الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذكر الْبَحْث عَمَّا رمي بِهِ الْمَاوَرْدِيّ من الاعتزال
قَالَ ابْن الصّلاح هَذَا الْمَاوَرْدِيّ عَفا الله عَنهُ يتهم بالاعتزال وَقد كنت لَا أتحقق ذَلِك عَلَيْهِ وأتأول لَهُ وأعتذر عَنهُ فِي كَونه يُورد فِي تَفْسِيره فِي الْآيَات الَّتِي يخْتَلف فِيهَا أهل التَّفْسِير تَفْسِير أهل السّنة وَتَفْسِير الْمُعْتَزلَة غير متعرض لبَيَان مَا هُوَ الْحق مِنْهَا وَأَقُول لَعَلَّ قَصده إِيرَاد كل مَا قيل من حق أَو بَاطِل وَلِهَذَا يُورد من أَقْوَال المشبهة أَشْيَاء مثل هَذَا الْإِيرَاد حَتَّى وجدته يخْتَار فِي بعض الْمَوَاضِع قَول الْمُعْتَزلَة وَمَا بنوه على أصولهم الْفَاسِدَة وَمن ذَلِك مصيره فِي الْأَعْرَاف إِلَى أَن الله لَا يَشَاء عبَادَة الْأَوْثَان وَقَالَ فِي قَوْله تَعَالَى {وَكَذَلِكَ جعلنَا لكل نَبِي عدوا شياطين الْإِنْس وَالْجِنّ} وَجْهَان فِي جعلنَا أَحدهمَا مَعْنَاهُ حكمنَا بِأَنَّهُم أَعدَاء وَالثَّانِي تركناهم على الْعَدَاوَة فَلم نمنعهم مِنْهَا
وَتَفْسِيره عَظِيم الضَّرَر لكَونه مشحونا بتأويلات أهل الْبَاطِل تلبيسا وتدسيسا على وَجه لَا يفْطن لَهُ غير أهل الْعلم وَالتَّحْقِيق مَعَ أَنه تأليف رجل لَا يتظاهر بالانتساب إِلَى الْمُعْتَزلَة بل يجْتَهد فِي كتمان موافقتهم فِيمَا هُوَ لَهُم فِيهِ مُوَافق ثمَّ هُوَ لَيْسَ معتزليا مُطلقًا فَإِنَّهُ لَا يوافقهم فِي جَمِيع أصولهم مثل خلق الْقُرْآن كَمَا دلّ عَلَيْهِ تَفْسِيره فِي قَوْله عز وجل {مَا يَأْتِيهم من ذكر من رَبهم مُحدث} وَغير ذَلِك ويوافقهم فِي الْقدر وَهِي البلية الَّتِي غلبت على الْبَصرِيين وعيبوا بهَا قَدِيما
انْتهى
شرح حَال الْفتيا الْوَاقِعَة فِي زمَان الْمَاوَرْدِيّ فِيمَن لقب بشاهنشاه
وَهِي من محَاسِن الْمَاوَرْدِيّ وَقد سَاقهَا الشَّيْخ مُحَمَّد بن الشَّيْخ أبي الْفضل عبد الْملك
ابْن إِبْرَاهِيم الهمذاني فِي ذيله الَّذِي ذيله على تَارِيخ أبي شُجَاع مُحَمَّد بن الْحُسَيْن الْوَزير الْعَالم وَأَبُو شُجَاع أَيْضا مذيل على تَارِيخ مُتَقَدم
وحاصلها أَنه فِي سنة تسع وَعشْرين وَأَرْبَعمِائَة فِي شهر رَمَضَان أَمر الْخَلِيفَة أَن يُزَاد فِي ألقاب جلال الدولة ابْن بويه شاهنشاه الْأَعْظَم ملك الْمُلُوك وخطب لَهُ بذلك فَأفْتى بعض الْفُقَهَاء بِالْمَنْعِ وَأَنه لَا يُقَال ملك الْمُلُوك إِلَّا لله وتبعهم الْعَوام ورموا الخطباء بالآجر
وَكتب إِلَى الْفُقَهَاء فِي ذَلِك فَكتب الصَّيْمَرِيّ الْحَنَفِيّ أَن هَذِه الْأَسْمَاء يعْتَبر فِيهَا الْقَصْد وَالنِّيَّة
وَكتب القَاضِي أَبُو الطّيب الطَّبَرِيّ بِأَن إِطْلَاق ملك الْمُلُوك جَائِز وَمَعْنَاهُ ملك مُلُوك الأَرْض قَالَ وَإِذا جَازَ أَن يُقَال قَاضِي الْقُضَاة جَازَ أَن يُقَال ملك الْمُلُوك
وَوَافَقَهُ التَّمِيمِي من الْحَنَابِلَة
وَأفْتى الْمَاوَرْدِيّ بِالْمَنْعِ وشدد فِي ذَلِك وَكَانَ الْمَاوَرْدِيّ من خَواص جلال الدولة فَلَمَّا أفتى بِالْمَنْعِ انْقَطع عَنهُ فَطَلَبه جلال الدولة فَمضى إِلَيْهِ على وَجل شَدِيد فَلَمَّا دخل قَالَ لَهُ أَنا أتحقق أَنَّك لَو حابيت أحدا لحابيتني لما بيني وَبَيْنك وَمَا حملك إِلَّا الدّين فَزَاد بذلك محلك عِنْدِي
قلت وَمَا ذكره القَاضِي أَبُو الطّيب هُوَ قِيَاس الْفِقْه إِلَّا أَن كَلَام الْمَاوَرْدِيّ يدل لَهُ حَدِيث ابْن عُيَيْنَة عَن أبي الزِّنَاد عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ (أخنع اسْم عِنْد الله تَعَالَى يَوْم الْقِيَامَة رجل يُسمى ملك الْأَمْلَاك)
رَوَاهُ الإِمَام أَحْمد
وَقَالَ سَأَلت أَبَا عَمْرو الشَّيْبَانِيّ عَن أخنع فَقَالَ أوضع
والْحَدِيث فِي صَحِيح البُخَارِيّ