الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وملكت إقليمين ثمت ثَالِثا فَدُعِيت بعد الْملك بالسلطان
عدنا إِلَى ذكر يَمِين الدولة فَنَقُول كَانَ أَولا حَنَفِيّ الْمَذْهَب ثمَّ انْتقل إِلَى مَذْهَب الشَّافِعِي لما صلى الْقفال بَين يَدَيْهِ صَلَاة لَا يجوز الشَّافِعِي دونهَا وَصَلَاة لَا يجوز أَبُو حنيفَة دونهَا
وَقد سَاق الْقفال الْحِكَايَة فِي فَتَاوِيهِ ثمَّ حَكَاهَا من بعده إِمَام الْحَرَمَيْنِ
وَغَيره
شرح مبدأ حَاله
كَانَ وَالِده سبكتكين قد ورد بُخَارى فِي أَيَّام الْأَمِير نوح بن نصر الساماني فَعرفهُ كبراء تِلْكَ الدولة بالشجاعة والشهامة وتوسموا فِيهِ الرّفْعَة وَكَانَ قدومه صُحْبَة ابْن ألبتكين فَخرج ابْن ألبتكين إِلَى غزنة أَمِيرا عَلَيْهَا وَخرج سبكتكين فِي خدمته فَلم يلبث ابْن ألبتكين أَن توفّي وَاحْتَاجَ النَّاس إِلَى من يتَوَلَّى أَمرهم فاتفقوا على سبكتكين وأمروه عَلَيْهِم فَتمكن وَأخذ فِي الإغارات على أَطْرَاف الْهِنْد وَجَرت بَينه وَبَين الهنود حروب وعظمت سطوته وافتتح قلاعا منيعة وَفتح نَاحيَة بست واتصل بِهِ أَبُو الْفَتْح البستي الْكَاتِب فاعتمد عَلَيْهِ وَأسر إِلَيْهِ أُمُوره ثمَّ مرض سبكتكين ببلخ فاشتاق إِلَى غزنة فسافر إِلَيْهَا فَمَاتَ فِي الطَّرِيق سنة سبع وَثَمَانِينَ وثلاثمائة وَجعل ولي عَهده وَلَده إِسْمَاعِيل وَكَانَ مَحْمُود غَائِبا ببلخ فَلَمَّا بلغه نعي أَبِيه كتب إِلَى أَخِيه ولاطفه على أَن يكون بغزنة وَأَن يكون مَحْمُود بخراسان فَلم يُوَافق إِسْمَاعِيل
قَالَ النقلَة وَكَانَ إِسْمَاعِيل جَبَانًا فطمع فِيهِ الْجند وشغبوا عَلَيْهِ وطالبوه بالعطاء فأنفق فيهم الخزائن فَدَعَا مَحْمُود عَمه إِلَى مُوَافَقَته فَأَجَابَهُ
وَكَانَ الْأَخ الثَّالِث نصر بن سبكتكين أَمِيرا على بست فكاتبه مَحْمُود فَأَجَابَهُ فقوي بِعَمِّهِ وأخيه وَقصد غزنه فِي جَيش عَظِيم وحاصرها إِلَى أَن افتتحها وَأنزل أَخَاهُ من قلعتها بالأمان ثمَّ رَجَعَ إِلَى بَلخ وَحبس أَخَاهُ بِبَعْض الْحُصُون حبسا خَفِيفا ووسع عَلَيْهِ فِي النفقه والخدم
وَكَانَ فِي خُرَاسَان نواب لصَاحب مَا وَرَاء النَّهر من الْمُلُوك السامانية فحاربهم مَحْمُود وانتصر عَلَيْهِم وَاسْتولى على ممالك خُرَاسَان وانقطعت الدولة السامانية فِي سنة تسع وَثَمَانِينَ فسير إِلَيْهِ الْقَادِر بِاللَّه خلعة السلطنة وَعظم ملكه وَفرض على نَفسه كل سنة غَزْو الْهِنْد فَافْتتحَ مِنْهَا بلادا وَاسِعَة وَكسر الصَّنَم الْمَعْرُوف بسومنات وَكَانُوا يَعْتَقِدُونَ أَنه يحيي وَيُمِيت ويقصدونه من الْبِلَاد وافتتن بِهِ أُمَم لَا يُحصونَ وَلم يبْق ملك وَلَا ذُو ثروة إِلَّا وَقد قرب لَهُ قربانا من نَفِيس مَاله حَتَّى بلغت أوقافه عشرَة آلَاف قَرْيَة وامتلأت خزائنه من أَصْنَاف الْأَمْوَال والجواهر وَكَانَ فِي خدمَة الصَّنَم ألف رجل من البراهمة يخدمونه وثلاثمائة رجل يحلقون رُؤُوس الْحجَّاج إِلَيْهِ ولحاهم عِنْد الْقدوم وثلاثمائة رجل وَخَمْسمِائة امْرَأَة يغنون ويرقصون عِنْد بَابه وَكَانَ بَين بِلَاد الْإِسْلَام والقلعة الَّتِي فِيهَا هَذَا الوثن مسيرَة شهر فِي مفازة صعبة فِي نِهَايَة الْمَشَقَّة فَسَار إِلَيْهَا السُّلْطَان مَحْمُود فِي ثَلَاثِينَ ألف فَارس جَرِيدَة وَأنْفق فيهم الْأَمْوَال الجزيلة فَأتوا القلعة فوجدوها منيعة فسهل الله عَلَيْهِ وافتتحها فِي ثَلَاثَة أَيَّام ودخلوا هيكل الصَّنَم فَإِذا حوله من أَصْنَاف
الْأَصْنَام الذَّهَب وَالْفِضَّة المرصعة بالحواهر شَيْء كثير مُحِيط بِعَرْشِهِ يَزْعمُونَ أَنَّهَا الْمَلَائِكَة فأحرقوا الصَّنَم الْأَعْظَم ووجدوا فِي أُذُنَيْهِ نيفا وَثَلَاثِينَ حَلقَة فَسَأَلَهُمْ مَحْمُود عَن معنى ذَلِك فَقَالُوا لَهُ كل حَلقَة عبَادَة ألف سنة
وَعَاد مَحْمُود مظفرا منصورا وَكتب إِلَى أَمِير الْمُؤمنِينَ الْقَادِر بِاللَّه كتابا يشْرَح فِيهِ الْحَال وَيَقُول فِيهِ لقد كَانَ العَبْد يتَمَنَّى قلع هَذَا الصَّنَم ويتعرف الْأَحْوَال فتوصف لَهُ المفاوز إِلَيْهِ وَقلة المَاء وَكَثْرَة الرمال فاستخار العَبْد الله فِي الانتداب لهَذَا الْوَاجِب طلبا لِلْأجرِ ونهض فِي شعْبَان سنة سِتّ عشرَة فِي ثَلَاثِينَ ألف فَارس سوى المطوعة وَفرق فِي المطوعة خمسين ألف دِينَار مَعُونَة وَقضى الله بالوصول إِلَى بلد الصَّنَم وأعان حَتَّى ملك الْبَلَد وَقلع الوثن وَأوقدت عَلَيْهِ النَّار حَتَّى تقطع وَقتل خَمْسُونَ ألفا من أهل الْبَلَد
وَقد كَانَ مَحْمُود افْتتح قبل ذَلِك من الْهِنْد أَمَاكِن منيعة وغنم أَمْوَالًا كَثِيرَة وَكتب إِلَى أَمِير الْمُؤمنِينَ إِن كتاب العَبْد صدر فِي غزنة لنصف الْمحرم سنة عشر وَالدّين مَخْصُوص بمزيد الْإِظْهَار والشرك مقهور بِجَمِيعِ الأقطار وانتدب العَبْد لتنفيذ الْأَوَامِر وتابع الوقائع على كفار السَّنَد والهند فرتب بنواحي غزنة العَبْد مُحَمَّدًا مَعَ خَمْسَة عشر ألف فَارس وَعشرَة آلَاف راجل وشحن بَلخ وطخارستان بأرسلان الْحَاجِب مَعَ اثنى عشر ألف فَارس وَعشرَة آلَاف راجل وانضم إِلَيْهِ جَمَاهِير المطوعة وَخرج العَبْد من غزنة فِي جُمَادَى الأولى سنة تسع بقلب منشرح لطلب السَّعَادَة وَنَفس مشتاقة إِلَى دَرك الشَّهَادَة فَفتح قلاعا وحصونا وَأسلم زهاء عشْرين ألفا من عباد