الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
427 - عبد الله بن أَحْمد بن عبد الله
الإِمَام الزَّاهِد الْجَلِيل الْبَحْر أحد أَئِمَّة الدُّنْيَا يعرف بالقفال الصَّغِير الْمروزِي
شيخ الخراسانيين وَلَيْسَ هُوَ الْقفال الْكَبِير هَذَا أَكثر ذكرا فِي الْكتب أَي كتب الْفِقْه وَلَا يذكر غَالِبا إِلَّا مُطلقًا وَذَاكَ إِذا أطلق قيد بالشاشي وَرُبمَا أطلق فِي طَريقَة الْعِرَاقِيّين لقلَّة ذكرهم لهَذَا والشاشي أَكثر ذكرا فِيمَا عدا الْفِقْه من الْأُصُول وَالتَّفْسِير وَغَيرهمَا
كَانَ الْقفال الْمروزِي هَذَا من أعظم محَاسِن خُرَاسَان إِمَامًا كَبِيرا وبحرا عميقا غواصا على الْمعَانِي الدقيقة نقي القريحة ثاقب الْفَهم عَظِيم الْمحل كَبِير الشَّأْن دَقِيق النّظر عديم النظير فَارِسًا لَا يشق غباره وَلَا تلْحق آثاره بطلا لَا يصطلي لَهُ بِنَار أسدا مَا بَين يَدَيْهِ لواقف إِلَّا الْفِرَار
تفقه على الشَّيْخ أبي زيد الْمروزِي وَسمع مِنْهُ وَمن الْخَلِيل بن أَحْمد القَاضِي وَجَمَاعَة وَحدث وأملى
ذكره الإِمَام أَبُو بكر مُحَمَّد بن الإِمَام أبي المظفر السَّمْعَانِيّ فِي أَمَالِيهِ فَقَالَ كَانَ وحيد زَمَانه فقها وحفظا وورعا وزهدا وَله فِي فقه الشَّافِعِي وَغَيره من الْآثَار مَا لَيْسَ لغيره من أهل عصره
قَالَ وطريقته المهدية فِي مَذْهَب الشَّافِعِي الَّتِي حملهَا عَنهُ فُقَهَاء
أَصْحَابه من أهل الْبِلَاد أمتن طَريقَة وأوضحها تهذيبا وأكثرها تَحْقِيقا رَحل إِلَيْهِ من الْبِلَاد للتفقه عَلَيْهِ فظهرت بركته على مختلفيه حَتَّى تخرج بِهِ جمَاعَة كَثِيرَة صَارُوا أَئِمَّة فِي الْبِلَاد نشرُوا علمه ودرسوا قَوْله
هَذَا كَلَامه
والقفال رضي الله عنه أَزِيد مِمَّا وصف وأبلغ مِمَّا ذكر وَقد صَار مُعْتَمد الْمَذْهَب على طَريقَة الْعرَاق وحامل لوائها أَبُو حَامِد الإسفرايني وَطَرِيقَة خُرَاسَان والقائم بأعبائها الْقفال الْمروزِي هما رحمهمَا الله شَيخا الطريقتين إِلَيْهِمَا الْمرجع وَعَلَيْهِمَا الْمعول
وَكَانَ الْقفال رحمه الله قد ابْتَدَأَ التَّعَلُّم على كبر السن بَعْدَمَا أفنى شبيبته فِي صناعَة الأقفال وَكَانَ ماهرا فِيهَا
رُوِيَ عَن الشَّيْخ أبي مُحَمَّد الْجُوَيْنِيّ أَنه قَالَ كَانَ الْقفال صنع قفلا مَعَ جَمِيع آلاته من وزن أَربع حبات من حَدِيد قَالَ الشَّيْخ أَبُو مُحَمَّد أخرج الْقفال يَده فَإِذا على ظهر كَفه آثَار المجل فَقَالَ هَذَا من آثَار عَمَلي فِي ابْتِدَاء شَبَابِي
قَالَ السَّمْعَانِيّ أَبُو بكر وَسمعت جمَاعَة من مشيختنا يذكرُونَ أَنه ابْتَدَأَ التَّعَلُّم وَهُوَ ابْن ثَلَاثِينَ سنة فَبَارك الله تَعَالَى لَهُ حَتَّى أربي على أهل عصره وَصَارَ أفقه أهل زَمَانه
قَالَ الشَّيْخ أَبُو مُحَمَّد وَسمعت الْقفال يَقُول ابتدأت التَّعَلُّم وَأَنا لَا أفرق بَين اختصرت واختصرت
قَالَ ابْن الصّلاح أَظن أَنه أَرَادَ بِهَذَا الْكَلِمَة الأولى من مُخْتَصر الْمُزنِيّ وَهُوَ قَوْله اختصرت هَذَا من علم الشَّافِعِي وَأَرَادَ أَنه لم يكن يدرى من اللِّسَان الْعَرَبِيّ مَا يفرق بِهِ بَين ضم تَاء الضَّمِير وَفتحهَا
وَقَالَ نَاصِر الْعمريّ لم يكن فِي زمَان أبي بكر الْقفال أفقه مِنْهُ وَلَا يكون بعده مثله وَكُنَّا نقُول إِنَّه ملك فِي صُورَة إِنْسَان
وَكَانَ الْقفال رحمه الله مصابا بِإِحْدَى عَيْنَيْهِ
قَالَ أَبُو بكر السَّمْعَانِيّ سَمِعت الإِمَام وَالِدي يَقُول سُئِلَ الْقفال رحمه الله فِي مجْلِس وعظه هَل يقْضِي الله على عَبده بِسوء الْقَضَاء فَقَالَ نعم فقد أدركني سوء الْقَضَاء وعور إِحْدَى عَيْني
وَقَالَ القَاضِي الْحُسَيْن كنت عِنْد الْقفال فَأَتَاهُ رجل قروي وشكا إِلَيْهِ أَن حِمَاره أَخذه بعض أَصْحَاب السُّلْطَان فَقَالَ لَهُ الْقفال اذْهَبْ فاغتسل وادخل الْمَسْجِد وصل رَكْعَتَيْنِ واسأل الله تَعَالَى أَن يرد عَلَيْك حِمَارك
فَأَعَادَ عَلَيْهِ الْقَرَوِي كَلَامه فَأَعَادَ الْقفال فَذهب الْقَرَوِي فَفعل مَا أمره بِهِ وَكَانَ الْقفال قد بعث من يرد حِمَاره فَلَمَّا فرغ من صلَاته رد الْحمار فَلَمَّا رَآهُ على بَاب الْمَسْجِد خرج وَقَالَ الْحَمد لله الَّذِي رد عَليّ حماري فَلَمَّا انْصَرف سُئِلَ الْقفال عَن ذَلِك فَقَالَ أردْت أَن أحفظ عَلَيْهِ دينه كي يحمد الله تَعَالَى
وَقَالَ نَاصِر الْعمريّ احتسب بعض الْفُقَهَاء الْمُخْتَلِفين إِلَى الْقفال على بعض أَتبَاع الْأَمِير بمرو فَرفع الْأَمِير الْأَمر إِلَى السُّلْطَان مَحْمُود وَذكر أَن الْفُقَهَاء أساءوا الْأَدَب فِي مُوَاجهَة الدِّيوَان بِمَا فعلوا فَكتب مَحْمُود هَل يَأْخُذ الْقفال شَيْئا من ديواننا فَقيل لَا فَقَالَ فَهَل يتلبس من أُمُور الْأَوْقَاف بِشَيْء فَقيل لَا قَالَ فَإِن الاحتساب لَهُم سَائِغ فَدَعْهُمْ
وَقَالَ القَاضِي الْحُسَيْن كَانَ الْقفال فِي كثير من الْأَوْقَات فِي الدَّرْس يَقع عَلَيْهِ الْبكاء ثمَّ يرفع رَأسه وَيَقُول مَا أَغْفَلنَا عَمَّا يُرَاد بِنَا رضي الله عنه
تفقه الْقفال على جمَاعَة وَكَانَ تخرجه على يَد الشَّيْخ أبي زيد وَسمع الحَدِيث بمرو وببخارى وبيكند وهراة وَحدث فِي آخر عمره وأملى