الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
477 - عبد الْملك بن عبد الله بن يُوسُف بن مُحَمَّد بن عبد الله بن حيوية الْجُوَيْنِيّ
النَّيْسَابُورِي إِمَام الْحَرَمَيْنِ أَبُو الْمَعَالِي ولد الشَّيْخ أبي مُحَمَّد
هُوَ الإِمَام شيخ الْإِسْلَام الْبَحْر الحبر المدقق الْمُحَقق النظار الأصولي الْمُتَكَلّم البليغ الفصيح الأديب الْعلم الْفَرد زِينَة الْمُحَقِّقين إِمَام الْأَئِمَّة على الْإِطْلَاق عجما وعربا وَصَاحب الشُّهْرَة الَّتِي سَارَتْ السراة والحداة بهَا شرقا وغربا
هُوَ الْبَحْر وعلومه درره الفاخرة وَالسَّمَاء وفوائده الَّتِي أنارت الْوُجُود نجومها الزاهرة يمل الْحَدِيد من الْحَدِيد وذهنه لَا يمل من نصْرَة الدّين فولاذه وتكل الْأَنْفس وقلمه يسح وابل دمعه ورذاذه ويدجو اللَّيْل البهيم وَلَا ترى بَدْرًا إِلَّا وَجهه فِي محرابه وَلَا نَاظرا طرفه نَاظرا فِي كِتَابه
بَطل علم إِذا رَآهُ النظار أفحموا وَقَالُوا {وَمَا منا إِلَّا لَهُ مقَام مَعْلُوم} وَفَارِس بحث يضيق على خصمائه الفضاء الْوَاسِع حَتَّى لَا يفوتهُ الهارب مِنْهُم فِي الأَرْض يحور وَلَو أَنه الطَّائِر فِي السَّمَاء يحوم
تفد المشكلات إِلَيْهِ فيصدها وَترد السؤالات عَلَيْهِ فَلَا يردهَا
(أبدا على طرف اللِّسَان جَوَابه
…
فَكَأَنَّمَا هِيَ دفْعَة من صيب)
(يَغْدُو مساجله بعزة صَافح
…
وَيروح معترفا بذلة مذنب)
وَمَا برح يدأب لَا يتْرك سامية إِلَّا علاها وَلَا غَايَة إِلَّا قطع دونهَا أنفاس الْمجَاز وَقطع مُنْتَهَاهَا بذهن صَحَّ على نقد الْفِكر إبريزه ووضح فِي ميدان الْجِدَال تبريزه حَتَّى قَالَ لَهُ الدَّهْر لقد اشْتبهَ يَوْمك بأمسك وَقَالَت العلياء هَذَا حدي قف عِنْده على رسلك ارْفُقْ بِنَفْسِك وَأمْسك
هَذَا إِلَى لفظ غرَّة سحر إِلَّا أَنه حل وبل ودره يَتِيم إِلَّا أَنه لَا يذل بفصيح كلم قَالَت النُّحَاة هَذَا مَا عجز عَنهُ زيد وَعَمْرو وخَالِد وبليغ قَول قَالَت البلغاء قصر عَن مداه طريف الفصاحة والتالد
(وَمَا أرى أحدا فِي النَّاس يُشبههُ
…
وَمَا أحاشي من الأقوام من أحد)
أجل وَالله إِنَّه لذُو حَظّ عَظِيم وَقدر إِذا أنصفت العداة أصبح وَإِذا الَّذِي بَينه وَبَينه عَدَاوَة كَأَنَّهُ ولي حميم
وعظمة أمست ديار الْأَعْدَاء بهَا وَهِي محلات مآتم وجلالة قَالَ القَاضِي لَا يكتمها الشَّاهِد الْمعدل عِنْدِي وَمن يكتمها فَإِنَّهُ آثم
ومهابة يتضاءل النَّجْم دونهَا وتود الْأسود أَن تكونها وَلَا تكون إِلَّا دونهَا
وفخار لَو رَأَتْهُ الْأُم لقالت قري عينا أيتها النَّفس بِهَذَا الْوَلَد أَو الْمُزنِيّ لعلم أَن بَنَات قرائحه انْتَهَت إِلَيْهِ أَبْكَارًا وَاتخذ مِنْهَا مَا عز كل وَاحِد
وأبحاث لَو عارضها الْقفال شيخ الخراسانيين لقيل هَذَا يضْرب فِي حَدِيد بَارِد وَلَو عرضت على شيخ الْعِرَاقِيّين لقَالَ ابْن أبي طَاهِر أَنا شيخ الطَّائِفَة وَأَنا حَامِد وَأَبُو حَامِد
وشعار أَوَى الْأَشْعَرِيّ مِنْهُ إِلَى ركن شَدِيد وَاعْتَزل المعتزلي المناظرة علما أَنه مَا يلفظ من قَول إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيب عتيد
إِذا صعد الْمِنْبَر مد يَده إِلَى الفراقد وأنشده الْفضل
(وَلما رَأَيْت النَّاس دون مَحَله
…
تيقنت أَن الدَّهْر للنَّاس ناقد)
وَإِذا وعظ ألبس الْأَنْفس من الخشية ثوبا جَدِيدا ونادته الْقُلُوب إننا بشر فَأَسْجِحْ فلسنا بالجبال وَلَا الحديدا
وَإِذا نَاظر قعد الْأسد فَلَا يَسْتَطِيع أَن يقوم وَقَامَ الْحق بِحَيْثُ يحضر أندية الدّين وَسُهيْل قد نبذ بالعراء كَأَنَّهُ مَذْمُوم وَإِذا قصد رباع المبتدعة هد شبهها ببراهين قَائِمَة على عمد وَأنْشد من رَآهَا
(أمست خلاء وَأمسى أَهلهَا احتملوا
…
أخنى عَلَيْهَا الَّذِي أخنى على لبد)
رَبِّي فِي حجر الْعلم رشيدا حَتَّى رَبًّا وارتضع ثدي الْفضل فَكَانَ فطامه هَذَا النبا وَأحكم الْعَرَبيَّة وَمَا يتَعَلَّق بهَا من عُلُوم الْأَدَب وأوتي من الفصاحة والبلاغة مَا عجز الفصحاء وحير البلغاء وَسكت من نطق ودأب
وَكَانَ يذكر دروسا كل درس مِنْهَا تضيق الأوراق العديدة عَن استيعابه وَيقصر