المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ثالثا: البيوع المحرمة بسبب الضرر والخداع - صحيح فقه السنة وأدلته وتوضيح مذاهب الأئمة - جـ ٤

[كمال ابن السيد سالم]

فهرس الكتاب

- ‌13 - كتاب الحدود

- ‌الحدود

- ‌الجرائم الحَدِّيَّة:

- ‌(1) حَدُّ الزِّنا

- ‌اللِّواط

- ‌(2) حَدُّ القَذْفِ

- ‌شروط حدِّ القذف:

- ‌(3) حَدُّ شُربِ الخَمر

- ‌(4) حَدُّ السَّرِقَة

- ‌عقوبات السارق

- ‌(5) حَدُّ الحِرَابَةِ

- ‌6 - حَدُّ الردَّة

- ‌التَّعْزير

- ‌من صور التعزير

- ‌14 - كتاب الجنايات والديات

- ‌أولًا: الجنايات

- ‌أولًا: الجناية على النفس (القتل)

- ‌القسم الأول: القتل العمد:

- ‌استيفاء القصاص

- ‌القسم الثاني: القتل شبه العمد

- ‌القسم الثالث: القتل الخطأ

- ‌ثانيًا: الجناية على ما دون النفس

- ‌ثانيًا: الديات

- ‌15 - كتاب البيوع

- ‌أركان البيع أو كيفية انعقاده أو صفة العقود

- ‌انعقاد البيع بالمعاطاة

- ‌انعقاد البيع بالكتابة والمراسلة

- ‌انعقاد البيع بالإشارة من الأخرس وغيره

- ‌شروط البيع

- ‌أولًا: شروط الانعقاد

- ‌بيع الفضولي

- ‌القول في شراء الفضولي

- ‌مسائل تتعلق بما سبق

- ‌ثانيًا: شروط صحة البيع

- ‌ثالثًا: شروط النفاذ

- ‌رابعًا: شروط اللزوم

- ‌الثمن وأحكامه

- ‌أحكام الجوائح

- ‌البيوع المحرمة

- ‌البيوع المحرمة

- ‌أولًا: البيوع المحرمة بسبب الغرر والجهالة:

- ‌ثانيًا: البيوع المحرمة بسبب الربا:

- ‌باب في حكم البيع بالتقسيط وهل يلحق ببيعتين في بيعة

- ‌خلاصة البحث

- ‌ثالثًا: البيوع المحرمة بسبب الضرر والخداع

- ‌رابعًا: البيوع المحرمة لذاتها

- ‌خامسًا: البيوع المحرمة لغيرها

- ‌سادسًا: بيوع مختلف في حرمتها

الفصل: ‌ثالثا: البيوع المحرمة بسبب الضرر والخداع

‌ثالثًا: البيوع المحرمة بسبب الضرر والخداع

1 -

بيع الرجل على بيع أخيه:

• عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا يبع الرجل على بيع أخيه، ولا يخطب على خطبة أخيه إلا أن يأذن له"(1).

• عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا يبع بعضكم على بيع بعض"(2).

• عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا يسم المسلم على سوم أخيه"(3).

• عن ابن عمر رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا يبيع الرجل على بيع أخيه حتى يبتاع أو يذر"(4).

• قال النووى رحمه الله:

أما البيع على بيع أخيه: فمثاله أن يقول لمن اشترى شيئًا في مدة الخيار: أفسخ هذا البيع وأنا أبيعك مثله بأرخص من ثمنه، أو أجود منه بثمنه، ونحو ذلك، وهذا حرام، يحرم أيضًا الشراء على شراء أخيه، وهو أن يقول للبائع في مدة الخيار: افسخ هذا البيع وأنا أشتريه منك بأكثر من هذا الثمن، ونحو هذا.

• وأما السوم على سوم أخيه: فهو أن يكون قد اتفق مالك السلعة والراغب فيها على البيع، ولم يعقداه، فيقول الآخر للبائع أنا أشتريه، وهذا حرام بعد استقرار الثمن. وأما السوم في السلعة التي تباع فيمن يزيد ليس بحرام (5).

• قال الحافظ ابن حجر:

قال العلماء: البيع على البيع حرام، وكذلك الشراء على الشراء. وهو مجمع عليه (6).

(1) أخرجه البخاري (2140) ومسلم (1514) وغيرهما.

(2)

أخرجه البخاري (2139) ومسلم (1514) وغيرهما.

(3)

أخرجه البخاري (2727) ومسلم (1515).

(4)

صحيح أخرجه النسائي (7/ 258) رقم (4516).

(5)

شرح صحيح مسلم (5/ 149. 150).

(6)

فتح البارى (4/ 414، 415).

ص: 390

والحرمة لما فيه من الإضرار بالمسلم والإفساد عليه، والنهي يقتضي الفساد (1). وهذا بالإضافة إلى التدابر والتقاطع والتحاسد والبغضاء.

2 -

بيع النَّجْشُ:

النجش لغة: الإثارة. يقال: نجش الطائر: إذا أثاره من مكانه.

ومعناه اصطلاحًا: أن يزيد الرجل في ثمن السلعة، وليس قصده أن يشتريها، بل ليرغب غيره، فيوقعه فيه، أو يمدح البيع بما ليس فيه ليروجه.

وسمي بذلك لأن الناجش يثير الرغبة في السلعة ويقع ذلك بمواطأة البائع فيشتركان في الإثم، ويقع ذلك بغير علم البائع فيختص بذلك الناجش، وقد يختص به البائع كمن يخبر بأنه اشترى سلعة بأكثر مما اشتراها به ليغر غيره بذلك. وقال ابن قتيبة: النجش: الختل والخديعة (2).

• عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: "نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن النجش"(3).

• قال الإِمام البخاري: قال ابن أبي أوفى "الناجش آكل ربا خائن" وهو صراع باطل لا يحل (4).

• قال الحافظ ابن حجر: أطلق ابن أبي أوفى على من أخبر بأكثر مما اشترى به أنه ناجش لمشاركته لمن يزيد في السلعة وهو لا يريد أن يشتريها في غرور الغير فاشتركا في الحكم لذلك وكونه آكل ربا بهذا التفسير (5).

• ومذهب جمهور الفقهاء: أن بيع النجش حرام، وذلك لثبوت النهي عنه، ولما فيه من خديعة المسلم، وهي حرام (6).

3 -

بيع تلقي الجَلَب أو الركبان أو السلع:

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: "نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يُتلقى الجَلَبُ"(7).

(1) راجع الموسوعة الفقهية الكويتية (9/ 214 - 218).

(2)

المصدر السابق (9/ 220) وفتح البارى (4/ 416).

(3)

أخرجه البخاري (2142) ومسلم (1516).

(4)

انظر صحيح البخاري كتاب البيوع -باب النجش، والحديث رقم (2675).

(5)

فتح البارى (4/ 417).

(6)

الموسوعة الفقهية الكويتية (9/ 221).

(7)

أخرجه مسلم (1519).

ص: 391

• عن عبد الله رضي الله عنه قال: "كنا نتلقى الركبان فنشتري منهم الطعام، فنهانا النبي صلى الله عليه وسلم أن نبيعه حتى يُبلغ به سوق الطعام"(1).

• وعن ابن عمر رضي الله عنهما: " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى أن تُتلقى السلع حتى تبلغ الأسواق"(2).

• عن عبد الله رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: "أنه نهى عن تلقى البيوع"(3).

• التلقى: هو الخروج من البلد التي يجلب إليها القوت ونحوه.

• والجلب: بمعنى الجالب، أو هو بمعنى المجلوب، وهو ما يجلب من بلد لبلد.

• والركبان: جمع راكب والتعبير به جرى على الغالب، والمراد القادم ولو واحدًا أو ماشيًا.

• ومعنى ذلك أن يقوم بعض الناس أو التجار بتلقى السلع الواردة إليهم وذلك قبل ورودها السوق، وقبل أن يقدموا البلد ويعرفوا سعر السوق فيخبروهم أن السعر ساقطة والسوق كاسدة والرغبة قليلة حتى يخدعوهم عما في أيديهم ويبتاعوه منهم بالوكس من الثمن، فنهاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك لما فيه من الضرر.

• ذهب جمهور الفقهاء إلى أن بيع التلقي محرم لثبوت النهي عنه ولما فيه من تغرير وخداع أصحاب السلع، والإضرار بالعامة.

• وقال الإِمام البخاري: باب النهي عن تلقي الركبان وأن بيعه مردود. لأن صاحبه عاص آثم إذا كان به عالمًا، وهو خداع في البيع، والخِّداع لا يجوز (4).

4 -

بيع الحاضر للباد:

معناه: أن يخرج الحضري وهو السمسار إلى جالب السلعة سواء كان من أهل البادية أم من الحاضرة. وهو غريب عن البلد ويريد بيع سلعته بسعر الوقت في الحال، فيقول له هذا السمسار: ضعه عندي لأبيعه لك على التدريج بأغلى من هذا السعر.

عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تلَقُّوا الركبان، ولا يبع

(1) أخرجه البخاري (2166).

(2)

أخرجه البخاري (2165) ومسلم (1517).

(3)

البخاري (2149) ومسلم (1518).

(4)

فتح البارى (4/ 436).

ص: 392

حاضر لباد" قال طاوس: فقلت لابن عباس: ما قوله لا يبع حاضر لباد؟ قال: "لا يكون له سمسارًا" (1).

• السمسار: هو متولى البيع والشراء لغيره.

• عن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يَبع حاضر لبادٍ دعوا الناس يرزق الله بعضهم من بعض"(2).

وهذا من البيوع المحرمة للنهي عنه، والنهي يقتضي الفساد وكذلك للإضرار بالمسلمين فالبادي يقدم على البلد ويبيع سلعته بما يعود عليه بالكسب الحلال ويقضي الناس حوائجهم، لكن إذا تولى التسعير له سمسار يعرف حاجة الناس وفاقتهم زاد في السعر بربح قد يصل أضعافًا مضاعفة وهذا مخالف لسماحة الإِسلام ويسر الشارع الكريم، ولهذا جاء في الحديث:"دعوا الناس يرزق الله بعضهم من بعض"(3).

• قال ابن المنذر: اختلفوا في هذا النهي فالجمهور أنه على التحريم بشرط العلم بالنهي وأن يكون المتاع المجلوب مما يحتاج إليه وأن يعرض الحضري ذلك على البدوي، فلو عرضه البدوي على الحضري لم يمنع؛ وتعقب الحافظ ابن حجر الفقرة الأخيرة فقال: فأما اشتراط أن يلتمس البلدي ذلك فلا يقوم لعدم دلالة اللفظ عليه وعدم ظهور المعنى فيه، فإن الضرر الذي علل به النهي لا يفترق الحال فيه بين سؤال البلدي وعدمه (4).

5 -

بيع فضل الماء:

• عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: "نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع فضل الماء"(5).

• عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا يمنع فضل الماء ليمنع به الكلأ"(6).

(1) أخرجه البخاري (2158) ومسلم (1521).

(2)

أخرجه مسلم (1522) وأبو داود (3442).

(3)

راجع اختيارات ابن قدامة الفقهية (2/ 26 - 27).

(4)

فتح البارى (4/ 434، 435).

(5)

أخرجه مسلم (1565) وغيره.

(6)

أخرجه البخاري (2353) ومسلم (1566) وغيرهما.

ص: 393

• قال الإِمام النووى رحمه الله:

أما النهي عن بيع فضل الماء ليمنع به الكلأ فمعناه أن تكون لإنسان بئر مملوكة له بالفلاة وفيها ماء فاضل عن حاجته، ويكون هناك كلأ ليس عنده ماء إلا هذه، فلا يمكن أصحاب المواشى رعيه إلا إذا حصل لهم السقي من هذه البئر، فيحرم عليه منع فضل هذا الماء للماشية، ويجب بذله لها بلا عوض، لأنه إذا منع بذله امتنع الناس من رعى ذلك الكلأ، خوفًا على مواشيهم من العطش، ويكون بمنعه الماء مانعًا من رعى الكلأ (1).

إذًا في منع الماء الزائد عن حاجة الإنسان فيه الضرر على الحرث والنسل والمواشي، وقد نهينا عن الضرر. ولذلك توعد الله من فعل ذلك بأنه يمنع من فضل الله يوم القيامة ولا يكلمه.

• عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا ينظر إليهم ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم: رجل حلف على سلعة لقد أعطى بها أكثر مما أعطى وهو كاذب، ورجل حلف على يمين كاذبة بعد العصر ليقتطع بها مال رجل مسلم، ورجل منع فضل مائه فيقول الله: اليوم أمنعك فضلي كما منعت فضل ما لم تعمل يداك".

وفي رواية: "رجل كان له فضل ماء بالطريق فمنعه من ابن السبيل"(2).

6 -

بيع المحتكر:

عن معمر بن عبد الله رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يحتكر إلا خاطئ"(3).

• قال النووى رحمه الله:

قال أهل اللغة: الخاطئ: هو العاصي الآثم.

وهذا الحديث صريح في تحريم الاحتكار.

قال أصحابنا: الاحتكار المحرم هو الاحتكار في الأقوات خاصة، وهو أن يشتري الطعام في وقت الغلاء للتجارة، ولا يبيعه في الحال، بل يدخره ليغلو ثمنه، فأما إذا جاء من قريته، أو اشتراه في وقت الرخص وادخره أو ابتاعه في

(1) شرح صحيح مسلم (5/ 261،260).

(2)

أخرجه البخاري (2358 - 2369) ومسلم (108).

(3)

أخرجه مسلم (1605).

ص: 394

وقت الغلاء لحاجته إلى أكله، أو ابتاعه ليبيعه في وقته، فليس باحتكار ولا تحريم فيه، وأما غير الأقوات فلا يحرم الاحتكار فيه بكل حال.

• قال العلماء: والحكمة في تحريم الاحتكار دفع الضرر عن عامة الناس كما أجمع العلماء على أنه لو كان عند إنسان طعام، واضطر الناس إليه ولم يجدوا غيره، أُجبر على بيعه دفعًا للضرر عن الناس (1).

• أما ما ذكر عن سعيد بن المسيب ومعمر راوى الحديث أنهما كانا يحتكران: فهذا محمول على احتكار ما لا يضر بالناس كالزيت والأدم، أما احتكار ما يضر بالناس فلا. إذ لا يظن بالصحابي أن يروى الحديث ثم يخالفه، وكذلك سعيد بن المسيب لا يظن به في فضله وعلمه أن يروى الحديث ثم يخالفه إلا أن يحمل الحديث على بعض الأشياء التي لا تعتبر من القوت كالزيت (2).

7 -

البيع الذي فيه غش ومكر وخديعة:

• عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر على صبرة طعام فأدخل يده فيها، فنالت أصابعه بللًا فقال:"ما هذا يا صاحب الطعام؟ " قال: أصابته السماء يا رسول الله قال: "أفلا جعلته فوق الطعام كى يراه الناس؟ من غش فليس مني"(3).

• عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر برجل يبيع طعامًا فقال: "كيف تبيع؟ ".

فأخبره، فأُوحى إليه أن أدخل يدك فيها فأدخل، فإذا هو مبلول، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:"ليس منا من غشنا"(4).

• عن قيس بن سعد قال: لولا أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "المكر والخديعة في النار" لكنت من أمكر الناس (5).

(1) شرح صحيح مسلم (5/ 346).

(2)

راجع شرح صحيح مسلم (5/ 346) وشرح السنة (8/ 179) والزواجر للهيتمي (1/ 454).

(3)

أخرجه مسلم (102).

(4)

صحيح: أخرجه أبو داود (3452) والبغوي في شرح السنة (8/ 2121).

(5)

حسن: أخرجه ابن عدي في الكامل وغيره. انظر الصحيحة (1057).

ص: 395

• عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من غشنا فليس منا والمكر والخداع في النار"(1).

• قال ابن العربي: الغش حرام بإجماع الأمة، لأنه نقيض النصح، وهو من الغشش وهو الماء الكدر، فلما خلط السالم بالمعيب وكتم ما لو أظهره لما أقدم عليه المبتاع (2).

• وقال البغوي: والتدليس في البيع حرام مثل أن يخفى العيب (3).

• وقال ابن حجر الهيتمي: كل من علم بسلعته عيبًا وجب عليه وجوبًا متأكدًا بيانه للمشتري، وكذلك لو علم العيب غير البائع كجاره وصاحبه ورأى إنسانًا يريد أن يشترى ولا يعرف ذلك العيب وجب عليه أن يبينه له كما قال صلى الله عليه وسلم:"لا يحل لأحد يبيع شيئًا إلا بيَّن ما فيه ولا يحل لأحد يعلم ذلك إلا بينه"(4).

وكثير من الناس لا يهتدون لذلك أو لا يعلمون (5).

• فاعلم يرحمك الله تعالى أن التدليس والغش والخداع منهي عنه شرعًا باتفاق العلماء.

وقد يكون هذا التدليس والغش والخداع بالفعل والقول وكتمان الحقيقة.

• بالفعل: كإحداث فعل في المعقود عليه ليظهر بصورة غير ما هو عليه في الواقع، أي أنه تزوير الوصف المعقود عليه أو تغييره بقصد الإيهام كتوجيه البضاعة المعروضة للبيع، بوضع الجيد في الأعلى، وطلاء الأثاث والمفروشات القديمة والسيارات، لتظهر أنها حديثة، والتلاعب بعداد السيارة، لتظهر بأنها قليلة الاستعمال.

• ومن أشهر أمثلته الشاه المصراة: وهي التي يحبس اللبن في ضرعها بربط الثدى، مرة يومين أو ثلاثة ليجتمع لبنها ويمتلئ إيهامًا للمشتري بكبر ضرعها وغزارة لبنها.

(1) حسن: أخرجه ابن حبان (567)، وانظر الصحيحة (1058).

(2)

عارضة الأحوذي (6/ 45).

(3)

شرح السنة (8/ 167).

(4)

صحيح: أخرجه الحاكم (2/ 10) وغيره. وانظر غاية المرام في تخريج أحاديث الحلال والحرام للشيخ الألباني رحمه الله (339).

(5)

الزواجر (1/ 467).

ص: 396

• وبالقول: كالكذب الصادر من أحد العاقدين أو ممن يعمل لحسابه حتى يحمل العاقد الآخر على التعاقد ولو بغبن، كأن يقول البائع أو المؤجر للمشتري أو للمستأجر: هذا الشىء يساوى أكثر، ولا مثيل له في السوق، أو دفع لي فيه سعر كذا فلم أقبل، ونحو ذلك من المغريات الكاذبة.

• أما كتمان الحقيقة: كأن يكتم البائع عيبًا في المبيع، كتصدع في جدران الدار وطلائها بالدهان أو الجص، وكسر في محرك السيارة، ومرض في الدابة المبيعة، أو يكتم المشتري عيبًا في النقود ككون الورقة النقدية باطلة التعامل (مزورة) أو زائلة الرقم النقدى المسجل عليها.

وحكم هذا أنه جزم شرعًا باتفاق الفقهاء (1).

8 -

بيع التلجئة:

التلجئة في اللغة: الإكراه والاضطرار.

وهي من الإلجاء، كأنه قد ألجأك إلى أن تأتي أمرًا باطنه خلاف ظاهره، وأحوجك إلى أن تفعل فعلًا تكرهه (2).

وفي الاصطلاح: فيرجع معناها إلى معنى الإلجاء وهو الإكراه التام أو الملجى، كتهديد شخص لغيره بإتلاف نفس أو عضو أو ضرب مبرح إذا لم يفعل ما يطلبه منه.

أو: هو المضطر إلى البيع لتهريب أمواله من وجه ظالم.

أو: هو كتابه عقد، والتظاهر بالبيع من غير نية أو صيغة.

وبيعه فاسد عند الحنفية، باطل عند الحنابلة (3).

ففي هذا النوع ضرر للبائع حيث يكره على البيع وهو لا يريد وقد نهانا الله عن ذلك.

قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ} (4).

(1) راجع الفقه الإسلامي (د. وهبة الزحيلي)(4/ 218 - 220).

(2)

راجع القاموس المحيط ومختار الصحاح والنهاية لابن الأثير (لفظ: لجأ).

(3)

راجع الموسوعة الفقهية الكويتية (9/ 62) والفقه الإسلامي (4/ 501) وأصول المنهج الإسلامي (عبد الرحمن العبيد)(ص 467).

(4)

سورة النساء: 29.

ص: 397