الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وعليه: فإذا وجد في البيع شيء من هذه الخيارات منع لزومه في حق من له الخيار. فكان له أن يفسخ البيع أو أن يقبله، إلا إذا حدث مانع من ذلك.
الثمن وأحكامه
• تعريف الثمن (1):
هو ما يبذله المشترى من عوض للحصول على المبيع، وهو أحد جزئي العقود عليه -الثمن والمثمن- وهما من مقومات عقد البيع.
• الفرق بين الثمن والقيمة (2):
القيمة: هى ما يساويه الشيء في تقويم المقوِّمين -أهل الخبرة-.
أما الثمن: فهو كل ما يتراضى عليه المتعاقدان، سواء كان أكثر من القيمة أم أقل منها أم مثلها.
فالقيمة هى الثمن الحقيقي للشيء، أما الثمن المتراضى عليه فهو الثمن المسمى.
• التسعير (3):
• تعريفه: هو تحديد أسعار بيع السلع من قبل السلطان، مع منع الناس من البيع بزيادة عليها أو أقل منها.
والسعر: الثمن المقدر للسلعة.
• حكمه: ذهب الجمهور إلى أن الأصل عدم التسعير، لأنه مظلمة، والظلم حرام.
واستدلوا: بحديث أنس بن مالك قال: غلا السعر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: يا رسول الله، لو سعَّرت. فقال:"إن الله عز وجل هو الخالق القابض الباسط الرازق المسعِّرُ، وإنى لأرجو أن ألقى الله عز وجل ولا يطلبنى أحد بمظلمة ظلمتَها إياه، في دَمٍ ولا مال"(4).
وقالوا: ليس للإمام أن يسعر على الناس بل يبيع الناس أموالهم على ما يختارون، والتسعير حجر عليهم، والإمام مأمور برعاية مصلحة المسلمين وليس
(1) و (2) الموسوعة الكويتية (9/ 26).
(3)
المغنى (6/ 311)، تنقيح التحقيق للذهبي -حاشية (7/ 204) الموسوعة الكويتية (9/ 27)، نيل الأوطار (5/ 260) الفتاوى (14/ 323).
(4)
صحيح: أخرجه أبو داود (4/ 3451) الترمذي (1314) وابن ماجة (3200) وغيرهم.
نظره في مصلحة المشترى برخص الثمن أولى من نظره في مصلحة البائع بتوفير الثمن، وإذا تقابل الأمران وجب تمكين البائع والمشترى من الاجتهاد لأنفسهم، وإلزام صاحب السلعة أن يبيع بما لا يرضى به مناف لقوله تعالى:{إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ} (1).
• وأجاز المالكية والحنفية للإمام التسعير دفعًا للضرر عن الناس إذا تعدى أصحاب السلعة عن القيمة المعتادة تعديًا فاحشًا. فلا بأس حينئذ بالتسعير بمشورة أهل الرأى والبصر رعاية لمصالح المسلمين.
واستدلوا بفعل عمر بن الخطاب رضي الله عنه حين مَرَّ بحاطب في السوق فقال له: "إما أن ترفع السعر وإما أن تدخل بيتك فتبيع كيف شئت"(2).
2 -
وبالقاعدة الفقهية (الضرر يزال) وبالأخرى (يتحمل الضرر لمنع الضرر العام).
وأجاب من قال بالمنع:
1 -
بأن عمر رضي الله عنه رجع عن قوله لحاطب - كما في سنن سعيد بن منصور ومسند الشافعي وسنن البيهقي "أن عمر لما رجع حاسب نفسه، ثم أتى حاطبًا في داره، فقال: إن الذي قلتُ لك ليس بعزيمة مني ولا قضاء، وإنما هو شيء أردتُ به الخير لأهل البلد"(3).
قلت: ولكنَّ هذه الزيادة في أثر عمر ضعيفة لورودها من طريق القاسم بن محمَّد بن أبي بكر عن عمر وهو لم يسمع من عمر.
ثم إن المتأمل فيما صحح من قول عمر لحاطب يجد أنه لم يسعر، وإنما أمر حاضبًا بأن يرفع سعره خشية أن يلحق الضرر بأهل السوق. والله أعلم.
قلت: ويجاب عن الثاني: بأن النبي صلى الله عليه وسلم كان أولى بإزالة الضرر حين شكى إليه المسلمون غلاء السعر فلما لم يفعل ذلك دل على عدم جواز التسعير مع تحقق الضرر والله أعلم.
القول الراجح: عدم جواز التسعير مطلقًا لكن على السلطان أن يعزر من يتعمد زيادة السعر.
(1) سورة: النساء: 29.
(2)
إسناده صحيح: أخرجه مالك في الموطأ.
(3)
إسناده ضعيف لانقطاعه: أخرجه البيهقي (2916) وفي معرفة السنن (11651).