا يدي ربى يمين مباركة، ثم بسطها، فإذا فيها آدم وذريتهُ فقال: أي رب ما هؤلاء؟ فقال: هؤلاء ذريتك، فإذا كل إنسان مكتوب عُمُره بين عينيه، فإذا فيهم رجل أضوؤهم -أو من أضوئهم- لم يكتب له إلا أربعون سنة، قال: يا رب ما هذا؟ قال: هذا ابنك داود وقد كتبت له عمره أربعين سنة، قال: أي رب زده في عمره، قال: ذاك الذي كتبت له، قال: فإنى جعلتُ له من عمرى ستين سنة، قال: أنت وذاك اسكن الجنة، فسكن الجنة ما شاء الله، ثم أُهبط منها. وكان آدم يعُدُّ لنفسه، فأتاه ملكُ الموت، فقال له آدم: قد عجلتَ، قد كُتِبَ لي ألف سنة؟ قال: بلى، ولكنك قد جعلت لابنك داود منها ستين سنة فجحد فجحدت ذريته، ونسى فنسيت ذريته، فمن يومئذ أمر بالكتاب والشهود"(2) ابن حبان الموارد (2082).
(1) سورة الحج: 78.
(2)
صحيح بمجموع طرقه أخرجه الترمذي (3368) وابن حبان (6167)، والبيهقي في الأسماء والصفات (708)، وابن خزيمة في التوحيد.
• هل يجب على الكاتب أن يكتب أم يستحب له ذلك (1):
في المسألة أقوال ثلاثة:
1 -
يجب على الكاتب إذا أُمِر أن يكتب وهو قول الطبري والربيع.
2 -
يجب عليه أن يكتب إذا لم يوجد كاتب غيره، لأنه إن امتنع ألحق الضرر بصاحب الدين وهو قول الحسن.
3 -
يجب عليه في حال فراغه وهو قول السدي وقال ابن العربي: والصحيح أنه أمر إرشاد وقال القرطبي بعدم الوجوب: ولعل القول الثاني هو المتعين لما فيه من دفع الضرر عن الغير والله أعلم.
• هل يأخذ الكاتب أجرًا على كتابة العقد (2):
قال القرطبي: ولم يختلف العلماء في جواز أخذ الأجرة على كَتْب الوثيقة.
وقال ابن العربى: .. لا يكتب حتى يأخذ حقه.
• من يدفع أجرة الكاتب؟ البائع أم المشتري؟ (3)
قال القرطبي -رحمه الله تعالى-: استدل مالك وغيره من العلماء على أن أجرة الكيال على البائع، قال مالك: قالوا ليوسف (فأوف لنا الكيل) فكان يوسف هو الذي يكيل وكذلك الوزان والعداد وغيرهم اهـ.
وكذلك مؤونة إحضاره إلى محل العقد إذا كان غائبًا العلماء متفقون على ذلك.
• السمسرة (4):
• تعريفها: الوساطة بين البائع والمشترى لإجراء البيع والسمسرة نوعان:
(أ) سمسرة في بيع الحاضر: وهذه جائزة، وأجر صاحبها حلال وشرط فيها الجمهور: أن تكون أجرة السمسار معلومة.
ولم ير ابن سيرين وعطاء وإبراهيم والحسن بأجر السمسار بأسًا (5).
(1) تفسير القرطبي (3/ 382).
(2)
تفسير القرطبي (3/ 382، 383).
(3)
تفسير القرطبي (9/ 260).
(4)
الفقه وأدلته (جـ 5/ 3326)، الموسوعة الكويتية (9/ 80 وما بعدها)، فتاوى اللجنة الدائمة (13/ 122) فتح البارى (4/ 531).
(5)
علقها البخاري في صحيحه باب: أجر السمسرة من كتاب الإجارة.
وقال ابن عباس: لا بأس أن يقول بيع هذا الثوب، فما زاد على كذا وكذا فهو لك (1).
وقال ابن سيرين: إذا قال بعه بكذا، فما كان من ربح فلك أو بيني وبينك، فلا بأس به (2).
وقال بجوازها: البخاري، ونقل ابن المنذر القول بكراهتها عن الكوفيين.
(ب) سمسرة الحاضر للبادي:
صورتها: أن يتولى الحضري بيع سلعة البدوي، بأن يصير الحاضر سمسارًا للبادى البائع وبها قال الجمهور والحنفية.
حكمها: جمهور الفقهاء على التحريم. وسيأتى تفصيل القول في هذه المسألة في البيوع المحرمة.
• الاستثناء من المبيع (3):
إذا كان الذي استثناه معلومًا ولا يفضى إلى جهالة المبيع -نحو أن يستثنى واحدة من الأشجار -أو منزلًا من المنازل- صح بالاتفاق، وبه قال شيخ الإِسلام.
وإذا كان الذي استثناه مجهولًا نحو أن يستثنى شيئًا غير معلوم لم يصح البيع - لما يتضمنه من الغرر مع الجهالة.
عن جابر بن عبد الله أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الثُّنْيَا إلا أَنْ تُعْلَم (4).
• ضابط التمييز بين ما يجوز استثناؤه وما لا يجوز:
"أن كل ما يجوز بيعه منفردًا يجوز استثناؤه، وما لا يجوز إيقاع البيع عليه بانفراده لا يجوز استثناؤه.
• فعلى الأولى: يجوز بيع الحائط واستثناء شجرة معينة منه.
• وعلى الثاني: لا يجوز استثناء الحمل من بيع الدابة، لأنه لا يجوز إفراده بالبيع فكذا استثناؤه.
(1) سبق تخريجه.
(2)
سبق تخريجه.
(3)
شرح الأبى على مسلم (5/ ص 384) المغنى (6/ 729، 730) إعلاء السنن (14/ 51) نيل الأوطار (5/ 180) الموسوعة الكويتية (9/ 19، 20).
(4)
صحيح: أخرجه بهذا اللفظ النسائي (3889) وأبو داود (3402) والترمذي (1290) ومسلم دون الشرط.
• بيع الأصول (1):
المراد بالأصول: الأرض والدور والبساتين والحيوان، وما يتبع هذه الأصول في البيع وما لا يتبعها.
• القواعد التي ينبنى عليها الأصول:
1 -
أن كل ما هو متناول اسم المبيع عرفًا دخل في البيع وإن لم يذكر صريحًا.
2 -
أن ما كان متصلًا بالمبيع اتصال قرارٍ كان تابعًا له في الدخول.
• بيع الأرض: من باع أرضًا دخل فيها الغراس والبناء لاتصالها بها اتصال قرارٍ، وهي من حقوقها وهذا في جميع المذاهب وكذا الحجارة المخلوقة والمثبتة فيها.
• بيع الدور: ومن باع دارًا دخل في البيع بناؤها وفناؤها وما فيها من شجر مغروس، وما كان متصلًا بها لمصلحتها كسلالم ورفوف مستمره وأبواب وغير ذلك، ولا يتناول ما فيها من كنز مدفون ولا ما هو منفصل عنها كحبل ودلو ولا ما ينقل كحجر وخشب.
• بيع الشجر: ومن باع شجرًا أتبعه الأغصان والورق وسائر أجزاء الشجر.
وإن كان في الشجر أو النخل ثمر فالمؤبر للبائع، إلا أن يشترط ذلك المشترى لما روى ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"من باع نخلًا قد أبرت فثمرتها للبائع، إلا أن يشترط المبتاع"(2).
أما إذا لم تكن مؤبرة فهي للمشترى
…
وهذا عند الجمهور (3) وخالف أبو حنيفة والأوزاعى فقالا: تكون للبائع قبل التأبير وقبله. وأجابوا عن حديث ابن عمر بأن المراد بالتأبير فيه ظهور الثمرة واستدلوا على ذلك بما رواه عكرمه عن ابن عمر مرفوعًا "أيّما رجل باع نخلًا قد أينعت فثمرتها لربها الأول إلا أن يشترط المبتاع"(4) والشاهد من الحديث أنه قيد النخل فيه بالإيناع وهو وقت استحقاق البائع للثمرة ..
(1) الموسوعة الكويتية (9/ 20) إعلاء السنن (14/ 43) وفتح المالك بتبويب التمهيد لابن عبد البر (8/ 5: 10) فتح القدير (6/ 280).
(2)
صحيح: أخرجه البخاري (2204) ومسلم.
(3)
قال ابن عبد البر رحمه الله وأما أبو حنيفة وأصحابه فإنهم ردوا ظاهر هذه السنة ودليلها بتأويلهم، وردها ابن أبي ليلى ردًا مجردًا جهلًا بها. والله أعلم اهـ.
(4)
أخرجه البيهقي وقال منقطع انظر الصحيحة.