الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ابْن مُحَمَّد حفدة العطاري أخبرنَا محيى السّنة أَبُو مُحَمَّد الْحُسَيْن بن مَسْعُود الْبَغَوِيّ حَدثنَا مُحَمَّد بن أبي رَافع الْأنمَاطِي حَدثنَا أَبُو بكر عبد الله بن أَحْمد الْقفال أخبرنَا أَبُو نعيم هُوَ مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن أخبرنَا أَبُو مُحَمَّد عَبْدَانِ بن مُحَمَّد حَدثنَا هِشَام بن عمار حَدثنَا الْوَلِيد هُوَ ابْن مُسلم قَالَ سَمِعت عبد الرَّحْمَن بن يزِيد بن جَابر يَقُول حَدثنِي بسر بن عبيد الله الْحَضْرَمِيّ أَنه سمع أَبَا إِدْرِيس الْخَولَانِيّ يَقُول سَمِعت النواس بن سمْعَان الْكلابِي يَقُول سَمِعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول (مَا من قلب إِلَّا وَهُوَ بَين إِصْبَعَيْنِ من أَصَابِع رب الْعَالمين إِذا شَاءَ أَن يقيمه أَقَامَهُ وَإِذا شَاءَ أَن يزيغه أزاغه) قَالَ فَكَانَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول (يَا مُقَلِّب الْقُلُوب ثَبت قلبِي على دينك وَالْمِيزَان بيد الرَّحْمَن يرفع قوما وَيَضَع آخَرين إِلَى يَوْم الْقِيَامَة)
وَهَذِه نخب وفوائد ومسائل عَن الشَّيْخ الْقفال
قَالَ الإِمَام فِي النِّهَايَة فِي كتاب اللّعان قبل بَاب أَيْن يكون اللّعان لما ذكر أَن قذف الصَّبِي وَإِن لم يُوجب عَلَيْهِ حدا وَلَا تعزيرا للمقذوف يتَعَلَّق بطلبته وَلَكِن يعزره الْقَائِم عَلَيْهِ لإساءة أدبه كَمَا يفعل ذَلِك فِي سَائِر جِهَات التَّأْدِيب إِن الْقفال قَالَ إِذا هم بتأديب الْمُرَاهق فَبلغ انكف عَنهُ وَإِن كَانَ واليا لِأَن الْبلُوغ أكمل الروادع وَالْعقل الَّذِي قضى الشَّرْع بِكَمَالِهِ أبين رادع
قَالَ يَعْنِي الْقفال وَلِهَذَا نأمر الطِّفْل بِقَضَاء مَا فَاتَهُ من الصَّلَوَات مَا دَامَ طفْلا فَإِذا بلغ كففنا الطّلب عَنهُ
انْتهى
والمسألتان غريبتان المستشهد عَلَيْهَا والمستشهد بهَا
ذكر الشَّيْخ أَبُو مُحَمَّد أَنه لَا خلاف بَين أَصْحَابنَا أَنه إِذا وقف الإِمَام على الأَرْض فِي الدَّار وَالْمَأْمُوم على سطح الدَّار أَن صلَاته أَي الْمَأْمُوم بَاطِلَة وَلَا تصح الصَّلَاة على السَّطْح بِصَلَاة الإِمَام على الأَرْض إِلَّا فِي الْمَسْجِد
قَالَ حَتَّى كَانَ الشَّيْخ الْقفال يستزل النَّاس عَن جِدَار الْمصلى يَوْم الْعِيد لِأَن مصلى أهل مرو بقْعَة مَغْصُوبَة وكل مَسْجِد بني فِي بقْعَة مَغْصُوبَة فَلَيْسَ بِمَسْجِد
انْتهى
قلت وَلَعَلَّ مصلى أهل مرو اتخذ مَسْجِدا وَإِلَّا فمجرد كَونه مصلى وَلَو لم يكن مَغْصُوبًا لَا يعْطى حكم الْمَسْجِد كَمَا قَالَه الْغَزالِيّ فِي الفتاوي وَهُوَ وَاضح
وَقد تنبهت من هَذِه الْحِكَايَة عَن الْقفال لفائدة كَانَت تَدور فِي خلدي فإنني لما سَمِعت هَذِه الْحِكَايَة انْتقل ذهني إِلَى أَن الْقفال منع النَّاس عَن الصَّلَاة فِي الْمصلى لِأَن الصَّلَاة فِي الْمَغْصُوب حرَام فَكَمَا مَنعهم عَمَّا لَا يَصح كَذَلِك يَنْبَغِي أَن يمنعهُم عَمَّا يحرم ثمَّ فَكرت فِي أَن هَذِه الْبقْعَة جَازَ أَن يكون مستحقها قد مَاتَ وَمَاتَتْ ورثته وانتقلت إِلَى بَيت المَال كَمَا هُوَ الْغَالِب على كثير من المغصوبات الَّتِي يتمادى عَلَيْهَا الزَّمَان وَأَقُول فِي مثل ذَلِك إِذا انْتَقَلت إِلَى بَيت المَال خرجت عَن حكم الْغَصْب وَلم تصر مَسْجِدا لِأَنَّهَا لم تبن وَقت الِاسْتِحْقَاق مَسْجِدا فَلَمَّا وقفت مَسْجِدا كَانَ الْوَقْف بَاطِلا لِأَن حكم الْغَصْب قد كَانَ بَاقِيا وَهَذَا شَيْء كَانَ يَدُور فِي خلدي ثمَّ تأيد بِهَذِهِ الْحِكَايَة
وَكَانَ سَبَب دورانه فِي خلدي أَنه حُكيَ لي عَن الْوَالِد رحمه الله أَنه كَانَ فِي أول أمرة لَا يدْخل إِلَى الْمدرسَة المنصورية لِأَنَّهُ قيل إِن الْملك الْمَنْصُور قلاوون غصب ساحتها ثمَّ لما
ولي الْوَالِد تدريسها سنة إِحْدَى وَعشْرين وَسَبْعمائة صَار يدْخل للدرس ففكرت مَعَ علمي من حَاله بِأَن الدُّنْيَا لم تكن تحمله على الوقيعة فِي شُبْهَة عَن جَوَاب عَمَّا لَعَلَّه يُقَال كَيفَ دَخلهَا عِنْد ولَايَة التدريس وَترك التورع الَّذِي كَانَ يَفْعَله فَوَقع لي أَنه لَعَلَّ الْمَغْصُوب مِنْهُ أَو ورثته كَانُوا موجودين فِي أَوَائِل أَمر الشَّيْخ الإِمَام الْوَالِد رحمه الله أَو كَانَ وجودهم مُحْتملا ثمَّ تحقق فقدهم وانتقال الساحة إِلَى بَيت المَال فَصَارَ يدخلهَا لكَونهَا أَرض بَيت المَال واشترك الْمُسلمُونَ فِيهَا وَهَذَا يعتضد بِمَا ذكرت عَن الْقفال وَيحْتَمل أَيْضا أَن الدُّخُول حَيْثُ لم يكن مدرسا دُخُول فِي الشُّبْهَة لَا لغَرَض ديني وَبعد التدريس دُخُول لغَرَض لَعَلَّه أهم فِي نظر الشَّارِع من الْوَرع فهذان جوابان
قَالَ القَاضِي الْحُسَيْن فِي تعليقته من بَاب صَلَاة التَّطَوُّع كَانَ الْقفال يَقُول وددت أَن أجد قَول من سلف الْقُنُوت فِي الْوتر فِي جَمِيع السّنة لكني تفحصت عَنهُ فَمَا وجدت أحدا قَالَ بِهِ
قَالَ الْقفال وَقد اشْتريت كتاب ابْن الْمُنْذر فِي اخْتِلَاف الْعلمَاء لهَذِهِ الْمَسْأَلَة خَاصَّة ففحصت عَنْهَا فَلم أجد أحدا قَالَ بِهِ إِلَّا مَالِكًا فَإِنَّهُ قَالَ بِالْقُنُوتِ فِي الْوتر فِي جَمِيع شهر رَمَضَان دون غَيره من الشُّهُور
قلت كَأَنَّهُ يَعْنِي بالسلف الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ وَمن بعدهمْ إِلَى زمَان مَالك وَالشَّافِعِيّ وَإِلَّا فقد قَالَ بالوتر فِي جَمِيع السّنة من أَصْحَابنَا أَرْبَعَة مِنْهُم اثْنَان أستبعد خَفَاء قَوْلهمَا على الْقفال وهما أَبُو الْوَلِيد النَّيْسَابُورِي وَأَبُو عبد الله الزبيرِي وَأَبُو مَنْصُور بن مهْرَان وَأَبُو الْفضل بن عَبْدَانِ وَاخْتَارَهُ النَّوَوِيّ فِي تَحْقِيق الْمَذْهَب وَلَكِن توقف الْوَالِد
رَحمَه الله فِي مُوَافَقَته على اخْتِيَاره قَالَ إِذْ لَيْسَ فِي الحَدِيث تَصْرِيح بِهِ
وَلما رَأَيْت فحص الْقفال عَن أقاويل السّلف فِي هَذِه الْمَسْأَلَة فَكشفت أوعب الْكتب لأقاويلهم وَهُوَ مُصَنف ابْن أبي شيبَة فَوَجَدته قَالَ حَدثنَا أَزْهَر السمان عَن ابْن عون عَن إِبْرَاهِيم عَن عبد الله أَنه كَانَ يَقُول الْقُنُوت فِي السّنة كلهَا
قَالَ وَكَانَ ابْن سِيرِين لَا يرَاهُ إِلَّا فِي النّصْف من رَمَضَان ثمَّ روى عَن الْحسن أَن الإِمَام يقنت فِي النّصْف وَالْمُنْفَرد يقنت الشَّهْر كُله
ثمَّ روى بِسَنَدِهِ إِلَى إِبْرَاهِيم قَالَ كَانَ عبد الله لَا يقنت السّنة كلهَا فِي الْفجْر ويقنت فِي الْوتر كل لَيْلَة قبل الرُّكُوع
قَالَ أَبُو بكر هَذَا القَوْل عندنَا
قلت فَهَذَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة قد نقل عَن إِبْرَاهِيم عَن عبد الله وَهُوَ ابْن مَسْعُود أَنه يقنت فِي الْوتر فِي السّنة كلهَا وَقَالَ بِهِ إِبْرَاهِيم نَفسه وَهُوَ النَّخعِيّ وارتضاه أَبُو بكر وَهُوَ ابْن أبي شيبَة فَهَؤُلَاءِ ثَلَاثَة من السّلف وَقد ذكر ابْن أبي شيبَة ذَلِك فِي فصل من قَالَ الْقُنُوت فِي النّصْف من رَمَضَان فِي فُصُول الْوتر وقنوته
ذكر الْقفال فِي فَتَاوِيهِ فِيمَن اشْترى أمة فَوَطِئَهَا قبل أَن يَسْتَبْرِئهَا أَنه لَا يحْسب لَهَا الِاسْتِبْرَاء مَا دَامَت تَحْتَهُ يفترشها بل لَا بُد من أَن يتجانب عَنْهَا حَتَّى تمر بهَا حَيْضَة قَالَ وَكَذَلِكَ لَو كَانَ لَا يَطَؤُهَا إِلَّا أَنه يلمسها ويعاشرها والمجزوم بِهِ فِي الرَّافِعِيّ وَأكْثر الْكتب أَنه لَا يمْنَع الِاسْتِبْرَاء إِلَّا الْوَطْء لَا الْمُلَامسَة والمعاشرة لِأَن الْملك لم يمْنَع الاحتساب فَكَذَا المعاشرة بِخِلَاف الْعدة
وَذكر فِي الفتاوي أَيْضا أَنا إِذا رَأينَا فِي يَد رجل ضَيْعَة يَدعِي أَنَّهَا وقف عَلَيْهِ لَا تصير وَقفا وَله بيعهَا بعد ذَلِك
قَالَ كَمَا لَو كَانَ بِيَدِهِ مَال
فَقَالَ هَذَا وَدِيعَة عِنْدِي
ثمَّ بَاعه فَلهُ ذَلِك
قَالَ بِخِلَاف مَا لَو قَالَ وَقفهَا عَليّ فلَان فَإِنَّهُ لَا يجوز بيعهَا
قلت أما عدم تَجْوِيز بيع من قَالَ وَقفهَا عَليّ فلَان فَظَاهر وَأما تَجْوِيز بيع من قَالَ هَذِه الْعين وَدِيعَة عِنْدِي فمتجه أَيْضا لِأَن القَوْل فِي الْعُقُود قَول أَرْبَابهَا وَلَعَلَّ الْمُودع أذن لَهُ أَن يَبِيع فلسنا ننقب عَن ذَلِك
وَأما تَمْكِين من قَالَ هَذِه وقف عَليّ من البيع فموضع نظر يحْتَمل أَن يُقَال بِمَا قَالَه الْقفال وَيحْتَمل أَن يُخَالف وَيحمل كَلَامه على أَن لَهُ بيعهَا فِيمَا بَينه وَبَين الله تَعَالَى إِذا كَانَ كَاذِبًا لَا أَنا نملكه أَو على أَنا نعلم أَنه يَعْنِي بِكَوْنِهَا وَقفا عَلَيْهِ أَنه هُوَ واقفها على نَفسه وبمقتضى هَذَا لَهُ البيع لِأَن الْوَقْف بَاطِل وَيدل لهَذَا أَن الْقفال قَالَ فِي تَوْجِيه قَوْله لَا تصير وَقفا إِن الْإِنْسَان لَا يقدر أَن يقف على نَفسه فَكَأَن الْيَد لما كَانَت تدل على الْملك فدعوى الوقفية بعد ذَلِك لَا يكون مَعْنَاهَا أَن غَيره وَقفهَا عَلَيْهِ لِئَلَّا يُعَارض دلَالَة الْيَد فَلم يبْق إِلَّا أَن يكون هُوَ الَّذِي وَقفهَا وَذَلِكَ بَاطِل
وَإِن لم يحمل كَلَام الْقفال على مَا ذَكرْنَاهُ فَهُوَ مُشكل وَبِالْجُمْلَةِ فَهُوَ تأييد لِابْنِ الصّلاح
قَالَ الْقفال فِي فَتَاوِيهِ فِيمَن قَالَ إِذا مت فاشتروا من ثُلثي حانوتا يبلغ غَلَّته كل شهر خمسين درهما واجعلوه وَقفا على أَن عشرَة لطالبي الْعلم وَعشرَة للْفُقَرَاء وَعشرَة لِلْيَتَامَى وَعشْرين لأبناء السَّبِيل قَالَ الْقفال يَصح وَيعْتَبر يَوْم الشِّرَاء فيشترى حانوتا وَيُوقف خمسه على طالبي الْعلم وخمسه على الْفُقَرَاء وخمسه على الْيَتَامَى وخمسيه على أَبنَاء السَّبِيل ويقفه الْوَصِيّ هَكَذَا أَخْمَاسًا فَإِن زَادَت غلَّة الْحَانُوت من بعد